تأويلات وتحليلات ورهانات وحسابات متسرعة يتقاذفها اللبنانيون في شأن الاتفاق السعودي الايراني، ونتائجه وتداعياته على الملف الرئاسي تحديدا. لكن الملف المعيشي والمالي يفاجئهم ويحوّل اهتماماتهم، اذ ان “اذار الغدار” وفق التوصيف الشعبي اللبناني، غدر بالمواطنين امس، ولامس #الدولار عتبة المئة الف ليرة، فتجاوز مساء امس الـ 98.8 الف ليرة، وارتفع سعر “صيرفة” الى 75800 ليرة، منذرا بخروج سعر الصرف عن الضبط، خصوصا مع اقفال المصارف ابوابها مجددا اليوم.
ومصرفيا ايضا، تعقد جلسة استجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة غدا الاربعاء في حضور وفد قضائي اوروبي، وصل الى لبنان امس. وكان القضاء اللبناني ابلغ الإثنين الحاكم بوجوب الحضور إلى جلسة استماع الأربعاء مع محققين أوروبيين، يزورون بيروت للمرة الثانية في إطار تحقيقات حول ثروته، وفق ما أفاد مسؤول قضائي وكالة فرانس برس. وفي حال مثول سلامة، ستكون المرة الأولى التي يستمع فيها قضاة أوروبيون إليه للاشتباه بضلوعه وشقيقه رجا في قضايا اختلاس.
وكان من المفترض أن تعقد جلسة لاستجواب سلامة في إطار التحقيق المحلي غدا الأربعاء، إلا أنه جرى تأجيلها لإفساح المجال أمام المحققين الأوروبيين. وأوضح المسؤول القضائي أن المحققين الأوروبيين سيستمعون لسلامة وحده، على أن يتم لاحقاً لقاء شهود آخرين.
على الخط الرئاسي، تضاربت المعلومات حول الموقف السعودي من الانتخابات، اذ ذكرت معلومات أن السفير السعودي وليد بخاري أبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري “رسالة سعودية حاسمة تتعلق بمواصفات رئيس الجمهورية، والتي تنطلق من مندرجات اللقاء الخماسي ومشاورات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون – وولي العهد السعودي محمد بن سلمان والبيان الثلاثي في نيويورك”. واكدت مصادر ان المملكة لم ولن تبدل في موقفها. وان البخاري طرح على القيادات اللبنانية السعي لتخطي الاسماء التي تشكل صداما، والانتقال الى شخصيات تحظى بتوافق القوى السياسية. ولم يشأ السفير السعودي الخوض في الاسماء مع المرجعيات التي يلتقيها، مؤكدا أن على اللبنانيين أن يبحثوا عن الافضل لهم ولمستقبل بلادهم، ولا مرشح تقف خلفه #السعودية وتدعمه، بل هي تقف وراء اللبنانيين ورغبتهم في جمهورية تستعيد الثقة. وفي المعلومات أن معادلة سليمان فرنجية- نواف سلام لم تكن من صنع سعودي، أما الاقرب الى المملكة فهو خيار الاسم التسوية.
لكن مصادر اخرى تصنف نفسها قريبة من المملكة، رأت ان الاجتماع مع بري، شكل بداية مرحلة تشاور ستفضي الى الاتفاق على الوزير السابق سليمان فرنجيه رئيسا، خصوصا مع التقارب السعودي السوري المرجح قريبا جدا.
واستشهد السفير بخاري بما “يردده الرئيس بري، بالدعوة الى الكلمة السواء، وان ارادة الخير لا بد منتصرة”، لافتا الى “أن المرحلة الراهنة تستوجب الإحتكام أكثر من أي وقت مضى الى الكلمة الطيبة والرهان دائما على الإرادات الخيرة”. ولدى مغادرته، قال ردا على سؤال عما اذا كان هناك اي شي إيجابي للبنان: شي اكيد.
وعلمت “النهار” من اجواء لقاء البخاري ورئيس التقدمي وليد جنبلاط الذي استقبله في دارته في كليمنصو، ان التوافق ساد اللقاء بالتأكيد على الحوار وتفعيل قنواته توصلا الى تفاهمات داخلية، وفقا لمطلب جنبلاط المتكرر.
وفي شأن متصل، افاد الرئيس بري من زيارة منظمة لوفد مشترك من نقابتي الصحافة والمحررين، لينوه بأن سليمان فرنجية مد يده للجميع وصالح كل الناس وقال: اذا كان فرنجية لا يجمع فمن الذي يجمع. كما شدد الرئيس بري اننا بحاجة إلى رئيس يتحدث مع سوريا حول ترسيم الحدود وأزمة النازحين لأن الأوروبيين والأميركيين غير مكترثين للأمر.
ومن عين التينة الى بكركي التي قصدها، عشية مغادرته الى الفاتيكان، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والتقى البطريرك بشارة بطرس الراعي. وقال ميقاتي: لمن يتحدث ويقول إن مجلس الوزراء شرعي او غير شرعي ويحق له ان يجتمع او لا يجتمع، فليتفضل ويقوم بدوره في انتخاب رئيس الجمهورية في اسرع وقت، وهذا هو باب الخلاص”.
ومن بكركي، توجه ميقاتي الى دار الفتوى، حيث عقد اجتماع لمجلس المفتين استهجن “الحملات المتتالية على موقع رئاسة الحكومة، وافتعال فتنة جديدة تحت شعار الصلاحيات، وطالب الجميع بالعودة الى الدستور والتزام اتفاق الطائف، رافضا المس بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء تحت أي عنوان أو ذريعة، وأن رئيس مجلس الوزراء يلتزم الدستور واتفاق الطائف والأصول المرعية الإجراء في كل خطوة يقوم بها من أجل تخفيف المعاناة عن الوطن والمواطنين”. وحذر المجلس “من استمرار الفراغ الرئاسي الذي يكاد يصبح متلازماً مع كل انتخابات رئاسية، مما يعرّض لبنان الى مخاطر هو بغنى عنها ، ويحمّله أثماناً بات عاجزاً عن أدائها سياسياً ومعنوياً، وكذلك اقتصادياً واجتماعيا وانمائيا. إن الطبيعة لا تعرف الفراغ”، ولذلك حذّر ايضا “من مبادرات هجينة لمحاولة ملئه من خارج الدستور ومن خارج دائرة الوفاق الوطني. فالفراغ في الرئاسة ظاهرة سلبية خطيرة. وأسوأ منها وأخطر، محاولة ملئه بمبادرة من خارج الدستور وعلى حساب الوفاق الوطني”.