Site icon IMLebanon

النهار: تحذير أمميّ من الشلل ومفاوضات الترسيم تتقدّم

 

إذا كانت بداية تبريد إهراءات #مرفأ بيروت بعد اكثر من أسبوعين من الحرائق المتواصلة المندلعة فيها، شكّل ذروة “الإنجازات” للدولة اللبنانية في هذا الزمن القاحل، فان عودة النبض الاحتجاجي الى الشارع لم تعد امراً مستغرباً بعدما اذهل تقاعس اللبنانيين عن “الثورة” معظم العالم. ذلك ان ملامح التحركات الاحتجاجية والاعتصامات التي نفذت امس في عدد من المناطق، وسجلت معها محاولة مجموعة من المحتجين على تفاقم الأوضاع المعيشية والحياتية والاجتماعية، اقتحام السرايا الحكومية في وسط بيروت، بدت “اقل المنتظر” امام واقع الانسداد السياسي التام الذي يطبع حال السلطة في الفترة الحالية والذي يبدو بمثابة استسلام كلي للاستعصاء عن تشكيل حكومة جديدة وضمان اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري بما ينذر مبكرا بانزلاق البلاد مجددا الى تجارب الفراغ المدمرة. بل اكثر من ذلك، فان ما حصل في الأيام الأخيرة على الجبهة القضائية – الأمنية من تفلت مخيف كشف الخاصرة الرخوة للدولة في اخر الأسابيع من عمر العهد الحالي، دفع بالوضع المتفاقم في البلاد الى متاهة شديدة الخطورة، اذ شكل حافزا إضافيا لتمرد الموظفين المضربين منذ اكثر من شهر واسبوع، كما شكل فتيل تحفيز للمواطنين للنزول الى الشارع مع كل الانكشاف الذي فضح اهتراء الدولة وتشابك الممارسات والمخالفات والانتهاكات التي تخفي تفجر التوظيف السياسي السلطوي للقضاء والامن في حسابات من شانها ان تحدث تداعيات يصعب احتواؤها.

 

في أي حال، بدا واضحا ان سقوط اخر الرهانات على امكان استئناف الجهود والتحركات لتشكيل حكومة جديدة قد املى الإسراع في تحريك وتيرة العمل النيابي التشريعي، ولذا سيكون انعقاد الهيئة العامة لمجلس النواب الثلثاء المقبل في جلسة تشريعية بمثابة ترميم شكلي للمشهد السلطوي المتهالك، كما ان عاملا يحمل “وعدا إيجابيا” برز مع تلميح نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب امس الى تقدم جديد في الوساطة الأميركية في مفاوضات #ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، واعلانه ان الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين سيزور بيروت خلال اقل من أسبوعين. وتزامن ذلك مع صدور تحذير عن #الأمم المتحدة من مغبة الشلل الذي يتهدد لبنان.

 

غير ان المبعوث الرئاسي للرئيس إيمانويل ماكرون السفير بيار دوكان بدا في ختام لقاءاته أمس مع الرؤساء الثلاثة ومسؤولين ومع جمعية مصارف لبنان، اكثر تفاؤلاً عما كان عليه في زيارته الاخيرة قبل بضعة أسابيع، كما قال امام مجموعة من الاعلاميين في قصر الصنوبر في حضور السفيرة الفرنسية آن غريو. واذ كشف رداً على سؤال “النهار”، انه يحمل رسالة من الرئيس ماكرون يجدد فيها تأكيده على موقفه الداعم للبنان، وهو موقف ثابت لم يتغير، أكد ان هناك توافقاً دولياً لدى دول مجلس الامن الدائمة العضوية بما فيها روسيا والصين حول لبنان واهمية وضرورة دعمه. كما أكد ان امام لبنان فرصة اخيرة تتمثل في التوقيع على برنامج مع صندوق النقد الدولي الذي سيوفر له الدعم المالي المطلوب من الاسرة الدولية، طارحاً معادلة اما الصندوق وأما الفقر والجوع.

 

 

تداعيات

ومع ذلك فان تداعيات موقف الكنيسة المارونية من قضية المطران موسى الحاج ظلت طاغية على المشهد الداخلي، وعقد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اجتماعا مع وزير العدل هنري خوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات للبحث في معالجة هذه التداعيات.

 

وإذ نفت المديرية العامة للأمن العام سيناريو اتصال نشر على مواقع التواصل وقيل انه جرى بين المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم والبطريرك الراعي أعلنت في بيان “أن ما قامت به عناصر المديرية في مركز الناقورة الحدودي مع المطران موسى الحاج، هو إجراء قانوني تنفيذاً لإشارة القضاء من جهة، والتعليمات الخاصة بالعبور من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي يخضع لها كل العابرين من دون إستثناء، من جهة ثانية”.وقالت “أمَّا في ما خص التحقيق مع المطران الحاج، فيهم المديرية أن توضح للمعنيين وللرأي العام، أنه منذ اللحظة الأولى التي تبدأ فيها إشارة القضاء المعني بالتنفيذ، يُصبح المحقق العدلي في مركز الأمن العام بتصرف المرجع القضائي صاحب الإشارة طيلة فترة التحقيق حتى إقفال الملف.

 

وفي اول خروج له عن صمته حيال مسؤوليته في تفجير هذه القضية، قال مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي لـ”النهار” أنّه “ليس على علم بما ورد إعلامياً عن دعوته المطران موسى الحاج للاستماع إلى أقواله في المحكمة العسكرية، واشتراط المطران تسليمه ما جرى حجزه في الناقورة في المقرّ الأمني”. واعتبر أنّ “الأموال التي كان ينقلها، والتي بلغت نحو 460 ألف دولار هي ليست ملك الكنيسة إنّما مصدرها من “عملاء” مقيمين في إسرائيل يعمل غالبيتهم لصالح العدو في الأراضي المحتلة وهي تخضع للأحكام القانونية اللبنانية المتعلّقة بكلّ ما يدخل لبنان من الأراضي المحتلة وتطبق على كلّ قادم منها”. وأضاف: “غير صحيح أنّه جرى توقيف المطران الحاج في الناقورة إنّما خضع لآلية التفتيش المعتمدة على هذا المعبر أسوة بكلّ العابرين بمن فيهم ضباط الأمم المتحدة” .

 

 

الجلسة والترسيم

وسط هذه الأجواء دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري النواب إلى جلسة تعقد في الحادية عشرة من قبل ظهر الثلثاء لانتخاب سبعة نواب لعضوية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ودرس وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الاعمال.

 

أما في ما يتعلق بملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل فاعلن النائب الياس بوصعب بعد اجتماع للجان النيابية المشتركة امس “ان هناك قانونا صدر عن المجلس النيابي الذي طلب تحديد الحدود، ان يحصل بمرسوم يصدر من مجلس الوزراء مجتمعا، وموضوع ترسيم الحدود البحرية اصبح في مرحلة متقدمة ولا استطيع القول انتهينا، وخلال الاسبوع او الاسابيع الثلاثة المقبلة يكون هناك شيء اوضح فإما ذاهبون باتجاه حلحلة، او فعلا نضيع وقتنا ولا حل بالمدى القريب”. اضاف “الوساطة الاميركية التي كان يقوم بها الوسيط الاميركي هوكشتاين كانت تؤدي الى نتائج ايجابية .اصبح هناك الكثير من القرب في وجهات النظر بين ما كنا نطالب به والرد الذي جاءنا، وهناك امور اخرى تحتاج الى نقاش، وبرأيي ان لبنان في موقع القوي وليس الضعيف، وهذا ما يجعلني متفائلا بالوصول الى نتيجة ما، ولكن بتحفظ، اذ لا نستطيع التحدث عن شيء نهائي قبل ان يصبح نهائيا ،لان الشياطين تكمن دائما في التفاصيل، من هنا علينا ان ننتظر الاسابيع المقبلة، في ما خص موضوع ترسيم الحدود البحرية وما سيحصل به”.

 

ورجحت معلومات إعلامية ان يزور الوسيط الأميركي بيروت مجددا في 31 تموز والأول من اب.

 

 

إحاطة مجلس الأمن

الى ذلك قدم امس كل من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونِتسكا ووكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيار لاكروا احاطة الى مجلس الامن حول التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول تنفيذ القرار 1701 (2006).

 

وفي إشارة الى الأزمة الاجتماعية والاقتصادية المستمرة وتأثيرها الاليم على حياة الناس اليومية، حذرت المنسقة الخاصة من “أن لبنان يقف على مفترق طرق بين النهوض أو الانهيار”، وشددت على “أن المسار الذي سيسلكه يعتمد على قدرة واستعداد قادة البلاد للشروع في تطبيق حلول مستدامة على وجه السرعة”. ورددت دعوات مجلس الامن ومجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان التي دعت الجهات اللبنانية المعنية لإعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية وتجنب الشلل السياسي والإسراع في #تشكيل الحكومة. كما أيدت الدعوات لإجراء الانتخابات الرئاسية ضمن المهل الدستورية، نظرًا الى أن الولاية الرئاسية الحالية تنتهي في 30 تشرين الاول 2022. ونوهت “بجهود القوات المسلحة اللبنانية والقوى الأمنية في الحفاظ على استقرار لبنان الهش ومنع التدهور الأمني، مشيدةً على وجه الخصوص بأدائها خلال الانتخابات النيابية. كما شجعت على دعم الجيش اللبناني والقوى الامنية الأخرى باعتبار ذلك استثمارًا لا غنى عنه ومجديًا لاستقرار لبنان”. وشددت على “الأهمية القصوى لاتفاق لبناني مع صندوق النقد الدولي وعلى أن الوقت ينفد”، وقالت إنه ينبغي على مجلس النواب والحكومة اتخاذ الإجراءات المسبقة المطلوبة بسرعة لجعل هذه الصفقة ممكنة، بما في ذلك الإصلاحات المالية والنقدية وفي الحوكمة”.

 

وفي ما يتعلق بالوضع على الحدود بين لبنان وإسرائيل، سلطت المنسقة الخاصة الضوء على نداءات الأمين العام لجميع الأطراف للوفاء بالتزاماتها بتنفيذ القرار 1701 بالكامل ووقف جميع الانتهاكات واحترام وقف الأعمال العدائية. وشجعت لبنان وإسرائيل على التوصل إلى اتفاق لترسيم حدودهما البحرية وشددت على استعداد الأمم المتحدة المستمر لدعم هذه العملية على النحو الذي يطلبه الطرفان وضمن حدود قدراتها وولايتها. واكدت التزام الأمم المتحدة بمواصلة الوقوف إلى جانب لبنان وشعبه.