مع بداية الأسبوع الثاني للشغور الرئاسي عقب انتهاء ولاية الرئيس #ميشال عون، اتجهت ازمة الشغور الى مزيد من الانسداد والمراوحة ولم تخرج تطورات الداخل عن اطار اطلاق المواقف السياسية التي لا تقدم ولا تؤخر الا في ترسيخ واقع العجز عن الخروج بسرعة من الازمة الاخذة بالتصاعد. وقبيل يومين من الموعد المحدد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية الخميس المقبل، تتجه الأنظار النيابية والسياسية لمعرفة أي خيار سيتخذه “تكتل #لبنان القوي” بعدما كرر اكثر من نائب في التكتل ان الاخير يتجه الى الإقلاع عن التصويت باوراق بيضاء كما كان درج عليه مع الكتل الأخرى في محور 8 اذار، واطلق هؤلاء النواب تعهدات بانهاء التصويت بالاوراق البيضاء. واذا مضى التكتل العوني في التزام وترجمة هذا الاتجاه، وهو ما يفترض ان يتقرر اليوم مبدئيا، فان ذلك سيشكل تطورا في مسار المشهد الانتخابي ولكنه يقتضي معرفة ما اذا التكتل سيرشح اسما بعينه بعدما تبينت عدم صحة اتجاهه الى تسمية مرشح من أعضائه غير رئيسه جبران باسيل. ولكن أوساط الكتل الأخرى ولا سيما منها الثنائي الشيعي لا تبدو في وارد تبديل تكتيك الورقة البيضاء حاليا بما يعني ان شيئا جوهريا لن يطرأ على المشهد الانتخابي الرئاسي ولا هو قيد التشكل بعد. وتبعا لذلك بدأت تتنامى المخاوف الجدية من شغور طويل المدى ولو ان رئيس مجلس النواب #نبيه بري اطلق تحذيرا جادا امس من ان لبنان لا يحتمل سوى أسابيع قليلة على هذه الوتيرة، اذ ان المعطيات الاقتصادية والمالية والاجتماعية في البلاد تنحو في اتجاهات تدهور تصاعدي على وقع استفحال الانسداد الرئاسي، وليس في الأفق أي معطيات من شأنها ان تدعم صمود اللبنانيين في مواجهة تفاقم الازمات ما دامت الدولة في حال شبه شلل. ولذا اكتسبت الحركة السياسية الداخلية أخيرا طابع العجز المطلق امام “عهد الفراغ” العائد وارتفع منسوب المراوحة الى حدود التخوف من ازمة مفتوحة تتجاوز نهاية السنة الحالية خصوصا ان الظروف الخارجية لا تبدو ملائمة ابدا لتوقع من يدفع بيد القوى اللبنانية لتتحمل مسؤوليتها المصيرية .
بري : أسابيع
والواقع ان المشهد الداخلي لم يشهد أي جديد يعتد به واقتصر “حضور” ازمة #الشغور الرئاسي على اطلاق المواقف استعدادا لجلسة الخميس المقبل . وفي حين كان المكتب السياسي لحركة “أمل” يشدد على أن “رفع وتيرة الشروط التعجيزية في وجه الدعوات للحوار هي أداة تعطيل مستجدة لمنع الوصول إلى توافق على رئيس أهم مواصفاته الجمع بين اللبنانيين بكل مكوناتهم وطوائفهم لإنقاذ الوطن”،اكد الرئيس بري امام نقابة الصحافة انه “سوف يدعو الى عقد جلسة كل أسبوع وهو ملتزم بهذا الأمر”، مشيرا الى ان أولى الأولويات هي لانتخاب رئيس الجمهورية”، مجددا الدعوة الى التوافق في هذا الإستحقاق. وحذر من ان” لبنان قد يستطيع ان يتحمل أسابيع لكنه لا يستطيع ان يتحمل أكثر من ذلك ولا يمكن ان يتحمل لبنان واللبنانيون المزيد من التدهور”. وكشف “أن جدول أعمال الحوار الذي كان في صدد الدعوة اليه كان فقط التوافق على الإنتخابات الرئاسية ونقطة على السطر. وكل المحطات الخلافية التي مر بها لبنان إنتهت بالحوار والتوافق من الطائف الى الدوحة الى طاولات الحوار في الداخل فهل نتعظ؟ وجزم رئيس المجلس أن الوضع الأمني في لبنان محصن واللبنانيون يملكون من الوعي ما يكفي لعدم الإنجرار والإنزلاق في أتون الإحتراب. وعن المزاعم التي تقول انه يقف وراء حماية حاكم مصرف لبنان قال بري “إسالوا من مدد له. وأقول اذا بيي مرتكب انا لا اغطيه”.
وفي غضون ذلك بدا لافتا استمرار الترددات لمؤتمر الاونيسكو في ذكرى توقيع الطائف، السبت الماضي، على السنة مسؤولي “حزب الله”، اذ غرد امس نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم على “تويتر”، كاتبا “لم يطرح حزب الله خلال هذه الفترة تعديل أو تغيير النظام السياسي المرتبط بالطائف نظراً للحساسيات الموجودة في لبنان، ولأنَّ المشكلة ليست أساساً في التعديل أو عدمه، وإنما فلنطبق أولاً ما ورد في الطائف وبعد ذلك نرى إذا كان المطلوب إجراء تعديلات أم لا.” وقال “نحن منفتحون إذا أراد أي فريق أن يطرح تعديلات معينة في الطائف وفق الآليات الدستورية المعروفة، والتي تمرُّ عبر مجلس النواب، وتحتاج إلى موافقة الثلثين عند أي تعديل، عندها نبدي رأينا في التعديل المطروح. نحن كحزب الله ليس لدينا مشروع تعديل الطائف، وليس لدينا مشروع نظام سياسي جديد. نحن ندعو إلى حسن التطبيق للطائف، ووضع حد للفساد وللتدخلات الأجنبية ولتصرفات أمريكا في لبنان، هذا ما نعتقد أنه يتناسب مع هذه المرحلة”.
“صنعوا الحرب”
ووسط هذا المناخ المأزوم كان للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي موقف عنيف جديد من القوى السياسية اذ اعتبر “ان من صنعوا الحرب لا يزالون يحكمون البلد” لافتا الى “انهم حتى اليوم لم يتمكنوا من تنقية ذاكرتهم ونسمعهم كيف يتراشقون الكلام الجارح في كل مناسبة”. وجاء كلام الراعي في اجتماع مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان، مشيرا الى ان “تنقية الضمائر هي الشرط لاجراء حوار صريح وبناء بين المسيحيين والمسلمين من جهة وبين الاحزاب والكتل النيابية من جهة ثانية وذلك ليسلم العيش المشترك المنظم”، ولفت الى ان “لبنان في اخطر مرحلة من تاريخه السياسي والاقتصادي ويا ليتهم يسمعون نداء قداسة البابا فرنسيس بالامس”. وفي هذا الصدد، أكد ان “الارشاد الرسولي يضعنا امام واجب وطني يلزم ضمائرنا بايجاد الوسائل الناجعة على كل الصعد”.
اما المهزلة المتصلة بمواكبة المجلس النيابي لبعض المشاريع الإصلاحية الأساسية فتمثلت في اخفاق اللجان النيابية التي انعقدت امس مرة جديدة في مناقشة مشروع الكابيتال كونترول. في هذا السياق طرأ تطور لافت تمثل في طلب نائب رئيس مجلس النواب النائب الياس بو صعب الذي ترأس جلسة اللجان من نائب حاكم مصرف لبنان ألكسندر مراديان، مغادرة الجلسة قائلاً له “طلبنا حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لا حضورك فرجاءً غادر الجلسة وبلّغ سلامة أننا نريده أن يحضر شخصياً جلسة الكابيتال كونترول لا أن يوفد ممثلاً عنه”. فخرج مراديان من الجلسة وغادر البرلمان. اثر الجلسة، اوضح بوصعب ان سيتم استكمال النقاش اليوم افساحا في المجال امام النواب للاطلاع على خطة التعافي الحكومية. اضاف: “احتراما للمجلس النيابي وبعد التغيب المتكرر لسلامة طالبنا من نائبه بكل احترام مغادرة الجلسة على ان يحضر سلامة شخصيا”. لكن الجلسة التي كانت مقررة اليوم ارجئت لاحقا الى الاثنين المقبل نظرا الى ارتباط نواب باجتماعات للجان أخرى اليوم .
الى ذلك أفادت معلومات أنّ هيئة مكتب مجلس النواب ولجنة الادارة والعدل بحثتا في عين التينة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي في الكتاب الذي أرسله النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات الى مجلس النواب عبر وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري والذي يتعلّق بهدر المال العام في قطاع الاتصالات.