IMLebanon

النهار: عد عكسي للشغور… ولا “مؤتمر” للحوار

 

قبل 15 يوما تماما من نهاية ولاية الرئيس #ميشال عون في 31 تشرين الأول، يحيي ال#لبنانيون اليوم الذكرى الثالثة لانتفاضة #17 تشرين الأول 2019 التي تفجرت تحت وطأة انهيار مالي واقتصادي واجتماعي لم يعرف لبنان مثيلا له منذ نشأته وفي تاريخه. وفيما تتناقض الرؤى اللبنانية وتنقسم بحدة بتناقضاتها المعهودة حيال الانتفاضة، وما احدثته في المسار الداخلي منذ ثلاث سنوات، وما أخفقت فيه اخفاقا مشهودا أيضا، تأتي المصادفة الزمنية لاحياء الذكرى الثالثة لانطلاق الانتفاضة قبل أسبوعين فقط من نهاية العهد العوني الذي يطلق عليه خصومه وكثيرون عهد الانهيار لتزيد في توهج المشهد الداخلي خصوصا ان العد التنازلي لنهاية العهد، كما احياء ذكرى الانتفاضة، كما كل تطور او مناسبة يشهدها لبنان الان، تقع تحت تأثير سلبي تصاعدي لمرحلة الشغور اوالفراغ الرئاسي الذي يبدو كأنه صار “القدر” الدستوري والسياسي المقبل ولا مرد له باي فرصة لانجاز الاستحقاق الرئاسي ضمن ما تبقى من المهلة الدستورية .

 

ووسط دوران الاستحقاق الرئاسي في حلقة مفرغة يستبعد معها أي اختراق محتمل قبل نهاية ولاية الرئيس الحالي، استوقف الأوساط السياسية والديبلوماسية المعنية بمراقبة تطورات الاستحقاق المتعثر، تصاعد النبرة الهجومية لدى طرفي “تفاهم مار مخايل” في الأيام الأخيرة بدءا من الجلسة الانتخابية الرئاسية الثانية التي اسقط نصابها نواب كتلة “حزب الله” الذين دشنوا نمطا هجوميا على مرشح المعارضة، ومن ثم وصولا الى الهجمات الكلامية والتهديد “بترشيح نفسه” في خطاب رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل. وتعتقد الأوساط نفسها ان هذا التطور يكشف ان الحليفين شرعا في محاولات استثمار سياسي لمفاعيل التوصل الى اتفاق ال#ترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل من جهة وتسخين جبهة الاستحقاق بمواقف تخفف احراج “حزب الله” حيال عدم التوصل الى حسم مرشحه بين حليفيه باسيل وسليمان فرنجية من جهة أخرى. ولكن الحزب بدأ يعلي نبرة الاشتراطات التي تتصل بالمرشح الذي يوافق عليه من خلال تحديده مواصفات رئيس داعم لـ”المقاومة”. وهذا في رأي الاوساط نفسها يؤكد ان معركة رئاسية قاسية ستنطلق واقعيا بعد حصول الشغور في نهاية الشهر الحالي قبل ان تنجلي لاحقا التطورات والمواقف الخارجية والترددات الدولية المرتقبة للفراغ .

وفي ظل ذلك اتسمت المعلومات الاعلامية عن اتجاه الى مؤتمر لبناني في جنيف بتضخيم غير دقيق عكس عمق الفراغ السياسي الذي يعيشه لبنان وسط زحمة الاستحقاقات المصيرية التي يشهدها. اذ جرى الحديث عن عشاء مرتقب غدا الثلثاء في السفارة السويسرية في بيروت يضم ممثلين عن الأحزاب الأساسية في البلاد على أن يكون العشاء تمهيداً لمؤتمر يعقد الشهر المقبل لمناقشة عدد من النقاط الأساسية المتعلقة بالوضع في لبنان.

 

ولكن معلومات “النهار” تشير الى ان عددا من الأحزاب والقوى تلقت دعوات من جمعية معنية بتنظيم الندوات ترعاها وزارة الخارجية السويسرية أبدت فيها استعدادها لاستضافة ممثلي الافرقاء اللبنانيين في ندوة في جنيف. ولم يكن هذا المشروع وليد الاسابيع الاخيرة بل سبق التحضير له قبل الانتخابات النيابية، واقترح المنظمون دعوة ممثلين لكل طرف الى هذ الطاولة على ان تعقد في تشرين الثاني المقبل في جنيف اذا استكملت التحضيرات اللوجستية بحيث يكون اللقاء فيها على شكل لقاء “سان كلو” الفرنسي . وسرعان ما برزت عقبات تواجه مشروع عقد هذا المؤتمر بحيث سيبقى على الأرجح في اطار ندوة سياسية في حال الاتفاق على عقده، ومن بين العقبات عدم تمثيل السنة وكذلك الشكوك الواسعة في نجاحه استنادا الى فشل تجربة مؤتمر “سان كلو”. وليل امس اعلن النائب ملحم رياشي انسحابه من العشاء المقرر في السفارة لتحميل المناسبة اكثر من حجمها كما اعلن النائب وضاح صادق انه ضد أي مؤتمر في ظل السلاح . كما بدا لافتا ان السفير السعودي وليد بخاري غرد ليلا في موقف بدا اعتراضيا على ما تردد عن مؤتمر في جنيف فكتب “وثيقة الوفاق الوطني عقد ملزم لارساء ركائز الكيان اللبناني التعددي والبديل منه لن يكون ميثاقا اخر بل تفكيكا لعقد العيش المشترك وزوال الوطن الموحد واستبداله بكيانات لا تشبه لبنان الرسالة”.

 

 

ترتيبات تبادل الوثائق

وفي أي حال لا يزال الواقع الداخلي تحت وقع انتظار الخطوات المقبلة لانجاز إجراءات ابرام اتفاق الترسيم بين لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية . وكشف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الموعد المنتظر لإنجاز اتفاق الترسيم والآلية التي سيتم فيها التوقيع على الاتفاق فقال في حديث لقناة “الحرة” : “إن الذكاء في هذا الاتفاق نابع من فهم الوسيط الأميركي آموس هوكستين الوضع اللبناني وعدم القدرة على إبرام معاهدة دولية مع اسرائيل لكونها دولة عدو للبنان. وهو أخذ هذا الأمر في الاعتبار ووجد طريقة خلاقة من خلال إبرام اتفاق بين اميركا وكل من اسرائيل ولبنان يحدّد النقاط التي تم التوافق حولها. هذه النقاط التي أدرجتها الولايات المتحدة في رسالة سترسلها لكل من لبنان وإسرائيل. وسيرد لبنان بالموافقة الخطية على مضمون الرسالة، وكذلك ترد إسرائيل بالطريقة نفسها”.

 

وتابع بو صعب إن تسليم الرسائل قد يحصل في 26 أو 27 من الشهر الحالي تحت علم الأمم المتحدة في الناقورة. وعن الطرف اللبناني الذي سيوقع على هذا الرسالة أجاب إن هذا القرار يتخذه رئيس الجمهورية وهو سيختار الفريق الذي سيذهب الى الناقورة لتسليم الرسالة.

 

 

التصعيد السياسي

أما في المشهد الداخلي فكان لافتا تصاعد الاحتدام السياسي في الأيام الأخيرة وسط ازدياد مؤشرات الشغور الرئاسي وعدم بروز أي معطيات حيال الملف الحكومي وإمكان اختراق الانسداد الذي يواجهه. هذا التصعيد ترجمه مساء السبت رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في كلمته في ذكرى 13 تشرين الأول بحيث شن هجوما حادا على خصومه وامعن في الإشادة بـ”حزب الله” وتجاهل النظام السوري الذي اسقط عون قبل ثلاثة عقود. وعزا الفضل في الترسيم الى عون و”التيار” فقط ومما قال: “في 13 تشرين 1990 دفعنا وحدنا ثمن الظرف الدولي لحفظ كرامة اللبنانيين وحقهم بالحرية والسيادة والاستقلال. وفي 13 تشرين 2022، استثمرنا الظرف الدولي لحماية ثروة اللبنانيين وحقوقهم، وفي 13 تشرين أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون موافقة لبنان على اتفاق الغاز وترسيم الحدود”. ورأى أنّ “الوجوه التي تآمرت في 13 تشرين عسكرياً، لبست قناع المؤامرة الاقتصادية في 17 تشرين والهدف واحد: إسقاط الشرعية وإسقاط بعبدا.” ولفت إلى أنّه “تم كشف المخطّطين بالخارج على لسان شينكر، الحقود الدائم على لبنان، وانكشف المنفذون بالداخل على يد حاكم لبنان (في إشارة إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة)، الذي قام بمؤامرة قطع الدولار من السوق بفترة 17 تشرين، وهرّب اموال المصارف وبعض النافذين؛ وغرّق السوق بالليرات وهرّب مقابلها الدولارات”.

 

وقال: “كما خرجنا من 13 تشرين العسكري بكرامتنا، وعاد رئيس الجمهورية ميشال عون أقوى على لبنان، سنخرج من 13 تشرين الاقتصادية بنظافة وسيعود الرئيس عون أقوى إلى الرابية”. وقال “لن نقبل برئيس ليس لديه حيثية شعبية ونيابية أو ليس مدعوماً بكتلة نيابية وازنة شعبياً ومسيحياً بالتحديد ونرفض أي تعيين رئيس من الخارج”. وقال “قدّمنا التنازل الأكبر من اجل مصلحة البلد ولم نترشّح بعد على الرئاسة ولكن انتبهوا لا تجبرونا على تغيير رأينا”.

 

وبدوره أكد امس رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد أننا “نريد رئيسًا للجمهورية يحقق مصلحة البلاد ولديه “رِكب” و لا يأمره الأميركي فيطيع، بل يُطيع المصلحة الوطنية”. وشدّد على أنّ “هناك صفة يجب أن تكون في رئيس الجمهورية القادم ونحن معنيون بالتفكير بها ونضعها على الطاولة وهي رئيسُ جمهورية يُقِرّ ويحترِم ويعتَرف بدور المقاومة في حماية السيادة الوطنية”.

 

في المقابل أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ان “القوات اللبنانية” لن تقبل برئيس جديد للجمهورية “شو ما كان وكيف ما كان، وما من أحد يريد رئيس تحدٍ، بل جلّ ما نطلبه رئيسا يمكنه البدء بعملية الانقاذ المطلوبة بعد ان وصل لبنان الى هذه الحالة السيئة، واذا كانوا يعتبرون ان هذا الرئيس هو “رئيس تحدٍ” فليكن عندها”. ولفت الى ان “الفريق الآخر يتحدث عن رئيس توافقي اي رئيس في احسن الأحوال “ما بيعمل شي” او رئيس يقوم بأمور تصب في مصلحته كما حصل في السنوات الست الماضية. من هذا المنطلق لن نقبل بـ”أي رئيس” لأن بذلك نرتكب جريمة كبيرة”. ولاحظ انهم “ينادون بضرورة التوافق على رئيس عن غير عادة، في وقت يرفضون التوافق في امور اخرى كالقرار الاستراتيجي وقرار السلم والحرب ويتفردون به. ويتحدثون عن رئيس من خارج الاصطفافات ما يعني انهم يطالبون برئيس لا موقف له، وبالتالي انتخاب شخص لا يمكنه تدارك الوضع واخراج البلد من أزمته”.