تسابقت التطورات السياسية والمالية امس بحيث كان ممكنا ان يتصدر كسر دولار السوق السوداء سقفا قياسيا جديدا قارب الـ 52 الف ليرة الحدث الداخلي، كما ان “لقاء ميرنا الشالوحي” بين وفد قيادي رفيع من “#حزب الله” ورئيس “#التيار الوطني الحر” النائب #جبران باسيل وسط تهاوي التفاهم شكل عنوانا متقدما في المشهد السياسي وسط “تسريبات” تتحدث عن لقاء جديد وشيك بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وباسيل. لكن كل ذلك تراجع الى المرتبة الخلفية من الحدث الداخلي امام العودة المباغتة العاصفة للمحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار في سابقة قضائية لم تعرف اورقة القضاء ال#لبناني ما يماثلها واضعا بها بيطار حدا حاسما لكل من تورط في تعطيل مهمته وجمدها وشلها منذ 13 شهرا .
حدث قضائي نادر شكلته عودة بيطار متسلحا باجتهاد قانوني “مبكل” من دون امكان تجاوز الافتراض الذي يربط توقيت عودة بيطار الى مهمته بقوة هذا الاجتهاد بعد أيام قليلة من زيارة الوفد القضائي الفرنسي للمحقق العدلي نهاية الأسبوع الماضي، مع ان بيطار رفض تزويد الوفد أي مستند او أي معطيات واي ورقة من ملف التحقيقات التي سبق له ان اجراها في ملف انفجار المرفأ قبل محاصرته وتجميد مهمته. لكنه البارحة استعاد المبادرة متسلحا باجتهاد قانوني فاجأ الجسم القضائي والحقوقي والسياسي في الشكل والمضمون، بحيث اعتبر أنّ المجلس العدلي هيئة مستقلة موازية للهيئة العامة لمحكمة التمييز، وأي قرار ينصّ على تنحية المحقق العدلي هو إلغاء لموقع تمّ إنشاؤه بموجب مرسوم وزاري. ولا يحتاج المحقق العدلي إلى إذن لملاحقة المدعى عليهم، لكونه أساساً مفوضاً للقيام بهذه المهمة.
وجاء قراره بالاستناد إلى قرار معلّل استند إلى اجتهاد صادر عن رئيس المجلس العدلي الأسبق القاضي الراحل فيليب خير الله الذي اعتبر أن عضو المجلس العدلي لا يجري ردّه أو مداعاته من محكمة أدنى من المجلس العدلي بخلاف ما ذهبت إليه الهيئة العامة لمحكمة التمييز أن محكمة التمييز أدنى في سلم درجات المحاكم اللبنانية من المجلس العدلي حيث عيّن المشترع عضوين إضافيين لملء الشغور في حال تغيّب أحد المستشارين الأربعة الأعضاء في المجلس العدلي الأمر الذي لم يلحظه في حالة المحقق العدلي المعيّن بموجب إحالة مجلس الوزراء قضية المرفأ على المجلس العدلي تبعاً لمرسوم صادر عنه، وتالياً لا يعود للهيئة العامة لمحكمة التمييز النظر بقرار إداري صادر عن مجلس الوزراء ما يخالف مبدأ فصل السلطات. أضف إلى أن مركز المحقق العدلي منوط بشخصه، فإن أقيل هو إنما يقال معه المركز ما يخالف القانون.
اما القرارات المدوية أيضا التي عاد بها فتمثلت في دراسة طلبات إخلاءات السبيل، واتخذ بيطار قراراً بإخلاء سبيل 5 موقوفين في ملف المرفأ من أصل 17، من دون كفالة، مع منعهم من السفر، فيما يستعد للادعاء على مجموعة من الشخصيات السياسية والأمنية للتحقيق معها ابرزهم المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم والمدير العام لامن الدولة اللواء أنطوان صليبا. وافيد انه تم إرسال التبليغات إلى النيابة العامة التمييزية، ليتم اجراء الاستجوابات الأسبوع المقبل.
وفي وقت عُلم ان المحقق العدلي كان شارف على إنهاء القرار الاتهامي في هذه الجريمة وقدّر أنه بلغ حتى الآن 540 صفحة، وتبقّى من 120 صفحة إلى 150 صفحة لإنجازه، اشارت المعلومات الاولية الى ان النيابة العامة التمييزيّة ستتعاطى مع القرار الصادر عن القاضي البيطار “وكأنّه منعدم الوجود” ما يعني أنّها لن تنفّذ قرار إخلاء السبيل ولا قرار الادّعاء. وعلى الاثر، احال وزير العدل هنري خوري نسخة من مقتطفات قرار المحقق العدلي الى مجلس القضاء الاعلى.
وفي أول رد فعل، أفاد مصدر قضائي رفيع “النهار” أن النيابة العامة التمييزية لم تطلّع بعد على قرار القاضي بيطار لجهة معاودة العمل وتقريره تخلية خمسة موقوفين. وأشار الى أنه في تاريخ العدلية لم يحصل ذلك في إشارة الى القرار الصادر عن القاضي بيطار. وأضاف إن “قرار المحقق العدلي هو قرار جديد ولكن هذا لا يعني أنه قرار صحيح”. فإذا اعتبرنا أن المحقق “العدلي لا يُنحى، فكذلك النيابة العامة التمييزية لا تنحى ولا تجيّر صلاحياتها، في إشارة الى عدم إبداء النيابة العامة العدلية رأيها في طلبات التخلية “.
ولفتت مصادر قضائيّة الى انه إذا لم تنفّذ النيابة العامة التمييزية قرارات المحقق العدلي فهذا يعني أنّها تحجز مواطنين من دون مسوغ قانوني وهذا جرم جزائيّ دوليّ يُعاقب عليه القانون الدولي. وأضافت: كان الحري بوزير العدل والنيابة العامة أن يتحرّكا عندما أُجريت مقابلات مباشرة على الهواء مع موقوفين في الملف من داخل زنزاناتهم فهذا ما يُعرّض سرية التحقيق للخرق والتّجاوز، فلمَ لم يعاقب القاضي يومها لخرقه السرية؟ وأكدت المصادر أن قرار بيطار الذي نشر وفنّد فيه المواد التي ارتكز عليها ليس تسريباً ولا يتعلّق بسرية التحقيق بل يتعلّق بقرار اتّخذه القاضي ويشرح لماذا اتّخذه، هذا رأي قانوني وليس تسريباً للتحقيق .
اما المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم فاكتفى بالقول من “بيت بيروت” في السوديكوحيث اقيم له امس حفل تكريم ان “الادعاء الذي قدمه القاضي طارق بيطار لا يستدعي التعليق”. واضاف: “لن أتحدث عن المثول أمام القضاء قبل الاستدعاء”.
لقاء الحزب وباسيل
وسط الترددات التي سيثيرها بقوة هذا التطور القضائي استمرت أجواء المراوحة السياسية على حالها. واذ واصل النائبان نجاة صليبا وملحم خلف اعتصامهما في مجلس النواب ومعهما نواب معارضون يتقاطرون الى ساحة النجمة تضامنا، اتجهت الانظار الى الاجتماع الذي ضم عصر امس في ميرنا الشالوحي المعاونَ السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين خليل ومنسّق وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، ورئيس التيار النائب جبران باسيل .
وقال حسين الخليل بعد لقائه باسيل: “عرضنا للملف الرئاسي بإسهاب خلال اللقاء”، لافتاً إلى أنّ “قرار المشاركة في الجلسة المقبلة للحكومة نتّخذه في حينه” .وأضاف: “لن أتعرّض للكثير من تفاصيل اللقاء مع باسيل، لأن المجالس بالأمانات، فنحن نتناصح بالغرف المغلقة وليس في الإعلام”. واشار الى ان ” الحزب والتيار يسيران باتجاه واحد كسيارتين على أوتوستراد لن يصطدما ببعض حتى وإن أسرعت واحدة أكثر من الأخرى”.
ميقاتي والصلاحيات
في الملف الحكومي وبينما استبعدت دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد هذا الاسبوع أعلن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي امس أن “مجلس الوزراء سينعقد حكما لبت القضايا الطارئة، ولكن ليس من دعوة سريعة لعقد الجلسة في انتظار استكمال الملفات الطارئة التي ستوضع على جدول الأعمال”. وقال لنقابة الصحافة : “من الملفات الطارئة التي ينبغي بتها في مجلس الوزراء اضراب المدارس الرسمية الذي دخل اسبوعه الثالث، وملف التزامات لبنان تجاه الامم المتحدة، وابرام عقد هبة مع البنك الدولي بقيمة 25 مليون دولار وعقود النفايات وموضوع القمح، وغيرها”. واعتبر “إن حديث البعض عن عدم ميثاقية الجلسات مغلوط ، حيث شارك في الجلسة سبعة وزراء مسيحيين من اصل إثني عشر وزيرا مسيحيا. اما القول إننا نريد مصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية فهو غير صحيح، فما نقوم به ينص عليه الدستور، في انتظار انتخاب رئيس جديد”. وراى ان “الحل لموضوع الرئاسة يبدأ باتفاق المسيحيين في ما بينهم وبالتالي هذا الموضوع مناط بمجلس النواب وليس بالحكومة التي وجدت نفسها أمام واقع دستوري وقانوني ووطني يحتم عليها القيام بعملية تصريف الأعمال. إنتخاب الرئيس هو المدخل الى الحل من اجل اعادة الدور لكل المؤسسات الدستورية”. واعتبر” أن الكلام عن محاولة للسيطرة على المناصب المسيحية مستغرب ولا أساس له”.