إنه أسبوع الانطلاقة الدستورية الفعلية للاستحقاق الرئاسي الذي يعوّل عليه ال#لبنانيون الامال العريضة، في ان يشكل نهاية الام الانهيار “التاريخي” الذي أصاب لبنان وبداية فجر انقاذي مع انتخاب الرئيس الرابع عشر للجمهورية. يوم الخميس المقبل في الأول من أيلول، تبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية وينطلق العد العكسي للشهرين الأخيرين من ولاية الرئيس #ميشال عون. وفي ظل هذا الموعد الدستوري يكتسب الأسبوع الحالي أهمية ودلالات سياسية ودستورية وواقعية، اذ، الى جانب بدء المهلة الدستورية، ثمة محطات أخرى يترقبها الوسط السياسي وقد تحمل تطورات ومتغيرات في اطار المشهد السياسي والحكومي والرئاسي. ثمة أولا معطيات تؤكد ان الأيام القليلة المقبلة ستشهد معاودة للاتصالات والجهود المتصلة بالملف الحكومي تحت وطأة اشتداد المناخات الضاغطة لتجاوز تداعيات الجولة الأخيرة من التوترات بين بعبدا والسرايا الحكومية، وانه على رغم المناخات المشدودة التي خلفتها جولة السجالات، فان الاستعدادات لاعادة التواصل بين رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لا تزال مفتوحة. وتؤكد هذه المعطيات ان ثمة دفعا قويا من الثنائي الشيعي في اتجاه التوصل الى تسوية بين عون وميقاتي حول تعويم حكومة تصريف الاعمال او اجراء تعديل حكومي عليها بتوافق بين بعبدا والسرايا ومكونات الحكومة من منطلق أهمية ولوج الاستحقاق الرئاسي والمهلة الدستورية بحكومة كاملة الصلاحيات. ويبدو واضحا ان الثنائي الشيعي، وخصوصا “حزب الله”، يقيم حسابات متمايزة عن حسابات العهد حيال المرحلة الرئاسية ولا يرغب في احراج نفسه في معركة استنزاف سياسية، لذا يدفع بقوة نحو تسوية من شأنها استيلاد تعديل حكومي درءا لكل الاحتمالات التي قد تواجهها البلاد بما فيها الفراغ الرئاسي وتطورات ملف الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل .
كما ان الأسبوع الحالي سيشهد محطة سياسية بارزة مع الكلمة التي سيلقيها رئيس مجلس النواب نبيه بري الأربعاء المقبل في صور في مهرجان احياء ذكرى تغييب الامام موسى الصدر وهي كلمة تعلق عليها أهمية نظرا الى توقيتها عشية بدء المهلة الدستورية بحيث يفترض ان يضيء بري على المسار الدستوري الذي سيتبعه في الدعوات الى الجلسة الانتخابية وإدارة العملية التشريعية أيضا خلال هذه المهلة فضلا عن موقفه من اتجاهات المعركة الرئاسية .
تحرك “التغييريين”
ووسط التريث الذي لا يزال يطبع التحركات السياسية والنيابية المتصلة بالاستحقاق الرئاسي، اكتسب اعلان احد نواب “#تكتل النواب التغييريين” عن طبيعة المبادرة الرئاسية التي سيقوم بها هذا التكتل أهمية لجهة اول تحرك لكتلة نيابية بين مجموع الكتل النيابية. ذلك ان النائب ميشال دويهي اعلن امس أنّ النواب التغييريين “سيطرحون سلّة أسماء ل#رئاسة الجمهورية ومبادرتنا قائمة على السيادة الوطنية وإخراج لبنان من حرب المحاور وسنطلب مواعيد من كل الكتل النيابية بينها كتلة الوفاء للمقاومة ونريد رئيساً لكل اللبنانيين”. وأضاف: “نريد رئيس دولة وليس رئيس طائفة والنواب التغييريون الـ 13 سيكون موقفهم موحّداً بشأن المبادرة الرئاسية”، مشيراً إلى أن “لا خلاص للبنان إلا بدولة قوية ونحن حزب الدولة اللبنانية”، وتابع: “لا نريد رئيساً وسطياً بل رئيساً يملك حلولاً ونبحث عن شخص مدنيّ لتولّي رئاسة الجمهورية”. وقال أنّ “رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يكن رئيساً لجميع اللبنانيين وفريقه السياسي هو من أطلق شعار “بيّ الكلّ” وعهده من أسوأ العهود في تاريخ لبنان ودمّر البلد بالتعاون مع حلفائه”.
اما في المواقف البارزة من الاستحقاقات وككل احد ، وفيما غابت عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لوجوده في روما ، اعلن متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة انه “لو كانت لدينا محاسبة عادلة، لما كان تجرأ أحد على كسب غير مشروع، أو احتكر وجع الشعب وأذله، وتركه دون دواء بين حي وميت. المحاسبة العادلة والتوبة الصادقة تنقذ البلد مما أدخل فيه، لأنها توقظ كل مواطن ومسؤول وزعيم فيتبين ما سولت له نفسه فعله بإخوته ومواطنيه”. وقال “اللبنانيون يحنون بأسف ومرارة إلى القرون الماضية التي شهدت رجالات كبار وإنجازات عظيمة، ويتألمون من الحاضر بسبب بشاعته وسواده، ويخشون المستقبل لأن لا ضياء في الأفق. المواطن سئم السجالات والتوترات والتصعيد الدائم، سئم الوعود العرقوبية، سئم عدم الاستقرار والهزات السياسية والاقتصادية والقضائية، وهو يتوق إلى حياة هانئة في ظل دولة مستقرة، ونظام ثابت، وحكام يعملون من أجل المصلحة العامة والخير العام، بنزاهة وإخلاص. وعوض ذم نظامنا وقوانيننا فلنطبق أولا القوانين قبل العمل على سن غيرها، ولنحترم القضاء ونبتعد عن التدخل في أحكامه، ولنحترم المهل والإستحقاقات الدستورية، وليلتزم كل حده ويعمل واجبه. باختصار، لنطبق نظامنا الديموقراطي وأحكامه دون مواربة أو انتقائية، وبعدها تدرس الشوائب وتعالج”.
بعبدا
وفي ظل هذه المناخات كانت بعبدا اصدرت بيانا السبت نفت فيه كل ما سيق سياسيا واعلاميا حول بقاء الرئيس عون في بعبدا بعد انتهاء ولايته. واعتبر بيان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهوريّة أن “ثمة مخططا مستمرا لإستهداف موقع رئاسة الجمهوريّة وشخص الرئيس، من خلال القول بوجود رغبة لديه في تعطيل تشكيل الحكومة حيناُ، او تجاوز الدستور في ما خصّ موعد إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية أحياناً أخرى. وعلى رغم المواقف التي صدرت مباشرة عن الرئيس، او من خلال مكتب الإعلام في الرئاسة، والتي تدحض كلّ هذه الافتراءات، يواصل البعض من السياسيّين والإعلاميّين المضيّ في الترويج لسيناريوهات من نسج الخيال بهدف الإمعان في الإساءة، وخداع الرأي العام في الداخل والخارج”.
وأشار الى انه “إذا كانت رئاسة الجمهوريّة تتجاوز دائماً مثل هذه الإساءات والأكاذيب، وتكتفي من حين الى آخر بتوضيح مواقفها، الّأ أنّ الامر وصل بالبعض الى حدّ إثارة النعرات الطائفيّة والمذهبيّة، من خلال دعوات مشبوهة للمراجع السياسيّة والدينيّة الى “عدم السكوت عن العبث الخطير بالدستور والطائف وأيّ مغامرات إنقلابيّة”، وغيرها من التعابير التحريضيّة التي تكشف بوضوح عن نوايا القائمين بها “. وأكد انّ كلّ ما يُنشر من إجتهادات وتفسيرات وإدّعاءات تتعلّق بمواقف رئيس الجمهوريّة وقراراته والخطوات التي ينوي إتّخاذها قبيل إنتهاء ولايته، هو مزيج من الكذب والإفتراء لا يجوز الإعتداد به”.
دار الفتوى
الى ذلك أعلنت دارُ الفتوى دعمها للرئيس ميقاتي وتمسّكها بصلاحيات الرئاسة الثالثة. واعتبر المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بعد جلسته الدورية برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان ان “لبنان يحتاج الى رئيس جديد للجمهورية خاصة بعد سلسلة العثرات والمواقف الارتدادية عن روح الدستور اللبناني واتفاق الطائف وميثاق العيش المشترك، غير ان ما يجري في الوقت الحاضر هو الإلتفاف على هذه القيم والمبادئ، أحيانا بالطعن بشرعية الحكومة الحالية والإلتفاف عليها، وأحيانا أخرى بطرح شعارات التمثيل الطائفي والمذهبي”. ودعا المجلس الى احترام النصوص الدستورية وحذر من “ان الإلتفاف على هذه النصوص تحت أي ذريعة لن يؤدي إلا الى المزيد من المتاعب والإضطرابات” ورأى أن “الصيغة التي قدمها الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة هي ثمرة اللقاءات والاتصالات والمشاورات التي أجراها الرئيس نجيب ميقاتي مع القوى السياسية والتكتلات النيابية كافة لإنجاز تأليف الحكومة والتي هي الخطوة الأولى على الطريق الصحيح لإنقاذ البلد”، وأكد “دعمه وتأييده للرئيس ميقاتي في مسعاه لتشكيل الحكومة وفي الخطوات التي يقوم بها من اجل وطنه وشعبه”. وأبدى المجلس “حرصه على صلاحيات رئيس الحكومة في ممارسة المهام المنوطة به والمحددة له في الدستور واتفاق الطائف، ولاسيما في ما يتعلق بتشكيل الحكومة ولا يمكن المس بهذه الصلاحيات تحت أي ذريعة أو مصالح فئوية لأنها تستهدف لبنان وعيشه المشترك وهي قضية وطن وبناء دولة، مما ينبغي الترفع عن الحسابات الضيقة فيها”.