اذا كان من غير المستغرب اطلاقا ان يجمع كل الوسط السياسي في لبنان على فداحة خسارة لبنان في يوم رحيل “عراب الطائف” الرئيس #حسين الحسيني، والا تختلف اختلافا واسعا ادبيات المرثيات والشهادات والاقوال والتصريحات التي ادلي بها من كل حدب وصوب على نحو عابر لكل المناطق والطوائف والأحزاب والاتجاهات، فان اقصى الغرابة ان يبدو الاجماع على قيم يمثلها الراحل الكبير مجرد اختراق لن يدوم فوق ركام الاستحقاقات الحبلى بازمات البلاد. ذلك ان الرحيل المفاجئ للرئيس الحسيني رحّل الى الأسبوع المقبل كل محطات الاستحقاقات البرلمانية والحكومية وسواها، وعلق ما كان متوقعا من تداعيات على الصعيد السياسي في ما يتعلق بالجلسة الحادية عشرة ل#مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية او بالنسبة الى الاستعدادات لعقد جلسة لمجلس الوزراء. ولكن ترحيل الجلستين او ارجاءهما لا يعني حجب تصاعد التوترات المتصلة بكل منهما ولا سيما لجهة الملف الحكومي بحيث يبدو ان كباشا جديدا بدأ مع توزيع الأمانة العامة لمجلس الوزراء جدول اعمال الجلسة التي يعتزم رئيس حكومة تصريف الاعمال #نجيب ميقاتي توجيه الدعوة اليها من دون تحديد الموعد. وهو مؤشر بارز الى ان الخلاف الذي اكد ميقاتي لـ”النهار” استمراره مع “التيار الوطني الحر” قد يكون مرشحا لاتخاذ طابع جديد من التفاعل السلبي هذه المرة مع إصرار ميقاتي على شرح الطابع الملح لبنود جدول الاعمال بما يحشر “التيار” اذا عاند مجددا برفض انعقاد الجلسة. ولكن اللافت في هذا السياق ان “موجبات” إعادة ترميم العلاقة بين فريقي “تفاهم مار مخايل” سابقت وتسابق مسألة الجلسة الحكومية كما الاستعدادات لاعادة التصويت بالاوراق البيضاء في الجلسة المرجأة لمجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية. وبذلك يكون المشهد الداخلي الذي اخترقته وفاة الرئيس الحسيني وما سيتخلله يوم تشييعه اليوم في شمسطار دخل في مزيج من هدنة سياسية مع بقاء المؤشرات الساخنة على توترات متصاعدة على حالها وان ارجئت الى الأسبوع المقبل .
اذن جاءت وفاة الرئيس الحسيني الذي يوارى الثرى في مسقط رأسه شمسطار اليوم لترجئ الجلسة الرئاسية الحادية عشرة وذلك بفعل اعلان الحداد العام على مدى ثلاثة أيام اعتبارا من امس الأربعاء. كما اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري، في بيان رسمي ان “فقداناً لدولة الرئيس السابق لمجلس النواب السيد حسين الحسيني، تأجلت جلسة مجلس النواب المقرر انعقادها الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الخميس في 12 كانون الثاني 2023 الى يوم الخميس المقبل 19 كانون الثاني 2023، وذلك لانتخاب رئيس للجمهورية”.
على ان التطور السياسي المهم برزعلى الخط الوزاري، عاكسا عزم الرئيس ميقاتي على الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء، اذ وجّهت الامانة العامة لمجلس الوزراء بعد ظهر امس كتاباً الى الوزراء لاطلاعهم على مشروع جدول أعمال الجلسة المقبلة للحكومة، قبل تحديد موعد الجلسة، وذلك”بناءً لطلب دولة رئيس مجلس الوزراء، وتطبيقاً للمادتين ٦٢ و ٦٤ من الدستور”.
وبدا من مراجعة جدول الاعمال ان البنود الثمانية التي تضمنها تتسم واقعيا بطابع ملح تجنبا لتكرار ما حصل في المرة السابقة حين جرت عملية إعادة تقليص الجدول الأساسي الذي اثار انتقادات واسعة. وابرز البنود الثمانية ما يتصل بملف استيراد الفيول بإصدار مرسوم يتعلق بسلفة الخزينة لفتح اعتماد بقيمة 62 مليون دولار والموافقة على مشروع مرسوم لابرام اتفاق بيع مادة زيت الوقود بين لبنان والعراق وتجديد عقد الاتفاق بين البلدين كما تتضمن مشروع قانون معجل لترقية ضباط في الاسلاك العسكرية كافة ومشروع لافادة المتعاقدين في المدارس والثانويات والمدارس الفنية الرسمية من بدل نقل الى بنود تتصل بتمديد عقود مطمر الناعمة وتشغيل مطامر صحية موقتة للنفايات.
ميقاتي لـ”النهار”: بمن حضر
وفي حديث يعكس تشدده في الدعوة الى جلسة مجلس الوزراء قال الرئيس ميقاتي عصر امس لـ”النهار” إنه “لا إمكان لإعطاء سلفة لكهرباء لبنان إلّا بمرسوم من مجلس الوزراء، ولا يمكن التصرّف بعكس ما ينصّ عليه قانون المحاسبة العموميّة. لذلك، ستُعقد جلسة لمجلس الوزراء في غضون أيام. وقد استُكمل وضع مشروع جدول أعمالها لكنّها ستتأخّر إلى مطلع الأسبوع المقبل لاعتبارات اجتماعية استجدّت في الساعات الماضية وحتّمت الإرجاء”.
وردّاً على سؤال حول الجهات التي تقف إلى جانبه في انعقاد الجلسة الحكومية، اجاب: “لن أسأل من يمكن أن يحضر الجلسة أو يتغيّب عن حضورها بل سأعقدها. تشاورت مع البعض في هذا الخصوص، وليتحمّل جميع الوزراء مسؤوليّاتهم”.
وكان وزير الصناعة جورج بوشكيان اكد بعد لقائه ميقاتي عن امكان انعقاد جلسة لمجلس الوزراء ومشاركته فيها: “اكيد سأشارك في أي جلسة تبحث في الأمور الأساسية، ولا خلاف حول ذلك، وأنا شاركت في أول جلسة، وسأشارك في أي جلسة تبحث في حاجات البلد الاساسية، لانها من الأمور الملحة، ومسألة الكهرباء ومعاناة المواطنين مسألة ملحة وضرورية وتؤثر على كل المرافق العامة الأساسية، وملف الكهرباء أساسي اليوم ونقطة انطلاق لكل القطاعات”.
بدوره، قال المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل “اننا سنشارك في جلسة مجلس الوزراء إذا دعا الرئيس ميقاتي الى عقدها”.
من جهته، اشار وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم من الجنوب الى أنّ “الاتصالات مستمرة لتأمين التوافق حول جلسة لمجلس الوزراء، وما ندعو اليه هو عزل الأمور الحياتية والاجتماعية عن الأمور السياسية وإخراجها من النكد السياسي. حان الوقت لتكون هناك حلبة مرتبطة بالصراع السياسي منعزلة كليا عن احتياجات الناس التي لا يجب ان تكون سلاحا او ذريعة في النكد السياسي المتبادل الحاصل في البلد”.
#القضاء والوفد الألماني
في غضون ذلك وعلى الصعيد القضائي، توالى وصول الوفود الاوروبية الى بيروت امس للشروع في التحقيقات في جرائم مالية، وشدد وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال هنري خوري في هذا السياق على ان “كل تعاون قضائي دولي يتم وفق القواعد لا يُعد تعديا على السيادة اللبنانية وكل خروج عن القواعد سنواجهه”. وقال: “لم يعد سرًا لبنان تلقى طلبات تعاون قضائية من سويسرا ولوكسمبورغ وفرنسا وألمانيا باشتباه وجود جرائم مالية”.
وإذ افيد ان النائب العام الاستئنافي القاضي زياد ابي حيدر كلف المحامي العام الاستئنافي القاضي رجا حاموش بتسهيل عمل الوفد الالماني واطلاعه على ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي حققت فيه النيابة العامة التمييزية وطلبت من النيابة العامة الاستئنافية الادعاء فيه، اشارت معلومات الى ان حاموش قام باطلاع الوفد على بعض جوانب التحقيق بعدما رفض حضور أعضاء امنيين من الوفد الألماني من غير القضاة فحضر منهم قاضيان هما نائبان عامان ومساعدان لهما. كما أفادت المعلومات ان حاموش رفض طلب الوفد الألماني تصوير كل ملف التحقيق اللبناني مع سلامة وطلب حصر الطلب بالمستندات التي يحتاج اليها الوفد والتقدم بطلب لدى النائب العام التمييزي غسان عويدات للحصول على النسخ عملا بالمعاهدة الدولية التي ترعى التعاون القضائي، ولكن الوفد الألماني اصر على طلبه، وعلى الأثر اجتمع وزير العدل مع حاموش ثم اتصل بالسفير الألماني في بيروت واكد له ان القاضي حاموش التزم تطبيق القانون وعليه وافق الوفد الألماني على التزام مندرجات القانون اللبناني والمعاهدة الدولية.