مع توغل العد العكسي لليوم الانتخابي الكبير في لبنان الاحد المقبل واحتدام المناخ والاستعدادات الأخيرة للموعد الفاصل، لم يكن مفاجئا ان يشرع الأمين العام لـ”#حزب الله” السيد حسن نصرالله، بكون حزبه قاطرة التحالف السياسي والانتخابي لمحور “الممانعة ” الذي يضم السلطة والعهد واطراف 8 آذار، في تدشين الأسبوع الحاسم بحملة هجومية عنيفة على سائر الافرقاء السياديين والتغييريين المنادين باحادية سلاح الدولة وقرارها ومواجهة سيطرة الدويلة المسلحة بترسانة إيرانية على الدولة اللبنانية . ومع ذلك فان بداية الصخب التصعيدي الانتخابي على غرار ما بدأه الأمين العام للحزب غداة انتخابات المغتربين لم يشكل الحدث الداخلي بل ان الحدث الجدي برز مع تأكيد ارجاء زيارة #البابا فرنسيس للبنان التي كانت مقررة في 12 و13 حزيران المقبل والتي كان الإعلان عنها جرى أولا من لبنان واستبق إعلانها رسميا من الفاتيكان. وكان ان جرى اعلان ارجائها امس أيضا من لبنان وليس من الكرسي الرسولي.
وقد تولى اعلان ارجاء الزيارة رئيس اللجنة الوطنية العليا للإعداد لزيارة البابا فرنسيس للبنان وزير السياحة وليد نصّار في بيان، أوضح فيه أنّ لبنان تلقى رسالة من دوائر الفاتيكان تبلّغ فيها رسمياً قرار إرجاء زيارة الحبر الاعظم المقرّرة إلى لبنان، على أن يتم الإعلان عن الموعد الجديد للزيارة فور تحديده.
وأشار نصّار إلى أنّه قد تمّ إرجاء الزيارات الخارجية والمواعيد المقرّرة في برنامج قداسة البابا فرنسيس لأسباب صحّية، متمنياً لقداسته الشفاء العاجل.
وبدا من المستبعد ان يحدد موعد قريب للزيارة بعدما تبين ان البابا يعاني من الام في الركبة تحول دون تمكنه من الحركة والتجول خصوصا بعدما ظهر للمرة الأولى الأربعاء الماضي في مناسبة عامة على كرسي متحركة.
ما بعد الاغتراب
وبالعودة الى “الداخل الانتخابي” بدا مجمل المشهد امس تحت وطأة وقائع الاقتراع الاغترابي الذي يبدو من المعطيات المؤكدة حول توقعات نتائجه، غير الرسمية طبعا، انه اثار الكثير من التوجس لدى اطراف السلطة الامر الذي بات يخشى معه اكثرعلى الاجراءات التي ستتخذ لمنع تزوير بعض النتائج او التلاعب بها اذا بلغت حدود التأثير الخطير على نتائج الانتخابات في الداخل .
وأقفلت صباح امس اخر الصناديق في الساحل الغربي للولايات المتحدة الاميركية وكندا، واقفلت معها محطة الاستحقاق في دول الاغتراب اللبناني، لتفتح الباب على المنازلة الكبرى في الداخل الاحد المقبل، التي وعد وزير الداخلية بسام مولوي بتقنية جديدة للفرز تعتمد تقنيات الكترونية ستُستَخدم خلالها للمرة الأولى. وستشهد الأيام الفاصلة عن الاحد “منازلات” ومواقف إعلامية وخطابية بالغة السخونة وسط وتيرة كثيفة في الاطلالات بدأت امس مع اطلالة السيد نصرالله على مهرجان أقامه الحزب في صور والنبطية ويتبعها باطلالتين أخريين في الضاحية الجنوبية والبقاع، كما ان رئيس مجلس النواب نبيه بري سيوجه في السادسة مساء اليوم رسالة الى اللبنانيين يتطرق فيها الى مختلف العناوين والمستجدات، لا سيما الإستحقاق الإنتخابي، بعدما توجه اليوم “بالتحية والتقدير للناخبين اللبنانيين المقيمين في الخارج على قيامهم بواجبهم الوطني والدستوري وإنجازهم المرحلة الأولى من استحقاق الإنتخابات النيابية”.
نصرالله والردود
وبدا واضحا ان همّ نصرالله في خطابه امس تركز على “تبرئة” سلاح الحزب من تبعات الانهيار والأزمات التي يتخبط فيها اللبنانيون زاعماً ان “استطلاعات للرأي لم ترد فيها مسألة سلاح المقاومة كإهتمام أو كمشكلة ملحة ومستعجلة يجب على المجلس النيابي الجديد أن يعالجها”.ثم انبرى بعصبية الى شن هجوم على خصومه لافتا الى انه “منذ أشهر وإلى اليوم نسمع خطاباً تحريضاً وكلاماً ليس بمستوى قائليه جعلوا من موضوع سلاح المقاومة عنوان المعركة الانتخابية الحالية وان البعض ممن يدعون إلى نزع سلاح المقاومة دعا قبل أيام في خطاب انفعالي إلى التصويت للتخلص من حزب الله ومن حلفاء حزب الله.. وأقول للبعض: فشروا نزع سلاح المقاومة”. كما زعم “ان أحد الحاضرين في جلسات الإستراتيجية الدفاعية عام 2006 قال إن إسرائيل لم تعتدِ على لبنان منذ 1948 إلى 1968 ولم تشكل تهديداً للبنان، ومن يأتي ليقول إن اسرائيل هاجمت الجنوب كرد فعل على العمليات الفلسطينية هذا كذب وافتراء وان من يقول هذا إما جهلة أو متجاهلون وهذا يكشف أنهم لا ينظرون إلى اسرائيل على أنها عدو وأنها صاحبة أطماع في مياه وأرض وثروة لبنان”. وفي منطقه التبريري لبقاء السلاح قال” منذ عام 1957 وحتى العام 2022 وما زالت الدولة اللبنانية تدرس الخطة الدفاعية وان علماءنا وقادتنا منذ 1948 كان خيارهم الجيش وأن تأتي الدولة ومؤسساتها لتدافع عن الجنوب وأن يقاتلوا معها وتحت رايتها وللأسف الدولة كانت تدير ظهرها للجنوب وأهله ، حتى انهم يتجاهلون انجازات وانتصارات هذه المقاومة التي حررت كامل الأراضي اللبنانية المحتلة ونحن نعترف بفضل كل صاحب فضل. والمقاومة هي التي تحمي لبنان الآن كجزء أساسي من المعادلة الذهبية ومن يصنع توازن الردع مع العدو الإسرائيلي هي المقاومة”. وفي تجاهل فاضح للجيش ودوره وانتشاره وشرعيته وقدراته سأل نصرالله “من يحمي جنوب لبنان ولبنان إذا تخلت المقاومة عن سلاحها ومسؤوليتها؟” وقاتل انه “من 2006 إلى اليوم لم يقدموا ملاحظات على الاستراتيجية الدفاعية التي قدمتها وحتى اليوم جاهزون لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية ولدينا الحجة والمنطق ومن يهرب من النقاش هو الضعيف”.
وفي المقابل اتهم رئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع “حزب الله” بالكذب على اتباعه وقال في مهرجان للائحة “القوات” في بعبدا “ان حزب الله يغش جماعته بالذات ويقول إن ما وصل إليه بسبب أميركا وإن كل من لا يصوّت للوائح الثنائي الشيعي فإنه يصوّت لأميركا وهذا كله كذب”. واعتبر “ان حزب الله هو مع كل التحالفات مع الفاسدين ولو على حساب الشعب اللبناني ويتهم الأميركيين والأميركيون هم من عطّلوا انتخابات رئاسة الجمهورية وهذا الكلام خطأ، فكل التعطيل في البرلمان والحكومة والرئاسة هم سببها”.ورد على نصرالله قائلا “صادر حزب الله مفهوم المقاومة وكأن هو من قاوم وهذا خطأ، سيد حسن نحن أكثر من يعرف المقاومة ونحن من بدأ بها في تاريخ لبنان الحديث وما نختلف عليه هو أن لبنان كله مقاوم وشعبه كله مقاوم في الوقت الذي تعتبر فيه هو نفسك وحدك مقاوماً”.
وبدوره رد رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل على قول نصرالله “فشروا ينزعوا سلاح حزب الله”، عبر كلمة القاها في لقاء انتخابي في ساحة البوشرية فقال : “فشر انّك تخلينا نستسلم وتسيطر على البلد وتخلص منّا وأن تسيطر على مستقبل أولادنا، فنحن نريد العيش كما نريد نحن لا كما تُريد أنت.” وشدد على “ان الجيش وحده يدافع عنا وعندما ينادينا سنكون بصفوفه لندافع عن لبنان تحت قيادة دولتنا التي نحب”.
وعقد الامين العام لوزارة الخارجية والمغتربين هاني شميطلي والمدير العام للمغتربين هادي هاشم مؤتمرا صحافيا مشتركا شرحا خلاله مسار العملية الانتخابية للبنانيين في الخارج . وأوضح هاشم، أن “هدفنا كان في الوزارة الوصول إلى نسبة اقتراع أكثر من 70% ونأمل من المغتربين المشاركة بكثافة أكثر في المرة المقبلة”، مشيراً إلى ان “هذه العملية الانتخابية هي الأكبر في تاريخ لبنان الحديث إذ بدأنا في 6 أيار من إيران وانتهينا اليوم في الولايات المتحدة”.وأكد أن “الأرقام الأولية تشير إلى نسبة اقتراع بلغت حوالي 60% في العالم أجمع وهي نسبة جيدة إذ اقترع ما بين الـ128 و130 ألف ناخب” لافتاً إلى “ان الخروقات والشوائب التي شهدتها العمليّة الانتخابيّة في الاغتراب عولِجت فوراً، ونحن بانتظار ورود المحاضر وهي ستُحال إلى القضاة وهم يُقرّرون احتساب الأصوات من عدمه. وشدد على أنّ “الكلمة الفصل تبقى للقضاء، أمّا نحن فنُعالج الخروقات على الأرض فقط” .بدوره، اعتبر شميطلي، أن “انتخابات المغتربين هي إنجاز ونهديه لوزارة الخارجية اللبنانية كما لمؤسسات الدولة”.