IMLebanon

النهار: إجراءات التبريد تسابق التفلّت المالي والاجتماعي

 

على حبل رفيع مشدود فوق قعر مخيف تدور محاولات متواضعة وجزئية للجم اندفاعات #الانهيار في مرحلته المتقدمة الجديدة، ان على الصعيد المالي والمصرفي وان على الصعيد الاجتماعي. ويتضح من مجريات اليومين الأخيرين ان الخوف من تداعيات التفلت الأمني والاجتماعي في ظل انهيار تاريخي في سعر الليرة وصعود ناري لا يحتمل في سعر الدولار وأسعار المحروقات، بلغ درجة متقدمة للغاية بحيث بدأت معالم تحركات وخطوات وإجراءات لن تحمل قطعا حلولا وانفراجات حقيقية وجادة تحول دون استمرار الانزلاق نحو كارثة اكبر، ولكنها قد تبرد الى حد ما الاحتقانات التي تحبل بها البلاد وتخفف وطأة النزاعات التي تحمل طابع الخطورة القصوى مثل المواجهة القضائية – المصرفية التي تتهدد بتفاقم اكبر في الازمة. وبدا واضحا من خلال الاجتماعات المالية والمصرفية ومن ثم الأمنية التي شهدتها السرايا الحكومية في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة، ان ثمة اتجاهات وخطوات بدأ تنفيذ بعضها وستتضح معالمها المالية والمصرفية لتهدئة الذعر والتوتر اللذين يجتاحان البلد منذ أيام ما امكن، علما ان شكوكا كبيرة تحوط بإمكانات الحكومة ومصرف لبنان لاحلال “هدنة” طويلة نسبيا تمنع استفحال التصاعد الفاحش في أسعار الدولار والمحروقات. واذا كان مطلع الأسبوع المقبل سيشكل اختبارا جديا لنجاعة بعض ما يتوقع اتخاذه من تدابير وإجراءات مالية ومصرفية برز امس اتجاه “تهدوي” اخر على الجبهة القضائية – المصرفية ربما يؤسس لتبريد قد يعيد فتح أبواب #المصارف المقفلة في الأسبوع المقبل ما لم يطرأ ما يعرقل ذلك .

 

اذ ان المدعية العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أرجأت امس الجلسة التي كانت تزمع عقدها لبت مصير ادعاءاتها على عدد من المصارف دفعة واحدة الى الثلثاء المقبل. وبرر تريثها بان رئيس جمعية المصارف سليم صفير عرض عليها تقديم المستندات المطلوبة المتعلقة برفع السرية المصرفية عن حساباته وحسابات اعضاء مجلس إدارة بنك بيروت وحسابات مفوضي المراقبة ومدققي الحسابات فيه، وذلك بعد موافقة ثلاثة مصارف على مطالبها هي “بلوم” و”الاعتماد المصرفي” و”سرادار”.

 

تزامن ذلك مع رد عنيف لجمعية مصارف لبنان على استهدافات عدد من المصارف فاعتبرت انها “تندرج في خطة التدمير الممنهج للقطاع المصرفي على يد مجموعة من المدفوعين المرتزقة الذين لا يتعدون الخمسين شخصاً. ولا يقنعنا أحد بأنهم من المودعين، فالمودع المتمتع بالحد الأدنى من الذكاء والمنطق يعرف انه بإحراق المصارف، انما يضرّ نفسه وسائر المودعين” . كما ردت على اتهام المصارف بان اضرابها هو الذي ادّى الى انخفاض سعر صرف الليرة، معتبرة ان فيه “الكثير من الخفّة والسطحية. فالمصارف في حيرة من امرها: إذا أقفلت يعتبر اقفالها انه وراء هبوط العملة الوطنية، وإذا فتحت زُعم انها تضارب على الليرة” وإذ اكدت ان ودائع زبائنها هي لدى مصرف لبنان خاطبت المودعين قائلة “ان المصارف تتفهم احباطكم، لكن اما آن الأوان لكي تفتحوا عيونكم وتدركوا ان الأموال اللازمة لتسديد ودائعكم ليست عند المصارف، فلا يفيدكم دخولها عنوة ولا تدميرها ولا تكسير محتوياتها، لأنكم بذلك تسيئون الى أنفسكم وتفاقمون الخسارة وتقللوا من فرص استعادة حقوقكم”.

 

 

“فقسة زر”

اما على صعيد التحسب للاضطرابات الاجتماعية غداة “الهجمات الحارقة” علِى عدد من المصارف وقطع طرق، واستدراك الوضع قبل اتساع التفلت الذي برز في مناطق عدة، فقد دعا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مجلسَ الامن المركزي الى اجتماع طارئ صباح امس في السرايا. وبدا لافتا قول ميقاتي في مستهل الاجتماع: “لفت نظري قول البعض إن اجتماعنا اليوم جاء متأخرا، فيما الحقيقة أن مدماكين أساسيين لا يزالان يشكلان سدا منيعا للدولة وهما رئاسة الحكومة والمؤسسات التي تمثلونها اليوم. نحن نبذل كل جهدنا للحفاظ على سلطة الدولة وهيبة القوانين، خصوصا في ظل الاهتراء الحاصل في كل ادارات الدولة ومؤسساتها.من أبرز ما تحقق هو الامن المضبوط”. اضاف: “أوحت الاحداث الامنية التي حصلت في اليومين الفائتين وكأن هناك “فقسة زر” في مكان ما ، ومن خلال متابعتي ما حصل من أعمال حرق أمام المصارف سألت نفسي هل فعلا هؤلاء هم من المودعين أم أن هناك ايعازا ما من مكان ما للقيام بما حصل؟”.

 

وأوضح وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي أنه طُلب من الأجهزة الأمنية “الاستمرار بالمحافظة على الأمن والنظام وعدم التساهل بتهديد السلم الأهلي”. واكد أنّ “حلّ أزمة المودعين لا يكون بأعمال الشّغب ونريد الحفاظ على أمن المواطنين والقطاع المصرفي كنظام وقطاع وعملُنا حفظ الأمن وتطبيق القوانين”. واضاف “أداء الأجهزة الامنية يدخل ضمن إطار خدمة الشعب اللبناني، ورأينا 90 تحرّكاً منذ بداية الشهر 59 منها سببها الأوضاع المعيشية”، مؤكدًا أننا “نتفهّم وجع المواطنين، إنّما نقول لهم إنّ أعمال الشغب والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة ليس الحل”.

 

في غضون ذلك بدا لافتا ما أعلنه وزير المال يوسف خليل لجهة أنّ “استبدال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يشغل المنصب منذ ثلاثة عقود سيكون صعباً وقد يتمّ تمديد ولايته رغم عدم التوصّل إلى توافق بشأن ذلك حتى الآن”.

 

وقال خليل لـ “رويترز” ردّاً على سؤال عمّا إذا كانت المناقشات بشأن خليفة محتمل قد بدأت، إنّه “لا يوجد توافق بعد” مشيراً إلى “أنّ المناخ السّياسي الحالي في لبنان يجعل من الصعب بشكل خاص إجراء تغيير كبير مثل هذا”.

 

وأضاف على هامش القمة العالمية للحكومات في دبي قبل أيام أنّ “من الوارد وجود خطة لتمديد فترات جميع موظفي الخدمة العامة من المستوى الأول وليس فقط سلامة لكن لا يوجد إجماع على ذلك بعد”.

 

 

المشهد السياسي

وغابت عن المشهد السياسي أي تحركات بارزة فيما يبدو ان مطلع الأسبوع المقبل سيشهد تجدد التحركات المتصلة بعقد جلسة تشريعية لمجلس النواب بعدما أرجأت هيئة مكتب مجلس النواب برئاسة الرئيس نبيه بري اتخاذ القرار الى الاثنين المقبل في ظل المعارضة المسيحية الواسعة لعقد الجلسة. وتبين من المعطيات المتوافرة حول هذا الامر ان الجلسة باتت مستبعدة تماما وان ثمة بحثا عن مخرج في شأن التمديد للمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم لم يتبلور بعد.

 

وامس التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، السفيرة الفرنسية آن غريو، حيث تم عرض للتطورات كما بحث رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مع غريو، في اجتماع مطوّل، التطورات على الساحتين اللبنانية والاقليمية. وأطلعت غريو جعجع على أجواء اللقاء الخماسي الذي عقد في باريس. كذلك زارت غريو رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط واطلعته على أجواء اللقاء الخماسي في باريس.

 

وقد دعا “تكتل لبنان القوي” امس “المزايدين في رفض #الجلسة التشريعية الى التعبير لنفس الأهداف عن رفضهم لإنعقاد مجلس الوزراء وصدور قرارات عنه بشكل عادي وغير شرعي بغياب حضور وتواقيع عدد وازن من الوزراء في ظل غياب رئيس للجمهورية ووجود حكومة ناقصة الشرعية وفاقدة الصلاحيات”. واعتبر التكتل أن “إنعقاد مجلس النواب في حال وجود سبب قاهر أو استثنائي وضروري وطارئ أو مصلحة وطنية عليا تستدعي التشريع أمر يصبح بديهياً وهذا لا ينطبق على طلب عقد الجلسة او على إختصار جدول أعمالها أو تكبيره”. كما حمّل التكتل “حكومة تصريف الأعمال المتأزمة المسؤولية عن التقاعس في القيام بواجباتها وفي ترك الناس يواجهون الأوضاع كأنها قدر محتوم، فيما تتفرّج على غليان الشارع وكأنها غير معنية، ويعقد رئيسها إجتماعات فولكلورية تحت عنوان معالجة الأوضاع المالية والنقدية بحضور حاكم مصرف لبنان المتهم الأول بالتسبب بالفوضى المالية والنقدية وعدم التزامه بقانون النقد والتسليف وهو يتفرج بدوره على إضراب المصارف”.

 

وسجلت مواقف لرئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، قال فيها “لا يجوز أن تُستعمل الأزمة الاقتصادية كوسيلة للضغط السياسي من البعض الذي يستغلّ وجع الناس للحصول على مكاسب سياسية”، ورأى ان “الدستور قد وُضع بطريقة حكيمة فالميثاقية هي أن تكون كل طائفة ممثلة”، مضيفًا أنّ الرئيس المنتخب بـ 65 صوتاً وبحضور 86 نائباً هو رئيس شرعي وميثاقي”. وإعتبر إنّ “حماية المسيحيين تبدأ بتعزيز انتمائهم الى الوطن وليس بإدخالهم في مشاريع تقسيمية عبر تخويفهم من شركائهم في الوطن”. أضاف “إنّنا موجودون في السياسة ولدينا كامل الشرعية والكفاءة لخوض كل الاستحقاقات”. وأردف فرنجيّة “بعكس ما يسوّق البعض، إن وجودنا كإسم مطروح للرئاسة لا يعرقل الاستحقاق الرئاسي وأيّ تسوية تحصل لمصلحة لبنان نحن معها ولكن كل تسوية تحتاج الى طرفين يتحاوران من أجل ايجاد قواسم مشتركة”.