استحقاقات عالقة اومرجأة او قيد الترحيل على كل المحاور، بما يثبت ان #الفراغ الرئاسي يتشظى يوما بعد يوم نحو شل الدولة ومؤسساتها والإدارات والقطاعات بالجملة. لم يكن ادل علي دولة تسبح فوق بحيرة العجز السياسي القاتل من عودة التهاب دولار السوق الرديفة بلا تفسير منطقي فيما المواطنون يقبلون بنهم وكثافة على تحويل الليرات الى دولار الصيرفة ، وفيما ترتفع أسعار المحروقات مجددا، في مشهد خيالي برمزيته تحول معه كل مواطن مضاربا سعيا وراء كسب ولو قليل. يجري ذلك فيما “الاستحقاقات الكبرى” تنزلق الى مزيد من التعقيدات والمراوحة والغموض وهو تاليا ما يفسر التراجع اللافت لدى المراجع الرسمية والسياسية حيال كل محطة جديدة من محطات الاستحقاق الرئاسي او المأزق الحكومي. فغالبا ما كان رئيس #مجلس النواب نبيه بري في المرحلة الأولى السابقة من الاستحقاق الرئاسي يحدد قبل أسبوع تماما موعد الجلسة الانتخابية التالية، ولكنه مع مطلع السنة الجديدة التي تشكل المرحلة الثانية من ازمة الفراغ بات يلزم التريث وربما التردد في تعيين موعد الجلسة الحادية عشرة التي لم يدع النواب اليها بعد حتى الساعة. وواضح ان الارتباك وحده يبدو سيد المشهد الرئاسي مع تهاوي كل السيناريوات والرهانات والاندفاعات الإعلامية الدعائية التي طبعت مرحلة عطلة الأعياد حيال المتغيرات التي يمكن ان تطرأ مع بداية السنة الجديدة فاذ بالاسبوعين الاولين من السنة يعكسان مدى التعقيدات المتحكمة بأزمة الفراغ التي ازدادت المخاوف بل تضاعفت حيال احتمالات ان تطول ابعد بكثير مما كان مقدرا لها.
وما ينطبق من تداعيات على الازمة الرئاسية ينسحب أيضا على تخبط البلاد تحت وطأة الازمات الحياتية والخدماتية والاجتماعية والمالية في ظل مأزق حكومي حول الإدارة الحكومية الى مسرح للصراعات التي جمدت إمكانات الإبحار بالبلاد بالحد الأدنى من إجراءات الضرورة التي تمليها طبيعة حكومة تصريف الاعمال وسط ازمة الفراغ الرئاسي.
ولعل هذا الواقع دفع بالمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا الى التشديد على أنه “مع بداية العام الجديد والديناميكية التي يجلبها، هناك حاجة إلى بذل جهود مكرسة لتوجيه لبنان نحو التعافي، وتلبية احتياجات الناس، وإعادة بناء الثقة في المستقبل”. وأكدت ان “انتخاب رئيس جديد وعمل مؤسسات الدولة بكامل فعاليتها أمرين أساسيين في هذا الصدد”.
لا مخرج… بعد
ويجري على الصعيد الحكومي في الكواليس البحث في امكان التوصل الى مخرج قانوني يؤدي الى حل ملف إفراغ بواخر الفيول التي تنتظر في عرض البحر من دون عقد جلسة لمجلس الوزراء لهذا الملف كما وعدم تكبد كل هذه الخسائر، علما ان هذا المخرج لا يفضله رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ولا رئيس مجلس النواب نبيه بري اذ يريدان اتمام هذا الملف في جلسة طبيعية لمجلس الوزراء وفق ما تقتضي الأصول والقواعد الدستورية تحت اطار تصريف الأعمال، ولا سيما بعد سلسلة من المحاولات والتجارب المرة مع مؤسسة كهرباء لبنان والتي حصلت على اكثر من سلفة ولم تؤد محاولاتها الى ايصال التيار الكهربائي كما يجب الى منازل اللبنانيين ولو في حدوده الدنيا.
وتقول اوساط الرئيس ميقاتي بأنه لا يسعى الى تخطي الدستور وتجاوز مندرجاته. وعندما يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء فهو لا يريد من خلالها تسجيل اهداف في شباك احد لا في مرمى الفريق العوني ولا غيره، بل ما يهمه هو تسيير شؤون المواطنين وتأمين التيار الكهربائي لهم قدر الامكان. ولا يريد في المقابل اتخاذ اي خطوة ناقصة تقع على مسؤوليته الشخصية وتتناقض مع القانون من خلال التوصل الى مرسوم تشوبه اي أخطاء يرفض حصولها في الاساس. كما يشدد ميقاتي على انه لا يمكن إعطاء سلفة من دون مرسوم. ولكن حتى البارحة لم تسجل المشاورات الجارية في شأن المخرج المحتمل او عقد جلسة للحكومة أي تطور إيجابي على رغم ان المشاورات تواصلت بين ميقاتي ومكونات الحكومة. وذكر ان لقاء عقد بينه وبين الخليلين، النائب علي حسن خليل ومعاون الأمين العام ل”حزب الله” حسين الخليل من دون حسم امكان عقد جلسة حكومية.
هل سيسمي “التكتل”؟
على الصعيد الرئاسي ترصد القوى السياسية ما اذا كان “تكتل لبنان القوي” سيلتزم ما اعلنه أعضاء عديدون فيه تسمية مرشح او اكثر لانتخابات رئاسة الجمهورية وتحت أي عنوان سياسي في اجتماعه اليوم. وعشية هذا الاجتماع توقّع عضو التكتل النائب سليم عون “أن يخرج اجتماع الهيئة السياسية بإسم أو سلة أسماء أو ربما بطرح جديد بالنسبة للانتخابات الرئاسية” موضحا ان “الهدف ليس طرح إسم لتعقيد الأمور أكثر لأن العملية دقيقة وحساسة، وان انتخاب الرئيس ليس الحل للازمة وانما هو أول تطبيق له على ان يتبعها خطوات عدة”. وواصل عون حملة التصعيد التي يشنها “التيار الوطني الحر” ضد الرئيس ميقاتي واتهمه “بالاستمرار بالكيد السياسي ضد التيار الوطني الحر”.
وفي التحركات المتصلة بالازمة الرئاسية لوحظ ان النائب غسان سكاف يوالي تحركا بدأه قبل فترة في اتجاه العديد من القوى فالتقى امس رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل والنائب نديم الجمّيل. وأوضح سكاف ان البحث تناول التحركات التي يقوم بها لانهاء الشغور الرئاسي محذرا من ان “تقاعس المجلس النيابي عن انتخاب رئيس للجمهورية سيدفع الى تدخل خارجي يمكن ان يؤدي الى وصاية جديدة نسعى الى عدم حصولها” واوضح انه يسعى الى “مبادرة تنتج مناعة داخلية تواكب المساعي الخارجية بدل البقاء على الهامش بينما الخارج يعمل جاهداً لانتاج رئيس جمهورية للبنان”.
ونفى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وجود “خطة ب ” لدى القوى الداعمة للمرشح النائب ميشال معوض موكدا أنه “حين يظهر مرشّح من المعارضة قادر على تأمين أصوات أكثر من ميشال معوض نمشي نحن وهو به”. وقال في حديث تلفزيوني “اهم شيء الا يأتي رئيس متفقين عليه نحن والتيار الوطني الحر” واستدرك “ليس كلّ اسمٍ يطرحه جبران باسيل مرفوض بمجرد انه آتٍ منه بل نقبل به اذا توافرت لديه المواصفات المطلوبة” ، وقال “مستعدّ أن أستقبل باسيل اذا وجدنا شيئاً مشتركاً معه وإذا أراد أن يصوّت لميشال معوض فأهلاً وسهلاً به”.
#عويدات والوفد الأوروبي
وسط هذه الأجواء ارجئت انطلاقة عمل الوفد القضائي الأوروبي في بيروت الى الاثنين المقبل لاتمام الإجراءات اللازمة لهذه المهمة . وتحوّل جناح النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات الى خليّة عمل تحضيراً للوفد القضائيّ الأوروبيّ الذي بدأ أعضاء منه بالوصول الى لبنان للاستماع الى 11 مصرفيّاً ونوّاب لحاكم مصرف لبنان حاليين وسابقين بصفة شهود، كما سيستمع الى رجل أعمال لبنانيّ بصفة مشتبه به يعمل في المجال الماليّ عبر شركة تخصّه في لندن، على أن تبدأ التحقيقات يوم الإثنين المقبل في قصر العدل بعد اجتماع يعقد غدا بين عويدات وأعضاء الوفد الموجودين في بيروت . وستتواصل جلسات الاستماع لتُعقد ثلاث جلسات يوميّاً في 17 و18 و19 و20 حتّى تنتهي المرحلة الأولى، ويغادر الوفد ليعود مرّة أخرى الى لبنان في إطار متابعة تحقيقاته. وهو ما كشفه النائب العام التمييزيّ القاضي غسان عويدات ل”النهار” اذ قال انّ الوفد القضائيّ الأوروبيّ سيعود الى بيروت أكثر من مرّة لمتابعة تحقيقاته في ملفّات قائمة لدى بلدانهم في ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ، تتّصل بتبييض أموال وتهرّب ضريبيّ. وطلب الوفد، وفق عويدات، المساعدة من #القضاء اللبنانيّ تبعاً لمعاهدة مكافحة الفساد الدوليّة، التي وقّع عليها لبنان عام 2008، وهو ملزم بالتقيّد ببنودها مع مراعاة الأصول المرعيّة في القضاء اللبنانيّ. واكد “وجود استنابة كنّا تلقّيناها، ولديهم طلبات تتّصل بمعلومات ومستندات يريدونها من ملفّ موجود حاليّاً لدى النيابة العامّة الاستئنافية في بيروت، بعدما أجرى المحامي العام التمييزيّ القاضي جان طنّوس بتكليف من القاضي عويدات تحقيقاً أوليّاً في صدده، وأحال النائب العام التمييزيّ هذا الملفّ قبل حوالى شهرين على القاضي زياد أبو حيدر طالباً الادّعاء على حاكم مصرف لبنان وآخرين، باعتبار انّ النيابة العامّة التمييزيّة لا تملك صلاحية إقامة الادّعاء العامّ التي تعود للنيابة العامّة الماليّة أو النيابة العامّة الاستئنافيّة، حيث لا يزال هذا الملفّ عالقاً”.
وعلم ان القاضي عويدات سمح للوفد القضائي الأجنبي بالاطّلاع على الملفّ فحسب دون إمكان استحصاله على مستندات منه لأنّه خرج من نطاق النيابة العامة التمييزية بعد إنجاز التحقيق الأوّلي وإيداعه النيابة العامة الاستئنافية ما من شأنه أن يخلق مشكلة في إطار مهمّة الوفد.
وعمّا أثير عن أنّ الوفد الأجنبيّ سيستمع إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أشار عويدات الى انّ اللائحة الاسمية التي طلب الوفد الاستماع الى المدرجين فيها لم تتضمّن اسم سلامة. وقد يطلب الوفد لاحقاً التحقيق معه، وربّما يحصل ذلك أثناء التحقيقات كون سلامة طلب الاستماع الى إفادته بموجب استنابة قضائية ألمانية.
وذكرت المصادر القضائية انّ هذه الاستنابة طلبت الاستماع الى الحاكم وزوجته وشقيقه رجا سلامة.
وردّاً على سؤال في حال تغيّب الشهود قال عويدات انّه بموجب المعاهدة الدولية يمكنهم ان يتّخذوا التدابير والإجراءات التي يريدونها”.