بين مجموعة الدعم الدولية من اجل #لبنان وبيانها المركز على استعجال انجاز التحضيرات للانتخابات النيابية، والتشديد اللافت على انتخابات المغتربين، وبيان بعثة صندوق النقد الدولي حول مفاوضاتها مع لبنان في شأن الخطة الإصلاحية المالية، بدت العين الدولية اكثر تيقظاً وتنبهاً وإحاطة للأوضاع في لبنان كأن العد العكسي للانتخابات النيابية تحول الى مبعث استنفار للرقابة الدولية عليه من مختلف الجوانب. ومع ذلك فان لبنان دخل عمليا في مناخ الذكرى الـ 17 لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005 بحيث تأتي الذكرى هذه السنة مثقلة بأجواء ودلالات ومناخات شديدة الوطأة على الجمهور الحريري خصوصا واللبنانيين عموما. فذكرى استشهاد مؤسس الحريرية تحل تحت وطأة القرار الذي اتخذه رئيس “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري بالانسحاب من ساحة الترشح للانتخابات وتعليق النشاط السياسي، الأمر الذي اطلق عاصفة تداعيات لا تزال تتفاعل تصاعديا وترسم علامات قلق كبيرة حول الساحة السنية وتأثيرات هذا التفاعل على الانتخابات وما يليها من تطورات. ولم يعرف بعد ما اذا كانت الذكرى ستشهد احياء احتفال معين او اذا كان الرئيس سعد الحريري سيحضر الى بيروت ويوجه كلمة يوم الاثنين المقبل. وقال امس نائب رئيس “تيار المستقبل” النائب السابق مصطفى علوش انه على الصعيد الرسمي وكرئاسة “تيار المستقبل” ستقتصر المناسبة على وقفة أمام الضريح فقط، وستتم الاحتفالية بأبسط الأمور وحتى الساعة لا كلمات أو خطابات مؤكداً ان الرئيس سعد الحريري سيكون مشاركا. ولكن على الارجح لن تكون له كلمة في المناسبة.
التوترات الحكومية
اما على صعيد المشهد الداخلي وغداة جلسة اقرار الموازنة في مجلس الوزراء التي شهدت توترا على خلفية التعيينات العسكرية التي اصر على اقرارها رئيس الجمهورية ميشال عون من دون تنسيق مسبق مع وزراء الثنائي الشيعي، الامر الذي اثار استياء رئيس مجلس النواب نبيه بري فتصاعدت الخلافات على نحو يعكس هشاشة التسوية التي استعادت جلسات مجلس الوزراء، واصطدمت عند اول منعطف بتفجير سياسي متجدد نجومه وزراء الثنائي الشيعي مجددا.
وقد سجل تصعيد كبير للتوتر في ساعات المساء اخذ المشهد الحكومي الى مستوى مرتفع من التشنج ينذر بتداعيات واسعة وربما بتعطيل متجدد لجلسات مجلس الوزراء. وبدأ التصعيد مع اعلان وزير العمل مصطفى بيرم ان مجلس الوزراء لم يطلع على مشروع الموازنة ولم تتم مناقشته في صيغته النهائية ولم يتم التصويت عليه، وان ما اعلن عن إقرار الموازنة كان مفاجئا. ثم تلاه وزير الاشغال علي حميه الذي اكد بدوره ان الموازنة المكتوبة لم توزع ولم تقرأ مواد عديدة منها وعرفنا من الإعلام انها اقرت ونحن نعتبر انها لم تقر.
وردت مصادر حكومية نافية ما سرب من مداولات عن جلسة مجلس الوزراء وأكدت ان الوزراء ناقشوا تباعا موازنات وزاراتهم تباعاً، ومنهم من عدل فيها بما فيهم وزراء الثنائي الشيعي وان النقاش تناول التفاصيل واعتمادات الوزارات واستغربت ان يقال ان النقاش “سلق سلقا” بل انتهى النقاش بعدما لم يعد لدى الوزراء ما يقولونه.
اما العامل الاخر المتفجر الذي فاقم التوترات الحكومية فبرز في التحدي السافر للحكومة ووزارة الداخلية في موضوع منع إقامة مهرجان للمعارضة البحرينية في الضاحية الجنوبية الاثنين المقبل، اذ بدا واضحا ان”حزب الله ” سيرعى تحدي كسر قرار الداخلية بمنع إقامة هذا المهرجان، بدليل ان الجمعية المعارضة أعلنت مضيها في إقامة مهرجان الاثنين، وربما اخر الثلثاء، على رغم قرار الداخلية بمنع الفندق الذي كان مقررا إقامة المهرجان فيه من استضافته. هذا التحدي دفع وزير الداخلية بسام مولوي الى الإعلان مساء امس انه وجه بعد التشاور مع رئيس الحكومة مجددا كتابين الى المديرية العامة لقوى الامن الداخلي والمديرية العامة للامن العام لمنع إقامة نشاطين في 14 و15 شباط الحالي لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية وائتلاف شباب ثورة 14 فبراير في قاعة الرسالات في منطقة الرحاب. وفي وقت لاحق ليلا رد النائب حسن فضل الله على وزير الداخلية فقال ان وزير الداخلية يعرف ان قاعة الرسالات التي ستقام فيها احتفالات المعارضة البحرينية هي لحزب الله. وهذا الجواب يعكس ضمنا التبني الواضح والصريح من الحزب لرعاية النشاطين الموجهين ضد المملكة العربية السعودية تحديدا.
تحذير متقدم؟
وبدا لافتا وسط هذه المناخات تصاعد التحذيرات الدولية الضمنية والعلنية تدريجا من الإطاحة ب#الانتخابات النيابية او تأجيلها في ما يعكس واقعيا وجود معطيات جدية تؤشر الى هذا الخطر والا لما كانت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان تخصص اجتماعها الأخير امس وبيانها العلني للتنبيه الى ضرورة إتمام التحضيرات للانتخابات . فإذ دعت المجموعة مجددا إلى اجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وشاملة في موعدها المحدد “حثت على الإسراع بالأعمال التحضيرية احتراماً للإطار القانوني النافذ والمهل الدستورية ذات الصلة. كما دعت المجموعة السلطات إلى سرعة توفير كافة الموارد اللازمة وتكثيف الاستعدادات الفنية والإدارية لضمان سير العملية الانتخابية على نحو سليم وفي موعدها المحدد”. وحثت “على نحو أكثر تحديداً، الجهات المعنية على تخصيص الموارد المالية اللازمة لإجراء الانتخابات داخل لبنان وفي الخارج، وتمكين وزارة الداخلية والبلديات ولجنة الإشراف على الانتخابات من تأدية وظائفها بالكامل وضمان تنظيم إجراءات تصويت المغتربين في الوقت المناسب”. ودعت جميع الأطراف السياسية إلى الانخراط بشكل مسؤول وبنَاء في العملية الانتخابية والحفاظ على الهدوء والالتزام بإجراء انتخابات سلمية لصالح البلد”.
وشكل بيان المجموعة واقعيا تنبيها ضمنيا عالي النبرة حيال ملامح التأخير في انجاز كل الاستعدادات الإدارية واللوجستية للانتخابات بما يرجح ان ينطوي في رأي أوساط معنية على معطيات لدى المجموعة من خلال بعثات دولها في لبنان حول خطر محاولات لإرجاء الانتخابات قد تبرز معالمها حسيا في مرحلة قريبة وشكل البيان تحذيرا مبكرا حيالها .
وفي اطار المواقف الداخلية المحذرة من الإطاحة بالانتخابات لفت عضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب وائل أبو فاعور الى أن ”محاولة تأجيل الانتخابات أو إلغائها على وشك الانطلاق من خلال اقتراح قانون معجل مكرر يقدمه التيار الوطني الحر لالغاء تصويت المغتربين وتحويله الى الاقتراع لستة نواب في الاغتراب، اقرار القانون بعد تبنيه من نواب الممانعة وحلفائهم ” ووصف ذلك “بالسيناريو المسموم الذي يجري اعداده، وأي نائب يصوت لصالح هذا الاقتراح يتآمر على اصوات المغتربين ولن نكون منهم بل سنتصدى مع احرار المجلس لهذه المحاولة”.
وفي لقائهما امس في بكركي شدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والسفيرة الأميركية دوروثي شيا على “ضرورة إجراء الإنتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها الدستورية”. كذلك شكر البطريرك للسفيرة شيا “وقوف بلادها الدائم الى جانب لبنان للخروج من أزمته الراهنة الى جانب دعمها للجيش اللبناني”.
صندوق النقد: تقدم
اما على الصعيد المالي وفيما بدأت تتصاعد الاصداء السلبية لمشروع الموازنة الذي اقره مجلس الوزراء وأحاله على مجلس النواب نشرت امس الصفحة الرسمية لصندوق النقد الدولي الخلاصات التي انتهى اليها رئيس بعثة الصندوق راميريز ريغو ، حول نتائج المناقشات الافتراضية التي أجرتها البعثة من 24 كانون الثاني إلى 11 شباط 2022 مع السلطات اللبنانية حول إطار وسياسات برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يمكن دعمه من #الحكومة اللبنانية.
واعلن رئيس البعثة انه “تم إحراز تقدم في الاتفاق على مجالات الإصلاح الضرورية هذه، على الرغم من الحاجة إلى مزيد من العمل لترجمتها إلى سياسات ملموسة. هناك فهم أوضح للحجم غير المسبوق لخسائر القطاع المالي التي يجب معالجتها بشفافية بما يتفق مع التسلسل الهرمي للمطالبات مع حماية صغار المودعين، على النحو المتوخى بالفعل من قبل السلطات”. واعتبر “ان ميزانية الطوارئ لعام 2022 تقدم فرصة للبدء في معالجة الوضع المالي الصعب مع مراعاة قيود التمويل” . ورحب “بالمناقشات المفتوحة والبناءة مع السلطات اللبنانية، وكذلك مع ممثلي المجتمع المدني. وسيظل الفريق منخرطًا عن كثب، والمناقشات مستمرة، لمساعدة السلطات على صياغة برنامج إصلاح يمكنه معالجة التحديات الاقتصادية والمالية في لبنان”.