فيما يعتبر اليوم بداية العد العكسي لتحديد جميع الكتل النيابية والنواب المستقلين خياراتهم من شخص الرئيس الذي سيكلف #تشكيل الحكومة في الاستشارات النيابية الملزمة التي ستجرى الخميس المقبل في قصر بعبدا، تبرز مفارقة لافتة تطبع المشهد النيابي والسياسي من خلال طغيان الارتباك على معظم الاتجاهات في انتظار ما ستحمله الأيام الطالعة من حركة ماراتونية ناشطة لحصر المرشحين لرئاسة الحكومة العتيدة. ولعل ابرز المعالم التي عكست غموض الاتجاهات النيابية والسياسية حيال خميس الاستشارات تمثلت في ان أي “محور” او تحالف لم يتوصل بعد الى حسم خيارته حتى فريق 8 اذار الذي قيل ان موقفه موحد من إعادة تكليف رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لم يحسم خياره بعد فيما سائر التكتلات لم تطرح بعد أي مرشح محدد. وعلى صعوبة رسم السيناريوات في يوم الاستشارات وسط هذا الغموض الثقيل، فان المعطيات التي برزت في اليومين الأخيرين استبعدت ان يغدو السباق الى السرايا محصورا بالرئيس ميقاتي وبمرشح اخر للقوى المعارضة والتغييرية نظرا الى الصعوبة التي تكشفت مجددا في تحقيق توافق عريض بين القوى المعارضة وبين النواب التغييريين بما يستتبع توقع طرح اكثر من مرشحين في الاستشارات.
وأفادت معلومات ان تعديلات ستطرأ على جدول مواعيد بعض النواب إلى قصر بعبدا، باعتبار أن النواب التغييريين البالغ عددهم 13 نائباً سيحضرون معاً. وتشير معلومات “النهار” إلى أن تحضيرات اللواء أشرف ريفي مستمرة للوصول إلى بلورة الكتلة النيابية التي ستضمّه والنائب فؤاد المخزومي مع عدد من النواب. وإذا تشكّلت الكتلة قبل الاستشارات سيحضر أعضاؤها معاً إلى بعبدا. ويشاركون فردياً إذا لم تشكل الكتلة قبل الخميس.
وفيما تركز القوى السيادية على العنوان الأساسي في أهمية الوصول إلى مقاربة موحّدة في الاستشارات النيابية الملزمة مع التركيز على مواصفات مناسبة يتحلّى بها أي مرشح لسدّة الرئاسة الثالثة من المتوقع ان تنشط بين اليوم والخميس المشاورات بين هذه القوى سعياً الى منع تجدد ما حصل في انتخابات رئاسة مجلس النواب ونيابة الرئاسة وهيئة المكتب حيث سجلت قوى 8 اذار مكسبا بدا بمثابة صدمة ونكسة لقوى الأكثرية الجديدة في المجلس من اول الطريق الامر الذي يفترض مواجهته بخطوة مختلفة تماما في الاستحقاق الحكومي.
وتعقد الكتل النيابية اجتماعات متعاقبة في الأيام الثلاثة المقبلة لتحديد مواقفها ومن بينها كتلة “اللقاء الديموقراطي” التي تجتمع الثلثاء المقبل فيما تجتمع كتلة “الجمهورية القوية” الأربعاء للتشاور في استحقاق التكليف. وينتظر أن تصل كتلة “اللقاء الديموقراطي” إلى مؤشرات واضحة حيال الإسم الذي ستختاره بدءاً من الثلثاء علما ان الحزب التقدمي لم يتخذ قراراً بموضوع التسمية حتى اللحظة ويركز مشاوراته بشكل رئيسي مع حزب “#القوات اللبنانية”.
اما النواب التغييريون الـ 13 فيعملون على حصر الخيار ببعض الشخصيات، بعدما درسوا مجموعة كبيرة من الأسماء وانتقوا بعضاً منها. وتأكّد أنهم لن يرشّحوا إسماً من بينهم كنواب تغييريين باعتبار أنهم يؤيّدون مبدأ فصل السلطات. وعُلم أن الإسم الأكثر تقدّماً في المؤشرات المطروحة في مداولاتهم حتى الآن هو القاضي نواف سلام، مع إضافة ملاحظة بأن بورصة الأسماء قد تشهد متغيرات ارتفاعاً أو انخفاضاً حتى الخميس المقبل. وكانت حصلت أحاديث جانبية اتسمت بطابع شخصي، وضمّت عدداً من النواب التغييريين مع زملاء لهم في كتل نيابية سيادية خلال لقاءاتهم البرلمانية. وقد لاقت هذه المداولات انطباعات مشجّعة من أكثر من نائب في كتل عدة لناحية ترشيح نواف سلام.
“#حزب الله” والمواصفات
واطلق “حزب الله” امس مجموعة مواقف من مواصفات الحكومة الجديدة فاعلن على لسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم “ان تشكيل الحكومة هو المسعى الأساسي والملح في هذا الوقت لان مرور الوقت اكثر دون تشكيل الحكومة سيؤدي الى مزيد من الانهيار”، داعياً الى “تشكيل الحكومة في اسرع وقت” متمنيا “عدم العمل لتشكيل حكومة تصفية حسابات بل ان تكون الحكومة حكومة وطنية تجمع ابناء البلد المتخلفين وليس المتفقين فقط لأننا تحت سقف واحد وفي بلد واحد وأما ان نعمل معا لننقذ بلدنا، وأما ان نتناحر على الحصص والمكتسبات وتصفية الحسابات وهذا يزيد من إنهيار البلد” . ولفت الى “اننا على الاقل امام اشهر اربعة حتى انتهاء ولاية رئيس الجمهورية نستطيع خلالها انجاز خطة التعافي وإنجاز بعض القوانين في المجلس النيابي وبداية توقيع الاتفاق التفضيلي مع صندوق النقد الدولي وحسم بعض الملفات المتعلقة بالشؤون الاجتماعية، وبوضع خطة الكهرباء على سكة الحل وحتى لو كانت بداية لحلول افضل من بكثير من ان نبقى بلا حكومة ونبقى في المجهول”.
وبدوره اوضح النائب حسن فضل الله ان القرار النهائي الذي سيتخذه “حزب الله” يعلن في موعده الخميس المقبل. وقال “نحن مع أن يكون هناك أوسع تفاهم بين الكتل النيابية على الحكومة المقبلة، إذ من الصعب أن تنجح أي حكومة أحادية ومن طرف واحد أو حكومة أكثرية بمعزل مع من هي الأكثرية”.
وكان “التيار الوطني الحر” نفى تكرارا اتهامه بمحاولة فرض شروطٍ وزارية على الرئيس نجيب ميقاتي . واصدر بيانا قال فيه “كثر في الأيام الأخيرة الكلام الكاذب عن مطالب وشروط تُنسب زوراً الى التيار الوطني الحر في الملف الحكومي. ان التيار الوطني الحر، الذي يريد سريعاً تأليف حكومة تكون على مستوى المرحلة، يؤكد أنه لا يتواصل إطلاقا” مع أي فريق أو جهة في شأن المشاركة في الحكومة من عدمها، ولا حديث بتاتًا مع اي طرف، ولا حتى داخل التيار بعد، بشأن مطالب او شروط للتيار او لرئيسه من اجل المشاركة في اي حكومة”.
“نبرة” #الراعي
وفي غضون ذلك برز تصعيد النبرة مجددا في مواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي سواء من الاستحقاق الحكومي او من الاستحقاق الرئاسي . وطالب امس “بتشكيل حكومة جامعة بأسرع ما يمكن” مناشدا “جميع القوى السياسية المؤمنة بكيانِ لبنان الحر والسيد والمستقل والقوي والصامد، أن تحيد صراعاتها ومصالحها وتوفر الاستقرار السياسي ليس فقط من أجل تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بل أيضا لدرء أيِ خطر إقليميٍ عن لبنان. وفوق ذلك، إن اكتمال السلطة الشرعية شرط أساسي لإكمالِ المفاوضات مع المجتمعِ الدولي وصندوق النقد الدولي، ولاستكمال المحادثات بشأن الحدود البحرية الجنوبية “. واعتبر ان “المصلحة العامة تقتضي أن تكون الحكومة المقبلة ذات صفة تمثيلية وطنية محررة من الشروط الخارجة عن الدستور والميثاقِ والأعراف. فلا يكون فيها حقائب وراثية، ولا حقائب ملك طائفة، ولا حقائب ملك مذهب، ولا حقائب ملك أحزاب، ولا حقائب رقابية على حقائب أخرى. نريد حكومة تتساوى فيها المكونات اللبنانية في تحمل جميع المسووليات الوزارية. ونريد حكومة شجاعة في التصدي لكل ما هو غير شرعي”. وكان اعلن في قداس اختتام اعمال سينودس اساقفة الكنيسة المارونية، في بكركي انه “لا يمكن إبقاء البلاد بدون حكومة وبدون رئيس للجمهورية. وحان الوقت لنحسم أمام العالم ما إذا كنا جديرين بهذا الوطن وبتكوينه التعددي. إن أداء الجماعة السياسية يثير اشمئزاز الشعب والعالم، إذ يعطي الدليل يوميا على فقدان المسؤولية والاستهتار بألآم الشعب ومصير لبنان.”