ابعد من رئاسة اعتاد اللبنانيون على ارجاء استحقاقها مرة بعد مرة، وربطها بكل تطورات الاقليم والعالم، تتركز انظارهم اكثر على شاشات رفعت في السوبرماركت، وعدادات محطات الوقود التي تواكب ارتفاع سعر صرف الدولار الذي بات يدور في محيط الـ 90 الف ليرة ارتفاعا، من دون امل في امكان ضبطه، بسبب تراجع امكانات مصرف لبنان عن التدخل الفاعل، الا من خلال منصة “صيرفة” المتعثرة، والتي فقدت الثقة بها وتسببت بموجة جديدة من الصدامات بين المودعين و#المصارف، بدليل اقدام النائب شربل مسعد على اقتحام فرع البنك اللبناني للتجارة في صيدا للمطالبة بوديعة شقيقه التي وضعها في المصرف المذكور قبل 3 أشهر لتحصيلها وفق منصة “صيرفة”، ولم يحصل عليها حتى تاريخه.
وفي حين اكدت جمعية المصارف مجددا على قرارها الاقفال منذ صباح الثلثاء المقبل، حذرت الهيئات الاقتصادية اللبنانية التي اجتمعت امس “من أن الإختلال في المعايير القضائية هو وصفة أكيدة للإفلاس”. ونبه بيان الهيئات من أن “هذه الأزمة هي أزمة نظامية ووجودية”، مناشداً السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، التعامل معها على هذا الأساس وإجتراح الحلول المناسبة التي تكفل وقف الإنهيار الشامل”.
وإذ لوحت الهيئات بالتصعيد في حال لم تعالج الأمور بما يضمن إستدامة العمل الإقتصادي والمصرفي، أعلنت أنها ستترك إجتماعاتها مفتوحة لمتابعة التطورات الحاصلة على هذا المستوى وإتخاذ القرارات المناسبة منها.
واذ سرت شائعات عن الغاء الاقفال بعد زوال اسبابه، اكد مصدر ليل امس لـ”النهار” ان قرار الاضراب مستمر، نافيا وجود اي قرار بالتراجع عنه.
وقال مصدر مصرفي لـ”النهار” ان الازمة الحقيقية تكمن في غياب اي رؤية للخروج من الازمة بعد ثلاث سنوات، واستمرار محاولة رمي المسؤولية على المصارف المستعدة للتعاون ضمن امكاناتها شرط التوزيع العادل للمسؤوليات والخسائر”.
الرئاسة
اما في السياسة، فلم يطرأ جديد على الملف الرئاسي باستثناء انطلاق موجة جديدة من الرهانات المبكرة على تطورات المنطقة، وخصوصا الاتفاق السعودي – الايراني، وانعكاسات هذا الاتفاق على لبنان، تثبت ان اللبناني يستمر “معلقا بحبال الهوا”.
والى الاتفاق السعودي الايراني الذي يحتاج الى مهلة زمنية لتبيان نتائجه واولوياته، اهتمت الاوساط السياسية اللبنانية بخبر محادثات “مثمرةً مجددًا” اجرتها وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مع نظيرها السعودي فيصل بن فرحان آل سعود. وتمّ الاتفاق على تعزيز تعاون فرنسا والسعودية في الأمن والاستقرار الإقليميين ولا سيما في إيران، لبنان، اليمن والأراضي الفلسطينية.
وقال وزير سابق للخارجية لـ”النهار” انه اذ يفضل عدم التسرع في الحكم على الاتفاق قبل الاطلاع على بعض تفاصيله، يرى ان نتائجه ايجابية حتما على لبنان، وهي ستدفع باتجاه تسوية ربما تقود الى الاتفاق على مرشح “ثالث” فلا ينكسر اي من الفريقين اللذين يتأثران بطرفي الاتفاق”.
وليلا نقلت قناة “العربية” عن وزير الخارجية السعودي قوله ان “لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني وليس لتقارب إيراني سعودي.
وفي المواقف من الاتفاق، أشار وزير الخارجية عبدالله بوحبيب إلى أن لبنان لطالما دفع في تاريخه وحاضره أثمان الخلافات الإقليمية، وعليه، ينعقد الأمل بأن تساهم هذه الخطوة في تعزيز ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وامل الامين العام لـ”حزب الله” ان ينال لبنان من التطورات الاخيرة تداعيات ايجابية، فالاتفاق الذي تم توقيعُه في الصين لاعادة العلاقات السعودية الايرانية وتحقيق الامنِ والسلام والاستقرارِ في المنطقة تحولٌ جيد، ونحنُ سعداءُ لانه لن يكونَ على حسابِ شعوبِ المنطقةِ ولا مقاومتِها، واذا مشى في مسارِه الطبيعي فيمكنُ ان يفتحَ آفاقاً في كلِّ المنطقةِ ولا سيما في لبنان. اما انعكاسُ هذا الاتفاقِ على الملفِ الرئاسي فمرحبٌ به اِن كانَ مساعداً للحلّ، اما الثابتة الواضحة التي لا تغيّرها التطورات انه لا يحقُ لاحدٍ من الخارجِ ان يفرضَ مرشحاً رئاسياً ولا ان يفرضَ فيتو على ايّ مرشح رئاسي.
وغرّد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل: “أخيراً حصل ما كان يجب أن يكون، إتفاق السعودية وإيران، وقريباً سوريا، وهو ما سيحدث موجة إستقرار في المنطقة تطال لبنان، اللهمّ نجّنا من مخرّبيه”.
ميقاتي
وسط هذه الاجواء، أكد رئيس الحكومة #نجيب ميقاتي” أن علاقات لبنان مع الكثير من الدول، لا سيما منها دول مجلس التعاون الخليجي، تعرضت على مدى السنوات الماضية للاهتزاز بسبب اساءات بالغة الخطورة دفع ثمنها غاليا ولن نسمح بتكرارها”. وجدد تأكيد “الالتزام بحماية امننا وامن الدول الشقيقة والصديقة ومنع اي اساءة توجّه الى الاخوة الذين لم يتركوا لبنان يوما ، او تصدير الممنوعات اليهم والاساءة الى مجتمعاتهم، وفي مقدمة هذه الدول المملكة العرببة السعودية”. وكان رئيس الحكومة يتحدث من السرايا، خلال ترؤسه طاولة مستديرة بشأن تفعيل أمن سلسلة التوريد في لبنان من خلال برنامج الرقابة على الحاويات، وفي إطار خطة الحكومة لمكافحة تهريب المخدرات والممنوعات عبر المرافئ.
ويغادر الرئيس ميقاتي في 15 الجاري الى الفاتيكان للقاء البابا فرنسيس في 16 منه، على ان يزور قبيل سفره بكركي للتشاور مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الملفات التي سيطرحها في الكرسي الرسولي.
اعمار المرفأ
من جهة ثانية، اعلن وزير الاشغال العامة علي حمية بعد لقائه وفدا من البنك الدولي، “اننا قمنا بتفعيل عمل المرفأ والقيام بالإصلاحات من خلال القوانين بالتوازي مع العمل لإعادة اعماره، وعملنا على قاعدة ثلاثية البعد، اولها، تفعيل العمل في المرفأ وثانيها الإصلاحات وثالثها إعادة الاعمار، ونتيجة لذلك ارتفعت ايرادات المرفأ من 400 الف دولار شهريا الى ما يفوق 10 ملايين دولار فريش”.
واشار الى “ان الإطار القانوني الجديد لقطاع المرافئ الذي يلحظ العلاقة بين القطاعين العام والخاص من حيث بقاء الأصول ملكا للدولة اللبنانية اما التشغيل يكون ضمن اطار القطاع الخاص بوجود اطار قانوني يرعى حقوق الطرفين حيث تم اعداده بالتعاون مع البنك الدولي”.
ولفت الى ان “خطة اعادة اعمار المرفأ التي عملنا على اعدادها بالتعاون مع البنك الدولي ستنتهي في غضون اسبوعين بحسب ما اكد لنا خبراء البنك الدولي وادارة #مرفأ بيروت ليتم الإعلان عنها بإشراك القطاع الخاص بإعادة الاعمار والتشغيل”، مشيرا الى “ان البنك الدولي ابدى استعداده للمساهمة مع الدولة لإعداد خطة التمويل وجذب المستثمرين من الدول الصديقة في العالم على قاعدة تكلفة اقل وايرادات اكثر للخزينة العامة تحت سقف القانون اللبناني”.
وأشار الى انه “بعد الانتهاء من خطة التمويل واعداد دفاتر الشروط سيتم اطلاق اعادة الاعمار، مؤكدا ” ان الرؤية التي تم رسمها لمستقبل المرافئ اللبنانية كانت بالتعاون مع البنك الدولي والتي لحظت التغيرات الجيوسياسية في المنطقة للحفاظ على دور ومكانة المرافئ اللبناني للعقود المقبلة”.