على وقع حادث مأسوي غير مسبوق تمثل في مقتل مواطن مقعد مسن في سيارة ابنه التي جرفتها سيول الامطار التي تسببت بكارثة ليل الاحد الماضي عاكسا عمق فداحة انهيار الدولة في #لبنان، دارت فصول هزلية في الجلسة الرابعة لانتخاب رئيس الجمهورية وهي جلسات، بالإضافة الى عقمها، باتت تشكل صورة مسيئة فعلا نظرا الى فولكلوريتها الفاضحة وتحولها الى جلسات منبرية تلفزيونية تتكرر فيها المشاهد، كما المواقف الرتيبة المملة فيما الفراغ الرئاسي صار من الان امرا واقعا. ومع ان رئيس #مجلس النواب #نبيه بري لم يحدد بعد موعدا للجلسة الخامسة التي ستليها نظرا الى ان الخميس المقبل الذي كان الموعد المزمع تحديده للجلسة سيكون موعد الاحتفال في الناقورة بتبادل وثائق ترسيم الحدود البحرية بين الوفود اللبنانية والإسرائيلية والأميركية برعاية الأمم المتحدة، فان الانطباعات والمعطيات التي تركتها الجلسة الرابعة تثبت ان الفراغ الرئاسي بدأ يفعل فعله مسبقا في الأيام المتبقية من ولاية الرئيس ميشال عون بدليل دوران العملية الانتخابية في الجلسات على نفسها وانشداد الأنظار الى التطورات التي سترافق الأيام الأخيرة للعهد العوني على قاعدة الاعداد لمرحلة الفراغ الحتمي .
اما المفاجأة المخيبة للعهد عشية نهايته، فجاءت هذه المرة من النظام السوري نفسه الذي كان الرئيس عون بادر قبل أيام الى الاتصال برئيسه بشار الأسد في مؤشر الى سعيه اطلاق صفحة تطبيعية جديدة معه على قاعدة استكمال الترسيم البحري. وإذ اتخذت الترتيبات اللبنانية لايفاد وفد رسمي الى دمشق الأربعاء، فوجئت السلطة بتعميم من وزارة الخارجية والمغتربين على رئاستَي الجمهورية والحكومة يحمل كتاباً من الجهات الرسمية السورية تعتذر فيه عن عدم استقبال الوفد اللبناني لترسيم الحدود البحرية بين البلدين. وأفاد مصدر ديبلوماسي وكالة “رويترز” بأنّ الحكومة السورية بعثت برسالة امس إلى الخارجية اللبنانية تقول إنّ “الوقت غير مناسب لمثل هذه الزيارة”.
وجاء ذلك بعدما كان رئيس الجمهورية ميشال عون كلّف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ترؤس الوفد اللبناني إلى دمشق غدا الأربعاء لإجراء لقاءات مع كبار المسؤولين في سوريا بهدف مناقشة مسألة الترسيم البحري. وتبين ان الأسد لم يتناول تفصيليا مع عون برمجة إجراءات للتفاوض وان سوء التنسيق لبنانيا بين الجهات المختصة أدى الى احباط خطوة العهد خصوصا بعدما تفرد بتعيين رئيس للوفد .
الجلسة الرابعة
اما جلسة الانتخابات الرئاسية الرابعة التي دارت في حلقات العقم فسجلت حضور 116 نائبا وادت نتائج الدورة الأولى فيها الى حصول النائب ميشال معوض على 39 صوتا وجرى التصويت للدكتور عصام خليفة فنال 10 أصوات من نواب “تكتل التغييريين” وأحصيت 50 رقة بيضاء و2 حملتا عبارة “لأجل لبنان” ، و13 حملت عبارة “لبنان الجديد”. وبعد الدورة الاولى تم تطيير النصاب من قبل نواب 8 آذار، واعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري انه سيحدد موعد الجلسة المقبلة في وقت لاحق بعد ان لفت نائبه الياس بوصعب انتباهه الى ان عقدها قبل ظهر الخميس صعب لتزامن هذا الموعد مع موعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود في الناقورة.
وسجلت المواقف مزيدا من التصعيد اذ اكد النائب معوض، أن “مشهد الخميس الفائت يتكرر، ولدي خريطة طريق واضحة، وحصلت على 39 صوتا، مع العلم أنه تم تسجيل غياب”. وأشار إلى “حفلات تخوين تُقام بين جلسات انتخاب الرئيس” متوجها إلى “حزب الله” بالقول “هذا المنطق ما بيمشي وهذا المنطق يخاض ضد أي مرشح ضد الحزب، ولن نخضع”. ولفت إلى أن “حزب الله يريد رئيسا رماديا خاضعا له، ويستمر بعزل لبنان” مشددا على”أنني لن أقدم أوراق اعتماد للحزب والتيار الوطني الحر من اجل أن يرضوا عليي” وكشف “أن هناك سلطة مهيمنة تعمل على ابتزاز النواب واللبنانيين للحفاظ على محاصصاتها عبر تعطيل الجلسات في الدورة الثانية” . كما لفت الى ان “المعارضة لم تتوحد بعد، وأنا سمعت أسبابهم، وأقول لهم أننا أمام انهيار خطير، فلنتوحد” مجددا مطالبته بـ”جمع المعارضة من أجل انتخاب رئيس ينتشل البلد من الدمار والانهيار الذي نعاني منه ” رافضا أن “يكون الحوار بديلا عن الانتخاب” .
وبدوره أكد النائب جورج عدوان باسم “تكتل الجمهورية القوية” أن “هناك ضعضعة عند أكثرية الكتل النيابية بينما خيارنا واضح وهو ميشال معوّض” وأضاف “نحن اليوم في عملية ديمقراطية لا تحتاج حواراً، نحن اتخذنا خيارنا وعلى الجميع اتخاذ خيارهم”. وقال ردا على سؤال عن استعداد “القوات اللبنانية” لتلبية دعوة “حزب الله” الى الاتفاق على رئيس للجمهورية أن “نقطة الاختلاف مع حزب الله قائمة على الدستور والقانون والسلاح خارج الدولة. وكل المستحيل يصبح ممكناً إذا سلم حزب الله بمبدأ الدولة والدستور والقانون وألا سلاح خارج الدولة”.
وفي وقت طلب الدكتور عصام خليفه من النواب عدم ترشيحه أصر عدد من “النواب التغييريين” على ذلك. في المقابل، اعلن النائب وضاح الصادق اثر الجلسة انه صوّت لميشال معوض وقال “انا نائب تغييري ولكن خارج تكتل التغييريين”. من جانبه، اعلن النائب ميشال الدويهي انه صوت لعصام خليفة.
وعلم ان الرئيس بري وقع امس قانون السرية المصرفية وارسله الى الرئيس نجيب ميقاتي ليوقعه على ان يرسله الى الرئيس عون ليوقعه قبل انتهاء ولايته . وفي المقابل باشر بري جديا تحضيراته لعقد طاولة حوار تجمع رؤساء الكتل النيابية بعد انتهاء ولاية عون وبدأ استمزاج الآراء لانجاح المسعى الذي يعمل عليه .
“لن نفتح الشامبانيا”
وقبيل أيام من انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، قال رئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع في حديث لـ”الجديد” مساء امس “طبعاً لن نفتح الشامبانيا عندما يخرج عون من قصر بعبدا لأننا نشعر بالحزن الشديد على ما وصل اليه لبنان في السنوات الأخيرة” واعلن “اننا أرسلنا مذكرة داخلية إلى كل المحازبين لعدم المشاركة بأي احتفال عند خروج عون من قصر بعبدا”. ورأى أن” بعض النواب لا يزالون يطالبون بمواصفات قبل 6 أيام من انتهاء عهد عون فاليوم عليهم أن يتّفقوا على اسم وليس وضع مواصفات ومن اقترحوا مبادرات يكذبون” وقال “هذه الجلسة ما قبل الأخيرة تقريباً قبل انتهاء عهد عون فمَن لديهم المرشح ميشال معوض يصوتون له منذ اليوم الأول أما النواب من خارج محور الممانعة لمن يصوّتون؟”. وأشار الى أن “النواب خارج محور الممانعة يرفضون التحدث معنا ويرفضون ميشال معوض فليطرحوا مرشحاً لديه أكثر من 42 صوتاً” وجزم جعجع أن “بعد 31 تشرين الأول القوات وحلفاؤها لن يتخلوا عن ترشيح معوض وقبل أن يتقدم لها بديل جدي يقوم بالعمل الذي يقوم به معوض فلن نقبل بأحد”. ولفت إلى أن “قائد الجيش لم يطلب منا شيئاً في ملف الرئاسة وفي هذه السنوات الـ6 لم أقابل قائد الجيش إطلاقاً، وهو قام بدوره على أفضل ما يكون وفي حال تم ترشيحه أنا لا أرى شيئاً يحول دون ترشيحه”.
وفي ظل الإخفاق المتكرر في انتخاب رئيس الجمهورية لم يبرز اي جديد حكوميا أيضا فيما ترددت توقعات بزيارة يقوم بها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لقصر بعبدا في اليومين المقبلين. وإذ طرح الملف اللبناني في لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والبابا فرنسيس في الفاتيكان امس، إجتمع الرئيس ميقاتي في السرايا مع السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو .وأعلنت السفيرة غريو بعد اللقاء: “استعرضنا اللمسات الأخيرة على اتفاق ترسيم الحدود، وتناولنا الأوضاع الاقتصادية والمالية والحاجة الملحة لتنفيذ الإصلاحات وضرورة السير قدما في وضع اتفاق مع صندوق النقد الدولي. كما ناقشنا الاستحقاقات الدستورية المقبلة التي تؤمن حسن سير المؤسسات.” وردا على سؤال عن وجود مشاورات فرنسية- سعودية لانتخاب رئيس للجمهورية قالت “لدينا حوار مع المملكة العربية السعودية بشأن مواضيع عديدة”.