IMLebanon

النهار: اللقاء الخماسي الباريسي: الأزمة الرئاسية أولاً

حمل الإعلان الفرنسي الرسمي عن الاجتماع الخماسي الذي ستستضيفه باريس الاثنين المقبل حول الوضع في لبنان، على اقتضابه، دلالات لافتة كان من شانها ان وضعت حدا للاجتهادات والتفسيرات السياسية والإعلامية اللبنانية المرتجلة وبلا تدقيق، بحسب التوظيف السياسي لكل تفسير. ولعل ابرز ما طبع اعلان الخارجية الفرنسية عن الاجتماع، قبل أربعة أيام وبالتزامن مع وجود وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في زيارة مهمة للمملكة العربية السعودية الشريكة الأساسية ل#فرنسا في تولي الملف اللبناني بكل تشعباته، ان هذا الإعلان اكد الدافع السياسي كأولوية للاجتماع الخماسي بهدف الضغط على الطبقة السياسية اللبنانية لانهاء ازمة الشغور الرئاسي، علما ان معظم الاجتهادات الداخلية في لبنان كانت تنحو الى القول ان الاجتماع يغلب عليه طابع درس المساعدات للشعب اللبناني ولا يحمل طابعا سياسيا أساسيا. وعكس هذا التوجه انطباعات يتداولها مطلعون منذ أيام حيال بلوغ القلق الدولي في شأن تدهور الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان تحت وطأة ازمة الشغور الرئاسي، مستوى متقدما لم يعد محصورا بالبعد المالي والاجتماعي، بل تمدد الى مخاوف خارجية على الاستقرار الأمني وإمكان زعزعته في المرحلة المقبلة. ولذا سيكتسب اجتماع ممثلي الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني ابعادا اكبر واكثر أهمية من الانطباعات التي سادت حياله في الفترة السابقة بحيث ينتظر ان تصدر عنه توجهات بارزة ومؤثرة في ملف الازمة السياسية – الرئاسية اللبنانية وتداعياتها، ناهيك عن الجانب الثابت الدائم في الازمة المتصل بملف الإصلاحات والقصور السياسي والسلطوي الهائل في تحقيق خطوات الحد الأدنى المطلوبة دوليا من لبنان.

وقد أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية امس أنّ باريس ستستضيف الإثنين اجتماعاً مخصّصاً للبنان يضم ممثّلين عن كلّ من فرنسا والولايات المتّحدة والسعودية وقطر ومصر في محاولة لتشجيع السياسيين اللبنانيين على إيجاد مخرج للأزمة التي يتخبّط فيها بلدهم.

وقالت المتحدثة باسم الوزارة آن – كلير ليجاندر خلال مؤتمر صحافي ان وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الموجودة حالياً في السعودية، أعربت عن “قلقها البالغ إزاء انسداد الافق في لبنان من الناحية السياسية”. وأضافت أنّ فرنسا بحثت مع السعوديين وبقية شركائها في المنطقة سبل “تشجيع الطبقة السياسية اللبنانية على تحمّل مسؤولياتها وإيجاد مخرج للأزمة”. وأوضحت أن “هذا النهج سيكون موضوع اجتماع متابعة الإثنين مع الإدارات الفرنسية والأميركية والسعودية والقطرية والمصرية لمواصلة التنسيق مع شركائنا وإيجاد سبل للمضيّ قدماً”.

والهدف من الاجتماع بحسب المتحدّثة هو تشجيع الطبقة السياسية اللبنانية على الخروج من الطريق المسدود.

دوكان وأزمة الطاقة
تزامن ذلك مع جولة اللقاءات الواسعة التي يجريها في بيروت منذ البارحة السفير المكلف بتنسيق الدعم الدولي للبنان #بيار دوكان الذي إجتمع مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في اطار جولة قادته الى مصر والاردن في اطار السعي لدعم لبنان في مجال الطاقة. واعلن دوكان انه سيزور الولايات المتحدة الاميركية خلال اسبوعين للبحث مع المسؤولين الاميركيين في السبل الايلة الى تحييد ملف الكهرباء عن “قانون قيصر” بما يتيح مساعدة لبنان في حل أزمة الطاقة. ولفت “الى ضرورة تنفيذ الشرطين اللذين طلبهما البنك الدولي للمساعدة في قطاع الطاقة وهما التدقيق في حسابات كهرباء لبنان والبدء بتشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء، وفق القانون الساري المفعول”. وشدد “على وجوب استكمال الخطوات المطلوبة لتوقيع الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي الذي يمثل بالنسبة لفرنسا وللمجتمع الدولي الممر الاساسي لاعادة التعافي الى الاقتصاد اللبناني والحصول على مساعدات تتعدى ما هو متوقع الحصول عليه من صندوق النقد. هذا الاتفاق يعززالثقة الدولية بلبنان وبمؤسساته وبالعمل الحكومي”.

والتقى دوكان وزير الطاقة والمياه وليد فياض الذي اعلن انه زوده “بكل الوثائق التي تثبت الكم الهائل من الاعمال التي قامت بها الوزارة تلبية لشروط البنك الدولي ومنها نسخ عن العقود الموقعة مع كل من الأردن ومصر وسوريا وملف التمويل كما حضره البنك الدولي والذي كان جاهزا منذ اذار 2022 “. كما تشمل لقاءات دوكان نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، ووزير المال يوسف الخليل، والمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك، بالإضافة إلى ممثلين عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في بيروت ووزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، للتطرّق إلى إعادة إعمار مرفأ بيروت.

في غضون ذلك وليس بعيدا من هذا التحرك أكد نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بعد إجتماعه والنواب نعمة افرام مارك ضو وياسين ياسين مع البنك الدولي في واشنطن ان “المسؤلين في البنك الدولي ابلغوهم ان قرض تمويل إستجرار الغاز من مصر والطاقة من الأردن مجمد حاليا وليس مدرجاً على جدول اعمال البنك الدولي والسبب عدم إنجاز كل الإصلاحات المطلوبة للكهرباء، من دون أن يربط البنك ذلك بعقوبات قانون قيصر كون استجرار الغاز والطاقة سيمران بسوريا”. وقال “سنضع هذا الموضوع بيد الحكومة وتحديداً رئيسها نجيب ميقاتي ووزير الطاقة وليد فياض، ويجب مصارحة اللبنانيين بهذا الواقع المستجد”، مشيراً الى انه طلب من البنك الدولي الإعلان رسمياً عن هذا الموقف، اذا كان موقفاً نهائياً، لأن اللبنانيين ما زالوا يتأملون بنجاح المشروع.

“الحزب” في الرابية
اما في المشهد السياسي الداخلي الذي يشهد جمودا واسعا على صعيد الازمة الرئاسية، فبرزت امس الزيارة الأولى لوفد “كتلة الوفاء للمقاومة” الى الرابية حيث التقى الرئيس ميشال عون للمرة الأولى بعد نهاية ولايته وفي ظل الاهتزازات الحادة والمتعاقبة التي ضربت “تفاهم مار مخايل” في الفترة الأخيرة. وبدا من المعطيات التي تسربت عن اللقاء انه لم يغص عميقا في الواقع الجدي الذي أدى الى تهديد التحالف بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” بالانهيار ولو ان المعطيات العلنية عن اللقاء شددت على تمسكهما بـ”الشراكة” وهو الامر الذي يعكس في خلفيته ان عون لم يجعل وفد الحزب يطمئن الى انه سيدفع جبران باسيل الى سياسات مختلفة في تعامله مع الحزب. وأشارت المعلومات التي أعلنت عن اللقاء الى ان عون شدد خلال اللقاء على “أهمية الشراكة الوطنية واستكمال مشروع بناء الدولة ومكافحة الفساد وصون حقوق المواطنين”. ووصف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، اللقاء بـ “الودي جدا”. وقال “اعربنا مجددا عن تقديرنا الكبير للعلاقة الثابتة الوازنة في ما بيننا، التي عززت الشراكة الوطنية وحمت السلم الاهلي وحصنت السيادة الوطنية عبر ردع جدي وحقيقي وفره التزام معادلة الجيش والشعب والمقاومة”. أضاف ” اليوم نحن على بعد اربعة ايام فقط من مناسبة ارساء هذه العلاقة التشاركية المهمة التي تكرست بدءا من ٦ شباط ٢٠٠٦ في لقاء كنيسة مار ميخائيل قبل ١٧ عاما وما زالت، نؤكد عزمنا وحرصنا على مواصلة هذه العلاقة مع التيار الوطني الحر وفق الاسس التي اسهم الرئيس العماد ميشال عون في ارسائها والتي تقوم على الصدق والوضوح والشجاعة في مقاربة المختلف بروح حوارية جادة ووطنية و تفهم متبادل بعيدا من الضوضاء والصخب”.

وفي اطار التحركات البارزة سجلت امس الزيارة التي قام بها السفير السعودي وليد بخاري لقائد الجيش العماد جوزف عون من دون ان يتسرب عنها شيء .

وفي اطار متصل بالتحرك الذي يقوم به رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط طارحا ثلاثة مرشحين، علق رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوّض على هذا التحرك فقال أنّ “المشكلة في مبادرة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ليست بالتخلي عني، بل بأنها غير منسّقة بشكل كاف معي ومع المعارضة” مشيرًا الى أنها “ستؤدي الى مزيد من التشدد لدى الطرف الآخر بدليل رفضهم اسماءه وتمسّكهم بسليمان فرنجية واستجداء الدعم السعودي له”. واعتبر معوّض ان “الحائط المسدود ليس في ترشيحي بل بالتخلي عن المشروع السيادي وسأناقش الامر مع جنبلاط واتمنى عدم تكرار اخطاء الماضي لأن البلد لا يحتمل مزيدًا من المساومات واسماء جنبلاط مقبولة لدينا لكن تنقصها موافقة الطرف الاخر” .واضاف: “فليتجرأوا وينزلوا اليوم بمرشحهم الى المجلس من دون انتظار تغيّر موازين القوى وليعقدوا جلسات متتالية وعندها لكل حادث حديث”.