لم يكد يمر اسبوعان على تكليف رئيس حكومة تصريف الاعمال #نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة، حتى بدأت البلاد تنكشف مجدداً امام معالم استعصاء لاتمام هذه المهمة، بما باتت معه معظم القوى السياسية تردد بلا قفازات ان الاحتمال الأكثر ترجيحا وسط ازمة التاليف التي صارت امراً واقعاً ثابتاً هو عدم تشكيل حكومة جديدة، والاستعداد لكل الاحتمالات التي يرتبها بقاء حكومة تصريف الاعمال حتى نهاية العهد وانتخاب رئيس جديد للجمهورية. ولم يكن ادل على تعامل القوى السياسية مع ازمة التأليف على انها طويلة الأمد من الاستغراب الواسع لدى الأوساط السياسية لما تردد في الساعات الأخيرة حول “تطور” ناشئ في معطيات هذه الازمة تمثل في معلومات عن تولي احد الوزراء في حكومة تصريف الاعمال نقل الرسائل بين بعبدا والسرايا ! فاذا كان الرئيسان صارا في حاجة الى موفدين بينهما، فان الامر ينذر بأزمة اكبر، علما ان التلميحات لم تتوقف الى امكان قيام الوزراء المحسوبين على العهد و”التيار الوطني الحر” بالاستقالة “الفعلية” من الحكومة المستقيلة بعد عطلة عيد الأضحى عبر التوقف عمليا عن ممارسة تصريف الاعمال. التطور السلبي الذي اشاعه بدء التواصل بين بعبدا والسرايا بالموفدين وليس بلقاءات مباشرة، بدا بمثابة مؤشر واضح الى ان ثمة قطيعة حصلت في الأيام السابقة، وحالت دون لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي على رغم اعلان الأخير في مطلع الأسبوع انه سيزور بعبدا لعقد اللقاء الثالث مع الرئيس عون حول التشكيلة التي قدمها. ولكن اللقاء لم يعقد وسافر ميقاتي الى الخارج لتمضية عطلة عيد الأضحى ولم تظهر أي معالم حلحلة في الانسداد.
وتحدثت معلومات إعلامية امس عن ان وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار التقى الرئيس عون موفدا من الرئيس ميقاتي وحاملا رسالة مرتبطة بالملف الحكومي .
ولم تغب معالم ازمة التاليف في ظل التوتر الحاد الذي يطبع علاقة الرئيسين عون وميقاتي عن مواقف كل منهما في مناسبة حلول عيد الأضحى. فقد غرّد رئيس الجمهورية ميشال عون عبر “تويتر” كاتبا “في عيد الأضحى المبارك نستخلص العبر من معاني التضحية وسموها، فحبذا لو يضحي البعض بمصالحهم وانانياتهم من اجل مصلحة وطنهم وهناء شعبه. كل عيد ولبنان واللبنانيين بخير”.
وفي المقابل، أًصدر الرئيس المكلف الذي ذكر انه غادر الى السعودية لاداء مناسك العمرة بيانا حمل تشديدا على ضرورة التأليف ودفاعا عن حكومة تصريف الاعمال وتحدث عن “مرحلة هي الاصعب، مما يقتضي منا جميعا مواجهتها بتضامن وطني وجهد دؤوب لوقف الانهيار والحفاظ قدر الامكان على تماسك المؤسسات والادارات وانتاجيتها، بالتوازي مع الجهد المكثف حكوميا لوضع البلد على سكة التعافي الاقتصادي والمالي والاجتماعي”. ولفت الى “إن الوقت الداهم والاستحقاقات المقبلة يتطلبان منا الاسراع في الخطوات الاستباقية ومن أبرزها تشكيل حكومة جديدة، تواكب الاشهر الاخيرة من عهد فخامة الرئيس ميشال عون وانتخاب رئيس جديد للبنان. ومن هذا المنطلق أعددت تشكيلة حكومية جديدة وقدّمتها الى فخامة الرئيس ميشال عون، الاسبوع الفائت، وتشاورت معه في مضمونها حيث قدّم فخامته بعض الملاحظات، على أمل أن نستكمل البحث في الملف ، وفق أسس التعاون والاحترام التي سادت بيننا طوال الفترة الماضية(…) واعتبر ان “حكومتنا تتعرض لحملة جائرة ومنظمة بهدف وقف الخطوات الاساسية التي نقوم بها لحماية حقوق المودعين والحفاظ على القطاع المصرفي الذي يشكل ركيزة أساسية من دعائم الاقتصاد اللبناني. إن كل هذه الحملات لن تغير في الواقع المعروف شيئا ، فليست حكومتنا هي التي تسببت بحجز اموال المودعين وأوصلت القطاع المصرفي الى ما وصل اليه، بل على العكس من ذلك فهي تعطي الاولوية لحماية حقوق المودعين والتوصل الى حل واضح وعلمي لاعادتها الى اصحابها بعيدا عن المزايدات الشعبية المقيتة. كما أن الحملة الجائرة التي يتعرض لها نائب رئيس الحكومة الدكتور سعادة الشامي، والتشويه المتعمد لعمله وللخطوات التي تقترحها الحكومة، لن تردعه عن المضي في العمل المهني والدؤوب الذي يقوم به على صعيد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للتوافق على ما هو الافضل لحفظ حقوق المودعين وعدم ضرب القطاع المصرفي في الوقت ذاته”.
تبليغ البيطار !!
وسط هذه الأجواء ومع اقتراب موعد احياء الذكرى السنوية الثانية لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب المقبل، عاد الى الواجهة الوضع المجمد والمستهدف للمحقق العدلي في جريمة إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار الذي حضر امس الى مكتبه في قصر العدل في بيروت، وتبلغ مضمون عدد من دعاوى الرد ونقل الملف من عهدته المقدمة من مدعى عليهم وموقوفين في القضية. يذكر أنها المرة الأولى التي يحضر فيها بيطار الى مكتبه منذ 23 كانون الأول 2021 اثر تبلغه دعوى رده المقدمة من النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل.
وعلمت “النهار” ان القاضي بيطار كان تبلغ قبل يومين طلبا جديدا لرده تقدم به المدير العام السابق للجمارك الموقوف بدري ضاهر. وقد أحيل هذا الطلب الى رئيسة غرفة في محكمة التمييز القاضية سهير الحركة، ويجري تبليغ جميع الفرقاء في الملف من نيابة عامة تمييزية ومحقق عدلي ومدعين ومدعى عليهم والتبليغات جارية للمعنيين. وكان القاضي بيطار تبلغ قبل أشهر طلب رده المقدم من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر. ولم تستكمل التبليغات حتى البارحة نظرا الى عددها. وامس تبلغ القاضي بيطار في مكتبه في قصر العدل الطلب الجديد المقدم من الموقوف بري ضاهر. وتتركز الانظار على القرار الذي ستصدره القاضية الحركة في شأن طلب ضاهر ما دامت التشكيلات القضائية الجزئية لم توقع من وزير المال يوسف خليل للإفراج عن الهيئة العامة لمحكمة التمييزوتاليا البت بالطلبين المقدمين من خليل وزعيتر لرد القاضي بيطار.
ويشار الى ان القاضي ناجي عيد الناظر في طلب رد المحقق بيطار سبق له ان رفض طلبا مماثلا. وتعتقد مصادر قضائية ان طلب الرد المقدم سيبت بعد فترة من الذكرى الثانية لإنفجار المرفأ نظرا الى الوقت الذي تتطلبه تبليغات الفرقاء وإبداء الملاحظات على الطلب. ويعني قبول طلب ضاهر استبدال القاضي بيطار بقاض جديد بما يحتاج الى قرار من وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى على البديل. وإذذاك لا تستبعد أوساط في قصر العدل ان يعلن المحقق العدلي الجديد عدم صلاحية القضاء العدلي بملاحقة السياسيين وإعتباره المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو المرجع الصالح لملاحقتهم.
ازمة الخبز
في سياق حياتي ومعيشي وفيما تتفاقم في لبنان ازمة الخبز والطحين منذ فترة تسلّم وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام كتاباً من البنك الدولي يُعلمه بأنّ بعثة رفيعة المستوى من البنك ستزور بيروت في الفترة ما بين 18 تموز و26 تموز، تهدف إلى توفير الدعم الفنّي لتفعيل مشروع الاستجابة الطارئة لإمدادات القمح على وجه التحديد. وستتابع مسار التصديق البرلماني على المشروع، وتقدّم الدعم لوزارتَي الاقتصاد والمال لإنهاء المتطلبات الضرورية لفعالية المشروع، بما في ذلك خطة المشتريات ودليل العمليات والاتفاقيات الإدارية.
وشدّد سلام على “ثقة لبنان بأنّ هذا المشروع الطارئ الذي نعمل جاهدين لتطويره ونجاحه سيؤمن الاستقرار في استيراد مادة القمح وخاصة أنّ دول الشرق الأوسط، ولبنان في طليعتها، في خطر محدق بشأن تأمين القمح في الأشهر المقبلة نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية وسيؤمّن شبكة أمان غذائي متمثلة بالخبز للمواطنين ضمن برنامج يرشّد وينظّم الدعم لحماية المستهلك ويحافظ على سعر مدعوم للخبز في ظلّ الظروف الاقتصادية القاهرة والقدرة الشرائية المتدنية”.