IMLebanon

النهار: مهزلة تشريعية وأوروبا تمدد للعقوبات اللبنانية

 

كان يفترض ان تشكل #الجلسة التشريعية الأولى ل#مجلس النواب المنتخب، حدثا تشريعيا اصلاحيا من المقام الأول، وسط تعويل دولي واسع على اطلاق ورشة إقرار المشاريع الإصلاحية الأساسية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، ولا سيما منها مشاريع الموازنة والكابيتال كونترول وخطة التعافي المالي والإصلاح المصرفي. ومع ان إقرار مشروع قانون السرية المصرفية اقر معدلا بما شكل “لفحة” إصلاحية يتيمة في هذه الجلسة، فان ذلك لم يحجب واقع الاطلاقة الباهتة بل والهابطة في بعض الجوانب التي طبعت الجلسة لجهة ما تخللها من هرج ومرج كلامي اتسم بعضه بمستوى مؤسف للغاية في تدني التعبير والتخاطب من قبل بعض النواب “المتنمرين” على زميلات جديدات، فكان ثمة ما يشبه المهزلة التي لا تليق ببرلمان يفتتح أولى اطلالاته بهذا التفلت.

 

وقد تندر كثيرون بالجانب الشكلي المتفلت من الجلسة الذي طغى على المضمون التشريعي الاخر للمشاريع، بما لا يزال يعكس واقع المجلس غير المتجانس حول الأصول والنظام، ولو انه من غير المطلوب ان يكون النواب في اتجاهات واحدة حيال أصول التشريع. اذ انه بدا لافتا ان تطغى شكليات السجالات التي شهدتها الجلسة على المشهد التشريعي، ومنها مثلا ان رئيس المجلس خاطب نائبة بـ” قعدي واسكتي”، ووصف نائب في كتلة الرئيس بري زميلته بـ”الصراصير”، وآخر لم يرد اسمه في التصويت فرفع الصوت “يانحن نواب يا لأ”. وفيما اشعلت نائبة “تغييرية” ردودا حادة لانها استعانت بصفة “البطريركية” في انتقادها لرئيس المجلس لم تتوان النائبة سينتيا زرازير عن توجيه اعنف الاتهامات للمجلس بـ”قلة الاحترام” وايرادها شواهد على ذلك.

 

 

النواب والوزراء لدى خروجهم امس من الجلسة التشريعية وفي الصورة الثانية (نبيل إسماعيل).

 

ومنذ اللحظة الأولى اثير التباس واسع حول انتخاب أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء اذ فاز النواب: جميل السيد ،عبد الكريم كبارة، فيصل الصايغ، اغوب بقرادونيان، جورج عطالله، عماد الحوت وطوني فرنجية بالتزكية، في ظل اعتراض قوى المعارضة. وقد اعتبر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، ان عدم السماح للنواب بالاوراق الواردة مخالفة لعدم ابداء الرأي .وتوجه الى بري قائلاً:” هذا المجلس أي المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء عقيم ومقبرة للمحاسبة ولا حاجة له”، مطالبًا بإحالة القضايا إلى القضاء العادي، فردّ برّي: “يمكنك تغيير الدستور”، فأجاب الجميّل: “هذا ما سنفعله”. وأعلن الجميّل عن امتناع الكتائب عن التصويت والمشاركة، كذلك فعلت كتل “القوات ال#لبنانية “والمعارضة. ولاحقا قدّم النائب فيصل الصايغ استقالته من المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء في بداية الجلسة المسائية للمجلس. وأبلغ الصايغ رئيس مجلس النواب نبيه بري موقفه على أن يقدم استقالته خطياً.

 

ومن ابرز ما اقر في الجلسة النهارية مشروع قانون فتح اعتماد إضافي في باب احتياطي الموازنة العامة لعام 2022 بقيمة 10000 مليار ليرة لبنانية، ومشروع القانون بالموافقة على إبرام اتفاق بين لبنان والمنظمة الدولية للفرنكوفونية بشأن ممثلية للمنظمة في الشرق الأوسط ومقرها بيروت، والامتيازات والحصانات التي تتمتع بها في الأراضي اللبنانية، كما سحب رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مشروع القانون الرامي الى طلب الموافقة على إلغاء إتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والوكالة الفرنسية للتنمية للمساهمة في تمويل إستثمارات القطاع الخاص في مجال توفير الطاقة والطاقة المتجددة، وتم إقرار اتفاقية القرض المقدمّ من البنك الدولي بقيمة 150 مليون دولار أميركي لمشروع الإستجابة الطارئة لتأمين إمدادات القمح. واقر تعديل قانون السرية المصرفية بعد نقاشات وإدخال تعديلات عليه . اما الجلسة المسائية فشهدت اسقاط طابع العجلة عن الكثير من المشاريع. ثم تصاعد التوتر بشدة مساء حول اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى حماية مبنى الاهراءات في مرفأ بيروت، فاندلع الخلاف والصراخ بعد سقوط طابع العجلة عن المشروع، واتهم النواب التغييريون رئيس المجلس بتزوير احتساب الأصوات، وفقد النصاب فرفع بري الجلسة.

 

 

احتجاجات

في المقابل، وإعتراضا على إدراج القانون الرامي الى تشكيل المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء على جدول الجلسة النيابية، ودعما للبندين المتعلقين بالمحافظة على اهراءات القمح وتحويلها الى معلم سياحيّ، توجه أهالي ضحايا تفجير المرفأ إلى أمام المجلس النيابي تزامنا مع انعقاد الجلسة رافعين شعارات منددة وداعمة. وتحت شعار “الشاهد الصامت”، توجهوا الى أعضاء مجلس النواب ورئيسه بالقول “انتخاب أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو بدعة ولعبة من ألاعيبهم الشيطانية للهروب من التحقيق العدلي، وبالتالي المجلس العدلي، ولمنع محاكمتهم في أي جريمة ليكونوا الشرفاء النزيهين”. اضافوا: “نرفض وبشدة هذه المحكمة السياسية الصورية والوهمية التي يحاولون من خلالها التنصل وبالإجماع من اي مسؤولية تقع عليهم، وتحت غطاء الدستور كما يقال الذي هم أسياده وهم من وضعوه. فكيف لمجرم ان يحاسب نفسه؟ وكيف لقاض ان يقاضي نفسه وكيف لنا أن نثق بعدالة محكمة لم تعمل يوماً في تاريخنا؟ من هنا نطالب بالإعتراف بصلاحية القضاء العدلي لمحاكمة الوزراء في جريمة انفجار مرفأ بيروت، فنحن نضغط لإقرار القانون لحماية أهراءات مرفأ بيروت، وما حصل في 4 آب جريمة مئة في المئة بحقّ اللبنانيين جميعاً”.

 

 

جنبلاط

واعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ان “الثورة نجحت لكنها لم تضع لنفسها برنامجاً ولتضع الثورة في المجلس النيابي برنامجاً سياسياً يبدأ بكيفية تغيير النظام من الداخل لأن التغيير من الخارج غير ممكن”.

 

وقال في حديث للمؤسسة اللبنانية للارسال ان “لبنان يستطيع أن يحفظ رأسه ونريد الإصلاح وفق شروط صندوق النقد الدولي وليحاول “حزب الله” أن يجنبنا الحرب”.

 

واعلن “اننا لا نستطيع القيام بشيئ تجاه حزب الله وإيران ويجب انتظار اللحظة المناسبة لوضع سلاح حزب الله تحت إمرة الدولة اللبنانية”.

 

وأضاف “نقول للسيد حسن تستطيع ان ترسل مسيرات وتطلق صواريخ ولكن حاول التفكير بردة الفعل”. اما في قضية المطران موسى الحاج فكرر جنبلاط موقفه المتمايز فانتقد “المزايدات” حول الكنيسة ورفض تلقي الأموال من دروز فلسطين، وانتقد وصف الدكتور سمير جعجع للقاضي فادي عقيقي بالخائن . ودعا المرشحين للرئاسة الى تقديم برامجهم .

 

 

العقوبات الأوروبية

وسط هذه الأجواء اكتسب قرار الاتحاد الأوروبي امس تمديد اطار التدابير التقييدية الخاصة بلبنان لعام إضافي دلالات بارزة . وقال المجلس الأوروبي انه اعتمد قرارا يمدد لسنة واحدة اطار الإجراءات التقييدية المستهدفة لمعالجة الوضع في لبنان . وينص هذا الإطار المعتمد منذ 30 تموز 2021 على إمكانية فرض عقوبات على أشخاص وكيانات مسؤولة عن تقويض الديموقراطية أو سيادة القانون في لبنان بـ”إعاقة أو تقويض العملية السياسية الديموقراطية من خلال الاستمرار في إعاقة تشكيل الحكومة أو عرقلة إجراء الانتخابات أو تقويضها بشكل خطير”، وكذلك إعاقة أو تقويض تنفيذ خطط وافقت عليها السلطات اللبنانية وبدعم من الجهات الفاعلة الدولية ذات الصلة، بمن فيها الاتحاد الأوروبي، لتحسين المساءلة والحوكمة الرشيدة في القطاع العام أو تنفيذ إصلاحات اقتصادية هامة في القطاعين المصرفي والمالي”.

 

وتكمن هذه العقوبات في حظر السفر إلى الاتحاد الأوروبي وتجميد أصول لأشخاص وكيانات. بالإضافة إلى ذلك، يُحظر على أشخاص وكيانات في الاتحاد الأوروبي إتاحة الأموال للمدرجين في القائمة. مع هذا، تطاول الإجراءات العقابية سوء السلوك المالي الجسيم في ما يتعلق بالأموال العامة، بقدر ما تكون الأفعال المعنية مشمولة باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والتصدير غير المصرّح به لرأس المال.

 

ملف الترسيم

في غضون ذلك وعلى رغم المعطيات المتفائلة التي يبديها بعض المعنيين الرسميين بملف الترسيم البحري للحدود بين لبنان وإسرائيل حيال الزيارة المقبلة للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، فان معالم التصعيد تواصلت عبر تبادل السجالات بين الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ومسؤولين إسرائيليين. وغداة الكلمة الأخيرة لنصرالله وما تضمنته في شان ملف ترسيم الحدود البحرية، أكد امس وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، “أننا نسعى الى حل مع لبنان بشأن المناطق البحرية المتنازع عليها” الا انه اعتبر ان “نصرالله يعيق التوصل الى حل وهو من سيلحق الضرر بالطاقة ووضع اللبنانيين.” وامل “الا نتدهور الى حرب او ايام قتال لكن علينا الدفاع عن قدرتنا على استخراج الغاز دون المس باللبنانيين.”

 

وذكر موقع “وللا “الإسرائيلي أن جهاز الأمن الإسرائيلي رفع حالة التأهب حول منصات حقول الغاز “كاريش” على خلفية عدم التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل ولبنان في ترسيم الحدود البحرية . وأضاف الموقع، “في هذا السياق تقرر تشكيل “هيئة متعددة الأذرع”، تضم وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات، بهدف الاستعداد لاحتمال أن يحاول حزب الله تنفيذ عملية عسكرية أو استفزازات ومنع استخراج الغاز”.