تجاوز #سعر صرف الدولار عتبة الـ 100 الف ليرة لاول مرة في تاريخ لبنان، منذرا بالمزيد من الارتفاع الذي لن يكون له سقف، وفق اكثر من مراقب، خصوصا ان اي حل سياسي، او خطة اقتصادية، او للتعافي المالي، لم تظهر في الافق.
ويتزامن هذا الارتفاع، مع اقفال المصارف احتجاجا على سلسلة من الاحكام القضائية التي ترى المصارف انها تهدد بالإجهاز على بقايا سيولتها، فيما الدولة تقف عاجزة ومربكة. كما تحاصرها الإتهامات المسيئة من كل حدب وصوب، ما يؤدي الى ارباكات في علاقاتها الخارجية يعود بالضرر ليس على القطاع فحسب، بل على مجمل البلد.
وفي هذا الطار علمت “النهار” ان مشاورات جرت امس للتمهيد لاتفاق على انهاء الاضراب، بمسعى من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، لكن الاتصالات لم تتوصل الى اتفاق الحد الادنى، وابقي القرار معلقا الى موعد اجتماع جمعية المصارف اليوم.
واكد الأمين العام لجمعية المصارف فادي خلف لـ”النهار” أن اضراب المصارف “لا يهدف الى شلّ البلاد، فهو اضراب جزئي لا يعدو كونه موقفا من الاجراءات القضائية التعسفية في حقها. فالمصارف، وإن خففت من اعمالها اليومية، لكنها لا تزال تسمح باستخدام الـ ATM وتسهل عمليات فتح الاعتمادات للاستيراد والتصدير للشركات عموما، أما صيرفة فالامر يتعلق بحاكم مصرف لبنان الذي علّق اعمالها طالما أن القطاع مستمر في الاضراب، علما أن لا مانع للمصارف في البحث بطريقة أو إجراء ما لتسهيل أمور صيرفة في حال تراجع الحاكم عن قراره”.
وتزامنا، تعقد اليوم جلسة استجواب لحاكم مصرف لبنان رياض سلامه، للمرة الاولى، بخصوص شركة “فوري” التي يملكها شقيقه رجا، في حضور محاميه اللبناني ووكيله الفرنسي. وقد طلبت رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر ان تجتمع مع الوفد القضائي قبل جلسة استجواب سلامة غدًا للتنسيق في مسألة الصلاحيات ما بين الدولة والقضاء الاوروبي وحماية حقوق الدولة اللبنانية.
وليلا سرت شائعات عن ان سلامه لن يحضر شخصيا، فيما اعتبرت مصادر مطلعة ان تلك الشائعات ترتبط بالوضع الامني لتنقلاته.
لكن مصادر قضائية افادت أن الوكيل القانوني لسلامة تَقدّمَ بمطالعةٍ قانونية الى قاضي التحقيق الاول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا، استَند فيها الى إتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، ليعلل عدم جواز حضور قضاة أجانب الى لبنان للتحقيق معه. وسوف يحيل القاضي أبو سمرا الطلب الى النيابة العامة التمييزية لإبداء الرأي، ليُصارَ الى اتخاذِ القرار بشأنِها وفي مسألةِ عدمِ مثولِ الحاكم.
رئاسيا، بشر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط بعد لقائه الرئيس نبيه بري، اللبنانيين الى أنّه سيكون هناك رئيس جمهورية والمسألة مسألة وقت، ويجب الإسراع بهذه الخطوة لأن الأمور خطيرة.
ومن باريس، تقدم مراسلة “النهار” رندة تقي الدين، متابعة للموقف الفرنسي ومبادرة الاليزيه، وفيها ان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان دعا خلال زيارته الى باريس الأسبوع الماضي، الى تقارب لبناني لبناني من أجل حل معضلة الفراغ الرئاسي وقيام اللبنانيين بالإصلاحات المطلوبة. وهو كان التقى نظيرته الفرنسية كاترين كولونا لإطلاعها على الاتفاق الذي تم برعاية صينية لاعادة العلاقات الديبلوماسية بين السعودية وإيران.
الانطباع السائد لدى باريس وواشنطن هو ان الاهتمام السعودي الأول يكمن في تهدئة جبهة اليمن حيث لا الولايات المتحدة الاميركية ولا فرنسا تمكنتا من العمل على هذا الصعيد. ومع ذلك استقبل الوزير السعودي خلال زيارته الى باريس باتريك دوريل المستشار الرئاسي الفرنسي المسؤول عن ملف الشرق الأوسط والمتابع للملف اللبناني بتعليمات من الرئيس ايمانويل ماكرون الذي ما زال يبحث عن إيجاد حل لإخراج لبنان من الازمة والفراغ. التفكير الفرنسي حاليا كما عرضته السفيرة آن غريو على بعض القيادات اللبنانية يتمثل في صيغة تقوم على أساس حكومة يرأسها السفير نواف سلام لإجراء الإصلاحات المطلوبة مع ضرورة انتخاب رئيس جديد للبلاد. فاذا كانت الحكومة برئاسة سلام ورئاسة الجمهورية لقائد الجيش العماد جوزف عون، فهذا غير مقبول من جانب “حزب الله” الذي أكد ذلك. باريس تبحث عن صيغة ربما تكون حكومة برئاسة نواف سلام مع سليمان فرنجيه رئيساً للجمهورية ولكن بضمانات من الاخير بألّا يستعمل الثلث المعطل لتعطيل عمل سلام والإصلاحات او الإسراع الى زيارة دمشق من دون موافقة الأطراف التي تعارض ذلك، والعمل على دفع الإصلاحات التي قد يقوم بها سلام من دون تعطيله، وإلا فلن تدوم حكومته طويلا. هذا التفكير حول ضمانات يعطيها فرنجيه عُرض عليه. ولكن حتى الآن السعودية ما زالت ترفض مبدأ انتخاب فرنجيه كونه تابعا لـ “حزب الله”، وباريس لن تعارض السعودية. لكن التفكير السائد لدى باريس هو انه ربما بعد الاتفاق بين السعودية وايران يصير بإمكان الرياض ان تفاوض طهران على ان يعطي فرنجيه تلك الضمانات كي تخرج هذه الصيغة مع سلام على رأس حكومة بإمكانها ان تحكم وفرنجيه مع ضمانات انه لن يعطل الحكومة. والتفكير السائد في باريس ايضا هو ان بإمكان السعودية ان تقوم بتعبئة لدى بعض النواب المسيحيين الذين لها “مَونة” عليهم وبعض أصوات السنّة لاعطاء فرنجيه غطاء مسيحيا اكبر مع دعم سنّي شرط ان يعطي الضمانات المطلوبة. ويقوم التفكير الفرنسي على انه اذا كان قائد الجيش مرفوضا من طرف، فكيف يتم انتخابه، أو المسؤول في صندوق النقد الدولي جهاد ازعور كيف يتم انتخابه اذا ما جُبِه بمعارضة من جانب معيّن؟ فصيغة حكومة “نواف سلام – سليمان فرنجيه” مع ضمانات اكيدة هي الحل للفراغ في التفكير الفرنسي، ووحدها المفاوضات السعودية – الإيرانية بإمكانها التوصل الى مثل هذه الضمانات، علما ان باريس لن تفعل شيئا اذا لم توافق عليه السعودية لانها شريكة أساسية لفرنسا وللتعاون في لبنان. الى ذلك، علمت “النهار” ان ثمة لقاء سعوديا – اميركيا سيعقد حول لبنان ولكن لم يحدد موعده بعد بطلب من الجانب السعودي.
وفي الشأن الرئاسي ايضا، أوضح راعي ابرشية انطلياس المارونية المطران أنطوان بو نجم في بيان ان “الأسماء التي يتم تداولها مؤخرا في الإعلام، على أنها الأسماء المقترحة من قبل غبطة البطريرك بشارة بطرس الراعي، غير دقيقة، لأن غبطته لا يدخل في لعبةِ الأسماء، ولا يمكن اعتبارُ هذه اللائحة رسمية من قبل بكركي، إذ إن هناك أسماء خارج تلك المتداولة”.
ووفق معلومات “النهار” ان البطريرك لم يتبنّ اللائحة التي خرجت بها مشاورات المطران ابونجم، حتى لا يقع في ازمة فيما لو تم الاتفاق على اسماء من خارجها، لكنه تداول فيها مع الرئيس نجيب ميقاتي الذي زاره قبيل مغادرته الى الفاتيكان. وهو بارك للمطران بونجم استمرار لقاءاته بغية تضييق الخيارات المقبولة من المكونات المسيحية.