ارتسمت معالم مواجهة سياسية – نيابية حادة ستنطلق ابتداء من الاثنين المقبل على خلفية الكباش المتصاعد بين كتل المعارضة النيابية ورئاسة #مجلس النواب حول انعقاد الجلسات التشريعية . وللمرة الأولى منذ بدء ازمة الفراغ الرئاسي في الأول من تشرين الثاني من العام الماضي، سيواجه رئيس المجلس نبيه بري والكتل الداعمة لانعقاد جلسة تشريعية، معارضة كثيفة وحادة من جميع الكتل المعارضة التي سبق لها ان أعلنت رفضها لمبدأ انعقاد جلسات تشريعية ما دام مجلس النواب يعتبر هيئة انتخابية لانتخاب رئيس الجمهورية بحيث لن يكون مسعى بري لعقد جلسة تشريعية من خلال دعوته هيئة مكتب المجلس الى اجتماع الاثنين المقبل لانجاز جدول اعمال الجلسة والاتفاق على موعدها، رحلة سهلة هذه المرة.
وإذ واصل بري الاعداد للجلسة التشريعية على ان يتضمن جدول اعمالها الذي تناقشه هيئة مكتب المجلس، بنودا اقتصادية كالكابيتال كونترول وآخر يتعلق بالتمديد للمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم الذي استقبله بري امس في عين التينة، أفادت مصادر نيابية في كتل المعارضة ولا سيما منها “القوات اللبنانية ” والكتائب وتكتل النواب التغييرين والنواب المستقلين المتحالفين مع هذه الكتل، بان موقفا جامعا وحاسما بمقاطعة الجلسة ستعلنه هذه الكتل والنواب المستقلون على قاعدة اعتبار الجلسة غير دستورية وغير قانونية سواء لجهة انعقادها قبل انتخاب رئيس الجمهورية، او حتى لجهة التحفظ حيال ادراج بنود تعتبر بمثابة تقييد استباقي لصلاحيات وسلطة رئيس الجمهورية العتيد على غرار التمديد لقادة امنيين خلال فترة الشغور الرئاسي. ولمحت في هذا السياق الى ان ثمة معالم صفقة جرت وتجري المشاورات بين رئاستي مجلس النواب وحكومة تصريف الاعمال وقوى سياسية من مكونات الحكومة لتوسيع اطار مشروع التمديد للمدير العام للامن العام بحيث يشمل استباقيا قادة امنيين اخرين ضمن سلة واحدة، وهذا الاتجاه يقابل أيضا برفض القوى المعارضة. ولكن رئيس المجلس والقوى الداعمة لانعقاد الجلسة يراهنون على موقف مرن وايجابي من انعقادها لـ”تكتل لبنان القوي” الذي يبدو انه يساوم على حضور الجلسة تحت شعار قبوله الاحضار مقابل ادراج مشروع الكابيتال كونترول فيما هو يوافق أيضا على بند التمديد للمدير العام للامن العام.
وواضح ان الكباش الجديد حول الجلسة سيكون امتدادا للاحتقانات التي واكبت الازمة القضائية، فيما يتجه المشهد السياسي الى مزيد من الاضطراب في ظل الانسداد المتمادي في معطيات الازمة الرئاسية الى حدود استبعاد انعقاد الجلسة الثانية عشرة لمجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية حتى امد مفتوح غير محدد.
سجال جعجع – “التيار”
وفي ما يعكس المناخ السياسي للمواجهة التي تتصاعد معالمها حول الجلسة التشريعية، اندلع سجال امس بين رئيس حزب “القوات اللبنانية” #سمير جعجع و”#التيار الوطني الحر”،عقب تصريح للأول لفت فيه الى أنه، “إذا صحّت المعلومات بأن التيار الوطني الحر ينوي حضور جلسة مجلس النواب التشريعية التي يُزمع الرئيس نبيه بري الدعوة إليها مطلع الأسبوع المقبل، فهذا يعني أن التيار الوطني الحر لم يكتفِ بمساهمته بالأضرار التي أوقعها على اللبنانيين وفي طليعتهم المسيحيين في السنوات الست الماضية إذ حوّل نهارهم ليلاً، وحياتهم جحيماً، بل هو مصر على ملاحقتهم وتنغيص عيشهم حتى اللحظة، وكل ذلك من أجل حفنة من المناصب”. وأضاف جعجع: “هاجم رئيس التيار النائب جبران باسيل طيلة الأشهر الماضية الحكومة باعتبار أنها تجتمع بغياب رئيس الجمهورية في الوقت الذي أعطى الدستور هذه الحكومة إمكانية الاجتماع في الحالات الطارئة والمستعجلة، بينما نراه اليوم يحضِّر نفسه للمشاركة في جلسة تشريعية لم يعطِ الدستور حقاً بالتئامها إذ اعتبر، اي الدستور، انه بالفراغ الرئاسي يتحوّل مجلس النواب إلى هيئة ناخبة حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية . بئس هذا الزمن الذي لم يعد فيه ميزان للمنطق والتصرُّف السليم، ولكن إذا كان للفجور واللا منطق يوم، فسيكون للحكمة والمنطق ألف يوم ويوم”.
ورد “التيار الوطني الحر” قائلا: “مشكور السيد سمير جعجع لحرصه المباغت على موقع الرئاسة. لكن حبذا لو منّ على اللبنانيين بحرصه هذا في السنوات الرئاسية الست التي لم يترك معولاً إلا واستخدمه هدما وتنكيلا وتدميراً بموقع الرئاسة وصلاحيات الرئيس، لا لسبب الّا احقاده الشخصية. في أي حال، ليس السيد جعجع في موقع الناصح للتيار لتحديد الموقف من المشاركة في الجلسة التشريعية، ولا هو اهل لذلك ، هو من شارك في جلسات “تشريع الضرورة ” في مرحلة الفراغ الرئاسي ٢٠١٤-٢٠١٦ ولا هو أهل لذلك . وفي كل الاحوال، واضح ان معلومات وقراءات السيد جعجع عن موقف التيار من المشاركة او عدمها هي مغلوطة، وهي كقراءاته عن الدولار صعوداً او نزولًا. فننصحه ان يركض وراء مواقف التيار، كركضه وراء الدولار، علّه يلحق بها”.
وفهم ان إشارة رد “التيار” الى “معلومات جعجع المغلوطة” تتصل بتحفظات لدى “التيار” عن اتساع جدول اعمال الجلسة في حين انه اشترط ان يكون الجدول مقتضبا جدا ليدرس امكان حضور نوابه للجلسة .
الاتحاد الأوروبي
على صعيد المواقف الخارجية من الوضع في لبنان، أعلنت امس بعثة الاتحاد الأوروبي والبعثات الديبلوماسية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والنرويج وسويسرا في لبنان عن “استعدادها لدعم لبنان على مسار الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي الذي يتطلب إصلاحات بنيوية”. وأعربت في بيان صادر عنها عن “عميق القلق حيال الوضع الراهن في لبنان”. وحثت “كل الأطراف المعنية على احترام استقلالية القضاء والامتناع عن جميع أعمال التدخل والسماح بتحقيق قضائي عادل وشفاف في انفجار مرفأ بيروت. فالحق في المعرفة والمساءلة ركيزتان من ركائز سيادة القانون”. ودعت “مجلس النواب إلى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية يوحّد الشعب اللبناني في إطار المصلحة الوطنية، كخطوة أولى لاستعادة قدرة مؤسسات الدولة اللبنانية على صنع القرار على المستويين الإداري والسياسي”. وقالت إنّ إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها أمر أساسي لتأمين حسن سير مؤسسات الدولة. وجددت “دعوة كل الأطراف المعنية إلى التصرف بمسؤولية حتى تنفذ بالكامل الخطوات التي سبق أن تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي. كما نعرب عن استعدادنا لدعم لبنان على مسار الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي الذي يتطلب إصلاحات بنيوية. ويجب أن تعالج الموازنة العامة لعام ٢٠٢٣ مسألة انهيار قيمة رواتب موظفي القطاع العام لتمكينهم من متابعة عملهم لصالح الشعب اللبناني”.
وخرجت باريس اول من امس عن صمتها امس حيال النتائج الغامضة للاجتماع التشاوري الخماسي في باريس حول لبنان الذي لم يصدر عنه بيان اذ سئلت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن-كلير ليجندر عن الاجتماع الذي ضمّ ممثّلين عن كلّ من فرنسا والولايات المتّحدة والسعودية وقطر ومصر ولم يصدر عنه أي بيان ختامي، فأجابت بأنه “كان اجتماعاً لكبار المسؤولين وبالتالي كان اجتماع خبراء بطابع تقني كالاجتماعات التي نعقدها مع شركائنا دائماً بشأن جميع المواضيع الدولية الرئيسية، ولم يكن مقرراً اتخاذ قرار فيه، ولهذا لم يكن لدينا أي إعلان نصدره”.
وأضافت: “موقفنا من لبنان معروف. وقد عبّرت وزيرة الخارجية كاترين كولونا بقولها إن على السياسيين اللبنانيين أن يتحمّلوا مسؤولياتهم فوراً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد أكثر من ثلاثة أشهر من الشغور بالإضافة إلى تشكيل حكومة فعاّلة تكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يحتاجها لبنان في مواجهة الأزمة الخطيرة التي يمر بها. وفرنسا تقف إلى جانب الشعب اللبناني”.
وعن إمكان عقد اجتماع آخر على مستوى وزاري أكبر في الأسابيع أو الأشهر المقبلة، قالت: “إذا كانت هناك اجتماعات أخرى فسيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب”.
شيا والكهرباء
في غضون ذلك غردت السفارة الأميركية في بيروت عن اجتماع عقدته امس السفيرة الأميركية في بيروت #دوروثي شيا التي حضرت لقاء باريس الخماسي مع وزير الطاقة وليد فياض والمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك والمدير الإقليمي في البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط جان كريستوف كاريه خصص للبحث في موضوع اتفاق نقل الغاز المصري الى لبنان “وهو مشروع لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة به”.