إذا كانت انتخابات 15 أيار 2022 تقاس بكل ملابساتها ووقائعها بكونها اول انتخابات نيابية تحصل بعد الانهيار الكبير الذي أصاب لبنان منذ ثلاث سنوات فانها وقبل تبين نتائجها الكاملة وميزان القوى السياسي الجديد الذي افرزته، تعتبر بالملابسات والوقائع المباشرة التي شهدتها صدمة مخيبة للذين انتظروا مشهد انتخابات يكون بمستوى الكارثة التي المت بلبنان. على مستوى النتائج الاولية التي توافرت من الماكينات حتى فجر اليوم يمكن القول ان التراجع الملحوظ في النسبة العامة للمقترعين قد أربك الجميع بما ذلك “الثنائي الشيعي” وفتح الباب امام توسيع مساحة حضور المجتمع المدني، علما ان النتائج الاولية اشارت إلى تقدم لـ”#القوات اللبنانية” في العديد من المناطق، كما تعززت فرص شخصيات من الفريق السيادي ومن المرشحين الفائزين من المجتمع المدني. فيما يحافظ في المقابل الثنائي الشيعي على مواقعه ولم يتضح بعد حجم النواب السنة الذين سينالهم ويرجح ان يكون محدودا دون التوقعات. ومع ان عمليات الفرز تتواصل ولم تكن قد بدات بعد عمليات فرز صناديق الاغتراب، فان الصورة التقريبية لمجلس 2022 اقتربت كثيرا من تبدل بارز سيكون معه المجلس المنتخب مجموعة تكتلات ولا يبقى واقعه موزعا بين اكثرية واقلية تقليديتين الا في حال توحدت جبهة المعارضين.
أما الوقائع التي اسفرت عن مشهد فوضوي فترجمته مئات المخالفات والانتهاكات وبدت معه الدولة الفاشلة بكل عيوبها عاجزة عن ضبط الفوضى لم تنفع معها محاولات تجميل الفوضى المنفلتة لوجستيا واداريا وميليشيويا والقول بان الوضع مر بحدود عالية من الاحتواء لان ما حصل امام عيون المراقبين والعامة كان افدح من ان يحتوى بتبريرات خصوصا بعدما اعترف وزير الداخلية بهذه الشوائب والانتهاكات. ثم ان الأخطر اطلاقا في مشهد استحقاق انتخابي ديموقراطي طال انتظاره من الداخل والخارج كمحطة تغييرية مصيرية علها تبدأ بقلب صفحات الانهيارات والتبعيات والخطوات المسلحة والاستقوائية تمثل في “الغزوة” العنيفة التي تولاها “#حزب الله” في مناطق البقاع الشمالي وزحلة ومناطق أخرى لقمع خصومه “القوات اللبنانية” بقوة ترهيب مندوبي لائحتها، ولم يجد نفعا كل تبرير للسلوكيات الانتهاكية التي قام بها انصار الحزب والموثقة بالصورة والصوت علما ان ما جرى قد يقود إلى معركة طعون بعدما تعرضت صورة الانتخابات في البقاع الشمالي لتشويه هائل . وكانت التقارير التي أصدرتها الجهات المراقبة ولا سيما منها الجمعية اللبنانية من اجل ديموقراطية الانتخابات “لادي” وثقت مئات المخالفات الفاضحة ولا سيما لجهة طرد مندوبي احدى الجهات الحزبية في البقاع الشمالي وتهديد المراقبين والفوضى الكبيرة في اقلام اقتراع والخروقات الكثيرة للصمت الانتخابي من مرشحين وسياسيين . وانفجرت وقائع طرد مندوبي “القوات اللبنانية” من مراكز انتخابية في البقاع الشمالي على نطاق واسع فيما توالى صدور بيانات عن رئيس حزب القوات سمير جعجع دعا فيها المسؤولين السياسيين والامنيين دون جدوى إلى تدارك الأمر الذي يعرض العملية الانتخابية للطعن الدستوري. ولعل الأخطر ما حملته تقارير أخرى عن تدخلات مباشرة للثنائي الشيعي في مناطق نفوذه في عمليات الفرز التي إذا ثبتت ستعرض العملية الانتخابية لمزيد من الشبهات.
تراجع النسبة
واما العامل اللافت الاخر في ظروف الانتخابات ووقائعها فبرزت مع تراجع نسبة الاقتراع عموما بدرجة كبيرة الأمر الذي عكس بشكل واضح وخطير تراجع الثقة العامة بالدولة أولا كضابط وضامن لسلامة العملية الانتخابية فضلا عن تأثير تداعيات الانهيار الكارثي على حركة الناس وتحفزهم للانتخابات رغم كل الدعوات الكثيفة الأخيرة التي استهدفت حض اللبنانيين على المشاركة الكثيفة في الاقتراع.
نسبة الاقتراع بحسب وزارة الداخلية بلغت قبيل اقفال الصناديق 37,52 في المئة بما يعني انها تراجعت بأكثر من عشر نقاط عن دورة 2018 التي بلغت 49 في المئة. وفي وقت لاحق ليلا عادت الداخلية إلى تصويب النسبة بعدما اكتملت عمليات الاقتراع مراكز اضافية واعلنت انها بلغت 41 في المئة. وبدا لافتا التراجع في كل المناطق ذات الغالبية السنية وتحديدا بيروت الثانية وصيدا وطرابلس والضنية وعكار والبقاع الغربي فيما لم تحقق المناطق ذات الغالبية الشيعية أرقاما مهمة بل تراجعت نسبيا اما النسب الأعلى فكانت في بعض المناطق ذات الغالبية المسيحية ولكن بارقام عالية. في بيروت الأولى بلغت النسبة 27 في المئة وفي بيروت الثانية 31 في المئة وفي دائرة البقاع الأولى 38 في المئة والبقاع الثانية 30 في المئة والبقاع الثالثة 45 في المئة. وفي الجنوب الأولى 36 في المئة والجنوب الثانية 37 في المئة والجنوب الثالثة 38في المئة. وفي الشمال الأولى 30 في المئة والشمال الثانية 25في المئة والشمال الثالثة 33 في المئة. وفي جبل لبنان الأولى 50 في المئة، وجبل لبنان الثانية 40 في المئة وجبل لبنان الثالثة 41 في المئة وجبل لبنان الرابعة 41 في المئة.
وشكر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من وزارة الداخلية بعد إقفال صناديق الاقتراع “جميع القيمين على الانتخابات التي حصلت من موظفين إلى رؤساء أقلام”.
وقال:” كل انتخابات تحصل فيها شوائب وتمكن الفريق من معالجتها، وخرجنا بنصر كبير للدولة اللبنانية وللمواطنين”.
تصريح ميقاتي جاء بعدما اقفلت صناديق الاقتراع في معظم المناطق اللبنانية عند السابعة مساء. وأبقيت بعض الاقلام مفتوحة أمام الناخبين الموجودين داخل مراكز الاقتراع الذين يحق لهم وفق القانون الإدلاء بأصواتهم.
غير ان وزير الداخلية بسام مولوي عاد بعد اقفال الصناديق إلى الاعتراف بان العملية الانتخابية “لم تكن ممتازة”. وقال “قمنا بما يتوجب علينا ولاحظنا شوائب ومخالفات في عدد من أقلام بعلبك الهرمل وتابعنا التجاوزات هناك وشددت على على وجوب ان يكون المندوبون موجودين تطبيقا للقانون ” . كما اقر بان نسبة الاقتراع “ليست مرتفعة ولا اعرف ان كان ذلك خيار المواطنين او يخدم التوجه السياسي للذين قاطعوا الانتخابات” وقال ان “عملية اصدار النتائج معقدة قليلا ويجب على المواطنين ان يطولوا بالهم”.
نتائج أولية
ومع طلائع عمليات الفرز أعلن جعجع ان “رهان ميقاتي ووزير الداخلية على اجراء الانتخابات نجح وحصلت بالرغم من كل العوائق التي حاول وضعها التيار الوطني الحر وحزب الله واللافت للنظر أن العملية الانتخابية جرت بسلاسة بكل المناطق إلّا في مناطق تواجد حزب الله”. وأعلن جعجع ان “الارقام الأولية في كل المناطق المسيحية تشير إلى تقدم القوات على التيار الوطني الحر ما يعني ان الرأي العام المسيحي الذي بقي مصادراً طوال 17 سنة بيد حزب الله انتقل إلى الضفة الأخرى”.
وأفادت معلومات مستقاة من الماكينات الانتخابية الحزبية ان الثنائي الشيعي يتقدم بشكل كبير في الجنوب الثانية، أما في الجنوب الثالثة فلائحة المعارضة أصواتها مرتفعة.
وفي الشمال الثانية افيد عن حصول لائحة أشرف ريفي على 3 حواصل ولائحة كرامي على حاصلين وقدامى المستقبل على حاصل واحد ولائحة ميقاتي على حاصلين، وبينت النتائج الاولية في بعبدا تقدم لائحة الاشتراكي والقوات اللبنانية لمصلحة بيار ابو عاصي وهادي ابو الحسن تليها لائحة “امل” “حزب الله””التيار الوطني الحر”. وفي كسروان سجل تقدم للائحة نعمة افرام يليها التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بما يرجح فوز افرام وشوقي الدكاش وندى البستاني وفريد هيكل الخازن، وسليم الصايغ عن حزب الكتائب. وافيد عن تقدم لاسامة سعد وعبد الرحمن البزري في صيدا، اما في جزين فتقدم ابرهيم عازار ومرشحة القوات غادة ايوب وجرى تداول معلومات عن مفاجأة عدم فوز اي من مرشحي التيار الوطني الحر . وبرزت مفاجأة اخرى في دائرة الجنوب الثالثة مع تاكيد احتمال خرق المرشح من المجتمع المدني الياس جرادي للائحة الثنائي الشيعي بما أسقط اسعد حردان.
وفي بعبدا اشارت طلائع الفرز إلى حصول تحالف “حزب الله” “امل” والتيار الوطني الحر على ثلاثة مقاعد فيما حصل تحالف القوات والاشتراكي والاحرار على ثلاثة مقاعد لكل من بيار ابو عاصي وهادي ابو الحسن وكميل دوري شمعون.
وفي الشوف عاليه تقدم تحالف الاشتراكي – القوات – الاحرار بسبعة مقاعد فيما حصل تحالف “التيار – ارسلان” على ثلاثة حواصل تليها اللائحة التغييرية.
وفي البترون وبعد فرز نصف الاقلام تقدم النائب جبران باسيل ومرشح القوات غياث يزبك يليهما مجد حرب.
اما في زحلة فتقدم “التيار الوطني الحر” تليه “القوات” فلائحة ميشال ضاهر ثم لائحة الكتلة الشعبية.
وفي البقاع الغربي راشيا اشتد التنافس في الفرز بين لائحة مراد – الفرزلي والثنائي من جهة ولائحة القرعاوي – ابو فاعور ومن ثم لائحة “سهلنا والجبل”. كما اشارت المعلومات الاولية إلى حصول النائب انطوان حبشي على حاصل انتخابي في البقاع الشمالي بما يمكنه من تحقيق الخرق الوحيد للائحة الثنائي الشيعي والتيارالذي يرجح ان يحصل على المقاعد التسعة الاخرى.
وفي دائرة الشمال الثالثة تقدمت القوات باربعة مقاعد ونال المردة ثلاثة مقاعد ونال تحالف ميشال معوض الكتائب حاصلين والتيار الوطني الحر حاصلا.
واشارت النتائج الاولية في المتن إلى تقدم القوات بحاصلين لملحم الرياشي ورازي الحاج والكتائب بحاصلين لسامي الجميل والياس حنكش ومن ثم التيار الوطني الحر بحاصلين لابرهيم كنعان والياس ابو صعب فتحالف المر الطاشناق لميشال الياس المر وهاغوب بقرادونيان.
وفي بيروت الاولى اشارت النتائج الاولية إلى نيل القوات ثلاثة حواصل والتيار الوطني الحر حاصلين وتحالف الكتائب طالوزيان حاصلين وبولا يعقوبيان حاصل واحد.
واعلنت حركة “امل” ليلا فوز جميع مرشحيها الـ 17 في سائر المناطق.
وتحدثت ماكينة “القوات” في ساعة متقدمة عن حصدها نحو عشرين حاصل مع حلفائها.