Site icon IMLebanon

النهار: لبنان ينزلق بقوّة نحو إخطار “الفراغين”!

 

اذا كانت الذكرى ال16 لحرب تموز تزامنت هذه السنة مع تقدم ملف الترسيم الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل الى الواجهة وكذلك مع بداية جولة بارزة للرئيس الأميركي جو بايدن في المنطقة بدءا اليوم بإسرائيل مصطحبا معه الوسيط الأميركي في ملف الترسيم اموس هوكشتاين ، فان لبنان الرسمي والسياسي بدا في “كوما” وغيبوبة سواء عن هذا التطور او عن التطورات الأشد خطورة وسخونة المتصلة باستحقاقيه الحكومي والرئاسي . فعند اعتاب شهر ونصف الشهر تقريبا من بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بدا لبنان في أسوأ ما يمكن تصوره من واقع داخلي يحمل شتى أنواع المحاذير والاحتمالات السلبية المرجحة تماما على الاحتمالات الإيجابية . يكفي للدلالة على القتامة التصاعدية التي يغرق فيها البلد ان لبنان يتدحرج وينزلق نحو اخطار جدية بعدم الإيفاء باستحقاق تشكيل الحكومة الجديدة راهنا ومن ثم لاحقا الاستعدادات لالتزام انتخاب رئيس للجمهورية يقطع الطريق على ما عاد يتصاعد همسا وتسويقا وتسريبا من سيناريوات عبثية حول الفراغ الرئاسي “والفتاوى” والاجتهادات التي قد تلهب الرؤوس المغامرة . مرت اربعة أيام من عطلة عيد الأضحى وسط شلل تام كلي عزز كل الانطباعات المتجمعة عن احتدام الصراع حول تشكيل الحكومة الجديدة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي تحت انظار اللاعبين المحليين “المتفرجين” كأن هناك تسليما تاما بان تشكيل حكومة جديدة قد سقط وتجاوزه التوتر الحاد الذي صار يطبع علاقة عون وميقاتي فيما ساءت كذلك علاقة ميقاتي ب “حزب الله” بسبب موقف الأخير العلني في بيان السرايا الشهير من اطلاق الحزب مسيرات نحو حقل كاريش . وتفيد المعطيات بان شللا تاما ساد كل “المحاور” السياسية في شان ملف الحكومة الجديدة الامر الذي رسم علامات الريبة التامة حول ما اذا كان المناخ الداخلي سيسمح بعد بمحاولات متجددة لتشكيل حكومة جديدة ام ان هناك تعمدا من جهة نافذة معروفة لتعطيل كل محاولة أخرى لان حسابات الاستحقاق الرئاسي عادت تعصف باحلام الاجتهادات التي يرتبها احتمال الفراغ الرئاسي مثل بقاء الرئيس الحالي في بعبدا بعد انتهاء ولايته ؟

 

واذا كان بعض الأوساط يرصد الأيام القليلة المقبلة لاستكشاف ما اذا كان لا يزال هناك احتمال لتجنب البقاء على واقع حكومة تصريف اعمال وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات الدستورية لمواجهة الأشهر الحرجة الاتية فان الوقائع الأولية المتوافرة حول الاستحقاق الرئاسي توحي بتوازن سلبي اذا صح التعبير بين احتمالات الفراغ الرئاسي وإمكان انتخاب رئيس جديد قبل نهاية ولاية الرئيس الحالي . يعزز هذا الانطباع السوداوي ان الواقع السياسي الداخلي ذاهب نحو مزيد من الانقسام والتشرذم بين الكتل النيابية والقوى السياسية فيما الرهان على تدخل خارجي “حميد” لاحلال توافق حول مرشح تغييري يبدو في اضعف مستوياته لان الواقع الخارجي مربك باولويات لا يحتل لبنان من بينها أي درجة متقدمة .

 

 

بعد “القطيعة”

وفيما تنطلق عجلة النشاط الرسمي اليوم بعد عطلة الأضحى يفترض ان تتحرك في الساعات المقبلة محاولات احياء الاتصالات المشلولة منذ أيام سعيا الى استكمال البحث في التشكيلة الحكومية خصوصا مع عودة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من الخارج حيث يتوقع بطبيعة الحال ان يزور قصر بعبدا لاستكمال مشاوراته مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، هذا اذا ما تم تحديد موعد له من قِبل القصر، علما ان اي لقاء مرتقب بين الرجلين، من المستبعد ان يؤدي الى اي خرق ايجابي في جدار التشكيل في ظل القطيعة التي طبعت علاقاتهما منذ الأسبوع الماضي .

 

وقد تداولت أوساط إعلامية امس ان مصادر مقرّبة من الرئيس ميقاتي أشارت الى ان حكومة تصريف الاعمال مهماتها واضحة قبل او بعد انتهاء العهد وسيكون هناك تصعيد في المرحلة المقبلة اذا تم التمهيد الى امكان بقاء عون في قصر بعبدا بعد انتهاء عهده . وأكدت المصادر المقربة من الرئيس ميقاتي كما نقل عنها ان الرئيس المكلف كان طلب الأسبوع الماضي موعداً للقاء الرئيس عون وكان الجواب “دقيقتين ومنرد خبر” ولكن حتى اللحظة لا يوجد رد على هذا الطلب .

 

 

بري: ضربات التعطيل

وفيما يبدو ان الوسط السياسي برمته بدأ يوجه اهتماماته وانظاره وحساباته نحو الاستحقاق الرئاسي لعل رئيس مجلس النواب نبيه بري امس في بيان أصدره لمناسبة ذكرى 12 تموز، “الى الإقلاع عن أي محاوله لإسقاط لبنان من داخله بضربات التعطيل وإغراق مؤسساته في الفراغ والكف عن الإمعان في العبث السياسي والدستوري والتضحية بالوطن على مذبح الاحقاد الشخصية والأنانية، فهي أفعال وسياسات من حيث يدري أو لا يدري مرتكبوها ترقى الى مستوى الجريمة لا بل الخيانة بحق لبنان واللبنانيين”. وقال “كما كان اللبنانيون في مثل هذا اليوم من تموز عام 2006 أمام اختبار في إنتمائهم الوطني والقومي الأصيلين هم اليوم أمام ما يحدق بوطنهم من مخاطر وتحديات أمام إمتحان جديد مدعوون فيه لإستحضار كل العناوين التي مكنتهم من الإنتصار في تموز عام 2006 وفي مقدمها الوحدة والحوار”.

 

ومن المقرر ان يلقي الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله كلمة مساء اليوم يتطرق فيها الى قضايا الساعة من ملف تشكيل الحكومة الجديدة الى الترسيم البحري الجنوبي، وسط اجواء تفيد بأن الحزب منزعج من البيان الذي أصدره ميقاتي ووزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب في هذا الشأن الاسبوع الماضي.

 

 

إضراب الموظفين

وسط هذه الاجواء، تفاقمت في عطلة الأضحى الازمات المعيشية على أنواعها اذ يرزح اللبنانيون بلا كهرباء ولا مياه ولا خبز وسط تصاعد الغلاء في اسعار كل السلع. كذلك تفاقمت ازمة الاضراب الذي تنفذه منذ اسابيع جميع روابط القطاع العام التي تداعت الى عقد اجتماع بعد ظهر اليوم “للخروج بخطة تصعيدية صارمة تجاه الوضع الذي وصلت اليه المعاشات والرواتب واللامبالاة التي يظهرها المسؤولون حيال تصحيحها، كذلك محاولة استرضاء القضاة بتحويل رواتبهم على أساس دولار يساوي ٨٠٠٠ ل.ل. دون سواهم من مكونات القطاع العام” كما ورد في بيان الروابط”.

 

كما اجتمع امس رؤساء الوحدات في مديرية المالية العامة (مديرية الواردات والضريبة على القيمة المضافة٬ مديرية الصرفيات٬ مديرية المحاسبة العامة٬ مديرية الدين العام٬ مالية النبطية٬ مالية لبنان الشمالي٬ مالية عكار٬ مالية البقاع٬ مالية جبل لبنان، مالية بعلبك الهرمل) وبالتنسيق مع مديرية الخزينة ومديرية الموازنة ومراقبة النفقات ومديرية الشؤون الادارية ومالية لبنان الجنوبي ، وبحثوا في الخطوات التصعيدية بعد الاجتماعات والمناقشات المتتالية والمستمرة والاضرابات التي نفذها موظفو مديرية المالية العامة “مطالبين بالحد الادنى للعيش في ظل استحالة تأمين حاجات عائلاتهم نتيجة التدهور الكبير في رواتبهم”.

 

وقرروا “عدم العودة الى العمل او حتى الحضور لمدة يومين الا بعد تأمين الحد الادنى اللازم والفوري لدفع رواتب موظفي وزارة المال وفق معادلة ٨٠٠٠ ليره لبنانية للدولار والعمل على مساواة الموظفين لناحية تغطية كلفة التنقل على اساس احتساب ليترات بنزين مع الاخذ بعين الاعتبار مركز سكنهم.”

 

 

تمرين أميركي – لبناني

على صعيد آخر بدأت امس القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية والجيش اللبناني تمرين الاتحاد الحازم 2022، ويستمر لمدة أسبوعين في المياه الإقليمية اللبنانية، حيث يركز التمرين السنوي على عمليات الأمن البحري وإجراءات مكافحة الألغام والتخلص من الذخائر المتفجرة.

 

ولفتت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، الى أنه “على مدى 22 عامًا، أسست مناورات الاتحاد الحازم تعاونًا بين قواتنا المسلحة وضمنت استعداد الجيش اللبناني لتنفيذ مهمته، ورغم كل التحديات التي تواجه الجيش اللبناني هذا العام في سياق الأزمة الاقتصادية في لبنان، فقد أظهروا التزامًا غير عادي وستواصل الولايات المتحدة تقديم دعمنا الكامل لجميع جهودهم”.

 

ولفتت السلطات الأميركية، الى أنه يشارك ما يقارب 60 فردًا أميركيًا من البحرية الأميركية ومشاة البحرية والجيش وخفر السواحل.

 

وأشار نائب الأدميرال براد كوبر، قائد الأسطول الخامس الأميركي والقوات البحرية المشتركة، الى أنها “هذه فرصة ممتازة للعمل مع شركائنا اللبنانيين ذوي القدرات العالية وتعزيز علاقتنا، فالعمل معًا يعزز الأمن والاستقرار الإقليميين”.