Site icon IMLebanon

النهار: مجلس الوزراء غطاء مثقوب للتراجع والانكشاف

 

حتما عكست قسمات الوجه المتجهم لرئيس حكومة تصريف الاعمال #نجيب ميقاتي خلال “الجلسة الطارئة” ل#مجلس الوزراء الذي استعصى عليه الانعقاد في أمور اشد “مصيرية” من فضيحة تهاوي “الوحدة الوطنية” المزعومة امام قرار ارجاء التوقيت الصيفي الملتبس والخاطئ، وبعدها لدى إعلانه قرار التراجع عنه، عمق اعتمال معارك الخسائر والمكاسب السياسية في هذا الموضوع الذي ضجت به البلاد لايام فيما تتصاعد تداعيات كوارث أخرى ستحل تباعا وبسرعة في واجهة المشهد الداخلي بعد طي صفحة “حرب التوقيتين”. ذلك ان الرئيس ميقاتي وان جسد الخاسر الأكبر في هذه العاصفة المجانية التي لم يكن ثمة ما يبررها اطلاقا اقله ظاهريا ومنطقيا، وما لم يكن خلف الاكمة ما وراءها من استدراجات وفق ما يتردد بكثافة في الكواليس، فان رئيس الحكومة لم يكن وحيدا في معترك التطوع لمواجهة خسائر وانكسارات، اذ ان كل ما يتصل بتفجير نقاط الانهاك والتفكك والانقسام الطائفي كان أيضا في كفة انهزام البلد كدولة لم تعد تجد فيه الاسرة الدولية سوى مكونات قبلية طائفية وطبقة سياسية كارثية. اعاد تراجع السلطة الحكومية برمتها امس، كما اقتضى المخرج الشكلي والدستوري والمعنوي عن قرار ارجاء التوقيت الصيفي، الواقع الداخلي الى مضمون اشد التقارير خطورة حيال ما بلغه واقع لبنان والذي صدر قبيل انفجار فضيحة التوقيتين على لسان بعثة صندوق النقد الدولي الى لبنان. وجاءت عاصفة التوقيت الصيفي بكل التباساتها المفتعلة لتحجب خطورة مضمون ذاك التقرير كما لتحجب تطورات اخرى جسيمة بعضها يتصل بالمراحل المتعاقبة للانهيارات المالية والمصرفية والاجتماعية وبعضها الاخر بتداعيات العجز القاتل عن انتخاب رئيس الجمهورية وثبوت “امحاء” لبنان من اجندات الدول المؤثرة حتى مع تصاعد حمى الرهانات عبثا على انفراج يأتي من الانفراج الإقليمي السعودي – الإيراني. لذا كان لا بد لاعادة ترميم على الطريقة اللبنانية بما لا يسمح باطاحة رئيس الحكومة الذي كان الجزء المتعلق بكلامه امس عن انتمائه الى المكون السني اشد وقعا داخليا على مستوى ابراز الحساسيات الطائفية الهائلة التي رمي المكون المسيحي بتهمة تفجيرها فيما كان “نداء” المفتي احمد قبلان الى المراجع المسيحية أسوأ تعبير اخر عن اعتمال التوظيف المذهبي لحجب مسؤوليات أساسية لمن يتحدث المفتي باسمهم… وبذلك تحولت الجلسة الحكومية، لحكومة تكابد عناء استجماع الشرعية المنهكة والمليئة بالثقوب، الى “حج خلاص” لمجمل المتورطين والمحرضين والموظفين لعاصفة كانت البلاد بغنى عنها تماما فاذا بها تكشف اخر منسوب الانكشاف “الوطني والوحدوي والسلطوي” سواء بسواء امام الرأي العام المحلي والدولي بشكل غير مسبوق وتثير التساؤل تاليا: أي فضيحة جديدة ستتبعها غدا او في قابل الأيام ؟!

 

 

التراجع والاصداء

اذن جرى احتواء ووضع حد قسري امس للضجة التي اثارها قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي بتراجع مجلس الوزراء عنه. ففي جلسة استثنائية ببند وحيد هو بند التوقيت، قرر المجلس العودة الى التوقيت الصيفي ابتداء من ليل الاربعاء الخميس. وفي كلمة القاها بعد الجلسة، قال الرئيس ميقاتي: “لنكن واضحين ليست المشكلة ساعة شتوية او صيفية تم تمديد العمل بها لأقل من شهر انما المشكلة الفراغ في الموقع الاول في الجمهورية، ومن موقعي كرئيس للحكومة لا اتحمل اي مسؤولية عن هذا الفراغ بل تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية وبالدرجة الأولى الكتل النيابية كافة تلك التي فضّت النصاب خلال 11 جلسة انتخاب سابقًا، وتلك التي تعهدت بعدم تأمينه في جلسات لاحقة من دون ان تتفق على مرشح يواجه مرشح الفريق الآخر”. واعلن انه “امام هذا الاستعصاء، وامام الدفع لجعل رئاسة الحكومة المسؤول الاول عما آلت اليه البلاد، قررت دعوة مجلس الوزراء لعرض ما سبق وورد في مذكرتي تاريخ 23 الجاري، بوجوب عرض الموضوع على مجلس الوزراء، وكان نقاش هادىء، حيث أبدى كل وزير رأيه وقرر المجلس الابقاء على قرار مجلس الوزراء رقم 5 تاريخ 20-8-1998 باعتماد توقيت صيفي وشتوي من دون اي تعديل في الوقت الحاضر، ويبدأ التوقيت الجديد منتصف ليل الاربعاء- الخميس المقبل، لاننا اضطررنا ان نأخذ فترة 48 ساعة لمعالجة بعض الامور التقنية بموجب المذكرة السابقة ، فاعطينا وقتا لاعادة تعديلها”. وقال ميقاتي في موقف شخصي صرف “لقد تحملت ما ناءت تحته الجبال من اتهامات واضاليل وافتراءات، وصمدت وعانيت بصمت غير اني اليوم اضع الجميع امام مسؤولياتهم. ليتحمل الجميع مسؤولياتهم في الخروج مما يعانيه اللبنانيون ، فالمسؤولية مشتركة ولا يمكن ، ومن غير العدل أن تلقى على عاتق شخص أو مؤسسة ويقف الآخرون متفرجين او مزايدين. اللهم اشهد اني عملت ما في وسعي فلا تكلفني ما لا طاقة لي به . اللهم اشهد اني قد بلغت.”

 

وعلى الأثر اجرى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اتصالا هاتفيا بالرئيس ميقاتي و”ابدى ارتياحه للقرار الذي صدر عن جلسة مجلس الوزراء في شأن العودة إلى التوقيت الصيفي”. وأكد الراعي أن “لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة إلى المزيد من القرارات الحكيمة التي توحد اللبنانيين وتبعد كل أشكال الانقسام بينهم”. وشددا على “ضرورة تجاوز أي اختلاف في وجهات النظر بروح وطنية جامعة، بعيدا من كل معيار طائفي أو فئوي”. وجددا تأكيد “عدم إعطاء موضوع التوقيت الصيفي أي بعد طائفي أو فئوي”. كما توافقا على أن “المدخل الاساسي لانتظام عمل المؤسسات الدستورية هو انتخاب رئيس للجمهورية”. ودعوا “كل القوى المعنية بهذا الاستحقاق إلى مضاعفة جهودها لاتمامه في أسرع ما يمكن”.

 

وتعليقاً على قرار الحكومة بالعودة عن قرارها السابق بتأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، غرّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” #سمير جعجع : “قرار الحكومة اليوم فضيلة”.

 

 

على خط باريس

وفي الشأن الرئاسي تحديدا، عادت الأنظار الى معاينة حقيقة ما تحاول #فرنسا المضي في القيام به بعدما تكثفت المعطيات عن اصطدامها مجددا بعقبات غير قابلة للتذليل حيال الطرح التجريبي الذي حاولت تسويقه بتزكية معادلة تفضي الى القبول بانتخاب مرشح الثنائي الشيعي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وإذ تواترت المعلومات عن اتجاه باريس الى التراجع نهائيا عن ذاك الطرح، رصدت الأوساط الداخلية باهتمام ما اعلن في الساعات الماضية عن الاتصال الذي اجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان الأحد الماضي لجهة تناول الملف اللبناني بحيث “جددا عزمهما على العمل معا لمساعدة لبنان”. وذكر الإليزيه أنّ الزعيمين عبّرا خلال اتّصال هاتفي عن “قلق مشترك حيال الوضع في لبنان وكرّرا عزمهما على العمل معا للمساعدة في إخراج البلاد من الأزمة العميقة التي تمرّ بها”. ورحّب ماكرون بقرار السعوديّة وإيران استئناف علاقاتهما الديبلوماسيّة، مشددا على “أهمّيته للاستقرار الإقليمي”.

 

ونقلت مراسلة “النهار” رندة تقي الدين عن مصدر فرنسي رفيع وصفه الحديث بين ماكرون وبن سلمان حول لبنان وموضوع الفراغ الرئاسي بانه كان بناء جدا. وقال ان باريس ستستمر في العمل مع المملكة السعودية حول الملف الرئاسي اللبناني واذا اقتضت الحاجة لاحقا قد يزور المستشار الرئاسي الديبلوماسي باتريك دوريل السعودية للمزيد من التنسيق حول الموضوع علما انها ليست مبرمجة حاليا.

 

وتأمل فرنسا في ان عودة العلاقات بين السعودية وايران قد تعطي نتائج على الملف اللبناني علما ان الملف اليمني هو الاهم بالنسبة للسعودية. وتجدر الاشارة الى ان فرنسا تبحث عن حل للفراغ الرئاسي في لبنان وان اختيارها صيغة ترشيح سليمان فرنجية مع حكومة اصلاحية وضمانات من فرنجية بانه لن يعطل الحكومة الاصلاحية ولا يستخدم الثلث المعطل لا ينبثق من صداقة او انحياز لفرنجية بل لان الصيغ الاخرى مع مرشحين آخرين لم تنجح.

 

تزامن ذلك مع وجود رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط منذ نهاية الاسبوع الماضي في باريس على رأس وفدٍ يضمّ رئيس كتلة “اللقاء الديموقراطي” تيمور جنبلاط والنائب وائل فاعور ومعطيات تتحدث عن لقاءات ومشاورات يجريها الزعيم الجنبلاطي مع المسؤولين الفرنسيين الممسكين بملف لبنان حول الاستحقاق الرئاسي.علما ان جنبلاط لم يخف في احاديثه أخيرا دعمه لترشيح المسؤول البارز عن الشرق الأوسط وافريقيا في صندوق النقد الدولي الوزير السابق للمال جهاد ازعور.

 

وفي السياق الرئاسي إجتمع امس الرئيس ميقاتي مع السفيرة الفرنسية أن غريو في السرايا وأوضحت السفيرة انها بحثت الأوضاع الراهنة في البلد مع الرئيس ميقاتي “مثلما نقوم به بانتظام مع رئيس المجلس النيابي ومع كل الأطراف السياسية. واتفقنا بأن هناك حاجة ملحة للحوار ولحسن سير المؤسسات ولانتحاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة جديدة”. ولفتت الى “أن تدهور الأوضاع المعيشية للبنانيين تدعونا لأن نكون قادرين على الإستجابة لكل احتياجاتهم، واتفقنا بأن الاحوال باتت طارئة وملحة ويجب استعادة زمام المبادرة على أسس تستند الى الحوار البناء”.