IMLebanon

النهار: 17 عاما بعد الاغتيال: الحريرية خارج المعترك

 

لعله من الصعوبة بمكان إنكار الطابع الشديد الدراماتيكية واكثر من أي مرة سابقة هذه السنة في احياء الذكرى الـ 17 لاستشهاد الرئيس #رفيق الحريري . والامر لا يتصل بذكرى الزلزال الذي بدأ يتحرج منذ ذاك التاريخ مطلقاً حرب الاغتيالات في حق النخب السيادية بدءاً بالحريري رمز نهوض لبنان بعد الحرب، بل يضاف الى ذلك هذه السنة “حدث” بالغ الخطورة تمثل قبل اقل من ثلاثة أسابيع في اعلان القيم على الحريرية بعد الحريري الاب، الرئيس سعد الحريري انسحابه وتيار “المستقبل” من معترك السياسة والانتخابات وسط ظروف لم يواجهها أي زعيم اخر ولا أي طائفة أخرى منذ التسعينات على الأقل. واليوم ، في يوم ذكرى 14 شباط 2005 ، ستمثل مجمل تداعيات انسحاب رئيس تيار المستقبل والتيار من المعترك السياسي عبر الحضور الصامت المعبر للرئيس الحريري عند ضريح والده ورفاقه في ساحة الشهداء بعدما عاد الحريري صباح امس الى بيروت ليكون حاضرا في الذكرى. وليس خافيا ان مصادفة الذكرى مع ارتفاع حمى الاستعدادات الانتخابية جعل الاستحقاق الأشد سخونة يبرز بقوة مع حضور الحريري في بيت الوسط وهو استحقاق الساحة السنية في التعامل مع الانتخابات وسط المخاوف من الفراغ التمثيلي الثقيل والحقيقي الذي لم تبرز بعد حياله، على رغم كل الادعاءات المعاكسة، أي معالم جدية لإمكان نشوء او قيام او استنباط “إدارة” بديلة فاعلة ومؤهلة لقيادة معركة التمثيل السني . تبعا لذلك بدا طبيعياً ان تفاقم مناسبة الذكرى الـ 17 لاغتيال الرئيس الحريري المخاوف على الحريرية السياسية في السياسة كما في مشروع الدولة خصوصا مع كثرة اللاهثين الى الانقضاض على كل إرثها في كل المواقع .

 

وفي الثانية عشرة ظهر اليوم سيقف الرئيس سعد الحريري ونواب المستقبل والجماهير ومناصري الحريري امام الضريح في وسط بيروت، ومن ثم يجتمع مع رؤساء الحكومات قبل ان يغادر عائدا الى أبو ظبي . وعقد الحريري اجتماعا عصر امس مع أعضاء كتلة المستقبل وجرى تداول مختلف الأوضاع الداخلية وآفاق المرحلة المقبلة وإذ وصفت مصادر بيت الوسط الاجتماع بانه كان عاديا، لم يصدر عنه أي بيان. وأفادت المعلومات ان الرئيس الحريري اكد مجددا امام أعضاء الكتلة موقفه الذي اعلنه في رسالته الأخيرة بعدم الترشح للانتخابات وعدم ترشيح أي عضو من تيار المستقبل ولكنه لن يدعو الى مقاطعة الانتخابات كما لن يدعو الى المشاركة فيها.

 

وذكرت تقارير إعلامية ان الحريري نصح نوابه كأخ وليس كرئيس للتيار بعدم الترشح نظراً لقناعته أن البلد مقدم على مزيد من التدهور وأن لا حل في الأفق. ونقلت عن الحريري قوله “أنا لا يمكن أن أمنع وأسمح لأي كان بالترشح”، وترك الحرية لكل نائب بتقدير موقف الترشح من عدمه شرط ألا يكون ذلك تحت مظلة “المستقبل”. وأشارت إلى أن الحريري أبلغ نوابه بممارسة دورهم التشريعي وعدم مقاطعة أي من جلسات مجلس النواب ومناقشة الموازنة أما في حال وصلت الأمور إلى طرح تمديد للمجلس النيابي مستقبلا فالقرار هو الاستقالة من المجلس فورًا.

 

هذا الوضع دفع مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الى القول عند ضريح الرئيس الحريري: “في ذكرى الشهيد الكبير رفيق الحريري، وفي ذكرى رفاقه الأبرار الذين لحقوا به على طريق الشهادة، نتساءل بألم ومرارة: الى متى تتواصل قافلة الشهداء وقد كاد لبنان نفسه أن يصبح شهيدا”.

 

كما ان الرئيس فؤاد السنيورة اعتبر ان ” لحظة اغتيال الرئيس رفيق الحريري كانت لحظة انطلاق مشروع تدمير الدولة في لبنان من خلال ازدواجية السلطة وخلخلة أعمدتها، والعمل المستمر على تخريب قواعد نظام لبنان الديموقراطي البرلماني”. وشدّد على أن “استشهاد الحريري وحّد اللبنانيين وجمعهم في ساحة واحدة، وها هي أحوج ما تكون الآن لعودتهم إليها ليصار إلى العمل بجد من أجل استرداد الدولة من خاطفيها”.

 

 

ازمة حكومية؟

في غضون ذلك ، وعلى صعيد التخبط السلطوي التصاعدي منذ الجلسة الأخيرة الأخيرة لمجلس الوزراء وعشية جلسة جديدة مقررة غدا لملف الكهرباء تحديدا، تواصلت السجالات حول ما اعتبره الثنائي الشيعي تهريب الموازنة وإقرار تعيينات عسكرية بطريقة ملتوية ورصد في هذا السياق تصاعد نبرة الانتقادات الحادة لدى “حزب الله” حيال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في وقت سجل “انزلاق” جديد لرئيس الجمهورية ميشال عون أوحى من خلاله بإمكان ارجاء الانتخابات النيابية تحت وطأة ازمة تمويل العملية الانتخابية الامر الذي اضطرت معه بعبدا الى اصدار توضيح لتبديد الالتباس حول الموضوع الانتخابي .

 

كما نفى وزير الداخلية بسام مولوي وجود أي ذريعة لارجاء الانتخابات مؤكدا انها حاصلة في موعدها وان الوزارة اعدت لائحة بحاجاتها المادية ستعرض على مجلس الوزراء غدا الثلثاء. واعلن مولوي انه سيعقد في وزارة الداخلية غدا الثلثاء منتدى الانتخابات وسيتم اطلاع دول العالم والشعب اللبناني على سائر المراحل والإجراءات التي ستقوم بها الوزارة تباعا وصولا الى يوم الانتخابات كما ستطلق حملة إعلامية للتحفيز على الترشح والاقتراع بالتنسيق مع جميع وسائل الاعلام .

 

وتحدثت معلومات عن اتصالات بين رئيس الحكومة والثنائي “امل” و”حزب الله” لتجنب انعقاد جلسة صاخبة غدا لمجلس الوزراء قد تتطور الى تفجير حكومي جديد غير محسوب النتائج . وقالت أوساط على صلة بالثنائي الشيعي ان الثنائي لا يهدف الى التصعيد بل يشدد على ضرورة تفادي ما حصل وعدم تكرار مشهدية الجلسة السابقة لمجلس الوزراء في المستقبل. واذا كان في الامكان تجاوز طريقة التعيينات التي حصلت ، فان مسألة تمرير الموازنة الى مجلس النواب ومباشرة لجنة المال والموازنة بدرستها وتفنيد أرقامها لن تكون سهلة. وتلفت هذه الأوساط الى ان موقف النائب حسن فضل الله من الجلسة ومن الرئيس ميقاتي لم يأت من عندياته عندما ركز على الخروقات التي حصلت في جلسة بعبدا وعدم الوقوف عند مكونات اساسية في الحكومة حيال ملف في حجم الموازنة قبيل وصولها الى مجلس النواب. ويتم توجيه الاتهام الى ميقاتي بأنه يريد الاظهار امام صندوق النقد الدولي وسائر المؤسسات الدولية بأنه قام بالواجبات المطلوبة من الحكومة وعمد الى وضع هذه الكرة في ملعب مجلس النواب . وثمة اكثر من رأي عند “الثنائي” بأن اقرار الموازنة بالشكل الذي حصل يستتبع انها ما زالت في حاجة الى المزيد من التصويب وانه كان من الأفضل ان تخرج من بعبدا بموافقة اعضاء الحكومة بمن فيهم وزراء الحركة والحزب لان رحلتها ستكون أسهل في البرلمان لو أعلن الوزراء الشيعة تبنيهم لها مع الاشارة الى ان “الثنائي” يقول انه كان يتعاطي بايجابية عالية في جلسات مناقشة الموازنة في السرايا.

 

وفي اطار استمرار السجالات حول هذا الاشتباك اعتبر امس عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب علي خريس “أننا نعيش في دولة المزرعة”، متسائلا: “كيف يمكن لمجلس وزراء أن يقوم بإقرار موازنة على مستوى الدولة اللبنانية، من دون أن يعود هذا المجلس الى تصويت؟ وكيف نسمع عن تعيينات على مستوى الإدارة من دون أن يعود هذا الأمر على مجلس الوزراء”، قائلا: “هذا ما يسمى تهريبة واضحة”.

 

وكان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم اعتبر أن “طريقة إقرار الموازنة في مجلس الوزراء حصلت بشكل مخالف للدستور لأن النقاش كان سطحياً والتعديلات لم تُعرض على الوزراء الذين لم يتلقوا الإجابات على بعض القضايا المطروحة”. ولفت قاسم إلى أن “الوزراء تفاجأوا أثناء النقاش بخروج رئيس الحكومة لإعلان إقرار الموازنة”، مشدداً على أنها لم تقر بشكلٍ قانوني، وداعيا “مجلس الوزراء إلى الإسراع في خطة التعافي المالي حتى تناقش مع الموازنة في مجلس النواب”.

 

كما اصدر وزير الثقافة محمد وسام المرتضى بيانا كرر فيه أن جلسة الحكومة “جرى رفعها فجأة بعد طرح موضوع التعيينات من خارج جدول الاعمال، في وقت كان فيه مشروع الموازنة لا يزال قيد البحث، بل كانت بعض التعديلات المقترحة وبعض الأرقام ولوائح السلع المفترض إخراجها من دائرة الرسوم ونماذج المحاكاة المتعلقة بالدولار الجمركي، لم تسلم بعد إلى الوزراء رغم مطالبتنا بذلك مرارا وتكرارا، ورغم الوعود بتزويدنا بها في الجلسة المنصرمة، ما يعني قانونا” أن مجلس الوزراء لم يختم نقاشه في مشروع الموازنة، ولم يصوت عليه ولم يصدر أيَّ قرار بالموافقة أو الرفض، خلافا لما جرى تظهيره امام الإعلام”.

 

واستوقفت أوساط سياسية التهديدات الواضحة لوزراء الثنائي بالإضافة الى افرقاء اخرين داخل الحكومة مثل “تكتل لبنان القوي” فضلا عن افرقاء معارضين كالقوات اللبنانية ونواب مستقلين بالانقضاض على مشروع الموازنة في مجلس النواب والعمل على ادخال تعديلات جوهرية عليه بما يعني ان نسبة العجز فيها، ستعود الى الارتفاع كما يمكن ان يؤثر ذلك بقوة على مسالة التفاوض مع صندوق النقد الدولي.