تتزاحم فوق المشهد الداخلي الاستعدادات للانتخابات النيابية وتداعيات الازمات المتشابكة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً بحيث ستشكل مهلة الشهرين ونصف الشهر المتبقية لموعد الانتخابات في منتصف أيار مرحلة محفوفة بالاستقطابات وخطب “شد العصب” والسقوف الحارة وربما التحسب أيضا لمفاجآت لا يمكن اسقاطها من التقديرات وسط ظروف داخلية وإقليمية بالغة التعقيدات وحرب روسية – أوكرانية ينشغل بها العالم بكثير من التوجس والاضطراب.
ومع بداية شهر آذار امس، لم يبق من مهلة تقديم الترشيحات للانتخابات النيابية سوى 13 يوما تفصل عن موعد نهاية المهلة في 15 آذار فيما تنتهي مهلة العودة عن الترشيحات في 30 اذار. وفي مفارقة تنذر بمؤشرات سلبية حيال الاستحقاق لم يتجاوزعدد المرشحين الذين انجزوا طلبات ترشيحهم حتى البارحة العشرين في 10 دوائر، فيما الترشيحات العلنية بالمئات، علما ان تشكيل اللوائح الانتخابية وتاليا التحالفات الانتخابية وتسجيلها يجب ان ينجز رسميا قبل 4 نيسان المقبل. وبدا طبيعيا بإزاء هذا التأخير غير المسبوق في تسجيل الترشيحات الانتخابية ان يجري التحسب في الأيام المقبلة لتدفق وتهافت كبيرين للمرشحين على وزارة الداخلية لتقديم الترشيحات قبل اقفال الباب ليل 15 الجاري.
هذا الاستحقاق دهم الأولويات اليومية للسلطة كما للأحزاب والقوى السياسية والمجموعات المدنية والمستقلين عاكسا الى حدود بعيدة حال فتور عامة وبرودة عالية واستثنائية تضرب لبنان على رغم ان العد العكسي للانتخابات يقترب من مرحلة متقدمة للغاية. ومع ذلك بدا لافتا ان بيروت تشهد استقطابا لحركة ديبلوماسية ومالية دولية في هذه الفترة تتركز في مجملها على مواكبة الأوضاع اللبنانية عشية #الانتخابات النيابية . وهذا ما برز في اليومين الأخيرين مع جولة متزامنة لوفدين من وزارة الخزانة الاميركية وصندوق النقد الدولي على المسؤولين، تركزت محادثاتهما خلالها على تجفيف منابع تمويل الارهاب وعلى الاصلاحات.
وفي هذا السياق ابلغ رئيس الجمهورية #ميشال عون وفد الخزانة الاميركية “أن لبنان مستمر في مكافحة الفساد وعمليات تبييض الاموال وتمويل الارهاب، وان القوانين اللبنانية تطبّق في هذا المجال بحزم ودقة وتشهد على ذلك المؤسسات المالية الدولية”. وقال امام اعضاء الوفد الاميركي “ان أبرز عناوين العهد كانت مكافحة الفساد، وان هذه العملية سوف تستمر من دون هوادة فيما تبقى من الولاية الرئاسية، ومن أبرز مظاهرها الاصرار على تحقيق التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان الذي تتولاه شركة “الفاريز ومارسال” بعد ازالة العقبات التي تعترض عملها”.
اما الوفد الاميركي فأوضح اهداف زيارته لبيروت، مركّزاً على التعاون مع الحكومة اللبنانية في متابعة الاوضاع المصرفية في البلاد، ولا سيما المسائل المتعلقة بتبييض الاموال ومكافحة الفساد والمفاوضات القائمة مع صندوق النقد الدولي، ووضع القطاع المصرفي اللبناني.
وفي غضون ذلك عقد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اجتماعاً مع وفد صندوق النقد الدولي وتم البحث في الإجراءات والقرارات المُتخذة، ومشاريع القوانين التي ستُطرح، وما توصلت إليه خطة التعافي المالي والاقتصادي.
وفي سياق الحركة الديبلوماسية للإحاطة بالوضع اللبناني زار كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الاوسط المارشال مارتن سامبسون الموجود في لبنان في زيارة دورية للاطلاع على الاوضاع والبحث في العلاقات الثنائية بين لبنان وبريطانيا والتعاون القائم بين جيشي البلدين، عددا من المسؤولين الكبار وشدد خلال جولته على “حرص بريطانيا على الاستمرار في تقديم الدعم للبنان”، مركزا على “اهمية مكافحة الارهاب وتهريب السلاح والمخدرات”، معتبرا ان “لدى الدول مصلحة مشتركة في التعاون في ما بينها للقضاء على هذه الآفات”. وتمنى المسؤول البريطاني ان “تجرى الانتخابات النيابية في موعدها في ايار المقبل، وتتفعل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي”، لافتا الى ان بلاده “تدعم بقوة اجراء هذه الانتخابات ونجاح هذه المفاوضات”.
كما ان المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا زارت السرايا وأبلغت رئيس الحكومة ان مجلس الامن الدولي سيعقد جلسة في 17 أذار الحالي وأنها ستقدم فيها تقريرا عن لبنان موضحة انه وسيكون هذه المرة مباشرة قبل الانتخابات النيابية، “وحكما سيكون تركيز المجتمع الدولي على الانتخابات.”
“#حزب الله ”
اما على الصعيد السياسي فبدا لافتا ان “حزب الله” مضى في رفع وتيرة سقف خطابه الانتخابي متنقلا بين شعار واخر . فالسيد حسن نصرالله أراد توظيف الحرب على أوكرانيا لتبرير الاحتفاظ بسلاحه اذ اعتبر امس ان “من جملة العبر في ما يجري حاليا، هذه عبرة من يسلم سلاحه للآخرين ويتكئ على ضمانات تعطى من هنا وهناك، ثم إذا وقعت المعركة “ألحقوني” وأرسلوا إليّ السلاح” . كما ردد ما أعلنه مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي الخامنئي من تحميل أميركا مسؤولية هذه الحرب.
اما رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد فذهب ابعد من الانتخابات النيابية لربطها بمعركة الرئاسة معتبرا “أن المطروح اليوم ان يكون المرشح المؤهل والمعد لرئاسة الجمهورية هو الذي واكب الإجتياح الإسرائيلي الأول عام 1982، من أجل أن ننصب من هم في فريقه”، وقال: “انهم يريدون أن يعيدونا إلى العصر الإسرائيلي الذي انتهينا منه، لقد وصلت المكابرة لديهم إلى هذا الحد”.
وختم رعد: “إن المسألة في الإنتخابات النيابية ليست بأن ينقص أو يزيد مقعد، المسألة هي بالأفق السياسي لهذه الانتخابات “.
… و”القوات ”
وفي المقابل شدد رئيس حزب “#القوات اللبنانية” سمير جعجع خلال إعلانه إعادة ترشيح النائب زياد حواط في دائرة جبيل على ان “إمكانية التغيير كبيرة، كذلك امكانية إصلاح الوضع أكبر، وقدرتنا حين نشبك ايدينا بأيادي بعضنا انتشال لبنان من جهنم الذي رمونا به اكبر واكبر، و”اذا الله راد” وبثقتكم في 15 ايار، وبعد اقفال الصناديق سنبدأ سويا معركة انقاذ البلد ونعيد “لبنان الحلو” كما كان قبل سيطرتهم عليه”. وتابع، “لبنان بالنسبة اليهم ساحة وليس أكثر، اما بالنسبة لنا هو هويتنا وانتماؤنا وارضنا وارثنا وثروتنا. لبنان بالنسبة اليهم صحيح يبدأ بصور والنبطية ومرجعيون ولكنه يكمل في ما بعد الى الشام ودير الزور في سوريا والأنبار وبابل في العراق، ومأرب في اليمن ولا ينتهي إلاّ في طهران بإيران، أما نحن فنكتفي بـ”لبنان” الـ10452 كلم مربع، لا أكثر ولا أقل “. وقال “نحن قادرون اليوم على ايقاف مشروعهم الجهنمي بقرار منا، صوتنا في صندوق الاقتراع في 15 ايار هو الذي قادر على ايقافه”.