ثلاثة أيام بعد واحد من أسوأ الزلازل وأضخمها الذي ضرب الشرق الأوسط في تركيا وسوريا واهتزت تحت عصفه الزلزالي المدمِّر بلدان عدة أولها #لبنان، ولا نزال كلبنانيين لا نصدق اهوال ما نرى من فواجع إنسانية في المناطق المنكوبة، واكثرنا أصيب برعب الخوف من ان يواجه لبنان تجربة مماثلة، لا سمح الله. لم يقف عدّاد الكارثة بعد عند الأعداد والأرقام المفجعة النهائية، ولكن صار ثابتا اننا امام حدث مخيف وان لبنان ليس معنيا به كما سواه من دول المنطقة والعالم فحسب بل اكثر لجهة ثبوت كونه على الفالق الزلزالي إياه الذي يتمدد من تركيا الى سوريا فلبنان في نواحٍ جغرافية معيّنة منه. ولكن ما حصل في فجر ذاك الحدث المرعب، وخلال دقائق معدودات، لم يكن زلزالا تحت الأرض وفوقها فقط بل في واقع شعوب هذه البلدان والمنطقة برمّتها بحيث لم يعد ما قبل الزلزال يصحّ على ما بعده. فأين لبنان الدولة والسياسة والنخب والناس من هذه الحقيقة؟
تقف “النهار” اليوم عند هذا المفترق لتقول انها لن تمضي اليوم في التغطية العادية للحدث الذي كاد ان يُلحِق لبنان بتركيا وسوريا في مصابهما التاريخي المدمر، بل لنسآل هل بعد الأيام اللاحقة للزلزال “شعر” اللبنانيون بمتغيرات ما في سلوكيات وخطب وأدبيات السياسيين والزعماء والمسؤولين اللبنانيين، من كل الاتجاهات والمحاور والمواقع، بما يوازي الذعر والرعب والقلق والهواجس التي باتت تتحكم باللبنانيين منذ ان انقضّت الهزة الارتدادية عليهم في الفجر الدامي المدمر في تركيا وسوريا وأدرجت بلدهم في خانة الدول الأكثر عرضة لتمدد الخطر الزلزالي؟
هل شعرتم أيها اللبنانيون بان حدثا مرعبا كهذا ارتجف العالم بأسره خيفة من حجمه وتردداته قد احدث هزة ما في سلوكيات وتصرفات وسياسات ساستكم وزعمائكم والنخب السلطوية لديكم بما يوحي باستفاقة طارئة على وجوب تغيير كل السائد من سياساتهم وخطابهم وتآمر بعضهم وارتباطاته وسخافات البعض الآخر واهترائه وتكلّس البعض الثالث؟ ألا يستحق اللبنانيون امام هذا الويل في بلادهم وامام هذه الكارثة عند جيرانهم وبازاء الرعب الذي صار يتملّكهم ولن يزول ان يستفيق زعماء لبنان على حقيقة مرعبة هي ان اكبر الدول واقواها تغدو كريشة في مهب الرياح امام عصف الكوارث الطبيعية وامام غضب الطبيعة، فكيف ببلد كلبنان لا دولة فيه ولا بنى تحتية كافية تحميه ولا قدرات بالحد الأدنى لمواجهة ساعة سيول وامطار فكيف بخطر الزلازل؟
ألا يحفز هذا الهول المهول وهذه المشاهد التي تعصى على الوصف ساسة لبنان والزعماء والسلطة وكل ما ومَن يحمل صفة عامة مسؤولة على اعتبار الهزة الارتدادية التي اقتحمت كل المقيمين فوق ارض لبنان قبل ثلاثة أيام إنذارا مبكرا بعد نجاة لبنان بأعجوبة إلهية، بكل معايير الاعاجيب هذه المرة، لكي يستفيق هؤلاء على ان اللبنانيين بفضلهم باتوا منذ زمن بعيد يتامى من الدولة والسلطة المسؤولة، وا اخطر الاخطار، طبيعية كانت أم من صنع هؤلاء الابطال في فبركة الازمات والعجز عن إقامة دولة حقيقية، هو في كون اللبنانيين يقيمون في عراء بلا دولة وبلا حماية وتحت وطأة السقوط في كل لحظة تحت ركام وردم أي ازمة ومشكلة، فكيف بخطر الزلازل من هذا الحجم وبهذه التداعيات لا سمح الله؟
هل سمع زعماء لبنان في المناسبة ان تركيا انزاحت بكل جغرافيتها ثلاثة امتار عقب الزلزال؟ هل سمعوا بقصص المآسي التي تتعاقب لحظة بلحظة من مناطق محقت عن بكرة ابيها في تركيا وسوريا؟ اذا كان مشهد وفد وزاري لبناني يلتقي #بشار الأسد هو النموذج الذي تفتّقت عنه وجدانية شريحة من السلطة والزعامات اللبنانية فأبشروا أيها اللبنانيون! المطلوب اقصى التضامن والدعم للشعب السوري ضحية الزلزال وضحية النظام وليس تعويم بشار الأسد. اذا كانت هذه عيّنة من تفاعلات زعامات لبنانية مع الزلزال، فيما العيّنات الأخرى المناهضة تتصرف في يومياتها كأن شيئا لم يحصل وتمضي في تفاهات الرتابة الباهتة، فكيف لا يسود اليأس من طبقة لا يبدلها أي مبدّل حتى بحجم هذا الزلزال؟ لعل بعض اللبنانيين اخذه الحلم الى ان النقزة المخيفة التي اجتاحت لبنان فجر الزلزال ستعقبها ارتدادات “ضميرية وجدانية” لدى القوى السياسية والزعامات قاطبة فيهبّوا الى استدراك واقع افتقاد لبنان الى دولة بدءا بانتخاب “عاجل” لرئيس انقاذي … ولكن عبثاً يحلمون!