فيما كل الاخبار التي تناقلت عن اللقاء الفرنسي السعودي، في باريس، بشأن لبنان، اوحت بنتائج سلبية، في ظل عدم الاتفاق على ما يدفع قدما باتجاه انتخاب رئيس جديد للبلاد، تحدثت مصادر ديبلوماسية لـ”النهار” عن ان “الأسابيع القليلة المقبلة ستكون مفصلية اذ لم يعد ثمة مكان للترف السياسي”. وكشفت عن “أجواء ومعطيات ستبقى طي الكتمان لتسهيل امرار اي تسوية محتملة، وبالتالي فان الاتصالات جارية على قدم وساق مع كل القوى السياسية، وتحديداً اللاعبين الأساسيين، لإزالة العوائق والعقبات، والأمور ستتبلور في وقت ليس ببعيد، خصوصاً أن الجميع لم يعد بإمكانهم تحمّل هذا الانهيار المريع على الساحة اللبنانية.”
لكن هذه المعطيات الديبلوماسية في بيروت لا تدفع الى الغرق في التفاؤل، اذ ان المعلومات التي نقلها مراسلا “النهار” في باريس خالفت الاجواء البيروتية كليا، وفيها ان الاجتماع الفرنسي السعودي حول لبنان لم يخرج باتفاق يمكن تسويقه لدى الدول المعنية كورقة للبحث. وظل التباين قائما بين الطرفين الفرنسي والسعودي.
وفي معلومات “النهار” ان باريس لا تزال تبحث عن صيغة لاخراج لبنان من مأزق الفراغ تكون قائمة على حكومة اصلاحية مع محاولة التوصل الى اغلبية سياسية لانتخاب الرئيس وتشكيل حكومة متجانسة. ولا تعارض باريس ان يكون سليمان فرنجية رئيسا بعد ان يقدم ضمانات والتزامات واضحة خصوصا عبر عدم استخدام الثلث المعطل وعدم تعطيل الاصلاحات، بل المضي بها. ولا تعارض باريس ايضا الاتفاق على مرشح آخر، لكنها تريد اخراج لبنان من المأزق. اما الجانب السعودي الذي يوافق باريس على ضرورة الاسراع في اخراج لبنان من الازمة، يرفض ان يكون المرشح “تابعاً لحزب الله” ولو قدم ضمانات، لكن المملكة ايضا لا تقدم اسماء مقبولة من قبلها بل توافق على مرشح يحوز اغلبية سياسية ويكون اصلاحيا، وقد تمنت باريس على الجانب السعودي الذي اعاد العلاقات مع ايران، ان يختبر نتائج الاتفاق بما فيه مصلحة #السعودية وللمنطقة ومن ضمنها لبنان. وعلمت “النهار” ان انشغالات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لم تحل دون متابعته الشخصية وتواصله مع قيادات لبنانية في مسعى لاخراج البلد من المأزق.
وفي المعلومات ايضا، ان السعودية عبر ممثليها في الاجتماع المستشار نزار العلولا والسفير لدى بيروت وليد بخاري، ابديا مرونة كبيرة من دون تقديم تنازلات او الدخول في لعبة الاسماء، رغم ان بخاري وضع المجتمعين في مشهدية الوضع السياسي اللبناني ومقاربة قياداته للاستحقاق الرئاسي على ضوء لقاءاته، لا سيما مع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، الذي كان حاسماً لناحية إصرار “الثنائي الشيعي” على انتخاب رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجيه رئيساً للجمهورية. وعطفاً على هذا المعطى، كان النقاش عميقاً، والمؤكد كما تجزم المصادر أن الرياض لم تسمِّ أي مرشح ولم تدخل في لعبة الأسماء وتلك ثابتة بالنسبة اليها حيث تعود المسألة الى اللبنانيين وحدهم، ما انسحب عبر جولات بخاري على المرجعيات السياسية والرئاسية والروحية.
وتلفت المصادر الى أن ما يحكى عن صفقات وتسويات رئاسية وحكومية وسواها لا يمتّ الى الواقع الراهن بصلة، فالرياض موقفها واضح وتدركه كل المرجعيات السياسية والرئاسية والروحية، ولا مجال لتكرار ثوابتها ومسلّماتها والمواصفات التي حددتها، لا بل ثمّة خريطة طريق قائمة لن تتبدل ويتم التأكيد عليها، والفرنسيون على بيّنة واضحة منها وهم شركاء في هذه المسألة على رغم بعض التباينات بين الطرفين حيال عناوين محددة.
وكان مراسل “النهار” في باريس سمير تويني نقل عن الناطقة الرسمية باسم الخارجية الفرنسية آن كلير لوجاندر ردها على سؤال حول عدم التحرك بعد 18شهرا من الاعلان عن امكان فرض عقوبات على الطبقة السياسية من خلال نظام عقوبات اوروبي، انه “في ما يتعلق بلبنان في اطار الاجتماع بين وزيري الخارجية الفرنسي والسعودي، دعَونا السلطات اللبنانية والقادة اللبنانيين وجميع المسؤولين السياسيين للخروج من المأزق الدستوري الذي يعاني منه لبنان، وشددنا على ان اولئك الذين سيعرقلون الانتخاب او يتواطأون في انهيار الاقتصاد سيتعرضون لعواقب، وهي موضوع تشاور مع جميع شركائنا”. وأضافت: “تعلمون انه حصلت اجتماعات على جميع المستويات خلال الاشهر الماضية، ونحن نقيّم الوضع لنرى الى اي مدى يجب ان نعمل على هذه العواقب”. واوضحت ان “نظام العقوبات موجود على المستوى الاوروبي”.
ساحة النجمة
داخليا مراوحة في المواقف التي تبقى على حالها في انتظار تطورات خارجية تفكك عقد الداخل، وقد دعا البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي النواب الموارنة الى لقاء صلاة في حريصا، املا جمعهم في ظلال سيدة حريصا، بعدما يئس من لقائهم في السياسة. واذ سارع “التيار الوطني الحر” الى الترحيب بها، يجيب عنها تكتل “الجمهورية القوية” اليوم خلال لقاء يبحث فيه الوضع العام من كل جوانبه الرئاسية والمالية والسياسية. وقال النائب جورج عقيص ان اللقاء لن يعدو كونه صورة تنتهي مفاعيلها بعد انتهاء الصلاة.
وفي ساحة النجمة، أقيمت وقفة رمزية أمام مجلس النواب، لمناسبة مرور شهرين على الوقفة المتواصلة للنائبين ملحم خلف ونجاة عون في قاعة المجلس، “دعما لتطبيق الدستور لانتخاب رئيس إنقاذي للجمهورية إطلاقا لقطار الإنقاذ”.
وألقى النائب خلف كلمة قال فيها: شهران مرا، وهناك ما زال من يروِّج بخبث ومكر أن وجودنا هنا هو لتأمين نصاب مزعوم لإيصال مرشح مزعوم، مع العلم أن هذه الإشاعات التضليلية تخالفها الأرقام الواضحة، وبالأرقام لا نصاب مزعوما من 86 نائبا متوفرا لأي جهة، إن كان بوجودنا هنا في المجلس أو بغيابنا عنه، لكنها أفكار سيئة يروج لها من يحاول إخراجنا من هنا، كي يساوينا بفشله وعجزه، وللالتحاق به في المحاور التقليدية التي دمرت البلد.
بدورها قالت النائبة عون صليبا: “مبادرتنا ل#رئاسة الجمهورية بدأت في 3 أيلول 2022 مع سائر نواب التغيير، الهدف كان تجسيد مبادئ 17 تشرين وإنتاج رئيس جمهورية إنقاذي يكون فوق كل الإصطفافات، هذا هو نهجنا ومستمرون به حتى النهاية، ومن هذا المنطلق، كل ما يقال أن وجودنا هنا هو لتأمين نصاب مزعوم وإيصال المرشح سليمان فرنجية، هو هرطقة وإفتراء وتضليل. سأكون واضحة: أنا لست مع مرشح حزب الله، المرشح سليمان فرنجية، ولن أنتخب سليمان فرنجيه، ووجودي في المجلس النيابي ليس لتأمين نصاب مزعوم له”.
الدولار و#المصارف
وفي ظل الدوران في الحلقة المفرغة رئاسيا، وعجزِ الحكومة او مجلس النواب عن انجاز اي خطوة مفيدة على طريق وقف الانهيار، يسجل الدولارُ قفزاتٍ مخيفة، وقد تجاوز مساء امس سقف الـ113 الف ليرة للدولار، رافعا معه كل الاسعار. وفي الاطار المالي لم تلتئم الجمعية العمومية للمصارف بعدما استقر الرأي على ان لا شيئا قضائيا ملموسا ظهر كي يُعاد النظر في موضوع الاضراب، ما يعني استمرار اقفال المصارف اليوم.