في الأسبوع الثاني من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، يبدو ان ثمة طلائع جدية لتحركات نيابية وسياسية علنية، وأخرى بعيدة من الأضواء، من شأنها ان تبلور امكان نجاح هذه التحركات في تظهير اتجاهات أساسية لتحديد أسماء مرشحين للرئاسة وتحديدا لدى الكتل والقوى التي تندرج في اطار الأكثرية #المعارضة، باعتبار ان قوى 8 اذار لا تبدي اتجاهات توحي بإمكان ملاقاة التحركات المنتظرة الى منتصف الطريق. ولكن الأسبوع الحالي سيكتسب دلالات بارزة لجهة تشابك الأولويات خلاله، سواء في ما يتصل بانطلاق بعض التحركات النيابية الخاصة بالاستحقاق الرئاسي او بانعقاد مجلس النواب في جلسات مخصصة لمناقشة الموازنة وإقرارها او في ما يترقب من تطورات جديدة على صعيد ملف ترسيم الحدود البحرية بين #لبنان وإسرائيل.
وفي هذا السياق أفادت تقارير إعلامية، لم يؤكدها اي مصدر رسمي لبناني، ان الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين ارسل امس الاحد الى مسؤولين لبنانيين إحداثيات خط العوامات البحرية. و بحسب ما أفادت هذه التقارير فانّ هذه الإحداثيات تشكل النقطة الأخيرة التي يتم التفاوض عليها، وذلك تحضيرًا لإرسال عرض هوكشتاين الكامل في الأسبوع الحالي .
وفي هذا السياق نقلت محطة “الحدث” عن مصدر إسرائيلي قوله في ملف الترسيم البحري مع لبنان “أنّ الأسابيع المقبلة حرجة للغاية” لافتًا الى أنّ “العملية مكثفة للغاية ونحقق تقدما”. واشار المصدر الإسرائيلي الى أنه “على حكومة لبنان أن تقرر إن كانت تريد اتفاقا”.
وهدد رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي “دولة لبنان وحزب الله” مشيرا الى أنهما “سيتحملان التداعيات إذا تم المساس بسيادة دولة إسرائيل، وإذا تضررت مصالحها أو تم إيذاء مواطنيها”. وقال كوخافي، خلال حفل تسليم وتسلم القيادة على المنطقة الشمالية: “في لبنان يتصرف حزب الله الذي تم تعريفه من قبل العديد من دول العالم كمنظمة إرهابية، وقد استولى على أجزاء واسعة من لبنان، ليصبح عمليا الجهة التي تحدد سياسته الأمنية”. واضاف: “من الناحية الأمنية لقد اختطف حزب الله لبنان الذي يدفع بسبب ذلك ثمنا مزدوجا أمنيا واقتصاديا، وبالتالي لا يتم تطبيق القرار 1701 حيث تنتشر الصواريخ والقذائف الصاروخية وراجمات الصواريخ المضادة للدروع وغرف التحكم والسيطرة في جنوب لبنان، وجنوب بيروت والبقاع برمته”.
“نقلة بارزة”؟
اما في ما يتعلق بالمشهد السياسي والرئاسي، فان اوساطا معنية بالمجريات الجارية على خط المساعي للاتفاق بين القوى المعارضة، السيادية و#التغييرية، تحدثت عن نقلة بارزة تحققت وهي في طريقها الى الاستكمال لجهة التقارب في حصر اطار المرشحين الذين تنطبق عليهم المواصفات التي حددتها هذه القوى وان مرحلة التسميات اقتربت وان لم تكن سريعة جدا. وتقول هذه الأوساط انه لن يتم استعجال الأمور قبل قيام “تكتل النواب التغييريين” باتمام مبادرته التي تنطلق عمليا من اليوم بجولة تشمل جميع الكتل النيابية والنواب المستقلين سعيا الى بلورة مناخ توافقي على مرشح انقاذي . ومع هذه الجولة فان المشاورات الجارية بين القوى المعارضة ستمضي قدما نحو المساعي المتقدمة لتحديد مرشح او اكثر وفق الية مرنة ومنفتحة، ولكن حازمة، لجهة ضرورة الوصول الى مرحلة التسمية في اقرب فرصة بعدما تمادت فترة الانتظار وتنامت مناخات سلبية باتت تظهر البلاد كأنها محكومة حتما بالفراغ الرئاسي بما يلائم العهد الذي يعد أيامه وبعض القوى”الممانعة”، وعلى رأسها “حزب الله”، التي توظف الغموض السائد في اجنداتها المعلومة. ولذا لفتت الأوساط نفسها الى ضرورة القراءة المعمقة للموقف البارز الذي اطلقه امس رأس الكنيسة المارونية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الذي دعا بمنتهي الوضوح الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية “من البيئة الوطنية الاستقلالية ” وهي الدعوة الأكثر صراحة الى الاتجاه الذي تزكيه بكركي في اختيار رئيس انقاذي بما يستتبع استقطابا واسعا داخليا وخارجيا لهذا الموقف. ولم تستبعد الأوساط نفسها ان يتحول هذا الموقف الى نقطة ارتكاز أساسية في الحركة التصاعدية المتوقعة للاستحقاق تباعا.
اما في تحرك النواب “التغييريين” فأكّدت امس النائبة العضو في هذا التكتل نجاة عون صليبا أنّ النواب التغييريين سيبدأون اليوم لقاءاتهم مع كتلة “الطاشناق” للتباحث في مبادرتهم الرئاسيّة، واعتبرت: ” اننا على مسافة من الجميع ولا بدّ من لبننة القرار والسؤال هو هل بإمكاننا أن نتفق فننتخب رئيسًا لبنانيًّا من دون إملاءات الخارج؟”. وأعلنت: ” سنعمل بكل قوانا لانتخاب رئيس ضمن المدّة الدستوريّة وإذا وُضعنا أمام خيار إيصال شخص لا نرغب به فسنلجأ إلى تعطيل الجلسات كخيار ديموقراطي”.
ورصدت معالم تقارب قوي بين “#القوات اللبنانية ” وحزب الكتائب، وتتواصل لقاءات التنسيق بين رئيس الكتائب النائب سامي الجميل ونائب رئيس حزب “القوات” النائب جورج عدوان . وفي هذا الاطار اعلن عضو كتلة الكتائب النائب سليم الصايغ “اننا لا نريد النهج الذي سيطر على لبنان منذ 6 سنوات ان يتجدد. لا نريد رئيسا ينتمي الى 8 آذار .لا نريد رئيسا يلبس قناع الطوباوية ويلعب دور ربط النزاع، نريد رئيس مواجهة. نحن اليوم لا نستطيع السير بفكرة ترك موضوع السلاح جانبا، ووضع رؤوسنا كالنعامة في الوحل ونبحث في المواضيع الاقتصادية والمواضيع الأخرى فالحدود فلتانة، وهناك تهريب وانعدام ثقة مع البلدان العربية”.
وكان رئيس حزب “القوات” سمير جعجع اكد أنّه في ما يتعلق “بفريقنا، الذي يشمل القوّات اللّبنانيّة ومجموعة النّوّاب السّنّة والنّوّاب التغييريّين والمستقلّين والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب حصلت خلال الأيام العشرة الأخيرة اتّصالات واجتماعات متواصلة على قدم وساق بشأن الاستحقاق الرئاسيّ، ومن المفترض أن نتوصّل خلال الأسابيع المقبلة إلى مرشّح بعد عرض أكثر من إسم، ونحن في مسار إيجابيّ والمؤشرات جيّدة”، ورأى أنّ “فريق الممانعة يسير بالفراغ أما نحن ففي الاتجاه المعاكس ولا عمليّة إنقاذ من دون رئيس جديد للجمهوريّة”. وكشف جعجع أنّ “في السّلّة العامّة هناك إسمَان إلى 3 أسماء، ورئيس حركة الاستقلال النّائب ميشال معوّض شخصيّة مؤهلة ل#رئاسة الجمهورية لكنّنا حاليّاً لا نقترح أسماء”، مضيفاً “لمست نيّة لدى فرقاء المعارضة للوصول إلى مرشّح موحّد، والآن العمل يتركّز على هذا الموضوع”.
الراعي وعودة
في غضون ذلك اطلق البطريرك الراعي في عظته امس سلسلة “لاءات” فقال “لا نسكت بل نرفض شل البلاد، لا نسكت بل نرفض تعطيل الدستور، لا نسكت بل نرفض الحؤول دون تشكيل حكومة، لا نسكت بل نرفض منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا نسكت بل نرفض فرض الشغور الرئاسي، لا نسكت بل نرفض استباحة رئاسة الجمهورية، لا نسكت بل نرفض الإجهاز على دولة لبنان وميزاتها ونموذجيتها ورسالتها في هذا الشرق وفي العالم” . واضاف “إننا ننتظر من المواطنين المخلصين المؤمنين بلبنان-الرسالة أن يشاركونا في رفض هذه البدع، وأن يقفوا وقفة تضامن حتى تشكيل حكومة جديدة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل الحادي والثلاثين من تشرين الأول المقبل، يكون رئيسا من البيئة الوطنية الإستقلالية ورئيسا جامعا. من المؤسف أن يصل اللبنانيون إلى حالة اللاثقة التي باتت تشكك في كل نية ولو صادقة، وإلى حالة التسييس التي ترى مسيسا كل قرار أو تدبير. وهاتان الحالتان تؤديان إلى التعطيل. هذه حال ما يحصل اليوم بين أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت ووزير العدل. إنه نزاع تبرره حالتا اللاثقة والتسييس، ويؤدي إلى التعطيل وأصبح إبداء الرأي ولو موضوعي محكوما عليه بالتشكيك والتسييس”.
وبدوره اعلن متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة: “إن المبادرة التي أطلقها النواب المسمون تغييريين جديرة بأن يلاقيها كل نائب يحرص على القيام بواجبه وعلى إنقاذ البلد. تضافر الجهود واجب، وتطبيق الدستور أول الواجبات، وعلى المجلس النيابي ورئيسه القيام بواجبهم مهما كانت الظروف والعقبات. إذا استمرت المناكفات وزاد التباعد لن تبقى جمهورية لينتخب لها رئيس. لذلك على الجميع التحلي بالتعقل والحكمة والحس بالمسؤولية. النية الحسنة وحدها لا تكفي، كما الوعود والكلام المعسول. المطلوب أفعال على مستوى الظرف العصيب، تلاق وحوار وقرار، بعيدا عن المصالح والإرتباطات”.واضاف: “هنا نسأل: هل تعطل جلسة انتخاب رئيس حتى الاتفاق على إسم؟ وإذا لم يتم ذلك هل نرمي البلد في المجهول؟ أليس الأفضل أن يعلن من يرى في نفسه الكفاءة والقدرة على تولي المسؤولية ترشحه ورؤيته وبرنامجه، ويجري التنافس بروح ديموقراطية راقية؟ وما الضير من وجود عدة مرشحين؟ ولينتخب النواب من يقتنعون ببرنامجه وكفاءته ويرونه أهلا لتحمل المسؤولية في هذا الظرف، وليكن انتخابهم بحسب ضميرهم لا بحسب الإملاءات والمصالح. بعد كل التحولات التي حصلت، لم يعد مجال للتسويات كما في السابق، ولم يعد جائزا التلاعب بمصير البلد وأبنائه. المطلوب تضافر الجهود من أجل إنقاذه. ووجود رئيس وحكومة فاعلة ليس ترفا بل ضرورة. وعلى جميع المعنيين التخلي عن مصالحهم وأنانياتهم وأحقادهم وكل ما يعرقل إتمام الإستحقاقات”.