IMLebanon

النهار: حمى 9 كانون: “مشاورات كواليس” حول الأسماء توسيع انتشار الجيش والانتهاكات الإسرائيلية متواصلة

 

 

اندفع الاستحقاق الرئاسي بقوة لافتة متقدماً سائر الاولويات الملحّة على المشهد الداخلي في لبنان بما شكل مؤشراً بارزاً إلى اخذ القوى السياسية والكتل النيابية والنواب جميعاً موعد 9 كانون الثاني بقدر عال من الجدية على أنه الموعد الحاسم المفترض لانتخاب رئيس الجمهورية أياً تكن الظروف. ولعل المعطيات التي تجمعت في الأيام الأخيرة لدى مختلف القوى الداخلية عن الاتجاهات الخارجية للتعامل مع لبنان ما بعد الحرب وفي ظل سقوط النظام السوري قد لعبت دوراً مؤثراً للغاية في تحفيز كل القوى والكتل النيابية على ملاقاة موعد 9 كانون الثاني على قاعدة أنه موعد انتخابي لا موعد مناورات سياسية أدت في المرحلة السابقة إلى مزيد من تعطيل الآلية الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية.

 

إذ أن هذه المعطيات تؤكد أن مواقف الدول المعنية بالأزمة الرئاسية وأبرزها دول المجموعة الخماسية من الوضع في لبنان تكاد تجمع على اشتراط انتخاب رئيس للجمهورية طرحت معاييره ومواصفاته المستقلة والإصلاحية والسيادية في لقاء سفراء المجموعة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وإلا لن يكون وارداً أن يتلقى لبنان أي إعانات أو دعم لإعادة إعمار المناطق التي تعرضت لدمار كبير وخطير.

 

كما أن هذه المعطيات تشير إلى أن المناخ السائد بعد التوصل إلى اتفاق وقف الاعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل تربط ربطاً محكماً بين مساري انتخاب رئيس الجمهورية وتنفيذ بنود الاتفاق المذكور، الأمر الذي يلاقي مواقف قوى معارضة داخلية تتشدد في ربط مواقفها من أي مرشح رئاسي أو توافق انتخابي بالتزامه الجدي الحاسم لتنفيذ الاتفاق الذي يستند إلى تنفيذ القرارات الدولية ولا سيما منها القرار 1701. أما في تفسير الجانب الآخر لتصاعد الحمى الرئاسية، فتكشف المعطيات أنه يمكن الحديث عن حركة كواليس مفتوحة تشهدها البلاد في الفترة الأخيرة وتشكل عامل تحفيز غير مسبوق للقوى السياسية للانخراط في مشاورات غير منسقة مسبقاً بل باتت تجري ضمن مسار حيوي يكشف انطلاق سباق تنافسي ضمن وقائع جديدة فرضتها المتغيّرات الكبيرة التي طرأت أخيراً إن لجهة تداعيات الحرب الإسرائيلية على “حزب الله” ولبنان وما تركته من آثار قوية أضعفت الحزب ووضعته في واقع لم يعد معه قادراً كالسابق على التحكم بكثير من جوانب الصراع السياسي، وإن لجهة الضربة القاصمة الثانية التي تلقاها حلفاء النظام السوري المخلوع وإيران بعد سقوط النظام. وتتزامن كل هذه المعطيات مع ما يشبه بلورة “كلمة المرور” الخارجية والدولية التي تدفع القوى السياسية اللبنانية إلى التعامل بالجدية اللازمة مع استحقاق 9 كانون الثاني لئلا تسلك المعركة الرئاسية اتجاهات غير محسوبة على حساب من لا يُحسن أو يتخلف عن قراءة تبدل الوقائع الخارجية والداخلية بقوة. وهذه الحركة تتناول الأسماء بالتدقيق والتفصيل سعياً إلى تحجيم لائحة المرشحين وحصرها وانطلاق المساعي الجادة للتوافق على أحدها أو التوافق على التنافس في ما بينها في معركة مفتوحة.

 

وسط هذه المعطيات شكّل إعلان النائب نعمة افرام ترشحه رسمياً إلى رئاسة الجمهورية تطوراً بارزاً، إذ أن افرام هو الأول الذي يعلن ترشيحاً علنياً منذ جمود الاستحقاق وتعطيل الجلسات الانتخابية قبل أكثر من سنة وبضعة أشهر. وقرن افرام إعلان ترشحه بإعلانه “التزام تطبيق تدبير وقف الأعمال العدائية وتنفيذ القرار 1701 ومختلف القرارات المتصلة الصادرة عن لبنان لتأمين الاستقرار”. ولفت إلى أن “هذا الشهر كان حافلاً وهو زمن فجر جديد للشرق الأوسط بأكمله، وبعد تحديد موعد انتخاب رئيس الشهر المقبل أرى أنّه احتراماً للوضع رأيت أنّه علي أن أعلن ترشيحي رسميًّا”.

 

ومن ضمن برنامجه الانتخابي، أعلن نيته: “التزامه تشكيل حكومة بمهمة تطبيق  القرار 1701 وحصر السلاح بالمؤسسات الشرعية وزيادة الثقة فيها، وتبنّيه المشروع الإنقاذي الإصلاحي الشامل الذي وضعه “مشروع وطن الإنسان” نحو لبنان الجديد، ومن بين أولوياته لهذه المرحلة: تطبيق اتفاق الطائف ومن ثمّ تطويره. وضع وتنفيذ خطط إعادة الإعمار. تأمين حماية اجتماعيّة لائقة. التعافي الماليّ وحقوق المودعين. استقلاليّة القضاء. إعادة هيكلة الإدارة وتطوير النظام التشغيليّ للدولة وتحقيق اللامركزيّة. معالجة النزوح السوري. إنتاج قانون انتخاب عصريّ وحديث. استعادة الثقة والصدقيّة، لاستقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات، وخلق فرص العمل، إلتزام بناء دولة المؤسّسات المنتجة والرائدة صاحبة خدمات حديثة ومتفوّقة، مع توجيه الدعوة إلى إنضواء كلّ اللبنانيين، خصوصاً المنتشرين، في ورشة الإنقاذ والإصلاح، مباشرة، أو من خلال المنصّة الإلكترونيّة المفتوحة التي سيطلقها قريباً “مشروع وطن الإنسان”، لتحويل النجاحات الفردية إلى نجاحات جماعيّة بمشاركة كلّ الطاقات والخبرات”.

 

وفي التحركات الرئاسية أيضاً اجتمع أمس وفد من “كتلة الاعتدال الوطني” ضمّ النواب أحمد الخير، سجيع عطيه، محمد سليمان، عبد العزيز الصمد، نبيل بدر وأمين سر التكتل النائب السابق هادي حبيش، مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، واعتبر الوفد أن ترشح جعجع إلى رئاسة الجمهورية “أمر مشروع”، غير أنه أشار الى أن البحث لم يتناول هذه المسألة. وأضاف: “نحن أمام مرحلة نسعى فيها إلى إيجاد حلول تؤدي إلى انتخاب رئيس توافقي، واللقاء مع جعجع كان صريحاً وواضحاً وأكّدنا له أهمية انتخاب رئيس توافقي يكون عليه إجماع ويواكب المستجدات تحت سقف الشراكة الوطنية والطائف”. وأوضحت الكتلة أن “النقاش كان يرتكز على مواصفات الرئيس للمرحلة المقبلة وهي تشمل بشكل أساسي تطبيق اتفاق الطائف والـ1701”.

المعابر والجنوب

وسط هذه الاجواء لم تغب تداعيات التطورات السورية عن المشهد الداخلي. وفي هذا السياق أكد وزير الداخلية بسام مولوي أنه “بحسب معلومات الأجهزة الأمنية اللبنانية، علي مملوك ليس موجوداً في لبنان وهو لم يدخل عبر أي من المعابر الشرعية، والاجهزة الأمنية الاستخبارية أكدت أنه غير موجود في الأراضي اللبنانية”. وأعلن أن “أي مسؤول أمني من النظام السوري السابق لم يدخل إلى لبنان عبر المعابر الشرعية، بخلاف بعض العائلات ورجال الاعمال الذين دخلوا عبر المعابر الشرعية لانطباق وضعهم مع التعليمات المشدّدة الصادرة عن الأمن العام اللبناني، ولكنهم غير مطلوبين بأي مذكرة عدلية أو دولية، والعديد منهم غادر عبر المطار”.

 

 

جندي من الجيش اللبناني أمام ركام مباني  وسيارات مدمرة في شمال الخيام. (أ ف ب)

 

وشدّد على أن “الأجهزة الأمنية والاستعلامية والاستقصائية تتابع باستمرار ما يتم تداوله عن وجود مسؤولين آخرين للتحقق من مدى صحته، وفي كل المناطق اللبنانية”. وأشار إلى أن “الأجهزة الأمنية اللبنانية تعمل تحت سقف القانون وستعمد إلى توقيف كل المطلوبين بموجب مذكرات لبنانية أو دولية، وهو ما كانت ولا تزال، تقوم به بصرف النظر عن الأمور السياسية أو النظام القائم في سوريا، وذلك تحت إشراف القضاء وتطبيقاً للقانون”. وأوضح أن “الجيش اللبناني يبذل جهداً كبيراً لضبط المعابر غير الشرعية ويقوم بتوقيف من يدخل إلى لبنان بصورة غير شرعية ويعيده إلى سوريا. وقد أفادت الجهات الأمنية أن البعض لا يزال موقوفاً لدى الجيش”.

 

أما في الجنوب وعلى الرغم من تمركز الجيش اللبناني في محيط بلدة الخيام ومن ثمّ دخوله إلى عُمق البلدة أمس لمسحها وإزالة مخلّفات الجيش الإسرائيلي منها برفقة قوات “الونيفيل” إلّا أنّ الطيران المسيّر الإسرائيلي عاود استهداف ساحتها مجدّداً، في خرق إضافي لوقف إطلاق النار. وقد أدّى هذا الاستهداف إلى سقوط ضحايا وعددٍ من الإصابات. وبحسب المعلومات، فقد دخل فوج الهندسة في الجيش اللبناني إلى بلدة الخيام معزّزاً بثلاث جرافات، وآلة “بوب كات”، وعدد من ناقلات الجند من نوع “هامفي” وحوالى عشر سيارات إسعاف.

 

وبعد الكشف على المنطقة وخلوّها من أيّ متفجرات أو قذائف غير منفجرة أو عبوات ناسفة، بدأ فوج الهندسة بإزالة الركام وفتح الطرق في النقاط الخمس التي حُدّدت سلفاً  ضمن المرحلة الأولى من الانتشار بالتنسيق مع قوات “اليونيفيل”. والنقاط الخمس هي: وطى الخيام، الجلاحية، مثلث الحمام، الدردارة من جهة القليعة وباب ثنية لجهة برج الملوك.

 

وأعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه “لم تمر أربع وعشرون ساعة على بدء الجيش الانتشار في منطقتي الخيام ومرجعيون تطبيقاً لقرار وقف اطلاق النار حتى عاود العدو الإسرائيلي استهداف بلدة الخيام بغارة أدت الى سقوط شهداء وجرحى”. واعتبر “أن هذا الغدر الموصوف يخالف كل التعهدات التي قدمتها الجهات التي رعت اتفاق وقف النار وهي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، والمطلوب منهما تقديم موقف واضح مما حصل ولجم العدوان الإسرائيلي وهذه الخروقات المتمادية برسم لجنة المراقبة المكلفة الإشراف على تنفيذ وقف إطلاق الناروالمطلوب منها معالجة ما حصل  فوراً وبحزم ومنع تكراره”.