IMLebanon

النهار: أسبوع الفرصة الأخيرة لتمرير حكومة جديدة؟

 

مع ان معظم الأوساط الرسمية والسياسية باتت تستبعد إمكانات تجاوز التعقيدات والشروط التي حالت حتى الان دون تاليف حكومة جديدة، خصوصا مع تنامي الاهتمامات الداخلية والخارجية بالاستحقاق الرئاسي الذي صار الأولوية الأساسية بما يخفف التركيز على الملف الحكومي، فان الأسبوع الطالع سيشكل واقعيا اختبارا حساسا وجديا للغاية، وربما فرصة نهائية لاعادة تعويم الجهود من اجل تأليف حكومة جديدة من دون أوهام كبيرة في إمكانات نجاح هذه الفرصة. فمع عودة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اليوم الى مزاولة نشاطه في السرايا، باجتماع للبحث في مخارج لفك اضراب موظفي القطاع العام الذي يشل كل القطاعات والمؤسسات، وبعد أسبوعين تقريبا من الجمود الذي أصاب التحركات المتصلة بالملف الحكومي، ترصد القوى الداخلية مسار الاتصالات التي يفترض ان تتحرك على خط بعبدا – السرايا لكسر قطيعة غير معلنة سادت بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس ميقاتي ولعبت دورا في تطويل الجمود الذي شل عملية تاليف الحكومة حتى الان. وفيما تنتظر هذه القوى لقاء حاسما بين عون وميقاتي في أي لحظة، من شأنه اما ان يعيد تحريك المشاورات بينهما سعيا الى التوصل الى توافق على التشكيلة الحكومية العتيدة، او يبرز صعوبة تجاوز التباينات القائمة بينهما بما يزيد احتمالات عدم تشكيل حكومة جديدة واستمرار حكومة تصريف الاعمال حتى نهاية العهد الحالي.

 

وتتزامن عودة تحريك الملف الحكومي مع تحريك مماثل للمشاريع الإصلاحية التي يجري العمل على إقرارها بمعزل عن ربطها بتشكيل حكومة جديدة. فهيئة مكتب مجلس النواب تعقد اجتماعا اليوم برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري للتوافق على جدول اعمال جلسة تشريعية سيعقدها المجلس قريبا ويتوقع ان تقر فيها مشاريع القوانين المطلوب إقرارها من صندوق النقد الدولي.

 

وفي اطار مماثل يصل الى بيروت المنسق الفرنسي للمساعدات الدولية ل#لبنان بيار دوكان في زيارة تتصل بالاطلاع على المراحل التي قطعتها عملية الإصلاحات وعقباتها وملفات لبنان مع البنك الدولي.

 

 

استقطاب دولي؟

والحال ان مصادر ديبلوماسية مطلعة أبلغت “النهار” ان منسوب الاهتمام الخارجي بالملف اللبناني بدأ بالارتفاع الملحوظ من خلال التركيز على الاستحقاق الرئاسي المقبل، وضرورة التزام الكتل النيابية والقوى السياسية انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الموعد الدستوري اسوة بما حصل في الاستحقاق النيابي. وقالت ان المرحلة المقبلة ستشهد تصاعدا متدرجا وواسعا في الضغوط الدولية على لبنان من اجل منع أي تفلت سياسي من شانه ان يعقد انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، باعتبار ان معظم الدول المعنية بمراقبة الوضع في لبنان والتي هي ضمن المجموعة الدولية لدعم لبنان تعتبر ان مفتاح بداية اخراج لبنان من متاهة الانهيار الذي يعاني منه يجب ان يكون في انتخاب رئيس جديد يكون رمزا ودفعا للعملية الاصلاحية التغييرية في لبنان.

 

ويبدو واضحا ان التطرق الى الوضع في لبنان في البيانين اللذين صدرا السبت الماضي في جدة عن “قمة جدة للامن والتنمية ” التي ضمت زعماء الولايات المتحدة والدول الخليجية ومصر والعراق والأردن، كما عن اللقاء الأميركي السعودي، كان في صلب هذه الضغوط والاتجاهات الدولية البارزة حيال لبنان عشية استحقاقه الرئاسي. اذ ان البيانين افردا حيزا للموقف من لبنان الامر الذي يعكس تقدم واقعه في مستويات اولويات هذه الدول. وفي وقت يتخبط فيه لبنان بعجز فاضح عن اكمال الاستحقاق الحكومي، وتسود مخاوف واسعة من تخبطه في الاستحقاق الرئاسي المقبل، ناهيك عن انزلاقه المتواصل نحو متاهات جديدة من الانهيار اكتسب ايراد الفقرة الخاصة بلبنان في البيان الختامي الصادر عن قمة جدة ابعادا من شأنها فتح الباب امام تطورات إيجابية لمصلحة لبنان في هذه الظروف البالغة الخطورة التي تحاصره .

 

وجاء في البيان الختامي لقمة جدة عن لبنان :”عبر القادة عن دعمهم لسيادة لبنان، وأمنه واستقراره، وجميع الإصلاحات اللازمة لتحقيق تعافيه الاقتصادي… وبالنسبة للانتخابات الرئاسية القادمة دعوا جميع الأطراف اللبنانية لاحترام الدستور والمواعيد الدستورية… دعا القادة جميع أصدقاء لبنان للانضمام للجهود الرامية لضمان أمن لبنان واستقراره، وأكد القادة على أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية، بما في ذلك تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة فلا يكون هناك أسلحة إلا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها”.

كما أشار الجانبان الأميركي والسعودي إلى “أهمية تشكيل حكومة لبنانية، وتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة تضمن تغلب لبنان على أزمته السياسية والاقتصادية، وعدم تحوله إلى نقطة انطلاق للإرهابيين أو تهريب المخدرات أو الأنشطة الإجرامية الأخرى التي تهدد أمن واستقرار المنطقة”، مشددين على “أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية، بما في ذلك تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة فلا يكون هناك أسلحة إلا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها”.

 

 

الراعي والرئيس مجددا

وسط هذه المناخات اطلق البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي موقفا جديدا بارزا من الاستحقاق الرئاسي بدا بمثابة تحذير من مغبة انتخاب رئيس منحاز لاي محور إقليمي. وقال في سياق تناوله الاستحقاق الرئاسي : “أمام هذا الواقع، ينتظر الشعب اللبناني حلولا إنقاذية، فتأتيه مشاكل تزيد من فقره. يأمل أن تنحسر عنه الأزمات، فتطل كل يوم أزمة جديدة. يترقب أن يتوجه إليه المسؤولون ويخففون من مآسيه، فيجدهم غارقين في صراعات عبثية كأن البلاد بألف خير”. وطالب القوى السياسية “في ضوء المعطيات السياسية والنيابية والأمنية، أن تبتعد عن أجواء التحدي التي تعقد علاقات لبنان وتباعد بين المكونات اللبنانية، في وقت يجتاز فيه لبنان أخطر تحد وجودي في تاريخه الحديث. فالتحديات تعثر انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، وهذا أمر نرفضه بشدة، ونعمل بكل ما لنا من علاقات على أن يتحقق هذا الانتخاب. ومن موقعنا المترفع عن المحاور الداخلية والخارجية، نتمنى على الأطراف المختلفة التموضع وطنيا وخلق مناخ إيجابي لتأمين تشكيل حكومة وانتخاب رئيس. وحين ندعو إلى انتخاب رئيس لا يشكل تحديا لهذا أو ذاك، نتطلع إلى رئيس يلتزم القضية اللبنانية والثوابت الوطنية وسيادة لبنان واستقلاله، ويثبت مبدأ الحياد. لا نستطيع أن ننادي بحياد لبنان ونختار رئيسا منحازا للمحاور وعاجزا بالتالي عن تطبيق الحياد. والرئيس الذي لا يشكل تحديا ليس بالطبع رئيسا لا يمثل أحدا ولا رئيسا يخضع لموازين القوى، فيستقوي على الضعيف ويضعف أمام القوي. لا يحكم لبنان استنادا إلى موازين القوى، بل استنادا إلى الدستور والقوانين والشراكة لكي تبقى الشرعية المرجعية والملاذ ومصدر القرارات الوطنية”.

 

 

جعجع وقائد الجيش

اما الموقف السياسي الأخر من الاستحقاق الرئاسي الذي ترك ترددات داخلية فكان في الموقف الإيجابي من ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون للرئاسة الذي اعلنه رئيس حزب القوات اللبنانية #سمير جعجع وهو موقف يتوقع ان يثير اجتهادات وترددات كثيرة . وكان جعجع شدد على انه “يجب ان نوصل اشخاصا قادرين فعلا على الانقاذ، واليوم، قنواتُ التواصل فتحت جديا وفعليا على مصراعيها، بين اهل الفريق المعارِض للمنظومة. والاشكالية الوحيدة القائمة هي انه عمليا، باستثناء القوات والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب، هناك “35 فريقا” آخر، ويجب التفاوض مع كل شخص بمفرده، ولهذا السبب، عملية التواصل تستغرق وقتا، الا انها أقلعت جيدا ويجب ان تثمر في الرئاسيات”.

 

اما عن دعمه قائد الجيش العماد جوزف عون للرئاسة، فقال جعجع “هو أدار جيدا مؤسسة الجيش، وحسّنها وتصرّف كرجل دولة فعلي على رأسها، ولم يقبل، رغم الضغوط التي تعرّض لها من أرفع المسؤولين، ان يحيد الجيشُ عن مهامه اي الحفاظ على الحدود الخارجية وايضا على الامن الداخلي الذي هو اليوم في وضعية مقبولة جدا”. وتابع “لا أعرف ما هي حظوظ العماد عون في الوصول الى القصر، وأتمنى ان تكون جيدة، لانه، كما نجح في دوره الصغير، يمكن ان ينجح في الدور الكبير ايضا. واذا تبيّن ان حظوظه متقدّمة فاننا طبعا سندعمه” .