يبدو انه يراد لطلائع الأيام العشرة الأخيرة من ولاية الرئيس #ميشال عون ان تشكل عامل إلهاء عن “جردات الحسابات” الموجعة للعهد الراحل من جهة وعنصر اذكاء لتصفيات سياسية يجري الباسها لبوسا دستورية من جهة أخرى. يبرز ذلك من خلال تصعيد في الملف الحكومي، في حين ان الخطر الأكبر المحيق بالبلاد يتمثل في الدفع الذي يكاد يكون “تآمريا” نحو الفراغ الرئاسي بدليل ان الجهات المتورطة علنا وضمنا في تعطيل الاستحقاق الرئاسي، لا تجد أي حرج في رفع الصوت والضغوط حيال الملف الحكومي بما يكشف نياتها واتجاهاتها تكرارا لاحداث الفراغ الرئاسي.
وفي الوقت الذي شهدت فيه الساعات الأخيرة احتداما حيال تطورات الملف الحكومي، لوحظ ان معالم تصعيد بين بعبدا والسرايا الحكومية ترافقت مع تقدم رئيس الجمهورية ميشال عون نحو “متراس الدفاع” الأخير عن نفسه وعهده في تبعات ما حل ب#لبنان من انهيار في عهده راميا التبعة في ذلك هذه المرة على كل الطبقات السياسية المتعاقبة منذ بدء عصر الطائف. وثمة من توقع ان تحفل الأيام الفاصلة عن نهاية الشهر الحالي بسجالات حارة للغاية بين العهد ومروحة واسعة جدا من خصومه من شأنها ان تستحضر كل الملفات الكارثية التي تحاصر البلاد علي خلفية رمي العهد تبعات الانهيار على جميع الاخرين فيما يحمله خصومه التبعة الأكبر في الانهيار. وفي الوقت نفسه سيتصاعد صراع اللحظة الأخيرة على محاولات تشكيل حكومة هي في الواقع تسوية ربع الساعة الأخير اذا قيض لها المرور من “خروم الشبك” في حين ان المناورات حيال السيناريو الذي قد ينشأ عن سقوط هذه التسوية الجاري العمل عليها بلغت ذروتها في الساعات الأخيرة. وتجلت هذه المناورات في اطلاق تهديدات منسوبة الى محور بعبدا والتيار العوني لا تكتسب أساسا أي أرضية دستورية مقبولة او صلبة ، فيما انبرت السرايا الى دفاع هجومي ردا عليها.
وتزامن تسخين الصراع الحكومي مع اعلان عون أنّه “سيُكمل مسيرته بعد انتهاء ولايته”، مشدّداً على أنّ “العمل بعدما أخرج من القصر سيكون أفضل”. واعتبر أنّ “الطبقة السياسية التي حكمت منذ 32 سنة أوصلت لبنان إلى ما هو عليه”.
بالتوازي، انبرى مكتب الاعلام في #رئاسة الجمهورية إلى الرد على الانتقادات المتصاعدة في ملف الترسيم فاعتبر أن “ما تحقق على صعيد ترسيم الحدود البحرية الجنوبية هو نتيجة قرار لبناني يعكس وحدة الموقف الوطني وحصيلة مفاوضات شاقة وصعبة قادها الفريق اللبناني المفاوض مع الوسيط الأميركي” وشدد على ان “لبنان لم يقدم خلال المفاوضات اي تنازلات ولا خضع لأي مساومات او مقايضات او صفقات او إرادات دول خارجية” ووصف “كل ما يروّج عكس ذلك بانه محضّ افتراء وتحليلات ومقالات لا تنطبق مع الواقع”.
“دونكيشوت الجمهورية”
وشن موقع “لبنان 24 ” الناطق باسم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي حملة حادة على رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي وصفه بانه “وريث التيار” على خلفية انه “يهدد مجدداً بعدم السماح لحكومة تصريف الاعمال بأن ترث صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسي وبخطوات أخرى تجعل من إمكانية حكم حكومة تصريف الاعمال أمراً مستحيلاً، وقد تؤدي إلى فوضى دستورية وأزمة سياسية حادّة”، وفق تسريبات الغرفة الاعلامية السوداء التابعة له”.
وقال ان ” قائد العمليات يسمح لنفسه باستدعاء وزراء لتزويدهم “أمر اليوم” وخلاصته “علينا ان نكون حاضرين ومستعدين لِما بعد الفراغ الرئاسي. واذا لم تؤلف حكومة جديدة وبقيت حكومة تصريف الاعمال، ممنوع عليكم حضور اي من اجتماعاتها، وعليكم ان تكونوا سلبيين وحاضرين في هذه الحال لمواجهة كل الاحتمالات والتطورات في الاطار الحكومي وخارجه”. وأضاف الموقع “دونكيشوت الجمهورية لا يريد لرئيس الجمهورية أن يمضي بسلام الى منزله، بل يخطط لمزيد من الخراب والفوضى، متجاهلاً او متناسياً، لا فرق، أن البلد ليس صكا عقاريا يمتلكه باسيل اسمياً او التفافياً، وان من بات محط شبه اجماع على خصومته من قبل الغالبية الساحقة من الناس، لن يستطيع بعد فقدان “التوقيع الاخير” أن يبقى منتفخا سياسيا، كما هو الآن”.
ونقل الموقع أن “الفصل الاول من “الفوضى الدستورية” التي تحدث عنها “الفوهرر الباسيلي” بدأ من خلال خطوتين أقدم عليهما باسيل: الاولى وضع شروط تعجيزية امام الوسطاء الذين عملوا على “حلحلة” العقد امام تشكيل حكومة جديدة، ما جمّد الملف الحكومي. والثانية استدعاء خمسة من وزراء رئيس الجمهورية والتيار الى ميرنا الشالوحي حيث شن حملة قوية على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مستعملا عبارات تهديدية من مثل: “ما رح خلليه يتهنى دقيقة واحدة بصلاحيات الرئيس” و “بدي عطّل الحكومة وشلهّا كليا” و “ممنوع يجتمع مجلس الوزراء بعد 31 تشرين الاول” وفي سبيل ترجمة التهديدات عملياً، طلب باسيل من الوزراء الحاضرين مقاطعة اي اجتماع يدعو اليه ميقاتي والتغيب حتى عن اجتماعات اللجان الوزارية ليتأمن الشلل التام للعمل الحكومي”.
تواصل الجهود
يشار في هذا السياق الى ان أجواء التصعيد لم توقف جهود التأليف، اذ سجلت امس زيارة قام بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم لعين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري. ومن جانبه، واصل “حزب الله “استعجال التسوية الحكومية اذ طالب الوكيل الشرعي العام للسيد علي الخامنئي في لبنان، عضو شورى “حزب الله” الشيخ محمد يزبك من بعلبك، بـ”الإسراع بتشكيل الحكومة ذات صلاحيات تخولها القيام بالمهام إذا لم يتم التوصل إلى انتخاب رئيس. وقد ضاق الوقت، وضاقت أنفاس الناس، ويكفينا معاناة الواقع المعيشي والدولار ومستلزماته، والحصار الأميركي وجناياته”.
اما في الاطار الرئاسي وعشية جلسة الاثنين المقبل، فأكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أنه “لو حظي المرشح النائب ميشال معوّض في الجلسة الأخيرة على 66 صوتاً لكان فرض الواقع نفسه ولكان لم يعد بمقدور الفريق الآخر تعطيل النصاب إلى ما شاء الله لأنه سيضطر في نهاية المطاف إلى الذهاب إلى الإنتخابات، بحكم أن هناك مرشحاً يحظى بأكثرية الأصوات في المجلس، وبالتالي من يحرقون أصواتهم يساعدون بفعلتهم هذه من يسعون إلى تعطيل الإنتخابات الرئاسيّة بالنجاح في مسعاهم”. اضاف: “الطرف القادر على إنقاذ البلاد من الفراغ اليوم هم النواب الـ22 الذين يمكنهم في الجلسة المقبلة نهار الإثنين 24 تشرين الأول الإحجام عن حرق أصواتهم، ولدينا متسع من الوقت قبيل الجلسة للتواصل، ونحن منفتحون على جميع الحلول، وإذا ما كان لديهم طرحاً جدياً مغايراً للذي نطرحه لينتدبوا لجنة تمثلهم لكي نتفاوض معها، وحتى إن لم يحصل ذلك فنحن سنتابع اجتماعاتنا واتصالاتنا معهم لعلّ وعسى، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لتفادي الفراغ الرئاسي”.
وعلى الخط الرئاسي خارجيا، وجه خمسة اعضاء في الكونغرس الاميركي من لجنة الصداقة اللبنانية – الاميركية رسالة الى وزير الخارجية انطوني بلينكن حضوه فيها على ان “يبذل والديبلوماسية الاميركية كل الجهود اللازمة لمواكبة اتمام استحقاق انتخاب رئيس جمهورية للبنان في موعده الدستوري رئيس يحقق استقرار واستقلال وسيادة لبنان ويمنع تحوله الى دولة فاشلة”.