IMLebanon

النهار: الاشتباك الأعنف بين ميقاتي والعهد: لا حكومة

 

يمكن القول ان الاشتباك الكلامي والسجالي الأعنف الذي انفجر بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب #ميقاتي و”#التيار الوطني الحر” وضع الحد النهائي هذه المرة لاحتمال نفاد الفرصة المتبقية لتشكيل حكومة جديدة قبل بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد. اذ ان المضمون المتفجر للاتهامات الحادة بين الفريقين تجاوزت المألوف، وبلغت سقوف الشتيمة والاوصاف المقذعة، الامر الذي يعكس انهيار العلاقة انهياراً تاماً بين الرئيس المكلف ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون الذي يتولى رئيس تياره النائب جبران باسيل إدارة الاشتباك مع ميقاتي وحلفائه ضمنا، بالاصالة والوكالة عن الرئيس عون. وبدا واضحا في ظل انفجار الصدام بين ميقاتي والتيار العوني ان اللقاء “القسري” الذي عقده الرؤساء الثلاثة في بعبدا يوم الأول من آب لم يسجل أي تبديل في الخصومة التصاعدية بين عون وميقاتي، بل ربما زاد التوتر بينهما، الامر الذي ترجمته الحملة العنيفة لـ”التيار” على ميقاتي واشتعال الجولة الأخيرة من السجالات بينهما.

 

وما استوقف الأوساط المعنية في رصد الاشتباك العنيف هذا، انه سبق واعقب، احياء الذكرى السنوية الثانية لانفجار المرفأ، الامر الذي يسحب جانبا من تركيز الأضواء الكاشفة على دلالات هذه الذكرى والمطالب التي رفعها أهالي ضحايا انفجار 4 آب، والتي تفترض من الدولة والحكومة، ولو مستقيلة، ومن الرؤساء والقوى السياسية الراغبة حقا في انقاذ التحقيق العدلي في هذه الجريمة، مواكبة جدية لمطلب تشكيل لجنة تحقيق دولية. ولكن الحقائق الدامغة التي اثبتتها الذكرى والتفجر السياسي الذي أطاح الاستحقاق الحكومي، ومن ثم دخول “حزب الله” وحركة “امل” بمواقف اعتراضية فاضحة على مهمة المحقق العدلي، فيما سائر القوى الأخرى لا يمكنها فرض ترجمة كلمة من عشرات بيانات التضامن مع أهالي الضحايا، اعادت تظهير الانكشاف والعجز والتواطؤ في هذا الملف الأخطر. وقد أحيا ال#لبنانيون الذكرى بمطالبة شعبية عارمة بلجنة تقصي حقائق دولية. كما وجّه أهالي شهداء فوج إطفاء بيروت رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس طالبوا فيها بإنشاء وتوفير التمويل للجنة محترفة ومستقلة وتفويضها تولي التحقيق في أسباب انفجار مرفأ بيروت، في الوقت الذي عاود فيه اهل الحكم صراعاتهم سريعا، فتصاعد الاشتباك بين “التيار الوطني الحر” ورئيس حكومة تصريف الاعمال على اعنف وجه.

 

 

الحرب الكلامية

وشن “التيّار الوطنيّ الحرّ” اعنف هجماته على ميقاتي متهما إياه بانه صاحب تاريخ مليء بالفساد وسأله “كيف لك أنت الذي أمضيت سنيّك بالصفقات والسمسرات والعمولات أن تتناول من قضى عمره في الساحات دفاعاً عن الوطن وإستقلاله والدولة ومؤسساتها بمواجهة المحتلين والطامعين والفاسدين؟”. أنت جعلت من بطاقة الإئتمان المصرفي هوية لك، فيما هوية التيّار الوحيدة هي لبنان. أمرك عجيب يا نجيب، فأنت تتهم التيّار الوطنيّ الحرّ بالفساد فيما جعلت من الفساد نهجاً لحياتك منذ أن بدأت في لبنان خلال الحرب بالمتاجرة بالخطوط والإتصالات الدولية المشبوهة، وانتقلت بعدها الى سوريا تستجدي نظامها لتجمع من قطاع الإتصالات فيها ثروة قبل أن تنقلب عليها، مالاً وسياسيةً، فبات موقفها منك معروفاً “.

 

وعلى الاثر، ردّ المكتب الاعلامي لميقاتي معتبرا ان “الناس في واد و”تيار قلب الحقائق” في واد، ولذلك سيكون ردنا مقتضبا ولمرة أخيرة منعا للتمادي في الابتزاز السياسي وفي سجالات عقيمة”. وقال “لاننا نتبع القاعدة المعروفة التي تقول إن الضرب بالميت حرام، لن نضرب في “ميت التيار” مكتفين بهذا القدر، ومستلهمين بتصرّف قول الاديب سعيد تقي الدين “ما أفصح “حامل العقوبات الدولية” على فساد موصوف، عندما يحاضر بالعفّة والنزاهة والاستقامة”.

وعاد “التيار الوطني الحر” الى الرد تكرارا متوجها الى ميقاتي فقال “بمّا أنك لم تستطع إلا الاستعانة بالعقوبات الاميركية التي وصفتها من خوفك بالعقوبات الدولية التي لم تخف رئيس التيار وتدفعه لقطع علاقته مع حزب الله، فإنها هي ما يخيفك في مسألة قبول هبة الفيول الايرانية أو المساس بالنظام والمنظومة المالية المفروضة على لبنان وبأي من اركانها وانت واحد منهم. صاحب المال الفاسد لا يمكن أن يكون يوماً رجل دولة”.

 

 

جعجع والصواريخ

وفي غضون ذلك وفيما ساد صمت وتجاهل رسميين مطبقين على تصريحات الحرس الثوري الايراني حول صواريخ “حزب الله”، رد رئيس حزب “القوات اللبنانية” #سمير جعجع قائلا “وهكذا شهد شاهد من أهل بيته، حيث صرّح قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، ان “العدو امام طريق مسدود لشن أي عمل عسكري ضد ايران، لأن لدى “حزب الله” أكثر من مئة ألف صاروخ جاهزة لفتح باب جهنّم على إسرائيل”. وأضاف “وهكذا من دون تحاليل ولا استنتاجات يتبيّن واضحا وجليا دور صواريخ “حزب الله” في لبنان. إن صواريخ الحزب مربوطة مباشرة بالمصالح الاستراتيجية الإيرانية، وقد أدى ذلك إلى تبعات هائلة جدا على الشعب اللبناني كما نعيشه ونراه ونلمسه كل يوم”.

 

 

إضراب المصارف

وسط هذه الاجواء أعلنت جمعية مصارف لبنان امس الإضراب ابتداءً من الإثنين ٨ آب ٢٠٢٢، على أن تقرّر الجمعية العمومية للمصارف التي ستنعقد في العاشر من آب الموقف الذي تراه مناسباً في هذا الشأن”، وبررت ذلك بان “الأوضاع الشاذة التي حاولت المصارف قدر الإمكان التعامل معها بمرونة ولو على حسابها، بلغت حدّاً لم يعد مقبولاً، وهي لم تعد تستطع أن تتحمّل المواقف المضرّة والشعبوية على حسابها وحساب الاقتصاد، وهي تجد نفسها مضطرة إلى إصدار إنذار عام يكون دعوة للجميع للتعامل بجدية ومسؤولية مع الأوضاع الراهنة بهدف السير نحو التعافي الحقيقي”. وبدا واضحا ان قرار الاضراب اتخذ احتجاجا على استمرار توقيف رئيس مجلس إدارة بنك الاعتماد المصرفي طارق خليفة ، ولكن مساء امس صادقت الهيئة الاتهامية على قرار قاضي التحقيق في جبل لبنان بترك خليفة بموجب كفالة وإخلاء سبيله ورد استئناف النيابة العامة . وكان خليفة تعرض لوعكة صحية في مكان توقيفه في مبنى الامن العام ونقل الى المستشفى. وبعد قرار تخليته قررت جمعية المصارف ارجاء البت بقرار تعليق الاضراب او المضي فيه الى اليوم لمزيد من التشاور بين أعضائها.

 

 

الفاتيكان

عند الاستئناف كان أعضاء الهيئة الاتهامية قد غادروا عملهم ليتم الابقاء على توقيف خليفة حتى مساء امس الجمعة عندعلى صعيد آخر، اكد السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري “قرب قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس والكرسي الرسولي، من لبنان كما ومن اللبنانيين واللبنانيات”، مشددا على “ان الكرسي الرسولي سيواصل مساعدة لبنان، لا سيما من خلال وكالات الإغاثة الكاثوليكية، كما ضاعف مساعداته خصوصا في السنوات الأخيرة، للمستشفيات والمدارس إضافة الى نشاطات كاريتاس- لبنان وغيرها من المؤسسات”. كلام السفير البابوي جاء بعد لقائه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، في زيارة وداعية بعد انتهاء مهمته في لبنان، وقبيل انتقاله الى مقر عمله الجديد سفيرا للكرسي الرسولي في المكسيك.

 

 

فرنسا

وفي المواقف الخارجية البارزة التي صدرت في ذكرى انفجار مرفأ بيروت أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانا جاء فيه ” تعرب فرنسا عن تضامنها الكامل مع الشعب اللبناني بعد مضي عامين على انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في 4 آب 2020. وهي تقف إلى جانب أسر الضحايا وأحبائهم، الذين لا تزال ذكراهم حاضرة في لبنان وفي فرنسا على حدٍّ سواء. ويجب أن يخضع المسؤولون عن الانفجار للمحاسبة، كما يجب أن يتمكن نظام العدالة اللبناني من العمل وإكمال التحقيق بكل شفافية بمعزل عن أي تدخل سياسي. وقد دعمت فرنسا التحقيقات في انفجار المرفأ في جميع مراحلها، ولبَّت جميع الطلبات التي وُجِّهت إليها في إطار التحقيق اللبناني، وستواصل مساعيها على المنوال نفسه. وينتظر اللبنانيون كشف جميع ملابسات انفجار المرفأ. وقد أشار رئيس الجمهورية إلى وجوب إحقاق العدالة، إذ يحتاج اللبنانيون إلى معرفة الحقيقة … ويعود الأمر إلى المسؤولين السياسيين اللبنانيين في اتخاذ القرارات الواجبة دون مزيد من التأخير لإخراج البلد من الأزمة المتعددة الأوجه التي تضربه، وفي العمل لخدمة المصلحة العامة للبلد”.