إذا كان الأسبوع الجديد يشكل من اليوم اختباراً هو بمثابة أولوية للمواطنين لجهة رصد التراجعات الإضافية المنتظرة في سعر الدولار وما يستتبعه من تراجعات على جدول أسعارالمحروقات وسائر السلع الأخرى، فان الاستحقاق الذي يجذب اهتمام القوى السياسية قاطبة يتمثل في أولى جلسات مجلس النواب المنتخب غدا الثلثاء المخصصة لانتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة مكتب المجلس. وعشية هذا الاستحقاق الأول عقب الانتخابات النيابية برزت أهميته المضاعفة أولا باعتباره الاستحقاق الذي سيفتتح سلسلة متعاقبة من الاستحقاقات الدستورية البرلمانية والحكومية والرئاسية التي لا تفصل بينها سوى مهل قصيرة، وثانيا لان جلسة الغد ستشكل الترسيم الأول لتوزيع القوى الجديدة والقديمة في المجلس وخصوصا لجهة بلورة الخط البياني بين أكثرية جديدة تضم كتلا ونوابا تغييريين وسياديين في مواجهة اقلية قديمة تضم قوى 8 اذار. ولكن المفارقة اللافتة التي برزت مع انطلاق العد العكسي الأخير لحسم الكتل مواقفها من إعادة انتخاب الرئيس نبيه بري رئيسا للمجلس للمرة السابعة، وبت الاختيارات الحاسمة حول انتخاب نائب للرئيس، تمثلت في ان الأقلية الحالية والأكثرية السابقة أي قوى 8 اذار اتجهت بوضوح في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة نحو ابرام صفقة جديدة بين مكوناتها على رغم التنافر الكبير بين الرئيس بري و”#التيار الوطني الحر”، وهي صفقة يبدو واضحا ان “#حزب الله” عاد ولعب دورا محوريا فيها بحيث يتوقع ان تتظهر في الساعات المقبلة معالمها التفصيلية بحيث يوفر “التيار الوطني الحر” الأكثرية المطلوبة التي تحفظ ماء وجه الميثاقية أيضا لاعادة انتخاب بري ربما في الدورة الثانية ان تعذر ذلك في الأولى، فيما تصوت “كتلة التنمية والتحرير” اسوة بكتلة “حزب الله” ونواب اخرين من مقلب 8 اذار للنائب الياس بو صعب لمنصب نيابة رئاسة المجلس.
معالم هذه الصفقة التي تصاعدت في الساعات الأخيرة وعقب زيارة بو صعب السبت لعين التينة ستشكل واقعا التحدي البارز الأول لكتل ونواب الأكثرية الجديدة سواء كانوا من معسكر السياديين وقوى 14 اذار سابقا او من نواب انتفاضة 17 تشرين بحيث سيتعين عليهم مواجهة كتل الأقلية المتماسكة في صفقتها في مقابل خطر تفكك كتل الأكثرية الجديدة بما يفسح للاقلية ان تحتل منصب رئيس المجلس ونائبه مجددا بما يجوف دلالات التغيير في الانتخابات النيابية من اول الطريق.
وفي معلومات “النهار” ان الصفقة ابرمت بين كتلتي بري و”التيار الوطني الحر” لانتخاب بري رئيسا للمجلس والنائب بو صعب نائبا للرئيس ضمن اتفاق على جملة أمور تصل الى تشكيلة الحكومة الجديدة .
ذلك ان زيارة بو صعب الى عين التينة واجتماعه مع بري رافقتها ايحاءات واضحة حيال الاتجاه الى صفقة في جلسة الغد. ولكن المعلومات الدقيقة اكدت ان اتصالات مفتوحة أجريت ولم تنقطع حتى قبل تبني التيار ترشيح بو صعب، وان باسيل كان على تواصل مع نائب عكار سجيع عطية المرشح بدوره لنيابة رئاسة المجلس وبمواكبة من نائب رئيس الحكومة سابقا عصام فارس، برز على اثرها توجه النواب العونيين الى التصويت لبري، ولا سيما الذين كانوا على لوائح انتخابية مشتركة مع الحركة و “حزب الله ” على ان يقوم الثنائي الشيعي بانتخاب بو صعب.
الكتل المعارضة
في المقابل، تأكد أن الكتل المحسوبة على الأحزاب السيادية والقوى التغييرية لن تذهب باتجاه اختيار أيّ من المرشحَيْن المعلَنين حتى اللحظة الياس بو صعب وسجيع عطية. وسيكون لها قرار مغاير في هذا الإطار، بما يؤكد فرص بروز إسم اخر من السياديين والتغييريين في حال النجاح بالتوصل إلى خيار توافقي بينهم في الساعات المقبلة. وتشير معطيات “النهار” إلى أن اجتماعاً مطوّلاً عقد أمس بين النواب التغييرييين البالغ عددهم 13، للبحث في مقاربة انتخاب نائب رئيس البرلمان وأعضاء هيئة المكتب. وانطلق الاجتماع من فكرة وضع خطة هادفة إلى المشاركة الدينامية في الاستحقاق المرتقب من خلال البحث في بدائل فعّالة. ويريد النواب التغييريون رسم عنوان معركتهم النيابية على امتداد السنوات المقبلة ولن يختاروا إسماً لنيابة الرئاسة إلا مع التأكد من وصوله. ويتأكد وفق المعلومات أنّ أصواتهم ستشكل حالة اعتراضية مقابلة على وصول عطية أو بو صعب. ومن جهته، يسعى حزب “القوات اللبنانية” للتوصل إلى مقاربة متكاملة تجمع النواب السياديين والتغييريين باعتبارها مسؤولية مهمّة لناحية التعامل مع الاستحقاقات الدستورية. وتتريث “القوات” في طرح أسماء أو دعمها، بانتظار بلورة جهوزية التعاون والتناغم والانفتاح بين القوى التي تتواصل معها وتواكب استحقاق الثلثاء من خلال عمل تشاوريّ دؤوب . وبدا لافتا في هذا السياق موقف عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص الذي قال امس: “منذ صباح اليوم التالي للانتخابات وحتى اليوم، ثبت ان المشهد كالاتي:
١- اقلية متراصة (حزب الله، امل، التيار) يقودها الحزب، على الرغم من الضوضاء التي يحدثها التيار للايحاء بعكس ذلك.
٢- مقابل أكثرية غير متراصة، وان كان من المبكر الحديث عن تفككها. إذا بقي المشهد كذلك، قد تحكم الاقلية، بفعل توحدها، اكثرية المجلس بفعل تبعثرها. بعد حقبة الديموقراطية التوافقية مع ما رافقها من اشكاليات، قد ندخل في حقبة جديدة هي “الديموقراطية المقلوبة” لا زلنا نبتدع أساليب جديدة في الحكم، والنتيجة واحدة: لا دولة ولا مؤسسات. على أمل التصحيح والصحوة”.
وتؤكّد المعلومات أنّ كتلة “اللقاء الديموقراطي” التي يرجح ان تصوت لبري لن تصوّت في استحقاق نيابة رئاسة المجلس لأيّ من بو صعب أو عطية، وفق تأكيد مصادرها لـ”النهار”، انطلاقاً من أن الخيار السياسي للحزب التقدمي الاشتراكي في مكان مختلف تماماً وتلتمس محاولة للسير بتسوية على صعيد إسم النائب بو صعب، لكن كتلة “اللقاء الديموقراطي” لن تؤيّدها.
وقد برز عامل جديد مساء امس من شأنه ان يؤدي الى توسيع الخيارات البديلة القائمة في معركة انتخاب نائب رئيس المجلس اذ اعلن النائب الدكتور غسان سكاف ترشحه لمنصب نائب رئيس المجلس مقترنا ببرنامج “مبادئ” لهذا الترشح من ابرزها “التصدي السريع لمسلسل الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي من داخل المؤسسات الرسمية، احترام إرادة التغيير التي عبر عنها اللبنانيون في الانتخابات الأخيرة ، تطبيق النظام الداخلي للمجلس النيابي حرفيا والتعهد بعدم إقفال المجلس تحت أي ظرف كان وإعتماد التصويت الالكتروني ، تثبيت مرجعية الدولة اللبنانية ممثلة بمؤسساتها الدستورية وأجهزتها الأمنية لاسيما في كل ما يتعلق بشؤون السياسة الدفاعية اللبنانية”.
مرسوم تجنيس!
وسط هذه الأجواء وفي انتظار انعكاسات الاستحقاق البرلماني غدا على تحريك الملف الحكومي، اثارت تقارير صحافية عن الاعداد الدؤوب لاصدار مرسوم تجنيس يشمل سوريين مقتدرين مع نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، بدايات ردود فعل ينتظر ان تكبر تباعا حيال ما يمكن ان يشكل فضيحة كبيرة خصوصا ان الجهات الرسمية المعنية بهذا الملف لم تنف هذا الاتجاه رسميا بما رسم علامات الشكوك حول موقف هذه الجهات. وفي هذا السياق اعلن عضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب وائل أبو فاعور انه بحسب معلوماته ” فان ثمة حديثا عن حوالي 3 آلاف شخص (يشملهم المرسوم) وعن مبالغ مالية هائلة لاناس لا يستوفون شروط الجنسية اللبنانية، وبهدف سياسي واهداف طائفية”.