“وداع حكومي” مشحون بتمريرات اللحظة الأخيرة والجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء عشية تحول الحكومة الى حكومة تصريف اعمال، ووداع مثقل بالتناقضات بين إقرار “خطة للتعافي” تثير الشبهة المتزايدة حول التضحية بالودائع المصرفية، فيما شدد رئيس الحكومة #نجيب ميقاتي اثر الجلسة على ضمان الودائع لصغار المودعين وكبار المودعين ، يضاف الى ذلك فضيحة جديدة كشفها رئيس الحكومة نفسه في ملف الكهرباء … هذا الوداع بصوره المتناقضة كان اللبنانيون على موعد معه امس وسط استمرار التداعيات والاصداء الداخلية والدولية حول الانتخابات وكان ابرزها لمجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان .
وفيما تتهيأ الأوساط السياسية والنيابية لاستحقاق انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه، نفى رئيس المجلس الحالي نبيه بري ما تردد عن عزمه العزوف عن الترشح لرئاسة المجلس ورد على سؤال “النهار” بقوله ” دا بُعدهم”، واضعاً ذلك في اطار التمنيات لدى المعترضين على التجديد له.
اما عما تردد عن مقايضة بين حركة “امل” و”التيار الوطني الحر” تقضي بانتخاب نواب التيار لبري مقابل تصويت نواب “امل” للنائب الياس بو صعب، فأجاب “ان لا تسويات في هذا الشأن، ولم يتم التفاهم على شيء حتى الآن”، مذكرًا بوجود مرشحين الى جانب بو صعب هما النائبان غسان حاصباني وملحم خلف.
وجدد بري التحذير من “ان البلاد امام خيارين، اما الارتقاء عن الانقسام ما بين اكثريات واقليات والتوافق على اعطاء الاولوية لمواجهة الاستحقاقات الكبرى الداهمة ولا سيما في الشأن الاقتصادي والاجتماعي واما الاستعداد لمستقبل مشؤوم”.
اما جلسة مجلس الوزراء فبلغ جدول اعمالها رقما قياسيا من البنود بدا كأنه اختصار نهائي لكل ما خلفته الحكومة من مشاريع عالقة ارادت تمريرها دفعة واحدة في الساعات الأخيرة من صلاحياتها الدستورية الكاملة قبل ان تغدو حكومة مستقيلة . والتأم مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء . وعطلت الحكومة لغم البند المتعلق بالدولار الجمركي بعدما سحبه وزير المال في مجلس الوزراء تجنبا لتفاقم التداعيات الشعبية في حال اقراره مع قرارت أخرى مثل رفع أسعار التخابر وتعديل تعرفة الاتصالات بزيادات كبيرة .
واقر مجلس الوزراء رصد ٣٥ مليون دولار لأدوية الأمراض المزمنة وأدوية السرطان على أن يؤمن المبلغ مصرف لبنان بالفريش دولار بما يكفي لاربعة اشهر.
واقر مجلس الوزراء خطة التعافي وسط رفض واعتراض وزراء “#حزب الله” وحركة “امل” ، كذلك زيادة تعرفة الاتصالات ابتداءً من أول تموز مقترنة بتشكيل لجنة وزارية لدرس الملاحظات على خطة وزير الاتصالات .
وتتضمن الاستراتيجية المالية في الخطة برنامجا لاستعادة الملاءة المالية كاولوية لتعزيز الثقة بالدولة وتستهدف على المديين المتوسط والطويل وضع الدين على مسار تراجعي من خلال ادخال تعديلات مالية تدريجية تصحبها إصلاحات دائمة واستراتيجية لاعادة هيكلة الديون . كما تتضمن الخطة استراتيجية للنهوض بالقطاع المالي .
ميقاتي
وبعد انتهاء الجلسة، وجه ميقاتي رسالة من السرايا موضحا ان رئيس الجمهورية طلب من مجلس الوزراء الحالي الاستمرار بعمله ريثما تتشكل حكومة جديدة شاكرًا إياه على “التعاون طيلة الفترة الماضية”. وقال “انتهينا للتو من إتمام الانتخابات النيابية بشفافية وحيادية والتزام وأنجزنا الاستحقاق الانتخابي على مرأى العالم كلّه والشكر لكل الإداريين والموظفين والعسكريين وكل من واكب هذا الاستحقاق”.
وشدد على “الحاجة الى تعاون كل الاطراف لأن التأخير كلفته عالية فلو قمنا بالحل منذ سنتين لكانت التكلفة اقل بكثير”، مشيرًا إلى أن “أي تأخير في خطة التعافي المالي ستكون كلفته عالية على اللبنانيين”. وأضاف ميقاتي: “تفاوضنا مع صندوق النقد الدولي ووقعنا على اتفاق مبدئي ويهمنا ضمان ودائع صغار وكبار المودعين في البنوك والهم الأساسي وقف الانهيار والحفاظ على المعطيات التي تساعد في الإنقاذ ووفق الاتفاق مع صندوق النقد الدولي فإننا نسعى إلى حماية الودائع الصغرى والكبرى والودائع حتى الـ100 ألف دولار ستكون محمية بالكامل وفق الإتفاق ونسعى خلال المفاوضات إلى رفع هذا السقف”. وقال: “لن تكون فرص الإنقاذ متوافرة من دون البنك الدولي وعلى مصرف لبنان وضع المعايير اللازمة لضمان نمو الاقتصاد”.
واضاف “رغم التحديات الكبيرة قبلت تحمّل المسؤولية الوطنية بشجاعة وسأواصل عملي ولكنني لن أقبل بالانتحار لأن هناك من يُبدي مصلحته الشخصية على المصلحة العامة”، لافتًا إلى “أننا نتفهمّ غضبكم ووجعكم ونعمل على تخفيفه وستبدأ مرحلة التعافي التدريجي في أسرع وقت ممكن وعملنا في الحكومة بكل ضمير حي لأننا نتطلع إلى تخفيف معاناة المواطن وعلى عكس ما قيل ما تمّ اتخاذه من خطوات هو لتمرير هذه الفترة”.
ولم تمر الجلسة من دون إشكالات داخلية اذ ان ميقاتي تناول في رسالته ملف الكهرباء وقال: “ملف الكهرباء هو “علة العلل” ونعمل على حل أزمة الكهرباء عبر مسارات عدة ووصلني شخصياً عرضين لتشغيل معملي الزهراني وديرعمار على الغاز وبأسعار ممتازة وتم تكليف مكتب استشاري لدرس العرضين لكن للأسف سحب وزير الطاقة هذا البند يوم أمس عن جدول اعمال الجلسة لمزيد من الدرس”. وأفادت معلومات انه على اثر ذلك تلقى وزير الطاقة وليد فياض اتصالا من مستشار لرئيس الجمهورية فتوجه الى منبر الاعلام في القصر الجمهوري واعلن ان ما قاله ميقاتي عن عرضين لتشغيل معملي الزهراني ودير عمار على الغاز غير صحيح .
مجموعة الدعم الدولية
وفي الاصداء الخارجية للانتخابات النيابية أصدرت امس مجموعة الدعم الدوليّة من أجل لبنان بيانا رحبت فيه بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها “. وأضافت : “لقد كانت مشاركة اللبنانيين في الداخل والخارج في هذه الانتخابات أمرا مشجعا باعتبارها مثلت فرصة ليس فقط كي تسمع أصواتهم بل أيضا لصياغة تطلعاتهم المستحقة. تتطلع مجموعة الدعم الدولية إلى تدشين عمل البرلمان الجديد وتحثه على الاستفادة من طاقة الأمل التي بثها اللبنانيون من خلال صناديق الاقتراع. لقد حان الوقت للمضي قدمًا بجرأة على صعيد اقرار التشريعات اللازمة لتأمين الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز الحوكمة، وتنفيذ الإصلاحات التي يحتاجها لبنان وشعبه بشكل عاجل للوقوف على قدميه مجددا. وتدعو مجموعة الدعم الدولية جميع الأطراف المعنية إلى التحرك سريعا لتشكيل حكومة يمكنها تنفيذ الإصلاحات الحيوية التي طال انتظارها، ومواصلة العمل مع صندوق النقد الدولي، بما في ذلك من خلال تنفيذ الإجراءات المسبقة التي التزم بها لبنان في الاتفاق المبرم على مستوى الموظفين في 7 نيسان، وذلك من أجل إرساء أسس متينة للتعافي الاجتماعي والاقتصادي المستدام للبنان.” . وأكدت “تطلعها إلى العمل مع الحكومة الجديدة فيما تتابع التزاماتها الدولية، بما في ذلك بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1701 (2006) والقرارات الأخرى ذات الصلة، وتعيد تأكيد دعمها لسيادة لبنان واستقراره واستقلاله السياسي. وتطلعا للمستقبل، فمن المهم الالتزام بالمهل الدستورية المتعلقة بالاستحقاقات الانتخابية المقبلة خلال العام الجاري. وتؤكد استمرارها بالوقوف إلى جانب لبنان وشعبه”.
واشنطن
كذلك رحبت وزارة الخارجية الأميركية بإجراء الانتخابات النيابية في لبنان “في موعدها وبدون حوادث أمنية كبيرة”. وأضافت في بيان ” نهنئ الشعب اللبناني على مشاركته رغم الظروف الصعبة. كما ندرك الدور المهم الذي لعبه الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في دعم العملية والحفاظ على الأمن. نشارك المخاوف التي أثارها شركاؤنا في المجتمع الدولي بشأن مزاعم شراء الأصوات والمحسوبية وتقارير الترهيب. بينما يتطلع لبنان إلى الأمام ، نحث المنتخبين والقادة السياسيين في البلاد على الاستجابة لدعوة الشعب اللبناني إلى التغيير والعمل بجدية وعاجلة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذ الاقتصاد. كما نحث على التشكيل السريع لحكومة قادرة وملتزمة بالاضطلاع بالعمل الجاد المطلوب لاستعادة ثقة الشعب اللبناني والمجتمع الدولي”.
نصرالله مجددا
في المواقف الداخلية تحدث الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مجددا هذا الأسبوع في ذكرى مصطفى بدر الدين فاعتبر أنه “يجب ان نسعى الى الدولة التي تكون سلطتها وطنية مخلصة صادقة شجاعة تقدم المصالح الوطنية على كل المصالح الأخرى، ونحن نؤيد عمل المؤسسات الأمنية في توقيف العملاء ونساندهم ونشد على أيديهم، لانه يظهر أن الاسرائيلي بات محتاجا الى عدد كبير من العملاء وبدأ يجند بطريقة غير متقنة وغير احترافية، ومطلوب من القضاء العسكري أخذ الأمور بجدية في ملف العملاء وأخذ قرارات حاسمة لأن بعض القرارات ليست بمستوى الخطر الذي يشكله هؤلاء العملاء وصادمة للشعب اللبنانية”. وشدد على ان “التحدي الداهم هو الأزمة الاقتصادية والمعيشية وأزمة الخبز والدواء والكهرباء، وليس سلاح المقاومة”. وقال: “نؤكد الانفتاح شرقًا وغربًا وعدم الخضوع لرضى وغضب أميركا وعلينا ترتيب إعادة العلاقات مع سوريا بسرعة وأكثر بلد يستفيد من ذلك هو لبنان واستخراج النفظ هو باب الأمل الأساسي للخروج من أزمتنا لا التسول وقروض البنك الدولي”.
v