Site icon IMLebanon

النهار: هل يأتي هوكشتاين بما يحيي المفاوضات؟

 

يفترض ان يشكل الأسبوع الحالي أسبوع انجاز الحكومة لمشروع قانون موازنة السنة 2022 في جلسة ختامية يعقدها مجلس الوزراء الخميس المقبل في قصر بعبدا. ولكن اعلان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي قبل أيام من بعبدا ان الموازنة ستنجز وتحال على مجلس النواب منفصلة عن ملف الكهرباء الذي يفترض ان تخصص الحكومة مشروع قانون خاصا به لوضع حد للنزف والهدر المالي عبر نمط السلفات، عبر انجاز وزارة الطاقة والمياه خطة إصلاحية كاملة بهذا القطاع، يبدو انه اثار احتمال اثارة تباينات بين اركان السلطة لا يستبعد ان تؤخر انجاز الموازنة هذا الأسبوع. وستتضح في اليومين المقبلين الاتجاهات النهائية مبدئيا لمعالجة موضوع فصل الموازنة عن ملف الكهرباء، علما ان وضع خطة مستقلة للكهرباء على قاعدة وضع حد حاسم لتمويل الكهرباء بسلفات الخزينة يلاقي تشجيعا من دول عدة مؤثرة انخرطت في مؤتمرات دولية لدعم لبنان، ولكن على أساس ان يكون ثمة برنامج واضح وشفاف وحازم في اعتماد الإصلاحات الجذرية مالياً وإدارياً بحيث يساهم ذلك في اعتبار أي تقدم في اصلاح القطاع الكهربائي نقطة انطلاق حقيقية للتعافي الاقتصادي والمالي والإنمائي في لبنان. وفي أي حال فان بت الاتجاهات المتعلقة بملف الكهرباء الحساس هذا الأسبوع لم يعد “ترفا” ووسيلة سهلة للمكايدات السياسية والشعبوية بل ان المعطيات الجادة تشير الى ضرورة الإسراع في بته والتوافق على الخطة التي ستخصص للقطاع، ولو جرى إقرار الموازنة قبل الخطة، شرط ان تخضع اسوة بالموازنة لدرس معمق في اللجان النيابية ومجلس النواب علما ان هذا “الاستحقاق” يجري بمجمله تحت مراقبة المؤسسات المالية الدولية المعنية برصد واقع لبنان وفي مقدمها صندوق النقد الدولي.

 

 

مهمة #هوكشتاين

والى هذا الاستحقاق ثمة محطة ثانية بارزة تنتظرها بيروت وتتمثل في ترقب ما سيحمله الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين الذي يبدأ زيارته لبيروت غدا ويجري خلالها جولة تشمل رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة وقائد الجيش حول آخر ما يحمله من أفكار في شأن ترسيم الحدود والتنقيب عن الغاز. وعلى رغم الانطباعات اللبنانية التي تستبعد ان تتسم زيارة الوسيط الأميركي بجديد بارز من شأنه تحريك المفاوضات المجمدة حول ترسيم الحدود البحرية، فان أوساطا ديبلوماسية بارزة تخالف هذه الانطباعات، ولا تستبعد ان يكون في جعبة هوكشتاين ما يصعب التعامل معه لبنانيا بموقف جامد او تلقائي. ومعلوم أن الحكومة اللبنانية استبقت وصول هوكشتاين بإيداع رئاسة مجلس الامن الدولي رسالة تمثّل إعلاناً رسمياً بنقل التفاوض بشأن الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية من الخطّ 23 إلى الخطّ 29، مع الاحتفاظ بحق تعديل المرسوم رقم 6433 في حال المماطلة وعدم التوصّل إلى حلّ عادل. هذه الرسالة اللبنانية الى مجلس الأمن اعتبرها البعض نوعاً من استدراج العروض، لتغيير أجندة هوكشتاين عند زيارته بيروت، فالأميركيون وفق معطيات ديبلوماسية لديهم تصور متكامل لملف الترسيم كانوا ابلغوه الى المسؤولين اللبنانيين وهم يرفضون الخوض في الخط 29. لكن موقف لبنان يأتي في سياق استباقي، بإعلان أنه لن يقبل باقل من مساحة 2290 كيلومتراً مربعاً. ذلك لا يعني بالضرورة ضغطاً لتسريع آلية التفاوض، إذ أن إسرائيل أيضاً تسعى إلى وقف التنقيب اللبناني عن النفط والغاز في المياه البحرية، بعدما أعلن عن دورة تراخيص جديدة وزير الطاقة اللبناني وليد فياض في تشرين الثاني الماضي، معتبرة أنها تمتد إلى المياه الإسرائيلية أي إلى مساحة 860 كيلومتراً مربعا المتنازع عليها. وبما أن لبنان حسم اضافة النقاط الواقعة ما بين الخطين 23 و29 إلى المنطقة الواقعة ما بين الخطين 1 و 23 بزيادة تُقدّر بـ1430 كيلومتر مربع إضافة إلى الـ860 كيلومتراً السابقة، واعتبارها منطقة متنازعا عليها بما فيها حقل كاريش، فان مهمة هوكشتاين ستتناول تحديد نقطة انطلاق لاستئناف المفاوضات.

 

وامس أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين بيانا أفادت فيه ان “وسائل الاعلام تداولت رسالة موقعة من قبل مندوبة لبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك ردا على الرسالة الاسرائيلية التي تعترض على دورة التراخيص اللبنانية في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان، ملمحة بأنها وثيقة سرية تم تسريبها. ويهم وزارة الخارجية والمغتربين التأكيد ان الرسالة التي أودعها لبنان الى مجلس الامن ليست وثيقة سرية، بل هي ورقة رسمية صدرت وعممت على كافة أعضاء مجلس الأمن كوثيقة من وثائق مجلس الأمن تحت الرقم S/2022/84 بتاريخ ٢ شباط ٢٠٢٢، وتم نشرها وفق الاصول”.

 

 

موقف #الراعي

أما على صعيد المشهد السياسي الداخلي فاكتسبت المواقف التي اعلنها امس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي دلالات بارزة لجهة دخوله بقوة على خط رفض ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتحميله وحده تبعة الانهيار، علما ان موقفه تميز برفض حاد ضمني لممارسات القاضية غادة عون من دون تسميتها. وهذه المرة الأولى بهذا الوضوح يتخذ فيها الراعي موقفا بهذه الحدة يطاول في ثناياه حتى رئيس الجمهورية. وقال في عظة الاحد : “لا يمكن القبول بممارسات عندنا تطيح المؤسسات الدستورية. فمن غير المقبول الإطاحة باستقلالية القضاء وهيبته وكرامته. فبعض القضاة يفقدون استقلاليتهم ويخضعون للسلطة السياسية وينفذون توجيهاتها من دون تقدير خطر هذه الممارسات على مصلحة لبنان العليا. فلا بد من رفع الصوت بوجْه السلطة السياسية لترفع يدها عن القضاء، وتحترم فصل السلطات، وبوجْه بعض القضاة الذين يسيئون إلى رسالة القضاء واستقلاليته بتلوينه السياسي والطائفي والمذهبي، وبجعله غب الطلب، ما يوقع القاضي في حالة الشبهة. إنا نهيب بالمرجعيات القضائية العليا بأن تخرج عن ترددها وتضع حدا للجزر القضائية داخل القضاء. نحن نطالب بمحاكمة جميع الفاسدين الذين بددوا المال العام وأوصلوا البلاد إلى الإنهيار السياسي والإقتصادي والمالي، لا أن تنتقي السلطة شخصا واحدا من كل الجمهورية وتلقي عليه تبعات كل الأزْمة اللبنانية وفشل السنوات الثلاثين الأخيرة. هذا أفضل أسلوب للتغطية على الفاسدين الحقيقيين وتهريبهم من وجه العدالة، وأقصر طريق لضرب ما بقي من النظام المصرفي اللبناني، وتعريض بعض المصارف للإفلاس، وضياع أموال المودعين. ينبغي التنبه إلى مخطط يستهدف استكمال الإنهيار”.

 

كما ان الراعي حذر من “التلاعب بالموعد المحدد لإجراء الإنتخابات النيابية في 15 أيار المقبل، وهي ضمانة للإنتخابات الرئاسية في تشرين الآتي”. وقال “إننا نشجب كل محاولة لإرجاء الإنتخابات باختلاق أسباب غير دستورية أو سواها تولد عدم الثقة في نفوس اللبنانيين، ويتساءلون :” في انتخابات؟!”، فيما موعد إجرائها على مسافة شهرين. فليتذكر النواب أنهم موكلون من الشعب اللبناني الذي وكلهم فلا يحق لهم تجديد وكالتهم بمعزل عن الشعب