IMLebanon

النهار: استحقاق حمى الأسعار يسابق تداعيات الفراغ

 

فيما لم تسجل أي تطورات او تحركات داخلية بارزة ذات صلة بمسار #الازمة الرئاسية التي تتسع الانطباعات – المخاوف حيال تمددها الى امد طويل غير منظور، يطل #لبنان في قابل الأيام والاسابيع على عودة السباق الساخن، ولو في عز موسم أعياد آخر السنة وفصل الشتاء، بين مساره السياسي المأزوم ومساره المالي – الاقتصادي الأشد تأزما.

 

بل انه وسط الجمود والرتابة المتحكمين بقوة بمسار الجلسات العقيمة التي يعقدها مجلس النواب أسبوعيا لانتخاب رئيس الجمهورية بلا أي تبديل حقيقي جوهري من شأنه ان يدفع بالازمة الى نهاية وشيكة بانتخاب رئيس ينهي ازمة الفراغ، بدأت نذر استحقاق داهم من نوع اخر تطغى على اهتمامات الناس والاوساط الاقتصادية وهو استحقاق اعتماد الإجراءات المتصلة بالسعر الجديد للدولار الجمركي ( 15 الف ليرة لبنانية ) في بداية كانون الأول المقبل، والذي يليه استحقاق اخر لا يقل أهمية ووطأة ويتصل باعتماد سعر الصرف الجديد الرسمي للدولار بإزاء الليرة بـ 15 الف ليرة لبنانية أيضا ابتداء من الأول من شباط 2023. الاستحقاق الداهم الأول المتصل باعتماد السعر الجديد للدولار الجمركي اتخذ مفاعيله العملية قبل حلول موعد سريان القرار في شأنه سلفا، اذ تبدو الأسواق وفق المعطيات الواقعية السائدة قبل أيام قليلة من بداية كانون الأول كأنها على أهبة موجة حارة من شأنها رفع أسعار معظم السلع عشرات الاضعاف وربما مئات الاضعاف في بعض السلع. واذا كان قرار رفع سعر الدولار الجمركي لن يشمل كل السلع المستوردة او المنافسة للإنتاج المحلي، فان محاذير كبيرة ارتسمت من اللحظة حيال ما يمكن ان تشهده البلاد من تفلت وعجز او حتى تواطؤ في مواجهة هذا الاستحقاق بما يرجح ان يرتب تداعيات واضطرابات واسعة في حمى أسعار لاهبة جديدة يتحمل تبعاتها المواطنون من ذوي الدخل المتوسط والمتدني فيما ترزح البلاد تحت وطأة تضخم مخيف وموجات هائلة من التفلت.

 

وتساءلت أوساط تتخوف من حمى تتفلت فيها الضوابط في الأسواق عما اذا كانت الحكومة ووزارتا المال والاقتصاد تحديدا قد اعدت جيدا لانطلاق تنفيذ هذا الاجراء الشديد الحساسية ماليا واقتصاديا واجتماعيا، واي إجراءات اتخذت وستتخذ في الأيام القليلة المقبلة للحؤول دون تداعيات غير محسوبة لهذا “الاعصار” علما ان التفلت بدأ سلفا وقبل أيام من موعد بدء سريان القرار .

 

توحيد #أسعار الصرف

اذن دخل لبنان مرحلة توحيد أسعار الصرف مرحليا وصولا الى التحرير التام للأسعار وتصبح بعدها “صيرفة” هي من يحدد السعر، مرورا بإعتماد سعر صرف للدولار الجمركي عند 15 الف ليرة للدولار الذي يدخل حيز التنفيذ في الاول من كانون الاول المقبل اي يوم الخميس المقبل. وقد ارسل وزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف الخليل كتاباً الى مصرف لبنان ليتم اعتماد سعر صرف العملات الاجنبية على اساس 15 ألف ليرة لبنانية للدولار الأميركي الواحد بالنسبة للرسوم والضرائب التي ستستوفيها إدارة الجمارك على السلع والبضائع المستوردة اعتباراً من 1-12-2022. كما يستمر مصرف لبنان بالعمل بالتعاميم السارية المفعول إلا في حال أقر مجلس النواب قانون قانون الكابيتال كونترول عندها يلغي المركزي كل هذه التعاميم ويصبح القانون الجديد هو المنظم للعلاقة بين المودعين والمصارف. ويسعى مصرف لبنان حاليا لسحب الكمية الاكبر من الليرة اللبنانية من السوق بعد ان وصل حجمها الى ما يقرب 70 تريليون ليرة لبنانية فيما تؤكد معلومات ان المركزي يسعى من خلال مجموعة من الاجراءات التي ستدخل حيز التنفيذ في الاسابيع المقبلة الى شفط ما يقارب 30 تريليون ليرة لبنانية من السوق مع توجيه ضربات مفاجئة للمضاربين من خلال التدخل السريع في السوق بالتوازي مع إصدار تعاميم للحد من إرتفاع الدولار، أقله في المرحلة المقبلة .

 

على صعيد اقتصادي اخر اصدر وزير المال قرارا قضى بإعطاء الزيادة المنصوص عليها في قانون موازنة 2022 للعاملين في القطاع العام وللمتقاعدين في حين قدمت مجموعة من النواب مراجعة طعن أمام المجلس الدستوري بقانون موازنة 2022. وقالت النائبة بولا يعقوبيان التي كانت في عداد النواب الذين قدموا المراجعة ان “ما يُنشر غير ما يُصادق عليه في مجلس النواب وهذا ما حصل في الموازنة ولا بدّ من تصحيح المسار. اضافت “الزيادة في رواتب القطاع العام يجب أن تترافق مع إصلاحات من أهمّها شطب الوظائف غير القانونية”.

وفي تداعيات الوضع المالي اعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر تأجيل اجتماع لجنة هيئة المؤشّر الذي كان مقررا الاربعاء “بطلب منّا بسبب أنّ ما عُرض علينا لا يتناسب مع زيادة غلاء المعيشة وارتفاع سعر الدولار”. اضاف “ما عُرض علينا فُتات والهيئات الاقتصادية رفضت طرح العشرين مليون ليرة كما طُرح مبلغ 10 ملايين ليرة كراتب إلّا أن هذا الطرح لم يلقَ جوابًا وسنستمّر بالمفاوضات بانتظار إقرار الدولار الجمركي”.

 

 

وفد الكونغرس

 

اما في المشهد السياسي الداخلي فساد جمود تصاعدي مع بداية الأسبوع فيما يبدو واضحا ان الأنظار باتت مشدودة الى ما قد تسفر عنه المحادثات الأميركية الفرنسية في الحيز المتصل بلبنان وازمته خلال زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون للولايات المتحدة التي تبدأ اليوم. وفي غضون ذلك زار امس وفد من الكونغرس الأميركي برئاسة النائب مارك تاكاتو وعضوية النائبين كولن الريد وكاتي بورتر بيروت والتقى المسؤولين اللبنانيين حيث أكد اهمية إنتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة وتطبيق شروط صندوق النقد الدولي والمضي بالإصلاحات. وبعد زيارته السرايا حيث استقبله رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي هنأ الوفد الحكومة على “جهودها في انجاز مشاريع القوانين التي طلبها صندوق النقد الدولي والتي أحيلت الى مجلس النواب متمنيا الاسراع في إقرارها”. وشدد “على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية”، ودعا النواب “الى إنجاز هذا الأمر في أسرع وقت ممكن”، لافتاً “الى ان هناك تحديات كثيرة سيشهدها العام 2023 عالميا ومنها ما يتعلق بالأمن الغذائي وتأمين المساعدات من الولايات المتحدة للدول الصديقة، لذا يتوجب على المشرعين والسياسية اللبنانيين بذل جهود كثيرة لوضع لبنان على سكة التعافي التي لا تتم من دون محاربة الفساد واقرار القوانين المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي”. والتقى الوفد رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة في حضور السفيرة الاميركية، كما زار الخارجية.

 

نداء “لرفض الإهانة”

وفي المواقف السياسية البارزة التي سجلت امس من ازمة الاستحقاق الرئاسي وجه “المجلس الوطني لرفع الاحتلال الايراني عن لبنان” و”لقاء سيدة الجبل” نداء مشتركا في مؤتمر صحافي بلسان النائب السابق فارس سعيد الى النواب والاحزاب والشخصيات السياسية دعاهم فيه الى : “رفض الإهانة اللاحقة بكم ولا تكونوا شهود زور على تكريس احتلال لبنان”. وأضاف النداء

“أنتم مدعوون الآن إلى تركيز الجهود، كلّ الجهود، لاستنهاض الكتلة السياسية والشعبية الوطنية لرفض ومواجهة الأمر الواقع المفروض على لبنان بقوة سلاح “حزب الله”. إن المطلوب، مرّة جديدة، وقبل أي شيء آخر، استرجاع السيادة والحرية والاستقلال، وإلّا فإن لبنان سيسقط في أيدي قوى الإحتلال، وستكون مسؤوليتكم كبيرة أمام اللبنانيين والتاريخ. ليس الوقتُ لتقاذف المسؤوليات، ولا خصوصاً للبحث عن رقمٍ ترجيحيّ من هنا أو هناك. فالخلاص يكون بالجميع أو لا يكون، وللجميع أو لا يكون! إرفعوا الاحتلال الايراني عن لبنان”.

 

في المقابل وفي اطار الازمة الرئاسية ، أكد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن عز الدين أنه “حتى هذه اللحظة لم يحصل تفاهم بين أغلب القوى السياسية على اسم رئيس للجمهورية، ولذلك نحن عندما اخترنا التصويت بالورقة البيضاء، فهذا يعني أننا ندرك تماماً واقع هذا البلد وطبيعة تركيبته سواء على المستوى الاجتماعي أو على المستوى السياسي، ويعني أنها دعوة صريحة لإبقاء نافذة على الحوار والتفاهم والتلاقي ما بين القوى السياسية ومكوّنات المجلس النيابي اللبناني، وعدم إغلاق الباب للبحث في المخارج التي تؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية”. وشدد على “ضرورة أن يتمتّع رئيس الجمهورية بمجموعة من المواصفات وهي، أن يكون وطنياً وشجاعاً ويملك قراره الوطني المستقل، ويقف بصلابة أمام أي ضغوط داخلية أو خارجية لفرض إملاءات وشروط ضد المصالح العليا للبنانيين والمواطنين”.