Site icon IMLebanon

النهار: التصعيد يتمادى… والترسيم أمام مفترق جدّيّ

تتجه الأوضاع الداخلية الى حقبة يطبعها الغموض المثير للقلق وسط انسداد سياسي لم يعد ممكنا اختراقه بدليل القطيعة المتمادية الطويلة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال #نجيب ميقاتي الذي وضع جانبا صفته الملاصقة، أي الرئيس المكلف، بعدما تلاشت تقريبا إمكانات تاليف حكومة جديدة تحت وطأة التباينات العميقة بين الرئاستين وانقطاع أواصر التنسيق بشكل شبه تام بين الرئاسات الثلاث. ولن يكون انعقاد الهيئة العامة لمجلس النواب في جلسة تشريعية اليوم، سوى مؤشر إضافي الى اشتداد الحاجة الى تطبيع تصريف الاعمال في كل الاتجاهات، علما ان الجلسة لن تؤدي الى “العجائب ” نظرا الى غياب مشاريع القوانين الأساسية المطلوبة من صندوق النقد الدولي باستثناء مشروع قانون السرية المصرفية، الذي حتى في حال اقراره، فان التاخر في إقرار المشاريع ذات الطابع الإصلاحي الأخرى المتصلة بمشروع الموازنة العامة ومشروع الكابيتال كونترول ومشروع إعادة هيكلة القطاع المصرفي وخطة التعافي المالية سيعني مزيدا من انكشاف صدقية #لبنان حيال التزاماته الدولية التي غالبا ما تعهد تنفيذها كلاميا ولم يترجم أيا منها بعد.
على ان التعقيدات الداخلية لا تقتصر على تداعيات القطيعة بين المسؤولين والتفلت الذي يطبع معظم قطاعات ومؤسسات الدولة فحسب، بل ان تصاعد التوتر والشحن السياسي وبلوغه سقفا خطيرا من التشنج السياسي والإعلامي، وحتى الطائفي في بعض الجوانب، في الأيام الأخيرة، بدأ يرسم مخاوف جدية على الاستقرار السياسي، وحتى الأمني، عشية مرحلة محفوفة باستحقاقات مصيرية في مقدمها الاستحقاق الرئاسي، كما استحقاق بت مصير ملف الترسيم البحري للحدود بين لبنان وإسرائيل الذي سيعود الى مواجهة التطورات في نهاية الشهر الحالي مع الزيارة الجديدة التي سيقوم بها الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين لبيروت، وسط تقديرات لا تستبعد ان يحمل هوكشتاين معطيات جدية في ملف الترسيم واستخراج الغاز عبر نقله الى الجانب اللبناني جواب إسرائيل على الطرح اللبناني الذي كان تبلغه هوكشتاين من رئيس الجمهورية في زيارته الأخيرة للبنان . ولم ينحسر التوتر المتصل بقضية المطران موسى الحاج، بل تواصل التصعيد الكلامي والإعلامي والسياسي في هذا الشأن، الامر الذي يبدو معه ان انفجار هذا الملف سيتسع بجوانبه الخلفية الى مناخات الاستحقاق الرئاسي وربما ابعد، وهو الامر الذي اثار ويثير قلقا متناميا من مناخ التعبئة الطائفية التي يبدو ان اشعاله كان متعمدا ومقصودا لغايات ستنكشف لدى أصحابها من خلال فشل الضغوط التي تمارس على الكنيسة المارونية للتراجع في هذا الملف، والرضوخ لما يدرج في اطار قانوني مزعوم، فيما يراد لهذه القضية ان تشكل عامل استهداف واضعاف وابتزاز للبطريركية المارونية ولعديد من القوى السيادية تحت وطأة التخوين في مستهل العد العكسي للاستحقاق الرئاسي.

وتحدث الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ليلا عبر محطة “الميادين” وتناول ملف الترسيم فاتهم الدولة اللبنانية بانها “عاجزة عن اتخاذ القرار المناسب الذي يحمي لبنان وثرواته ولذلك فان المقاومة مضطرة الى اتخاذ هذا القرار”. وهدد بانه “اذا بدأ استخراج النفط والغاز من كاريش في أيلول قبل ان يأخذ لبنان حقه فنحن ذاهبون الى مشكل”. وهدد أيضا بانه “لا يوجد هدف إسرائيلي في البحر او البر لا تطاله صواريخ المقاومة الدقيقة”. واعلن نصرالله “اننا جاهزون لاستقدام الفيول الإيراني مجانا كهبة اذا قبلت الدولة اللبنانية ذلك”.

وفي قضية المطران موسى الحاج قال نصرالله ” أقول لكل الشعب اللبناني وخصوصا للمسيحيين انه ليس لحزب الله أي علاقة بقضية المطران موسى الحاج ولن نتدخل فيها” .
وسط هذه المناخات الحارة التقى امس الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في السرايا المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا التي أعلنت اثر اللقاء “جئت لأبلغ الرئيس ميقاتي عن لقاء مجلس الأمن الذي عقد في 21 تموز الحالي في نيويورك حيث قدمت عرضا عن التطورات في لبنان. وأستطيع أن أقول بأن الجو في مجلس الأمن كان ايجابيا، وأيد أعضاء المجلس إنجاز اصلاحات اقتصادية واجتماعية في لبنان، وتأليف حكومة في أسرع وقت ممكن واحترام الدستور، وفي الوقت المحدد انتخاب رئيس جديد يدعم الاستقرار في لبنان ومصلحة اللبنانيين” .

جعجع… و#السنيورة
اما في تداعيات قضية المطران الحاج فكان الموقف الأبرز امس غداة العظة النارية للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي لرئيس حزب “القوات اللبنانية” #سمير جعجع الذي شن هجومه الأعنف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي واصفا إياه بـ”الخائن”، وداعيا الى محاكمته من دون ان يوفر بهجومه “من يقف وراء” عقيقي . واسف جعجع “لاننا وصلنا الى مرحلة يعامل فيها مطران تابع لأكبر الكنائس في لبنان كلصّ قبض عليه بالجرم المشهود، وتم اقتياده فجأة الى التحقيق، مع العلم ان هذا المطران ينتمي الى الكنيسة المارونية التي يرأسها بطريرك معروف من قبل الجميع ويعدّ هامة وطنية قبل ان يكون مذهبيا، من هنا وجوب طرح الموضوع معه قبل توقيف المطران”. واذ وصف القاضي فادي عقيقي بـ “الخائن ومن خلفه خونة أكثر منه لان ما من انسان يتمتع بذرة من العقل والمنطق يتصرف على هذا النحو”، أعرب جعجع عن “اسفه لوجود رئيس للجمهورية اعتبر ان التعرض لاحد مطارنة الكنيسة المارونية، والمنتمي الى بكركي تحديدا، خارج عن صلاحياته في وقت يتدخل في ايصال آخر موظف اذا رغب في تعيينه”. ولفت الى “نوايا سياسية كبيرة وليست مبيتة للمجموعة الحاكمة، قوامها “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” وحلفائهما، هدفها وضع اليد على البلد بأشكال مختلفة”.

اما الموقف البارز الاخر فصدر عن الرئيس فؤاد السنيورة الذي خرج عن صمته في هذا الملف وحمل بدوره بعنف على “حزب الله” من دون ان يسميه ولفت الى أن هناك “طرفاً لبنانياً – وبدعمٍ خارجيٍ- يريد ويعمل على الإطاحة بالعقد الاجتماعي بين اللبنانيين القائم على أنّ لبنان وطن سيّد حرّ مستقل، وطن نهائي لجميع أبنائه وعربي الهوية والانتماء، وأنّ هذا الطرف يقوم تارةً باتهام طائفةٍ بكاملها بالإرهاب وطوراً آخر باتهام طائفة أخرى بكاملها بالعمالة، ويضع نفسه في موقع من يوزع الشهادات في الوطنية”. وشدّد على أن “مواجهة هذا الفجور السياسي لا تكون من خلال عودة اللبنانيين أو دفعهم إلى داخل مربعاتهم الطائفية والمذهبية، بل هو حتماً في تمسك اللبنانيين جميعاً بتضامنهم الوطني حول قضاياهم الوطنية المحقّة تحت سقف الدستور وعلى أساس الاحترام الكامل لسيادة الدولة ولدولة القانون والنظام، وبما يحول دون ازدواجية السلطة” .

الإضراب
في سياق اخر بقيت الازمات المعيشية على حالها، وأبرزها اضراب موظفي القطاع العام الذي لم يصل بعد الى ضفة الحل النهائي. في هذا السياق رأس ميقاتي اجتماع اللجنة الوزارية لمعالجة تداعيات الأزمة المالية على سير المرفق العام ودرس المجتمعون اقتراحات وتوصيات، فطلب وزير المال التريث في بتّها الى حين دراسة كلفتها وانعكاساتها المالية، ولذلك اتفق على الاجتماع مجددا ظهر غد الأربعاء في السرايا لاتخاذ القرار النهائي. وافيد ان موظّفي القطاع العام سيحصلونبحسب الصيغة الأولية للطرح التي نشرتها “النهار” الاثنين من الاسبوع الفائت، على راتب ومنحة تعادل الراتب وبدل نقل ٩٥٠٠٠ ليرة وبدل إنتاج يومي تراوح قيمته بين ١٥٠ ألف ليرة و٣٠٠ ألف ليرة مقابل حضور ٣ أيام على الاقل أسبوعيّاً. وأعلنت رئيسة رابطة موظّفي الإدارة العامة نوال نصر أن “الزيادة التي يتمّ الحديث عنها هي مساعدة و85% من الموظفين يحصلون منها على مليونَيْ ليرة وأضافوا إليها ما يسمى براتب تحفيزي وهو فعلياً جزء من بدل النقل”. ولفتت نصر إلى أن “الموظفين الذين خسروا 95% من رواتبهم يحصلون الآن في هذه المساعدة على ما بين 2 أو 5% إضافية ونصف بدل النقل ولمدة شهرين فقط”. وقالت “نرفض طريقة مقاربة الواردات في الدولة ومسألة منع المس بالمستفيدين من أملاك الدولة والتهريب ونرفض استخدام جزء من أموال الناس للناس”. وشددت على أن “الإضراب مستمرّ إلى أن تزول أسبابه أو إلى أن نلمس جدية بإزالة أسبابه وهذا غير متوافر حتى الآن”.