Site icon IMLebanon

النهار: فراغات حكومية وإدارية تلحق الفراغ الرئاسيّ؟

 

ينذر تصعيد “الاشتباك الكهربائي” بين رئاسة الحكومة و”التيار الوطني الحر” باتساع فجوة الشلل في الخدمات الحيوية الأساسية، اذ ان مفاعيل هذا الاشتباك وتداعياته التي بلغت حدود تكبيد المالية العامة مزيدا من الخسائر الفادحة ناهيك عن تعطيل متدرج للمعامل المنتجة لساعات نادرة من التيار الكهربائي، لن تقف عند حدود الاضرار الفادحة في هذا القطاع وحده بل ستتسع تباعا لتشمل معظم القطاعات. ذلك ان الاشتباك الكهربائي الذي صار العنوان المسبب للاذى المباشر يعكس ازمة اعتمال سياسي خطير من مفاعيله بوادر ازمة شلل في اصدار المراسيم الحكومية التي يتعمق الخلاف حول توقيعها وسط التصعيد الذي فجره الخلاف على توقيع المراسيم الصادرة عن الجلسة الأخيرة التي عقدها مجلس الوزراء لحكومة تصريف الاعمال بعد إصرار وزراء “التيار الوطني الحر”، بايعاز من رئاسة هذا التيار، على اجتهاد وتفسير يقول بوجوب توقيع الوزراء الـ24 جميعا على كل مرسوم، والا فقد المرسوم صفته الدستورية الميثاقية الشرعية. ومع ان مواقف معظم القوى السياسية الشريكة في الحكومة او خارجها رفضت اجتهاد التيار العوني في هذا الصدد، فان ذلك لم يذلل الازمة بل تصاعدت وسط تفرج الجميع على السجالات الحادة بين السرايا و”التيار” بما يعكس احتمال تمدد الشلل الناتج عن الاشتباك وتوسعه تباعا وصولا الى حالة تعطيل اشبه ما تكون بفراغ حكومي مستلحق بالفراغ الرئاسي.

 

ولعل باب الخطورة الابعد من الملف الحكومي يتمثل في التخوف من انفتاح باب الفراغات الإدارية الكبرى التي بدأت مع عدم ملء شغور مناصب عسكرية احيل أصحابها على التقاعد ولم يمدد لهم او تملأ مناصبهم بتعيين البدلاء وستستمر مع شغور مناصب امنية عليا، ومن ثم قد تتمدد هذه الفراغات الى منصب حاكم مصرف لبنان حين تنتهي ولاية الحاكم الحالي رياض سلامة. ويقول المعنيون بهذه المعطيات ان عدم انتخاب رئيس للجمهورية وسط تعذر الرهانات على أي تطورات داخلية او خارجية دافعة بجدية وقوة نحو الانتخاب، ستحتم تحركا سياسيا واسعا لاعادة ضبط الملف الحكومي اذ من غير الممكن ترك البلاد عرضة لمزيد من انهيارات وازمات ستتسبب بها حتما هذه الفراغات من رأس الهرم الدستوري بلوغا الى الكثير من المواقع .

 

 

المواجهة المتواصلة

في أي حال اكتسب المشهد الحكومي امس مزيدا من التشنج وسط توالي فصول السجالات بين السرايا و”التيار الوطني الحر” وانعدام اثر أي تحرك يمكن ان يلجم تداعيات هذا الاشتباك. وواصل المكتب الاعلامي لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ‏الرد بعنف على تصريحات نواب ووزراء في “التيار” فاتهم امس النائبة ندى البستاني “بإجتزاء ‏الحقائق في محاولة للتنصل من تدخّلها المباشر في عمل السلطة التنفيذية، عبر نشر موافقة ‏استثنائية صادرة عن رئيس الحكومة لفتح اعتماد مستندي لتأمين الفيول لصالح ‏مؤسسة كهرباء لبنان‎.‎ ولكن كالعادة، تغافلت عن مسألتين اساسيتين وردتا ‏بوضوح في متن قرار الموافقة‎:‎‏ الاولى، الاشارة الواضحة الى وجوب صدور مرسوم ‏بالسلفة المشار اليها وليس كما حاولت عبثا اغفال هذه الواقعة عن ‏الرأي العام وأن تبدلا ما قد حصل‎.‎ الثانية، وجوب التقيد المطلق بتنفيذ بنود الخطة ‏الموضوعة من قبل مؤسسة كهرباء لبنان، اي الايضاح رسميا من قبل المؤسسة كيفية اعادة ‏هذه السلفة للخزينة، حتى لا تلحق بكل السلف السابقة‎.‎” ونصح البستاني “ومَنْ ‏يوجّهها بوجوب التوقف عن التدخل في عمل السلطة التنفيذية ‏والمشاركة في نقاشات تخص السلطة التنفيذية نيابة عن الوزير المختص، الحاضر الغائب”.

 

اما العامل الجديد الذي سجل في اصدار هذه المبارزة المفتوحة فتمثل بدخول رئيس هيئة الشراء العام جان العلية على خط ملف المناقصات ضد وزارة الطاقة معلنا انه مستمر بمطالبته ‏بإخضاع كل الصفقات العمومية للتدقيق الجنائي، فالتدقيق في مصرف لبنان غير كافٍ‎.‎‏ ولفت الى ان صفقات وزارة الطاقة كانت تتم خارج الاسس والمبادئ القانونية ‏على مدى 10 سنوات ووزراء الطاقة يخالفون القوانين ويرمون التهم لتغطية مخالفاتهم. وتحدث في موتمر صحافي اثار دويا واسعا عن “طريقة عمل الوزيرة السابقة للطاقة عبر تعطيل القانون رقم 129/2019 اذ قدمت مشروع “بي.او.تي” من ضمنه الحل الموقت. والمفارقة في هذا المشروع انهم اصروا على دفتر الشروط على ان يوفر لملتزم معامل انتاج الطاقة بطريقة “بي او تي” الفيول، وليس عليه توفير الفيول بنفسه. وهذا يعني ان على كهرباء لبنان ان تشتري الفيول وتبيعه الى الملتزم. استعنا بخبراء من الاتحاد الاوروبي ضمن اتفاق مع الحكومة. توصل الخبراء بعد درس لدفتر الشروط استمر ما لايقل عن شهر الى ان يقدموا الى هيئة الشراء العام تصورا لانتاج طاقة في لبنان اعلى مما قدمته الوزيرة. واشارت الدراسة الى انه يمكن الاستغناء عن الحل الموقت اي البواخر، ودمجه في الحل الدائم، والاستغناء عن بناء معامل جديدة وزيادة التوربينات في المعامل القائمة ولكن الوزيرة البستاني رفضت الدراسة”.

 

وشدد على ان “ادارة المناقصات رأت الاخطاء في كل الصفقات وليس فقط في وزارة الطاقة وبالتالي فان استهداف رئيس هيئة الشراء العام ومحاولة اظهاره وكأنه تابع لفريق معين هو، في النهاية، رفض ضمني لقانون الشراء العام لأنه يرتكز على الشفافية”.

 

وردت النائبة ندى البستاني فقالت مغردة ” مرّة أخرى سبقناك بطلب تدقيق ‏جنائي بوزارة الطاقة ومن شد على ايدك بهيدا الموضوع. اكتر من هيك لازم تشرح للرأي ‏العام انو حسابات وزارة الطاقة موجودة بمصرف لبنان وبوزارة المال وتطالب معنا ‏بالتدقيق الجنائي هونيك كمان… هيدي نصيحة لمصداقيتك اذا بعدها موجودة‎”.

 

وسط هذه الاجواء، سيغرق لبنان مجددا في العتمة مع استحالة عقد جلسة ‏لمجلس الوزراء لاقرار اعتماد لشراء الفيول لزوم شركة كهرباء لبنان.اذ‏‎ ‎اعلنت مؤسسة كهرباء لبنان أن خزين معمل الزهراني من الغاز أويل قد نفد ‏بالكامل، الامر الذي وضع هذا المعمل الحراري الوحيد العامل حالياً قسراً ‏خارج الخدمة.

 

 

“التيار” والكلام “اللطيف”

على الصعيد السياسي ووسط المراوحة التي تطبع مجمل المشهد الرئاسي، وزع امس كلام لمصادر قريبة من “التيار الوطني الحر” تعليقا على ما تطرق اليه الأمين العام ‏ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير حيال ملف التفاهم بين الحزب و”التيار”، فقالت هذه المصادر انه “كلام لطيف وايجابي تجاه التيار الوطني الحر، لكنه غير كاف ‏وحده لمعالجة الخلل الذي حصل‎”‎‏. وأشارت الى إن “السيد نصرالله ‏قال إن تواصلاً سيحصل بين التيار والحزب، نحن بانتظاره علّه يعالج المشكل الكبير الذي ‏وقع. فالتيار لا يسعى الى خلاف مع الحزب، وهو لم يطعن بأحد في حياته ولن يفعل تحت ‏أي ظرف كما أنه لا يسحب يده الّا اذا فعل الآخر‎”‎‏.

 

وأضافت هذه المصادر أن “الأمر أكبر بكثير ‏من علاقة حزبين، بل علاقة شراكة بين مكوٌنات البلد، باهتزازها يهتز التفاهم والبلد ‏وصيغة التفاهم فيه والحرص على التفاهم يجب أن يكون اولاً بالحرص على العيش الواحد ‏المتشارك فيه، ويترجم بأداء مختلف عمّا هو قائم‎”‎‏.