Site icon IMLebanon

النهار: اتساع الحركة الاعتراضية على “إدارة التعطيل”

 

مع ان المعطيات السياسية والمالية والاجتماعية تتجمع دفعة واحدة عند مطالع مشهد ينذر بمزيد من الانسداد والتصعيد والتأزم في الأيام المقبلة، فان ذلك لا يحجب واقع نجاح ملموس للاعتصام الذي ينفذه نواب “تغييرون” منذ الخميس الماضي في #مجلس النواب في الدفع بمسألة الجلسات المفتوحة لانتخاب رئيس الجمهورية وجعلها عنوانا متقدما في مواجهة القوى التعطيلية. ذلك ان مجريات التعامل السياسي والنيابي مع هذا الاعتصام، وان شابتها شكوك في المدى الذي سيبلغه او التأثير العملي الذي سيحدثه، عكست اختراقا واضحا حوّل الاعتصام الى “قضية رأي عام” من خلال استمرار الاعتصام لاربعة أيام حتى اليوم، كما من خلال عدم قدرة الكتل السيادية والمعارضة والنواب المستقلين على إدارة الظهر لتحرك كهذا يلتقي والاهداف الأساسية لتلك الكتل. وتبعا لذلك بدت حركة التضامن النيابي مع النواب المعتصمين حافزا إضافيا لتثبيت عنوان المعركة الانتخابية –السياسية مع القوى والكتل التعطيلية عند الجانب المتصل بفتح الجلسات الانتخابية، وهو الامر الذي يحاصر رئاسة المجلس بالذات ومثلها الكتل التي تمعن في التصويت بالاوراق البيضاء او بالشعارات وبالاوراق الملغاة ويضعها في واقع “التشهير” وتحمل تبعة المزيد من تعريض #لبنان للتدهور الانهياري بفعل تعطيلها للاستحقاق الرئاسي الذي يعتبر المفتاح الأساسي لوضع حد لمتاهات الانهيار الاخذة بالتعاظم. ومع ذلك تنظر أوساط سياسية بارزة بقلق كبير الى المجريات المقبلة اذ لا تظهر ادنى مؤشرات الى امكان اختراق ازمة الشغور الرئاسي في ظل دوامة العقم التي تحكم الواقع الداخلي بحيث تشير المعلومات الى ان المشاورات والاتصالات الجارية على اكثر من خط ومحور لم تحقق ادنى نتيجة في شق الطريق نحو تسويات او ترشيحات او سواها من نتائج يمكن ان تحدث ثغرات في الازمة. ولا يبدل هذه الحقيقة، كما تؤكد هذه الأوساط، الحديث عن طرح وتداول أسماء مرشحين لان الوقائع الدامغة لا تزال تثبت ان دوامة العقم السياسي مستمرة ولم تتبدل ولا هي مرشحة للتبدل في وقت قريب. كما ان السبب الاخر المتصل بتضخم المخاوف من المرحلة الاتية يتعلق بالتهاب الواقع المالي مجددا وانكشاف العجز والتخبط في معالجته اذ ان دولار السوق السوداء يسجل كل يوم قفزات نارية ولم تظهر بعد إرادة جازمة في لجمه الامر الذي يخشى معه ان تكون ثمة خطة من هذا القبيل او ان العجز عن الحد الأدنى لمواجهته قد صار امرا مثبتا. وبدأت أوساط عدة تتساءل عما اذا كانت البلاد فعلا امام اخطار اهتزاز الاستقرار ام ان ثمة محركين لدفعها نحو هذا المخطط الذي تتحدث قوى وجهات معينة عنه كأنه خطر حتمي فيما توغل هذه القوى في تعطيل السبل الحاسمة للحؤول دون مزيد من الفوضى. ولعل التطور القضائي البارز الذي سيخترق هذا المشهد يتمثل في المعلومات التي أفادت مساء امس ان المحقق العدلي في ملف انفجار #مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار سيحضر اليوم الى مكتبه في قصر العدل في ما يمكن ان يشكل مؤشرا لمعاودته مهمته المعلقة منذ سنة، ويأتي ذلك بعد اللقاءات التي عقدها بيطار مع قاضيين فرنسيين حضرا الأسبوع الماضي الى بيروت في مهمة تتصل بملف انفجار المرفأ .

 

وفي الجانب السياسي من المأزق اثارت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري اللجان النيابية المشتركة الى جلسة الخميس المقبل أي في اليوم المعهود الثابت لانعقاد جلسات انتخاب رئيس الجمهورية أصداء وانطباعات سلبية لكونها بدت استفزازا للنواب المعتصمين واستهتارا بحركة الاعتراض على نمط إدارة الجلسات الانتخابية الذي يتبعه بري. ولم تبدد هذه الأجواء مسارعة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الى القول” علمت من الرئيس بري أنه مستعد لالغاء جلسة اللجان المشتركة وأي جلسة أخرى لتحديد جلسة رئاسية اذا لمس بوادر تفاهم أو مخرج لانتاج رئيس، وجلسة اللجان ليست بديلاً من جلسة الانتخاب بل مسعى للتشريع وتسيير عمل المجلس”. ولكن ذلك لم يحجب تصاعد مستوى التعقيد في ازمة الاستحقاق الرئاسي في ظل دوامة استعصاء التوافق السياسي اما على خوض معركة انتخابية تفتح عبرها الجلسات ولا تبقىِ رهينة كسر النصاب في كل دورة ثانية انتخابية، واما التوافق على اسم يحظى بمساحة واسعة من التأييد والدعم بما يشكل المظلة السياسية للذهاب الى انتخاب الرئيس الجديد .

 

وقد انضم المرشح الرئاسي النائب ميشال معوض مساء امس الأحد، الى النواب المعتصمين في مجلس النواب وأشار الى ان “ما فعله زملائي باعتصامهم داخل مجلس النواب هو إنتفاضة في الاتجاه الصحيح من أجل تطبيق الدستور ويجب أن نجتمع حول رئيس حلّ”.

 

 

“الحزب” وباسيل

وفي التحركات السياسية البارزة، اعلن امس ان وفدا من “#حزب الله” يضمّ المعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين خليل ومنسّق وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، سيزور رئيس “التيّار الوطني الحر” النائب #جبران باسيل في الثالثة والنصف من بعد ظهر اليوم في المقرّ العام لـ “التيّار” في ميرنا الشالوحي. ويُعتبر هذا الاجتماع الأول من نوعه بين الفريقَين منذ فترة طويلة شهدت خلالها علاقة طرفي “تفاهم مار مخايل” توترا وتدهورا غير مسبوقين. كما بدا لافتا ان وفد الحزب نفسه بشخصي خليل وصفا كان قد التقى قبل أيام قليلة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو وكان الاستحقاق الرئاسي المادة الأساسية في النقاش والتداول. وعلم ان وفدا من الحزب قد يزور لاحقا الرئيس ميشال عون في منزله في الرابية، وسيكون اللقاء الاول بعد انتهاء ولايته.

 

 

الراعي وعودة

وسط هذه الأجواء مضى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في تصعيد مواقفه من الطبقة السياسية فتوجه امس الى النواب والوزراء قائلا: “أنتم يا نواب الأمة والوزراء مسؤولون عن وصمة العار الجديدة التي تلحق بلبنان من خلال أدائكم غير المقبول، وهي فقدان لبنان حق التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بسبب عدم سداد مستحقات الدولة اللبنانية البالغة ما لا يقل عن مليوني دولار. ويكبر حجم مسؤوليتكم بكون لبنان بلدا مؤسسا للأمم المتحدة، ومشاركا في وضع شرعتها وشرعة حقوق الإنسان، وقد مثله آنذاك وجه عالمي ناصع هو شارل مالك! ويظهر أن وقف سداد المستحقات اللبنانية لا يقتصر فقط على منظمة الأمم المتحدة، بل يشمل أيضا منظمات عربية ودولية ينتمي إليها لبنان. فإذا كان الأمر مقصودا فالخطيئة عظيمة، وإذا كان سهوا فالخطيئة أعظم. ألا تخجلون من نفوسكم، يا شاغلي مجلس النواب ومجلس الوزراء أمام منظمة الأمم المتحدة وانجازاتها لصالح لبنان”.

 

وفي الملف الرئاسي قال الراعي: ” ليس خوفنا أن تتغير هوية رئيس الجمهورية المارونية وطائفته، بل أن تتغير سياسته ومبادئه ويلتحق بسياسيات ومحاور ودول تجاهد ليل نهار للسيطرة على البلاد وتحويله إقليما من أقاليمها. لكن هذا الأمر مستحيل لأن قرار التصدي لتغيير هوية الرئيس وكيان لبنان مأخوذ سلفا مهما كانت التضحيات. ولا يظننن أحد أنه قادر على تغيير هذا التراث التاريخي وهذه الخصوصية الوطنية. ويخطئ من يظن أنه يستطيع خطف رئاسة الجمهورية اللبنانية وأخذها رهينة ويطلب فدية لإطلاقها. في هذا السياق إن القوى الوطنية السيادية أكانت مسيحية أم مسلمة مدعوة للاتحاد وتشكيل هيئة مشتركة تدافع عن لبنان ليتأكد العالم أن شعب لبنان مصمم على الحياة معا”.

 

كما ان متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة لفت بدوره الى ما وصفها بانها “حلقة أخرى من مسلسل مسرحية انتخاب رئيس، والمحزن أن من لم يقوموا بواجبهم على أتم وجه يتذمرون ويشعرون بالاشمئزاز من تكرار المهزلة”. وأضاف “أليس أولى بهم أن يقدموا على ما يخرج المجلس من هذا الجمود القاتل؟ ألا يعلمون طريقة تكوين السلطات في الأنظمة الديمقراطية، وكيفية إجراء الانتخابات؟ كيف يبرر المعطلون لناخبيهم تقصيرهم في أداء واجبهم الدستوري والوطني؟ كيف يبررون وضع مصالحهم قبل المصلحة العامة، وتقديم حساباتهم الضيقة على كل حساب؟ كيف يستطيعون أن يضحكوا ويهزأوا وشعبهم يدمع ويبكي؟ متى يخرج هؤلاء من أوهامهم بأنهم محور الكون وأن العالم لا يفكر إلا بهم؟ ما هذه المهزلة؟ قليل من التواضع ومن الواقعية. ألا يخجل من يدعون أنهم مسؤولون مما أوصلوا البلد وشعبه إليه؟ ألا يخجلون من أنفسهم عندما يتحدثون عن الكرامة وعن السيادة وعن الحقوق؟ أملنا أن تصحو ضمائر من ضمائرهم نائمة، وأن ينضم عدد كبير من النواب الى النواب المعتصمين داخل المجلس، مطالبين بعقد جلسة انتخابية لا تغلق إلا بانتخاب رئيس. أوليس هذا واجب النواب الأول؟”.