كان ليصح في مجريات الجلسة التشريعية التي عقدها #مجلس النواب امس انها من علامات آخر أيام السلطة كلا، التنفيذية والتشريعية سواء بسواء، عند مشارف اقتراب العد العكسي للانتخابات النيابية المقبلة، لو لم يكن الشك كبيرا بل ومتعاظماً في ان تؤدي الانتخابات الى الانتفاضة التغييرية الجذرية المطلوبة لخلاص لبنان وشعبه. و”التحدي” المصغر والخاطف عند مشارف المرحلة المطلة على الاستحقاق بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والكتل النيابية، على خلفية سقوط مشروع الكابيتال كونترول وعدم الإفساح لوصوله الى الهيئة العامة، لم يكن مفاجئا تماما ولو ان أحدا لا تساوره الأوهام في ان تسقط حكومة عند اعتاب انتخابات نيابية جيء بها أساسا لهدف اجرائها مهما كلف الثمن. لكن، اذا كان من عبرة جدية في مبادرة رئيس الحكومة الى طلب طرح الثقة بحكومته في المجلس الذي يضم مكونات هذه الحكومة كاملة، فهي في انه حتى المهلة القصيرة المتبقية الى موعد الانتخابات لم تعد تكفل للسلطتين التشريعية والتنفيذية المضي في ابتكار الذرائع والمسوغات واختلاق المبررات والحجج التي لا تقنع لا اللبنانيين ولا المجتمع الدولي في استدامة الدوامة العبثية التي تمنع بسحر ساحر استصدار تشريعات إلزامية وذات طبيعة ملحة وتلاقي المفاوضات اللبنانية التي ستستأنف اليوم مع بعثة صندوق النقد الدولي حول ما يسمى خطة التعافي الاقتصادي. بذلك كشفت مبادرة ميقاتي الى طلب طرح الثقة النيابية بحكومته ومن ثم إعلانه لاحقا ان الحكومة ليست في وارد الاستقالة لئلا تطير الانتخابات، بالحد الأدنى، مدى الاحراج الكبير الذي بات يحاصر الحكومة والمجلس بإزاء اشتداد الازمات والتعقيدات المتراكمة والمرشحة للتراكم اكثر فاكثر تباعا في الطريق الى إتمام الاستحقاق على افتراض انه سيكون محطة مفصلية بين المرحلة السابقة للانتخابات والمرحلة اللاحقة لها. وأفادت معلومات في هذا السياق ان ردود الفعل النيابية والملاحظات على مشروع الكابيتال كونترول استجمعت في اطار عمل حكومي يجري راهنا لادخال تعديلات واسعة على المشروع ووضعه في صياغة معدلة ضمن مشروع قانون متكامل لإقراره وإحالته على مجلس النواب بما امكن من وقت سريع قبل الانتخابات. وعلم ان رئيس مجلس النواب نبيه بري ابدى استعداده في حال انجاز مشروع قانون للكابيتال كونترول وإحالته على المجلس، لعقد جلسة تخصص له في منتصف نيسان.
“مستعدون للمحاسبة”
وبدا واضحا ان التوظيف النيابي الواسع الذي قوبل به طرح مشروع الكابيتال كونترول والمبارزة في تسديد الانتقادات التي وجهت في شأنه الى الحكومة، اثار غضب الرئيس ميقاتي فلم يمرر فرصة الجلسة النيابية ووجه تحديا الى القوى السياسية، محذرا من مغبة الاستمرار في “النهج المصلحي الانتخابي”. ولدى مغادرته مجلس النواب اثر الجلسة السريعة التي طار نصابها خرج ميقاتي لينتقد “التخبط والسعي من البعض لاستثمار كل الامور في الحملات الانتخابية، تارة من قبل فريق يعارض العهد وتارة من قبل فريق يعارض الحكومة ويتهجم عليها والخاسر الاكبر من هذه الحملات هو البلد”. وقال “بدل ان نتعاون، حكومة ومجلسا نيابيا، للخروج من الازمة التي نحن فيها، نرى تهجما لا فائدة منه، وبالامس سمعت كلاما يتعلق بالحكومة وبطرح الثقة بها، فقلت لم لا، طالما ان اوراقنا مفتوحة ونحن على استعداد لعرض ما لدينا بكل شفافية، ولتوضيح المشكلات التي نعاني منها، واذا كان المجلس النيابي مستعدا للتعاون معنا، فهذا امر اساسي لان البلد يتطلب تضافر كل الجهود. لا يمكن حل المشكلات التي نعاني منها بالطريقة الشعبوية التي نشهدها، والوطن يدفع الثمن اليوم.وكما قلت في أكثر من مناسبة الوضع غير سليم ولكن اذا لم نتحد جميعا لايجاد الحلول فلا يمكننا الخروج من الازمة التي نمر بها”. واكد “اننا مستعدون للمحاسبة على اي عمل نقوم به واكرر الدعوة للتعاون الكامل بيننا وبين السادة النواب والمجلس النيابي الكريم، ومع احترامي لكل الاراء ، ولكن يجب ان تطرح على اساس المصلحة الوطنية. كفى تغليبا للمصالح الشخصية على المصالح الوطنية ، لان الوطن هو من يدفع الثمن”.
ثم شدد على “ان من مهمات الحكومة اليوم اجراء الانتخابات النيابية ولا يمكن ان انساق الى الاستقالة كي لا تكون مبررا لتعطيل الانتخابات، ولن اكون سببا لتعطيل الانتخابات، ولهذا السبب لن اقدم على الاستقالة”.
وقالت مصادر حكومية معنيّة عن خلفيات موقف ميقاتي انه منذ فترة، لاحظ أنّ الأمور بدأت تسلك منحى آخر يتمثل بعودة المناكفات السياسية لدى طرح أي خطوة إصلاحية من كل الاطراف ولا سيما التي أعلنت دعمها للحكومة، إضافة إلى تأخير واضح في تنفيذ الخطوات الاصلاحية المطلوبة كشرط اساسي من الجهات الدولية التي عبرت عن دعمها للبنان وحذرت من تداعيات التأخير في اقرار الإصلاحات. وأضافت المصادر ان اللقاءات الخارجية التي يعقدها رئيس الحكومة بهدف تجييش الدعم للبنان في كل المجالات، أظهرت إرادة دولية وعربية قوية لدعم لبنان مشروطة بتنفيذ اللبنانيين ما هو مطلوب منهم من خطوات اصلاحية، الا ان الاداء الذي بدأ يظهر في مقاربة الملفات يوحي أنّ أولوية الكثيرين هي الاستثمار الانتخابي لكل شيء فيما أولوية رئيس الحكومة معالجة الملفات المطروحة وتنفيذ الاصلاحات ووضع الأمور على سكة المعالجة . وشدّدت على أنّ ما طرحه ميقاتي في الجلسة النيابية هو جرس إنذار لكل الأطراف من خطورة ما قد يحصل في حال استمر التعاطي مع المعالجات المطلوبة على النحو الحاصل”. وحذرت من خطورة التأخير في مواكبة المعالجات الحكومية المطلوبة ودعمها، خصوصًا حياتيًا وماليًا واقتصاديًا. وأكّدت المصادر إصرار رئيس الحكومة على عقد جلسة مناقشة عامة للحكومة يصار خلالها الى طرح كل الملفات علنًا وعرض كل المواقف والتوجهات، ومن ثم طرح الثقة بالحكومة ليبنى على الشيء مقتضاه لأن الأمور لا يمكن أن تستمر على هذا النحو.
سلامة لن يحضر
وسط هذا المناخ الذي يعكس اتساع التخبط الرسمي على مختلف المستويات يعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم في قصر بعبدا ستتطرق الى الامن الغذائي والوضع المالي والاقتصادي وسط ترجيح غياب حاكم مصرف لبنان #رياض سلامة عن الجلسة التي كان دعي الى المشاركة فيها.
وإذ تكتمت الأوساط المعنية حكوميا ومصرفيا حول الانعكاسات التي يمكن ان ترتبها الإجراءات التي اتخذتها دول أوروبية بالحجز الاحتياط على أصول تعود الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، شرحت مصادر حقوقية تتابع الملفات المصرفية الخطوة القضائية المتخذة في لوكسمبورغ في حق الحاكم سلامة فقالت ان الاجراء ليس حجزا بل هو تدبير احتياطي وتجميد اصول وليس حكما قضائيا في انتظار صدور الحكم.
الى ذلك، أفادت المعلومات أنّ وزير العدل هنري خوري ليس بصدد ترؤس أي لجنة قضائية مصرفية، كما يهمّه نفي أنّ يكون قد تقرر خلال جلسة مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة إنشاء أي لجنة من هذا القبيل. كما اكد الوزير أنّه يرفض مبدأ اجتماعات القضاة مع المقررين المصرفيين أو السياسيين وفق قاعدة استقلالية القضاء والقضاة.