اذا كان يصح الكلام عن “عودة” النشاط الرسمي للسلطة ممثلة برئيس الجمهورية #ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال #نجيب ميقاتي في المشهد الداخلي امس، فان هذه “العودة” لم تكن سوى اثبات إضافي على ما آلت اليه حال التفكك لـ”دولة ببيوت كثيرة” في نهايات العهد العوني كل منها يغرد على هواه. ففيما “ضاعت الطاسة” بين المعلومات عن دعوة مفاجئة وجهها ليل الاثنين الرئيس ميقاتي الى الوزراء لعقد “لقاء تشاوري” في السرايا في الرابعة بعد ظهر امس من دون جدول اعمال ومن دون صفة رسمية، لم توزع دوائر السرايا ولا المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة أي خبر او معلومات عن هذا الاجتماع مع ان ثمانية وزراء كانوا يزمعون المشاركة في احتفال بيئي في أعالي كسروان الغوا هذه المشاركة لتلبية الدعوة الى الاجتماع .
في المقابل، ومن دون أي مبررات جديدة، فتح رئيس الجمهورية فجأة ما يشبه النار المكبوتة ضد القضاء بحجة اتهامه بالرضوخ لأصحاب النفوذ في ملف مطاردة حاكم مصرف لبنان #رياض سلامة عبر بيان اثار استغراباً واسعاً لجهة تشكيله تدخلا علنيا في التحريض علِى حاكم المركزي في الهزيع الأخير من الولاية العونية. وبدا مستغربا ان يخصص عون رسالته الى السلطة القضائية لتصفية صراعه مع حاكم مصرف لبنان من دون ان يلتفت الى الذكرى السنوية الأولى لانفجار التليل.
واستنادا الى هاتين الواقعتين، بدأت تثار واقعيا مسألة التداعيات الخطيرة التي يمكن ان تشهدها البلاد في ما تبقى من ولاية عون انطلاقا من اقفال باب الاحتمالات امام تشكيل حكومة جديدة واستفحال القطيعة وانعدام التنسيق بين اقطاب الدولة وانطلاق السياسات الفردية والكيدية وفق اجندات منفصلة. ولعل الأسوأ مما سبق ان ما كان يجري تداوله همسا حول امكان افتعال انتهاك دستوري واجتهادات تتسم بالهرطقة الدستورية في ما يعود الى إدارة مرحلة الاستحقاق الرئاسي في حال حصول فراغ رئاسي، بدأ يجري التعامل معه علنا باطلاق بالونات اختبار من نوع الاجتهادات بعدم صلاحية حكومة تصريف الاعمال لتولي السلطة مكان رئيس الجمهورية بما يبرر للرئيس الحالي البقاء “انقلابيا” بعد انتهاء ولايته !
في أي حال علمت “النهار” ان اللقاء الوزاري الذي دعا اليه ميقاتي قد انعقد فعلا في منزله، وضم جميع الوزراء، ولكنه اتسم بصفة تشاورية وجرى خلاله عرض أفكار لتفعيل الحكومة ولم يكن اللقاء تقريريا. وذكرت المعلومات ان الوزراء تبلغوا من ميقاتي ان اتصال معايدة بمناسبة عيد انتقال العذراء حصل بينه وبين عون وان الأخير دعا رئيس الحكومة الى لقائه اليوم في بعبدا.
وأفادت المعلومات، بأن “هناك توافقًا حصل خلال إجتماع السرايا على إعتماد سعر 20 ألف ليرة للدولار الجمركي”. وذكرت أن جلسة النقاش “التشاورية” وغير الرسمية بين ميقاتي والوزراء تداولت بعض القضايا من دون تحديد أي جدول أعمال. وإنعقد اللقاء بعيدًا عن الإعلام لعدم أثارة التساؤلات حول توقيته ومغزاه ومدى إرتباطه بتعويم الحكومة لبحث قضايا طارئة في ظل الخلاف المستحكم على تشكيلة حكومية جديدة بين الرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية. وافيد ان خلافا تصاعد بين وزيري المهجرين والشؤون الاجتماعية على خلفية زيارة الأول لدمشق وتنازعهما الصلاحيات حول ملف النازحين السوريين.
عون وحاكم المصرف!
وكان الرئيس عون اصدر بيانا مفاجئا دعا عبره القضاة الى “ان ينتفضوا لكرامتهم وسلطتهم ولا يهابوا ظلم اصحاب النفوذ فهم ادرى بوهنهم امامكم عندما تؤدون رسالة عدالة الأرض بانتظار عدالة السماء”. وانطلق من ان “القضاء المختص حرك دعوى الحق العام بحق المدعى عليه حاكم مصرف لبنان رياض توفيق سلامة وشركائه والمتدخلين معه بجرائم مالية خطيرة ويزيد من خطورتها أن المشتبه به الأول بارتكابها هو حاكم مصرف لبنان وهي تحديدا جرائم الاختلاس والتزوير واستعمال المزور وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي…
ومنذ ذلك الحين تقاسم القضاة المعنيون التهرب من المسؤولية من دون أن يتم الادعاء وفق الأصول القانونية” . واعتبر “أن القضاء المسير أو المأسور يعني في مكان ما أن هناك من يقيده، وقد يكون متضررا من عدالته، وهو حتما صاحب نفوذ كي يجد إلى تعطيل سلطة دستورية كالقضاء سبيلا، ولكنه حتما يجد أذنا صاغية. من هنا أطلب من القضاء أن يواجه كل من يقيد عدالته في المصرف المركزي، كما في انفجار مرفأ بيروت الذي حلت الذكرى الثانية لآثاره القاتلة والمدمرة في الرابع من الشهر الحالي، حيث لا تزال أنفس الضحايا والجرحى وأهاليهم والمتضررين مضطربة، كما هي حال الموقوفين المظلومين وأهاليهم أيضا”. وقال: “دعوتي للقضاة اليوم: انتفضوا لكرامتكم وسلطتكم ولا تهابوا ظلم اصحاب النفوذ، فهم أدرى بوهنهم أمامكم عندما تؤدون رسالة عدالة الأرض بانتظار عدالة السماء”.
الاشتراكي
على صعيد المشهد الرئاسي والسياسي برز امس موقف لعضو “اللقاء الديموقراطي” النائب وائل أبو فاعور تعليقا على ما يثار عن موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عقب لقائه و”#حزب الله”. واعلن ابو فاعور أن “اللقاء مع حزب الله ليس من موقع الضعيف بل من خلفية المنتصر ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يحاور من منطلق قناعاته وبموضوع الاستحقاق الانتخابي لن يختار جنبلاط مرشحًا من 8 آذار ولا “مرشّح تحدّي”. وقال “طبيعة البلد تفرض أن يتم التواصل مع حزب الله وكنا نعتقد أن لدى الحزب قدرة التأثير بالأمور”. وقال “الرئيس القوي في مفاهيمنا هو القوي في قراراته وفي علاقاته وبإدارته وليس في قاعدته الشعبية، وتجربة الرئيس ميشال سليمان تجربة رائدة وصفحة الرئاسة الحالية يجب أن تطوى”. وأضاف “المشتركات بيننا وبين القوات اللبنانية أكثر من الامور التي لا نتفق عليها واتمنى على جعجع عدم الاستطراد في الاستنتاجات”. واعتبر ان “رئاسة الجمهورية اليوم هي حزب سياسي إسمه التيار الوطني الحر ونريد رئيسًا نقيضًا لهذا الرئيس”. ورأى أن “تجربة 14 آذار تجربة مجيدة ونحن نعتز بالإنضمام إليها”. وأشار إلى أنه “مع دعوة رئيس حزب القوات سمير جعجع نواب الحراك والقوى السياسية الاخرى الى التفاهم على اسم ما من أجل انشاء حد معين من التوازن في الاستحقاق الانتخابي”.
“لبنان القوي”
في المقابل نبه “تكتل لبنان القوي” الى “خطورة الإمتناع عن تشكيل حكومة تحت ذرائع مختلفة وحذر مما يشاع عن وجود فتاوى جاهزة تتيح لحكومةٍ مستقيلة أن تقوم مقام رئيس الجمهورية في حال عدم إنتخاب رئيس جديد في المهلة الدستورية. واعتبر أن أي محاولة في هذا الإتجاه مرفوضة قطعاً وهي تفتح باباً للفوضى الدستورية وربما أكثر وتطلق عرفاً قد يجرّ الى أعراف جديدة، وعليه يؤكد التكتل أن المطلوب بأسرع وقت أن يقوم رئيس الحكومة المكلف بدوره في تشكيل حكومة جديدة آخذاً في الإعتبار الشراكة الدستورية لرئيس الجمهورية في عملية التأليف وألّا يجنح احد في البلاد الى أي مغامرات تضرب الدستور والميثاق”.
واعتبر التكتل “أن المرشح لرئاسة الجمهورية يجب أن يكون ممثلاً لبيئته، أي أن ينتمي الى كتلة نيابية ذات تمثيل وازن لدى بيئته أو في اسوأ الاحوال أن يكون مدعوماً من الكتل النيابية الوازنة، أما ترشيح من لا صفة تمثيلية له فهو أمر من زمن مضى ولن نقبل ان يعود”. واعتبر أن “تنازل رئيس القوات اللبنانية عن هذا المبدأ هو إستكمال لما قام به قبل 32 عاماً عندما وافق وغطّى إنتزاع الصلاحيات الدستورية من رئيس الجمهورية. تم التضحية بالصلاحيات عام 90 نكاية بالعماد عون في حينه، واليوم تتم التضحية بالتمثيل نكاية بتياره”.
دعم أميركي جديد
الى ذلك أعلنت #السفارة الأميركية في بيروت ان الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ستقدم للبنان مبلغ 29.5 مليون دولار أميركي، مقسّمة على 15 مليون دولار كمساعدات إنسانية و 14.5 مليون دولار لتمويل الدعم الاقتصادي، من أجل المساعدة في حماية الفئات الضعيفة من السكان مع تزايد انعدام الأمن الغذائي في لبنان. وأوضحت ان المساعدات الإنسانية التي تقدمها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بقيمة 15 مليون دولار سوف يتم تسليمها عبر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، والذي سوف يستفيد منه حوالي 300 ألف لبناني من الفئات الضعيفة الذين سيحصلون على طرود منزلية شهرية توزّع خلال الأشهر المقبلة. وتتضمن مساهمة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أيضا تمويلا بقيمة 14.5 مليون دولار كدعم اقتصادي لمزارعي الخضار والحبوب من خلال إمدادات مثل البذور والشتول في سبيل الحفاظ على الإنتاج الغذائي المحلي.