IMLebanon

النهار: ملفّ الترسيم عالق على الضغط الأميركيّ

 

قد تكون المفارقة الأكثر اثارة للاهتمام والتي تشكلت في الساعات الأخيرة تتمثل في عدم سقوط رهان كل من #لبنان وإسرائيل على الوساطة الأميركية لمنع انهيار اتفاق الترسيم للحدود البحرية، ولو ان الحيز الأكبر من المعطيات المتصلة بهذا الملف تشير الى تعاظم خطر انهيار هذا الاتفاق. ومع ان ضجيج الرفض الإسرائيلي اول من امس للتعديلات والملاحظات اللبنانية على الاتفاق الذي وضع نصه الوسيط الأميركي في ملف #ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين، لم يترك مجالا واسعا او هامشا كبيرا لتوقع تعويم الاتفاق والحؤول دون تجميده او انهياره، نظرا الى تمسك لبنان بهذه التعديلات، ولا سيما منها ما يتعلق بالنزاع على “خط العوامات” الذي يرفض لبنان اعتباره خطا حدوديا، فان ذلك لم يسقط ما قد يصح اعتباره الفرصة ما قبل الأخيرة المتاحة امام الوسيط هوكشتاين لاحتواء معالم التصعيد قبل تدحرجه في اتجاهات خطيرة. هذه الفرصة بدت ظروفها واقعية على طرفي النزاع، اذ لم يخف المسؤولون اللبنانيون المعنيون بملف التفاوض الذي أدى الى صياغة مشروع اتفاق الترسيم امس، بانهم انتظروا اخطارا خطيا جديدا من هوكشتاين حول الموقف الأميركي من الرفض الإسرائيلي التفصيلي للملاحظات والتعديلات اللبنانية، وما يقترحه الوسيط الأميركي للمضي في التفاوض بما يعكس عدم القطع مع المفاوضات ولو من منطلق التمسك بالتعديلات المبلغة الى هوكشتاين. وفي المقابل لم يحجب ضجيج التصعيد الإسرائيلي على خلفية الأجواء الانتخابية عودة التقليل من التهويل بمواجهة حربية من جهة، وترقب ما سيقوم به هوكشتاين مع الجانب اللبناني، ولو ان الجديد الذي سجل في هذا السياق تمثل في التلويح المتجدد باجراء تجارب في حقل كاريش في الأيام القليلة المقبلة .

 

وأعلنت الخارجية الأميركية مساء امس انها لا تزال تعتقد ان التوصل الى اتفاق لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل لا يزال ممكنا وسنواصل العمل مع لبنان وإسرائيل لحل الخلافات القائمة.

 

وغداة رفض إسرائيل التعديلات اللبنانية على اتفاق الترسيم، اعلن رئيس الجمهورية ميشال عون ان لبنان ينتظر نتيجة الاتصالات التي يجريها الوسيط الأميركي مع الإسرائيليين لتحديد مسار المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية. وافيد ان هوكشتاين يفترض ان يسلم الى نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب الملاحظات الاسرائيلية الخطية على اقتراحه بما يعني أن التفاوض مستمر وقد انتقل من مرحلة المفاوضات السياسية الى مرحلة درس المفردات القانونية والتقنية في أجواء هادئة بعيدة من التشنج.

 

اما في المقلب الإسرائيلي فأفادت صحيفة “إسرائيل اليوم”، بأن “المنظومتَين السياسية والأمنية تستعدان لإجراء فحوصات في حقل الغاز (كاريش) خلال الأيام القريبة، وعلى الأرجح أن تبدأ ذلك يوم الأحد مع مطلع الأسبوع المقبل”. وأشارت إلى أن “التشغيل سيكون تجريبياً؛ حيث سيجرَّب تدفق الغاز من جهة الساحل (شمالاً) باتجاه المنصّة المتنقلة على بعد مئة كيلومتر. وبعد ذلك ستبدأ في السحب ودفق الغاز من الحقل إلى الشاطئ”.

 

من جانبها أشارت صحيفة “تايمز أوف اسرائيل” إلى أن “لبنان يبدو متمسكًا بموقفه بشأن الاتفاق البحري المقترح مع إسرائيل، وذلك على الرغم من ضغوط إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على لبنان للتخلي عن بعض المطالب”. ونقلت الصحيفة عن مسؤول لبناني أن “على الولايات المتحدة أن تفي بوعودها وتحل المسألة مع إسرائيل”. ورأت أن “إصرار المفاوضين اللبنانيين على بعض التغييرات التي رفضها رئيس الوزراء الاسرائيلي يائير لابيد، يساهم بتعثّر الاتفاق الذي كان على وشك الإبرام”. وأفادت الصحيفة، وفقًا لإذاعة “كان” العامة، بأن إدارة بايدن كانت تضغط على لبنان للتخلي عن بعض مطالبه، حيث ظل الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين على اتصال مباشر مع الجانبين”.

 

ووصف مسؤول إسرائيلي في تصريحات لهيئة الإذاعة والتلفزيون الاسرائيلي هذه الجهود بأنها محاولة لإحياء المحادثات. وصرّح وزير الصحة الاسرائيلي نيتسان هورويتز، العضو الرفيع في مجلس الوزراء الأمني، بأن الأنشطة الإسرائيلية في حقول الغاز ستستمر على الرغم من عدم حسم الاتفاق”. وقال “إسرائيل تعمل على مواصلة العمل في حقل الغاز الواقع في أراضيها، وسيبدأ الإنتاج بحسب الجدول الزمني لشركات الاستخراج وسيكون ذلك قريباً جداً”. علمًا أنه وفق الجدول الزمني المعتمد، الانتاج سيبدأ خلال أيام.

 

وتوجّه هورويتز لمن “يطلق التهديدات وجميع أنواع الترهيب”، بحسب تصريحه، قائلًا، “من وجهة نظرنا هذا لا يُغيّر أي شيء”. كما أعرب، عن أمله في إمكان التوصل إلى اتفاق قريبا، مضيفا، “هناك فرصة لتوقيع الاتفاق قبل الانتخابات الإسرائيلية في 1 تشرين الثاني”. وتابع هورويتز أن “هناك مصالح سياسية كبيرة في كلا البلدين تزيد من فرص الاتفاق في المستقبل القريب جدا”.

 

وكشف امس ان المدير العام لوزارة الطاقة الإسرائيلية، ليئور شيلات، اعلن خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) ، إن تقديرات وزارته وشركة “توتال” الفرنسية، صاحبة امتياز التنقيب عن الغاز في المياه الاقتصادية اللبنانية، هي أن مجمل الأرباح المحتملة من حقل الغاز قانا سيكون 3 مليارات دولار فقط، وفق ما نقل موقع “وللا” الإلكتروني ، عن أربعة وزراء وموظفين رفيعين شاركوا في اجتماع الكابينيت. ويعني ذلك أن هذه الأرباح منخفضة بشكل كبير عن تقديرات نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية في وقت سابق، وبينها صحيفة “ذي ماركر”، التي ذكرت أن تقديرات وزارة المالية الإسرائيلية هي أن الأرباح من الغاز المستخرج من هذا الحقل تصل إلى 20 مليار دولار.

 

وتقول إسرائيل إن أرباح الغاز من حقل قانا ستوزع بين شركة “توتال” ولبنان وإسرائيل. وذكر وزيران شاركا في اجتماع الكابينيت أن قسما كبيراً من الوزراء فوجئوا لدى سماعهم عن هذا المبلغ، أي 3 مليارات دولار، وقالوا إنهم اعتقدوا أن الأرباح، وهي مدار المفاوضات بين إسرائيل ولبنان بوساطة أميركية حول ترسيم الحدود البحرية، أكبر من ذلك بكثير.

 

وأشار الوزيران إلى أن وزيرة الداخلية، أييليت شاكيد، كانت بين الوزراء الذين فوجئوا من مبلغ الأرباح، وطالبت بكشف هذا المعطى أمام الجمهور في إسرائيل. وأضاف “وللا” أنه جرى إطلاع وزراء الكابينيت على اتفاق يجري بلورته مع شركة “توتال”، وأن بموجبه ستحصل إسرائيل على 17% على الأقل من الأرباح المحتملة من حقل قانا، أي أن المبلغ الذي ستحصل عليه إسرائيل يساوي نصف مليار دولار.

 

اما “حزب الله” فتطرق على لسان الوكيل الشرعي العام للسيد علي الخامنئي في لبنان، عضو شورى “حزب الله” الشيخ محمد يزبك، إلى إعلان اسرائيل رفض الملاحظات اللبنانية والتهديد بالاستخراج من كاريش وإن أدى إلى حرب، وأعلان الاستنفار على الحدود الشمالية، فقال “ردنا واضح لا استخراج قبل تحقيق مطالب لبنان، لا نريد حرباً، ولكن إذا فرضت فإننا أهلها”.

 

الملف الرئاسي

اما في المشهد الداخلي فرسمت علامات شكوك متزايدة امس حول الجلسة الثانية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري لانتخاب رئيس الجمهورية في الثالث عشر من تشرين الأول الحالي اذ تبين ان “تكتل لبنان القوي “يتجه الى مقاطعة الجلسة لتزامنها مع ذكرى عملية 13 تشرين الأول 1990 وقد يماشيه “حزب الله”. ومع ان أي كتلة أخرى لم تتخذ موقفا من هذا الموضوع فان الغموض الذي يحيط بالاجواء قد يساهم في اثارة مزيد من البلبلة حول موعدها .

 

وفي غضون ذلك استكمل الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي جولته على المسؤولين والقوى السياسية التي شدد فيها على ضرورة إتمام الاستحقاق الرئاسي في موعده من دون طرح أي مبادرة محددة. واعلن زكي “نحن نستشعر ان الاقتراب من الاستحقاق الرئاسي من دون بوادر الوصول الى ما يشبه التوافق حول من سيصل الى سدة الرئاسة اللبنانية، هو امر يبعث على قدر من القلق لان لبنان في هذه الفترة وهذه الظروف لا يحتاج الى فراغ رئاسي”. واكد ان “الجامعة العربية التي تواكب لبنان كعادتها في كل محطاته واستحقاقاته الرئيسية، تسعى ايضاً لتسهيل حصول هذا الاستحقاق بسلام، وتأمل ان يمر بشكل سلس، وهذا الامر يتطلب الكثير من التواصل والتفاهمات بين المعنيين للوصول الى تفاهم مشترك مطلوب يؤدي الى الوصول الى اتفاق، وهذا الموضوع يستمر في كسب رعاية واهتمام الامين العام لجامعة الدول العربية. من هنا فالزيارة لن تكون الأخيرة لوفد الجامعة في هذا السياق، وسنستمر في التواصل بناءً على طلبات من الكتل السياسية، وفي تقديم الدعم لان هدفنا هو مصلحة الدولة والشعب اللبناني وكل ما يمكن تسهيل الوصول الى تفاهم”.

 

وفي ظل تعثر تشكيل الحكومة، اطلق مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في رسالة المولد النبوي تحذيرا من الفراغين فاعتبر ان “الذي يحصل مع الرئاسة ، حصل مثله وأكثر مع رئاسة الحكومة، وكيف تدار دولة بدون سلطة تنفيذية فاعلة وكاملة الصلاحيات؟ ولنتابع ما يحصل الآن ، بل ومنذ أشهر، في تعذر إقامة حكومة جديدة، والتشكيك في مشروعية الحكومة القائمة، أو في قدرتها على ممارسة صلاحياتها ! وهكذا ، وبدلا من فراغ واحد في الرئاسة ، يصبح هناك فراغان ، في الرئاسة وفي الحكومة “.، ولمح الى “أن هناك من ينفرد بالتخطيط والإدارة وممارسة التعطيل. نعم ، هناك إدارة خفية . ونحن لا نرى خيرا ولا فائدة في الإدارة الخفية ، فهي ما أسهمت في حل الأزمات التي كانت أحد أهم أسبابها ، وهي تفعل ما تشاء دون أن تكون مسؤولة أمام الرأي العام ؛ بل المسؤولون رسميا هم الذين لا يملكون القيام بشيء في الحقيقة. فلندع هذه الازدواجية المدمرة ، ولتكن عندنا حكومة جديدة ورئيس جديد أو يحكم الطرف إياه وحده مع المطبلين والمزمرين، لكن ينبغي أن يكون مسؤولا اليوم وغدا أمام اللبنانيين”.