غداة اعلان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد #حسن نصرالله دعم حزبه ترشيح رئيس “تيار المردة” #سليمان فرنجية ل#رئاسة الجمهورية، بدا واضحا ان الانتقال من مرحلة الى أخرى في سياق مسار ازمة الاستحقاق الرئاسي أدى الى بلبلة سياسية واسعة لكنه لم يفض، ولا يتوقع له ان يفضي، الى خلط أوراق كما يحلو للبعض ان يصور الواقع الناشئ. ذلك ان “حزب الله” نفسه لم ينتظر طويلا تصاعد غبار التفسيرات حول توقيت ومضمون خطوته فعاجلها بدعوة مستعجلة ومتكررة للحوار مع الاخرين على أسماء المرشحين. وهي دعوة وان كان نصرالله تطرق اليها خلال خطاب اعلان ترشيحه او دعمه ترشيح فرنجية، الا انها تعكس ادراك الحزب للتعقيدات الكبيرة التي تحوط بواقع “مرشح الممانعة” خصوصا بعدما تخلى الحزب عن التزام التحفظ عن تبني ترشيحه علنا، بما يضاعف اضعاف حظوظه داخليا وعربيا ودوليا. ولم تكن بداية الجولة الجديدة التي بدأها السفير السعودي في لبنان وليد بخاري من بكركي امس سوى طليعة بلورة للموقف السعودي من مجمل الوضع في لبنان، وجوهره راهنا عدم قبول المملكة العربية #السعودية باي مرشح مباشر ووثيق الصلة بـ”حزب الله” حتى لو رفضت التورط في أي تسمية.
وثمة معطيات دقيقة تشير الى ان ترشيح الحزب لفرنجية بعد الرئيس نبيه بري، لم يطلق عمليا بعد المرحلة الحاسمة من الاستحقاق التي لا تزال تبدو بعيدة جدا. ولكن هذا الترشيح اثار تعبئة سياسية واسعة على ضفتي الاستحقاق أي على جبهتي السباق والصراع الرئاسيين: جبهة فريق الممانعة لكي يحشد كل ما يمكن من إمكانات لرفع منسوب الأصوات الممكنة لمرشحه قبل أي “مغامرة” يقدم عليها رئيس مجلس النواب نبيه بري في تحديد موعد الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية بعد طول انحباس في الجلسات منذ أواخر السنة الماضية. كما ان فرنجية نفسه لم يعد يمكنه عدم اعلان ترشيحه رسميا ووفق أي أسس وقد تردد انه سيعلن ترشيحه في مقابلة تلفزيونية مساء الاحد. وجبهة السياديين والتغييريين والمستقلين الذين باتوا الان امام ساعة الحقيقة في مواجهة اندفاع خصومهم في خطوة متقدمة للغاية في مسار رسم الخط البياني النهائي للسباق الرئاسي. وهذه التعبئة ستشهد تطورات مهمة وبارزة في قابل الأيام والاسابيع لجهة بلورة واقع مختلف لدى القوى المناهضة لفريق الممانعة بحيث تتكثف المشاورات بين تلك القوى لبلورة اتجاهات جديدة على صعيد توحيد صفوفها وتوحدها حول الخطة – ب الرئاسية التي صار وضعها ملحا للغاية .
وفي غضون ذلك شكلت بكركي باكورة جولة السفير السعودي وليد بخاري على القيادات على ان تشمل ايضا عين التينة ومعراب والصيفي. ولم يدل بخاري باي تصريح بعد لقاء دام ساعة تقريبا مع البطريرك الماروني، فيما اوضح المسؤول الاعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض ان السفير بخاري وضع البطريرك في أجواء لقاء باريس “كما اكد دعم لبنان للخروج من الازمة والتزامه بدعم خريطة الانقاذ ومبادرات الدول لخلق شبكة أمان”. وأكد ان “المملكة تؤكد ضرورة الخروج بحل لموضوع رئاسة الجمهورية، لكنها لا تدخل في الاسماء انما هي مع رئيس انقاذي غير متورط بقضايا فساد مالي وسياسي، وان هناك توافقا بين بكركي والمملكة على المواصفات التي يجب ان يتحلى بها الرئيس”. وأشار الى ان السفير “إستعمل كلمة متفائل جداً خلال اللقاء، لأن التفاؤل يفتح أبواب الحلول ويخرجنا من أي حال سلبية نعيش فيها”.
السعودية
وقال مصدر سعودي لـ”النهار ” انه في اللقاء بين البطريرك الراعي والسفير بخاري، لم يتم التطرّق على الإطلاق لأي إسم تفضله المملكة، كما أن البطريرك لم يسمّ أحداً. ولكن بالنسبة لموقف المملكة، أو ما يُطرح من انها تتدخل بالشأن اللبناني، وترفض هذا المرشح وذاك، فمن البداية الرياض لم يسبق لها أن تدخلت في الشؤون اللبنانية الداخلية، بل أن تعاطيها هو مع الدولة والمؤسسات الرسمية، وتاريخياً لها صداقات وعلاقات إجتماعية مع رجالات دولة وسياسيين من كل الأطياف اللبنانية، فهي حريصة بالأمس واليوم ومستقبلاً على أمن واستقرار لبنان وازدهاره، لذا، وفي ما خص الواقع الحالي، فإن السعودية هي ركيزة أساسية لتفاهمات الدول الخمس، وكل ما جرى في باريس، وهي كانت أساساً من إعلان جدة، إلى البيان السعودي الفرنسي ـ الأميركي المشترك، والورقة الكويتية ـ العربية، وقمة دول مجلس التعاون الخليجي، إلى لقاء باريس الأخير، وعلى هذا الأساس، فهي اليوم، وحدّدت ذلك بالأمس، خلال لقاء سفيرها مع البطريرك الماروني، بمعنى أنها تريد رئيساً لبنانياً عربياً إصلاحياً، ومن خارج هذه التسميات من قوى معروفة ارتباطاتها، وعلى هذه الخلفية لا يمكنها أن تدعم أي مرشح من خلال هذه التسميات.
وبرز موشر بارز حيال رفض السعودية انتخاب فرنجية تمثل في ما كتبته صحيفة “عكاظ” السعودية امس حول مخاوف من التعجيل بسيناريو الفوضى والانفجار وتزايد الازمات بعد اعلان ميليشيا “حزب الله” ترشيح سليمان فرنجية الذي ترفضه اطراف لبنانية فاعلة خصوصا مسيحية. وأشارت الصحيفة نقلا عن مصادر لبنانية الى ان قوى إقليمية ودولية سارعت الى تكثيف التحركات والاتصالات مع الفرقاء السياسيين في لبنان للحيلولة دون وصول الأوضاع الى حافة الهاوية والانهيار. وتساءلت الى أي تدهور سيقود لبنان لو وصل فرنجية الى سدة الرئاسة ؟ وحذرت من ان حزب الله يسعى لاحكام القبضة على لبنان المنهار اقتصاديا لست سنوات أخرى باعلانه دعم ترشيح فرنجية الامر الذي يعيد سيناريو اختيار الرئيس السابق ميشال عون الذي اغرق لبنان سنوات عدة .
الحزب والحوار
في غضون ذلك، اعلن نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أنّ “البعض يقول لنا كيف نُحاوركم وأنتم طرحتم سليمان فرنجيه كمرشّح تؤيّدونه وتدعمونه ؟ نقول ما الإشكال؟ يجيبون إذا طرحتم فرنجيه ما نفع النقاش معكم. إطرحوا ما لديكم من أسماء ونضع كل الأسماء على الطاولة ونناقش مع بعضنا ونُفاضل بين الأسماء، ونرى القواسم المشتركة، ونحاول أن نضع خطّاً يُقرّب وجهات النظر، عندها من المؤكد أنّه سيتقلص عدد الأسماء من عشرة إلى ثلاثة، وبعد ذلك يتقلّص إلى إسمين، وقد نصل إلى مكان أنّ مجموعة من الأفرقاء يريدون هذا الإسم ومجموعة أخرى تريد الإسم الآخر عندها نذهب إلى الإنتخاب وينجح من ينجح ويفشل من يفشل”. وسأل ” لماذا تخافون من النقاش والحوار؟ بعضهم يقول نحن حاضرون للحوار لكن احذفوا هذا الاسم، هذا ليس حواراً بل إشتراط لتوصلنا إلى ما تريد “.
ادانة اممية
الى ذلك برز تطور ديبلوماسي ومعنوي كبير في قضية تفجير مرفأ بيروت، اذ دانت 38 دولة في مجلس حقوق الانسان ما وصفته بـ”التدخّل المُمنهج” في التحقيق في جريمة تفجير 4 آب 2020، محذرة الدولة اللبنانية من مغبّة عدم تطبيق التزاماتها الدولية”. وتلت المبعوثة الأوسترالية بياناً باسم 38 دولة من بينها الكثير من الدول الأوروبية وكندا وبريطانيا للدعوة إلى “تحقيق سريع ومستقل يتّسم بالمصداقية والشفافية”. وقال البيان إنّ التحقيق “تعطَّل بسبب عرقلة ممنهجة وتدخُّل وترهيب وجمود سياسي”.
من جهته، دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان فولكر تورك إلى إجراء “تحقيق جادّ” في الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت عام 2020.
وقال تورك، في خطابه العالمي أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، إنّ “هناك حاجة ماسّة إلى تحقيق جادّ في انفجار آب 2020، من دون تدخُّل سياسي أو مزيد من التأخير”.
وفي بيان منفصل، قالت السفيرة الأميركية لدى المجلس ميشيل تيلور إنّ الأمر يتطلب تحقيقاً سريعاً يتّسم بالشفافية، مضيفةً أنّ عدم إحراز تقدُّم حتى الآن يؤكد الحاجة إلى الإصلاح القضائي.
وأشاد “تجمّع أهالي 4 آب” بـ”الخطوة المهمّة”، معتبراً أن البيان الذي صدر بمبادرة أوسترالية ودعم فرنسي خلال الدورة 52 لمجلس حقوق الانسان في الأمم المتّحدة في جنيف، “يشكّل خطوة أولى نحو تشكيل لجنة تقصّي حقائق دولية في الجريمة في خلال الدورات المُقبلة للمجلس”. ولفت الى أن “هذه الخطوة جاءت نتيجة جهود مستمرّة منذ أكثر من سنتين خاضها أهالي ضحايا جريمة 4 آب بالتعاون مع منظّمات حقوقية دولية التي أسّست لهذا المسار الدولي مثل هيومان رايتس واتش ومنظّمة العفو الدولية، وليغل أكشين ورلدوايد وبتنسيق ومواكبة دولية ومحلّية من منظّمة “كلّنا إرادة” وحزب الكتلة الوطنية، وبدعم متواصل من مجموعة “نون” ومجموعات في الاغتراب ومجموعات حقوقية وسياسية محلّية.