IMLebanon

النهار: “عاصفة المطران” تقلب السحر على الساحر!  

 

لم تكن النبرة الاستثنائية في حدتها وسخطها وحزمها ومطالبها الحاسمة التي اتسم بها بيان المجمع الدائم لسينودس أساقفة الكنيسة المارونية، عقب يوم طويل عاصف من التداعيات التي فجرها “الاعتداء” على رئيس أساقفة ابرشية حيفا المارونية والنائب البطريركي على القدس والأراضي الفلسطينية وعمان واراضي المملكة الأردنية الهاشمية المطران موسى الحاج سوى اثبات بان “الخطأ” المتعمد المفتعل او الموجه والموحى به او المرتجل، على الشك الكبير في ان يكون مرتجلا، قد انقلب على أصحابه وان “عاصفة المطران” قلبت السحر على الساحر. وليس ادل على احتلال هذه العاصفة، وتداعيات توقيف المطران عند بوابة الناقورة، والتحقيق معه سحابة 12 ساعة ومصادرة الأموال المساعدات النقدية التي ينقلها لعشرات العائلات ومصادرة جوازه وهاتفه، ومن ثم استدعائه للتحقيق لدى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي الذي اوعز بتوقيفه، من ان الجهات السياسية الرسمية والسياسية النافذة التي “احتسب” عليها تصرف عقيقي نظرا الى خلفيات سابقة معروفة، تراجعت بدورها امام تعاظم عاصفة التداعيات الحادة التي فجرتها هذه السابقة. وهو الامر الذي ترجم بما ذكر عن اتصال “استنكار” لما حصل مع المطران تلقاه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس #الراعي من رئيس الجمهورية ميشال عون بعد ظهر امس ومن ثم “مسارعة” “التيار الوطني الحر” الى استدراك الامر بإدانة التعرض للمطران والمطالبة بتصويب الخطأ وذلك بعد صمت التزمه التيار ليومين بعد التحقيق مع المطران!

 

في أي حال تجاوزت “عاصفة المطران” الخطوة التي قامت بها اول من امس القاضية غادة عون في مصرف لبنان، اذ ان العاصفة الأخرى بردود فعلها لم تقف عند حدود التعرض للمطران فقط، بل اثارت جوانب خطيرة أخرى في انكشاف واقع التفلت الذي يطبع الأداء الأمني والقضائي والتشابك في الصلاحيات وسواها من ظواهر خطيرة . واذا كانت الكنيسة المارونية طالبت بصراحة باقالة القاضي فادي عقيقي كمسؤول أساسي عن “الاعتداء” على المطران، فان ملف التفلت الأمني والقضائي بات بعد اليومين الأخيرين يحتل أولوية المشهد المتهاوي للدولة في حقبة نهايات العهد العوني.

 

اذن وعلى وقع ردود الفعل المتعاظمة ودعوات شعبية الى وقفة غضب واستنكار امام كنائس ابرشية صور في بلدات اقضية بنت جبيل ومرجعيون في السابعة مساء الجمعة المقبل، عُقد الاجتماع الطارئ بعد الظهر في الديمان للمجمع الدائم لسينودس أساقفة الكنيسة المارونية برئاسة البطريرك الراعي وسط معطيات اشارت الى تصاعد استياء البطريرك الراعي من توقيف المطران ومن القاضي فادي عقيقي وانه يعتبر أنّ من يريد إيصال رسالة له فقد وصلت ولكنّه لن يحيد عن مواقفه. واضافت المعطيات ان رئيس الجمهورية اتّصل بالراعي “وأبدى استنكاره لما حصل”، كذلك اتصل به الرئيس المكلف #نجيب ميقاتي وشيخ عقل الموحدين الدروز. واشارت المعلومات الى ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم اتصل بالراعي وقال له إن توقيف المطران ونزع جواز سفره ومنعه من السفر كان تنفيذاً لقرار قضائي من القاضي فادي عقيقي.

 

وفي بيان طبعته نبرة عنيفة للغاية اعتبر المجمع الدائم “إنَّ ما تعرّضَ له المطران موسى الحاج أعادنا إلى أزمنةِ الاحتلالِ والولاةِ في القرونِ السابقةِ حين كان الغزاةُ والمحتلّون يحاولون النيلَ من دورِ الكنيسةِ المارونيّةِ في لبنان والشرق، هي التي زَرعَت في هذه الأرجاء روحَ الحريّةِ والصمود، ومفهومَ الدفاعِ عن حقوقِ الإنسانِ وحريّةِ المعتقداتِ والتآخي بين الأديان. إنَّ الّذين أوْحَوا من قَعرِ مناصِبهم بالتعرّضِ للمطرانِ الحاجّ وخَطّطوا وأمَروا ونَفّذوا عملَهم المدان، غاب عنهم أن ما قاموا به وما يقومون به، لَم ولَن يؤثِّرَ على الصرحِ البطريركيّ الذي صَمَد في وجهِ ممالكَ وسلطناتٍ ودولٍ، فزالوا هم وبَقيت البطريركيّة في خِدمةِ الإنسان ولبنان والشرق وتعايشِ الأديان بقوّة الله وأمانة شعبها”. وإذ اكد “إننا نرفض ونَشجُب ونَستنكر بأشدِّ العبارات ما اقتُرف عن سابقِ تصوّرٍ وتصميم، وفي توقيتٍ لافتٍ ومشبوه، ولغاياتٍ كيديّة معروفة، بحقِّ أخينا المطران موسى الحاج” طالب “بوقفِ هذه المسرحيّة الأمنيّة القضائيّة السياسيّة، وإعادةِ كل المساعدات التي احتُجزت إلى سيادة المطران لتَصلَ الأمانات إلى أصحابها الذين ينتظرونها، وإغلاقِ هذه القضيّة فورًا. وإنّنا نستغرب صمت الدولة تجاه ما تعرّض له صاحب السيادة ونطالب وزير العدل إتّخاذ الإجراءات المسلكيّة اللازمنة بحقّ كلّ من تثبت مسؤوليّته في فعل الإساءة المتعمّد”. وذكر “أنّها ليست المرّة الأولى التي يَقترف فيها مفوّضُ الحكومةِ لدى المحكمةِ العسكريّة أعمالًا خارج الأعراف والمألوف. لذلك نطالب أيَضًا مدّعي عام التمييز إحالة القاضي عقيقي إلى التفتيش القضائيّ وتنحيته. ونجدّد مطالبتنا باستقلاليّة القضاء عن السلطة السياسيّة”.

 

 

الردود

وشهد الصرح البطريركي في الديمان توافدا لشخصيات فأشار عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب شوقي الدكاش الى أن “القوات اللبنانية تطالب منذ سنوات بالدولة ومؤسساتها وباحترام هيبتها وقضائها، وبأنها لا تراهن إلا على الشرعية”، حذّر من يعنيهم الأمر قائلاً “ما تجربونا”. ولفت الى أن “الدولة تعني العدالة واحترام الحقوق وليس الاعتداء على كرامات الناس ومحاولات إذلالهم والضغط عليهم”، مضيفاً “إذا ظنوا أنه من خلال ما جرى، بإمكانهم الضغط على صاحب الغبطة، فأنا أؤكد لكم أنهم لا يعرفون تاريخ بكركي ولا تاريخ الـ76 بطريركاً السابقين، لا البطريرك الراعي ولا الكنيسة المارونية يمكن أن تمارس عليهما الضغوط”.

 

ومن جانبه غرد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب #جبران باسيل :”صحيح أن القانون اللبناني يحرّم نقل الأموال من الأراضي المحتلة ويعتبره جرم، ولكن هل في ذهن أحد ان يعتبر مطراناً عميلاً لأنه يحاول مساعدة عائلات تمّ افقارها على يدّ منظومة سلبت اموال كل اللبنانيين؟ وبأي خانة يوضع تهريب الزعماء-العملاء اموالهم الى الخارج وسرقة أموال المودعين وتعب عمرهم؟ وبأي خانة توضع حماية ومكافأة العقل المدبّر والحاكم لأكبر عملية سطو جماعي بتاريخ لبنان والبشرية؟”. وفي وقت لاحق اصدر “التيار الوطني الحر” بيانا دان فيه التعرض للمطران موسى الحاج وطالب بالمبادرة فورا الى تصحيح الخطآ الجسيم الذي ارتكب في حقه”.

 

 

البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي مترئسا اجتماع السينودس الدائم الذي اتخذ موقفا حاسما من قضية توقيف المطران موسى الحاج للتحقيق معه.

 

وفي وقت اتصل الرئيس امين الجميل بالراعي مستنكرا، قال عضو كتلة الكتائب النائب نديم الجميّل من الديمان: “أتضامن مع الصرح البطريركي الكبير ونبّهنا أكثر من مرة إلى أنّ لبنان يذهب بتوجّه لا يشبهه ولا يشبه الحرية والديمقراطية وما حصل مع المطران موسى الحاج عمل مرفوض”.

 

 

ميقاتي: العصفورية!

على الصعيد الحكومي تفاقم الجمود التام الذي يطبع مجمل هذا الاستحقاق وبدا واضحا ان القطيعة بين بعبدا والسرايا أضحت ثابتة ومكرسة مع مرور أيام عدة بعد عودة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من الخارج وعدم حصول أي اتصال بينه وبين رئيس الجمهورية. وقد عكس مناخ كلام ميقاتي امس ان لا ايجابية قريبا على صعيد الملف الحكومي. اذ أعرب ميقاتي عن “سعادته لرعاية احتفال “اهلا بهالطلة” السياحي لاننا في هذه الأيام السوداء نرى ضوءا ساطعا يلمع في قطاع اقتصادي مهم ينمو ويكبر وينجح. هذا هو لبنان، ويجب أن يكون لدينا دائما الأمل، بأن لا خيار للبنان الا أن يكون مزدهرا وينمو نموه الطبيعي”. واضاف “نمر اليوم بأوقات صعبة، ولا يجب الا نرى مقياس النجاح في أيام البحبوحة بل في الايام الصعبة، من هنا أردت أن اشارك في هذا اللقاء لأقول إن وزارة السياحة استطاعت أن تقوم بنقلة نوعية للسياحة في هذه الأوقات الصعبة. ولفت قوله لدى تواجهه إلى وزير السياحة “اخترتم للحملة شعارات من اغنيات لبنانية، اول حملة كان عنوانها “بحبك يا لبنان، كيف ما كنت بحبك” لفيروز واليوم “اهلا بهالطلة اهلا” لصباح. ونتمنى منكم جميعا ان تدعوا معي اذا استمرينا في اختيار الاغاني كشعارات، الا نصل الى اغنية ع العصفورية”.