مع ان قلة قليلة انتظرت او توقعت صدور موقف او تعليق عن احد اركان الدولة، من شأنه تخفيف التداعيات الشديدة السلبية على صورة الدولة، غداة اطلاق الأمين العام لـ”#حزب الله” السيد حسن #نصرالله صليات التهديد والتهويل باشعال حرب مع إسرائيل، متجاوزا كالعادة كل حضور الدولة واركانها، فان هذا القليل المنتظر ضاع بدوره واحتجب، ولم يكن للدولة أي اثر في تطور خطير كهذا. بل ان الانكى انه فيما بدا تكرار “بيان السرايا” الذي صدر غداة اطلاق “حزب الله” ثلاث مسيرات في اتجاه حقل كاريش، واشعل غضب الحزب والمزايدين من حلفائه، اقل الايمان حيال جسامة الإيحاءات التي رسمها خطاب نصرالله في اختصار قرار الحرب والسلم، والضرب عرض الحائط بدولة لا تنتفض لانتهاكها بهذا الشكل المهين .. في هذا الوقت بالذات كان ملهاة ساخرة تملأ المشهد السياسي الداخلي عبر حرب “المكاتب الإعلامية” التي تتولى جولات التساجل بين بعبدا والسرايا في ترجمة للنزاع المفتوح بين رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره رئيس”التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل من جهة، ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من جهة أخرى، حول تشكيل الحكومة الجديدة. هذه الملهاة الساخرة تمادت امس مع ميل الى سكب بعض المياه في نبيذ النزاع المتواصل اذ تضمنت الجولة الجديدة بين مكتبي الاعلام في كل من بعبدا والسرايا بعض ملامح التطرية ربما لابقاء فتحة محدودة امام احتمال لقاء الرئيسين عون وميقاتي الأسبوع المقبل اذ ذكر ان ميقاتي باق في الخارج حتى الاثنين المقبل.
ردود
ولكن الصمت الرسمي على خطاب نصرالله لم ينسحب على المستوى السياسي اذ اثار ردودا لم تخل من تحذيرات خطيرة حيال دلالات تفرد “الحزب” مجددا ودفعه لبنان نحو متاهات قاتلة. وفي هذا السياق غرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على “توتير” قائلا “ان تصريح السيد حسن نصرالله وضع حداً لإمكانية التفكير بالوصول الى تسوية حول الخط ٢٣. لقد دخل لبنان في الحرب الروسية الاوكرانية، لذا وتفادياً لاندلاعها فهل يمكن للسيد ان يحدّد لنا ما هو المسموح وما هو الممنوع وذلك افضل من ان نضيّع الوقت في التخمين واحتياط المصرف المركزي يذوب في كل يوم”.
من جانبه قال رئيس حزب الكتائب سامي الجميل ردا على نصرالله ” في الأمس نصّب نصرالله نفسه مرة جديدة رئيساً، رئيس حكومة وقائداً للجيش في آن، مورّطاً شعب لبنان بمغامرة جديدة قد يدفع ثمنها من دون استئذانه”.
وغرّد رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوّض: “كلام السيد حسن نصرالله بالأمس يقوّض أسس الدولة اللبنانية ومؤسساتها ويجرنا إلى أتون صراعات وحروب لا علاقة لنا بها لمصالح خارجية .نرفض كل ما ورد في خطابه ونؤكد مرجعية الدولة التي أقرت المفاوضات ونرفض زج لبنان بمواجهات محور الممانعة وتعريض حياة اللبنانيين ومصالحهم”.
اما من جانب “#القوات اللبنانية ” فاعتبر عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب غياث يزبك ان “نصرالله كشف من جديد ظهر لبنان كما فعل في تموز 2006 وقال انه لا يقف وراء احد بل يسير بالبلاد الى حيث يريد، وهو يلعب ضمن الاطر التي تضعها ايران وحساباتُه ليست حسابات لبنانية ولبنان اليوم، من دون اطلاق صواريخ او خطف جنود، دخل عمليا في حالة حرب تموز جديدة يفرضها عليه حزب الله”.
واعتبر “المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان” ان “ايران تؤكد مجدّدًا احتلالها للبنان فتعلن بلسان وكيلها السيد حسن نصرالله-حزب الله أنها هي التي تتحكّم بالحدود اللبنانية البرية والبحرية، وهي التي تقرر سياسة لبنان الدفاعية والخارجية، ويغامر أمين عام حزب الله مجدداً أيضاً، بلبنان شعباً ودولةً ليعلن بلغة نافرة ومقيتة أنه “الحاكم الفعلي” .وطالب رئيس الجمهورية “بإعلان موقفٍ واضح من تصريحات السيد حسن نصرالله المهدّدة للسيادة اللبنانية ونحمّله المسؤولية الكاملة عما يحدث على حدود لبنان وعن كل التطورات العسكرية والسياسية والاقتصادية الناتجة عن سياسة المحتلّ الإيراني بواسطة وكيله ميليشيا حزب الله”.
وفي المقابل حاول رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الوقوف في الوسط مع انحياز واضح الى ادبيات نصرالله اذ نشر عبر حسابه على “تويتر”، فيديو تحدث فيه عن موقفه من الحدود البحرية، والثروة الطبيعيّة. وقال “نحنا بدنا نحافظ على الكرامة الوطنية والسيادة… بدكن غازكن؟ بدنا غازنا”.
السجالات
وسط هذه الأجواء بادر امس مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية الى الرد على بيانات سابقة للسرايا ضمنا فذكر بان “رئيس الجمهورية ليس في وارد التخلي عن شراكته الدستورية الكاملة في تأليف الحكومة، الامر الذي يعني انه لا يكفي ان يقدم الرئيس المكلف تشكيلة حكومية هي خلاصة اقتناع تولد لديه نتيجة المعطيات المتوافرة ومواقف الكتل والنواب والقيادات والشخصيات السياسية، بل ان لرئيس الجمهورية رأيه وملاحظاته، فهو مسؤول تجاه قسمه الدستوري وامام الشعب، كما ان رئيس مجلس الوزراء مسؤول امام مجلس النواب، وليس في الوارد لدى الرئيس عون التنازل عن هذه المسؤولية لاي سبب كان تماما كما ليس في حسابه قبول سياسة الفرض”. وقال انه بالنسبة الى الموعد الذي طلبه الرئيس المكلف لزيارة قصر بعبدا، “فان الحقيقة ان رئيس الجمهورية لم يقفل يوما باب القصر امام احد فكيف امام الرئيس المكلف، وحقيقة الامر ان الرئيس كان ينتظر مقاربة جديدة من الرئيس المكلف في ضوء الملاحظات التي كان ابداها على التشكيلة المقترحة تحصينا لها في ضوء المهام المنتظرة من الحكومة العتيدة في ظل التحديات والأوضاع الحساسة والخطيرة على اكثر من صعيد التي تعصف بالبلاد والعباد والتي لا تحتمل تأبيد التصريف والرهانات الخاطئة. هذا وقد اتصل رئيس الحكومة المكلف بالرئيس عون قبل سفره وافاده بانه سيأتي لزيارته فور العودة”.واسف “للايحاء في بعض ما يكتب ويقال وكأن رئاسة الجمهورية تسيء الى مقام رئاسة مجلس الوزراء، ذلك ان هذا الامر لم يرد يوما في مواقف رئيس الجمهورية، لا في القول ولا في الممارسة، وبالتالي فان الاستناد الى “محيطين” و”هامسين” و”معرقلين” و”مسيئين” لا يأتلف مع الواقع لان ما يريد الرئيس عون إعلانه، انما يقوله بوضوح وصراحة من دون مواربة، ويصدر عنه مباشرة او عبر مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية “.
وسارع المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى الرد لافتا الى ان الرئيس ميقاتي “يثمّن ما ورد في الفقرة الثالثة من البيان الرئاسي لجهة التنصّل مما يقوم به بعض اللصقاء برئيس الجمهورية من اساءات ، وهذا امر ليس خافيا على أحد، كما يثمن تأكيد فخامة الرئيس الحرص على عدم الاساءة الى مقام رئاسة مجلس الوزراء”. وشدد على ان الرئيس المكلف “أعلن انه قدم تشكيلة حكومية تشكل خلاصة اتصالاته وبدا النقاش فيها مع فخامة الرئيس ، وبالتالي فان دولة الرئيس لم يقل يوما انه يريد أن يحجب عن رئيس الجمهورية الحق في ابداء رأيه وملاحظاته”.
هوكشتاين في اسرائيل
وفي ملف الترسيم أفادت وسائل اعلام اسرائيلية أن الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان آموس هوكشتاين الذي يضمه الوفد المرافق للرئيس الأميركي جو بايدن التقى امس وزيرة الطاقة الاسرائيلية كارين الحرار . وأشار هوكشتاين، بعد اللقاء الى”أننا قمنا بتقليص بعض الفجوات، أجرينا محادثات جيدة”، مشيرًا إلى أنّه “بعد عودتي من السعودية سنواصل المناقشات”. ولفت، وفق ما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية، إلى أنه “يجب أن يكون هناك اتفاق متبادل بين إسرائيل ولبنان، ودور الولايات المتحدة هو المساعدة في التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يخدم مصالح البلدين”، مؤكدًا “أننا أحرزنا تقدمًا جيدًا في كل من لبنان وإسرائيل”، معلنًا أنه “لم ينقل أي رسالة مهمة من الجانب اللبناني” إلى وزيرة الطاقة الإسرائيلية. وافادت هيئة البث الإسرائيلية ان إسرائيل أوضحت للوسيط الأميركي في مفاوضات الحدود البحرية مع لبنان مخاوفها من حدوث تصعيد