لن تتبدل صورة الانسداد الذي يواجهه الاستحقاق الرئاسي اليوم، ولكن الجلسة الثالثة لانتخاب رئيس الجمهورية تكتسب دلالات بارزة سواء في التوقيت والزمان او في الابعاد الانتخابية – السياسية. ذلك ان هذه الجلسة المصادفة في العشرين من تشرين الأول، ستطلق مرحلة الانعقاد الحكمي لمجلس النواب في الأيام العشرة الأخيرة من ولاية الرئيس ميشال عون بكل ما يستتبع هذه الفترة من حبس انفاس وانشداد الى ما يحتمل ان تشهده من تطورات وربما مفاجآت ليست في حسبان احد راهنا. ثم ان الجلسة، اذا قيض لها الانعقاد اليوم ولم يسقط نصاب الثلثين لانعقادها قبل افتتاحها، ستعيد تكريس التوزع والفرز السياسي – النيابي الذي رسمته الجلسة الانتخابية الأولى ولكن ستكون هناك فوارق اليوم يرجح ان تتمثل بحفاظ النائب ميشال معوض على دعم وتأييد الكتل المعارضة التي رشحته منذ انطلاق المهلة الدستورية وهي كتل “القوات ال#لبنانية ” واللقاء الديموقراطي” والكتائب وعدد من المستقلين مع احتمال زيادة الأصوات التي سينالها اليوم، فيما “ستحافظ” في المقابل كتل “الثنائي الشيعي” و”التيار الوطني الحر” و”المردة” ومن يحالفهم على كتلة “الأوراق البيضاء” تثبيتا لعدم اتفاقهم على مرشح موحد. اما “تكتل النواب التغييريين” الذي ضربه الانقسام فعقد اجتماعا عقد مساء وإنضمّ اليه نائبا صيدا أسامة سعد وعبد الرحمن البزري. وتحدثت معلومات عن توجه لدى التكتل إلى التصويت للوزير السابق ناصيف حتي في جلسة انتخاب الرئيس اليوم. وأضافت المعلومات أن النائبين وضاح الصادق وميشال الدويهي لم يحضرا اجتماع نواب التغيير الذي دام لأكثر من 3 ساعات في دارة النائبة بولا يعقوبيان، فيما أكد الصادق أنه لن يحضر أي اجتماع للتكتل ما لم يكن هناك آلية واضحة للعمل، متمنياً على التكتل عدم تسمية أي شخصية ل#رئاسة الجمهورية كي لا يتم “حرق ورقته”. ويتجه نواب “كتلة الاعتدال الوطني ” الى إعادة انزال شعار “لبنان” في الصندوقة الانتخابية .
ولعل الانطباعات التي اشاعتها الجلسة الثالثة قبل انعقادها بدت بمثابة “إشعار” استباقي للرأي العام الداخلي والبعثات الديبلوماسية في لبنان بان الأيام العشرة الاتية ستشهد حصول” محظور” الفراغ الرئاسي الذي دأب الجميع في الداخل والخارج على التحذير من حصوله عبثا اذ بدا الإخفاق السياسي الداخلي عن التزام الانتظام الدستوري والمؤسساتي بانتخاب رئيس الجمهورية المقبل فاضحا وشكل علامة قصور هائل علما ان جهات معينة تتحمل التبعة اكثر من سواها وهي الجهات التي تمارس تعطيل اللعبة التنافسية الديموقراطية وتضع التوافق القسري شرطا لانتخاب الرئيس بما يعني منع الانتخاب الى حين توافر الظروف الداخلية والخارجية التي تلائمها لفرض صفقة تحمل من يلائمها الى الرئاسة الأولى. ولذا تعاظمت الاهتمامات في الأيام والساعات الأخيرة على الجهود المتصاعدة لاستباق الفراغ الرئاسي باختراق حكومي عبر التسوية التي يجري العمل بقوة على بلورتها واستكمالها لجعل الحكومة المعومة او المعدلة تعويضا عن فراغين اقله تحسبا لفراغ رئاسي طويل.
لقاء ثلاثي
في هذا السياق جاءت المعلومات عن لقاء جمع ظهر امس رئيسَ “التيّار الوطني الحر” النائب جبران باسيل والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا في مركز تكتل “لبنان القوي” في سنتر طيّار في سن الفيل. وتحدثت المعلومات عن أنّ اللقاء، الذي استمرّ حوالى الساعة وتبعه لقاء لدقائق بين ابرهيم وصفا، تطرّق الى الملف الحكومي والمساعي الهادفة الى تشكيل حكومة قبيل نهاية عهد الرئيس عون.
وافادت المعلومات بأن باسيل ابلغ ابرهيم وصفا رفضه مطلب الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بأن يشمل التعديل الوزاري اسم الوزير وليد فياض، وبقي مصرا على تعديل الاسماء الثلاثة: عبدالله بوحبيب ونجلا الرياشي ووليد نصار.
وأكد باسيل أن التيار سيشارك في جلسة البرلمان اللبناني اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية وسيصوت بورقة بيضاء. واعلن في حديث تلفزيوني: “اننا نرفض تعديل الدستور بهدف انتخاب قائد الجيش رئيسا للجمهورية”. وحذر من أنه “إذا لم تتشكل حكومة جديدة فنحن ذاهبون إلى أبعد من فوضى دستورية واجتماعية”.
وفي المقابل أوضح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “ما نفعله هو وضع كل قوتنا لتتم الانتخابات الرئاسية في المهلة الدستورية وبقي 11 يوماً لانتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وعلى الجميع تحديد موقفه، ونحن حددنا موقفنا وطرحنا مرشحنا وهو ميشال معوّض وجمعنا له حتى اللحظة ثلثي أصوات المعارضة ولكن للأسف لا مرشح للفريق الآخر الممانع وهو مستمر بالتعطيل تحت مسمى لا توافق”. وشدد جعجع امس على أن “النواب يتحملون مسؤولية كبيرة لانتخاب رئيس إصلاحي في المهلة الدستورية”. وقال “لا يوجد أي رابط بين #ترسيم الحدود البحرية الجنوبية والانتخابات الرئاسية والبعض يحاول ربط الأمور ببعضها مثل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لأسباب سياسية واضحة”. وأشار إلى أن “الترسيم بدأ منذ فترة طويلة وما ساهم بإتمام الأمر هو الضغط الأميركي – الأوروبي انطلاقاً من وضع قطاع الطاقة في العالم ككل والترسيم أتى متأخراً 6 أو 7 سنوات ونحن بحاجة لسنوات من أجل الاستفادة من الغاز في بحر لبنان”. وشدد على أن “طالما المنظومة الحاكمة المؤلفة من التيار الوطني الحر وحزب الله وحلفائهما لديها الكلمة الأكبر في الدولة، لا يظن أحد أن شيئاً سيتغير في الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، حتى ولو أصبح لدينا نفط في البحر وفي البر، فهم لا يعرفون سوى القيام بما قاموا به في السنوات العشر الأخيرة”. وتابع “هناك مسؤولية كبيرة تقع على النواب من أجل انتخاب رئيس انقاذي وليس رئيساً على طريقة “أبو ملحم”.
ميقاتي وبخاري والطائف
وسط هذه الاجواء، تتواصل التطمينات الى ان لا مسّ ب#اتفاق الطائف. في هذا السياق، إستقبل الرئيس نجيب ميقاتي سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري صباح امس في دارته. وجرى خلال اللقاء “تجديد تأكيد العلاقات الاخوية بين لبنان والمملكة والتي تميزت على الدوام بالتعاضد والمحبة المتبادلة بين البلدين والشعبين، وترجمت باحتضان المملكة للبنان واللبنانيين ومساعدتهم لتجاوز كل العثرات والمصاعب”. كذلك تم تأكيد مرجعية “اتفاق الطائف” الذي انبثق منه الدستور اللبناني في رعاية الواقع اللبناني والعلاقات الوطيدة بين مختلف المكونات اللبنانية”.
الى ذلك، استقبل الرئيس بري في عين التينة أعضاء “تكتل الإعتدال الوطني”. وبعد اللقاء، ونقل النائب محمد سليمان عن الرئيس بري “حرصه على الإستحقاقات أن تتم في وقتها وكلنا ثقة به وبحرصه على الدستور وعلى إتفاق الطائف وعلى السلم الاهلي في البلد”.
موعد اتفاق الترسيم
على صعيد ملف ترسيم الحدود، كشف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب أنّ “الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين سيزور بيروت الأسبوع المقبل حاملاً نسخة من اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل ليوقّعه مسؤولون لبنانيون”. وأكد ان “هوكشتاين آتٍ الأسبوع المقبل ومعه الاتفاق الذي سنوقّعه” من دون أن يذكر متى سيتمّ توقيع الاتفاق. من جهته، قال هوكشتاين ، في منتدى استضافه معهد الشرق الأوسط، إنّه “سيزور المنطقة الأسبوع المقبل”، من دون أن يحدّد مواعيد أو وجهات، مضيفاً أنّ “الرئيس اللبناني ورئيس وزراء إسرائيل يائير لابيد سيقرّران في شأن التوقيع”.
ومن المقرر ان يكون للامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله اطلالة في 27 الشهر الحالي في مناسبة افتتاح معرض “جهاد البناء” ويتطرق الى آخر المستجدات السياسية لا سيما الحكومة والرئاسة، وسيشكل ملف الترسيم محور الكلمة.
في غضون ذلك علم ان مجلس الامن الدولي سيلتئم في 28 تشرين الثاني ليجري احاطة دورية حول تنفيذ القرار 1701، وامس إستقبل الرئيس ميقاتي المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا التي قدمت “التهنئة بانجاز ملف ترسيم الحدود البحرية”. وقالت “نحن نشجع دائما على تأليف حكومة جديدة ونثمن جهود دولة الرئيس في هذا الاطار. كما تطرقنا الى القوانين الاصلاحية وعمل مجلس النواب لا سيما بالنسبة لقانون السرية المصرفية ونشجع انجاز الاصلاحات وفقا للاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وعلينا ان نكون إيجابيين لما فيه مصلحة لبنان”.