Site icon IMLebanon

النهار: الاحتدام المطلبي يتصاعد وسقوط صفقة المطار

 

لم تحجب التحركات المطلبية التي عادت الى تصدر المشهد الداخلي الدلالات الثقيلة لسياق خارجي ودولي بات طاغيا على معظم المواقف الخارجية المؤثرة حيال لبنان لجهة اتباع أسلوب الادانات القاسية والصارمة حيال الطبقة السياسية والرسمية عموما . واذا كان معظم المسؤولين والسياسيين اللبنانيين اعتادوا الاستهانة بهذا التراكم التصاعدي من الادانات التي تعكس نظرة دولية عارمة شديدة السلبية تجاه السياسيين والمسؤولين اللبنانيين، فان ذلك يشكل في اعتقاد أوساط ديبلوماسية منتهى التهور والجهل والاستخفاف بالتداعيات التي ستترتب تباعا على هذه الادانات ولو ان لبنان قد لا يحتل راهنا مرتبة متقدمة في أولويات الدول. ولم تكن مصادفة، في هذا السياق، ان تطلق الإدارة الأميركية امس موقفا سلبيا من قادة لبنان وتحصر طريق خروجه من ازمته باتفاق مع صندوق النقد الدولي بعد نحو أسبوع من اعلان بعثة الصندوق الى لبنان خلاصات شديدة السلبية حيال السياسات الداخلية في لبنان راهنا بما يعني ان كلفة التأخير او العجز او المماطلة المتعمدة في تلبية متطلبات المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد باتت تحت العين الأميركية خصوصا والدولية عموما كممر أساسي اجباري لدعم لبنان من عدمه في الكارثة التي يرزح تحتها .

 

اذ انه بعد أيام من زيارتها لبيروت، بادرت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف الى توجيه دعوة الى “اللبنانيين الى الإسراع بانتخاب رئيس جديد للبلاد”. واعتبرت “ان السياسيين في لبنان يفتقرون إلى الإحساس بضرورة الإسراع بإخراج البلاد من أزمتها”. وشددت على أن “لبنان ليس لديه مخرج آخر من أزمته سوى التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي”. ورأت أن الاتفاق بين السعودية وإيران “قد يكون له تأثير مهدئ ونافع في لبنان وفي المنطقة كلها”.

 

كما ان السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو اكدت في سياق رعايتها احتفالا بإطلاق المرحلة الثانية من مشروع “شبكة” في الجامعة اليسوعية امس انه “يجب أن يتحمل المسؤولون اللبنانيون مسؤولياتهم، فالحلول معروفة، وهناك خطوات وإصلاحات عدة يجب اتخاذها. إن الأزمة الاقتصادية والمالية ليس من الصعب حلها، لكن تلزمها الإرادة السياسية”. وأضافت: “المطلوب سير عمل المؤسسات، فما يعيشه اللبناني أمر غير طبيعي. هناك شلل في المؤسسات وفراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال، وتنصل من المسؤولية”. وأكدت أن “التعافي ممكن في لبنان لكي لا تذهب جهودنا وجهودكم سدى”.

 

وتجدر الإشارة الى انه في اطار التحركات السياسية المتصلة بالاستحقاق الرئاسي افيد ان رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية سيقوم بزيارة لباريس ويلتقي اليوم باتريك دوريل مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى.

 

واكد مصدر فرنسي رفيع لـ”النهار” ان فرنجية سيلتقي الفريق الاستشاري الفرنسي للرئيس ماكرون . ووفق المصدر ان باريس حريصة ان يقدم فرنجية ضمانات انه اذا تم انتخابه رئيسا ينبغي الا يعطل عمل الحكومة الاصلاحية التي يقع عليها تنفيذ الاصلاحات لاخراج البلد من محنته والا يستخدم الثلث المعطل. ولكن المصادر نفسها تبقى حذرة جدا ازاء موقفه وتقديمه الضمانات فلدى الفريق الرئاسي الفرنسي خبرة واسعة بالوعود اللبنانية، ولكنها رغم ذلك تبحث عن مخرج بسرعة للفراغ في لبنان قبل التدهور التام لان الوضع في لبنان خطير جدا والرئيس ايمانويل ماكرون عازم على انقاذه قبل الانهيار التام.

 

 

اعتصامان… وتسوية؟

ولعل اللافت في الامر ان الإدانة الأميركية الجديدة جاءت على وقع احتدام التحركات المطلبية واشتداد الازمات الخدماتية التي بلغت حدودا غير مسبوقة في ازمة هيئة اوجيرو الى حدود التأهب لطلب تسليم القطاع الى الجيش وهو تطور غير مسبوق منذ بداية ازمة الانهيار المالي قبل اكثر من ثلاثة أعوام وينذر بتداعيات وتعقيدات كثيفة. وفي هذا المناخ نفّذ المجلس التنسيقي للمتقاعدين في القطاع العام اعتصاماً امس في ساحة رياض الصلح، بمشاركة كثيفة من رابطة قدامى القوات المسلحة اللبنانية ومختلف مجموعات العسكريين المتقاعدين دعماً لمطالبهم المعيشية، وسط انتشار أمني كثيف. وتمّ رفع لافتات تندّد وتدين المسؤولين عما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية الخانقة والكارثية والمصارف و#مصرف لبنان. وأجمعت كلمات عدد من المحتجين على “التنديد بالمسؤولين الفاسدين الذين سرقوا شعبهم ودمّروا البلد بكلّ مؤسساته وإداراته”، محذرين “السلطة من تمييع وتضييع قضيتهم المحقة وصولاً إلى تصعيد لا يُحمد عقباه”. وتوجه عدد من المحتجين الى أمام مصرف لبنان للتظاهر حيث حاول عدد من العسكريين المتقاعدين إزالة الأسلاك الشائكة في مواجهة فرقة مكافحة الشغب. وكانت مواجهات بين #الجيش اللبناني والمتقاعدين الذين التقى وفد منهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حيث طلب منه اعتماد سعر 28500 ليرة للرواتب، أبلغهم انه بحاجة لموافقة الحكومة ووزير المال، واستمهل الوفد حتى يوم الاثنين.

 

وعلى وقع التحركات التي قام بها العسكريون #المتقاعدون، وفي ظل المطالبات النقابية بضرورة استمرار مصرف لبنان بدفع رواتب الموظفين والمتقاعدين والعسكريين في القطاع العام والاساتذة في التعليم الرسمي واساتذة الجامعة اللبنانية على سعر صيرفة 45 ألف ليرة للدولار، أكدت مصادر نقابية لـ”النهار” أن “المركزي” الذي كان سيعتمد سعر “صيرفة” الحالي أي 90 ألف لكل الرواتب، سيعيد النظر بالموضوع لتصبح الرواتب على سعر صيرفة 60 ألف ليرة لشهر آذار، في انتظار أن تبت الحكومة في أول جلسة تعقدها بالتعويض وإعطاء بدل إنتاجية للموظفين في القطاع العام والعسكريين وبدل نقل يصل إلى 5 ليترات يوميا، وراتبين أو 3 للمتقاعدين ليصل مجموعها إلى 5 أو 6 رواتب.

 

وعلى رغم التكتم والسرية الذي أحيط بإجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان أول من أمس، اكدت المصادر عينها أنه تمت مناقشة أثار اقتراح دفع الرواتب للقطاع العام على سعر صيرفة ما بين الـ60 أو 70 ألف ليرة لشهر آذار، بشكل تفصيلي على احتياطات مصرف لبنان، علما أنه كان ثمة معارضة للاقتراح داخل المجلس خصوصا وأن الدولة تحمل “المركزي” ما لا يمكن لأي مؤسسة أو قطاع تحمله، فيما هي في موقع المتفرج من دون أن تتخذ أي اجراءات يمكن أن يريح المالية العامة”.

 

في المقابل، أعلن وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم انه اتفق في اجتماع لجنة المؤشر امس على رفع الحدّ الادنى في القطاع الخاص الى 9 ملايين ليرة اي بزيادة 4 ملايين ونصف المليون، وبدل النقل سيصبح 250 الف ليرة عن كل يوم حضور، ورفع سقف المرض والامومة ضعفين، وهذه الزيادات ستكون خاضعة للمراجعات تبعاً لتقلبات سعر صرف الدولار لمراعاة العدالة في هذه المسألة.

 

 

التلويح بالجيش

وفي غضون ذلك استمر اضراب موظفي “اوجيرو” وكشف وزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال جوني القرم، أنه تشاور مع الرئيس نجيب ميقاتي صباحاً “وهو طلب منّي تدخل الجيش وأن نستلم قطاع “أوجيرو” بالكامل”. وقال: لا أقبل بأن يأخذ أحد المواطن كرهينة، فقطاع الانترنت هو أمر ضروي وأساسي لاستمرار الحياة وممنوع أي توقف. وافيد أن الجيش لم يتبلّغ بأي أمر يتعلّق بالتدخل في إضراب “أوجيرو” عدا ان الامر يحتاج الى طلب من مجلس الوزراء . وسيعقد اجتماع اليوم بين نقابة موظفي اوجيرو والوزير القرم علما ان المجلس التنفيذي لنقابة “أوجيرو” علق اجتماع طارئ، على كلام وزير الاتصالات بدعوة الجيش الى تسلُّم مراكز “أوجيرو”، فأعلن “ترحيبه بالجيش اللبناني حامي الوطن والقلعة الصامدة المنيعة”، مؤكداً أنّ “جميع المراكز والمكاتب هي بتصرّفه من المركز الرئيسي إلى آخر مركز على مساحة الوطن”. كما أكد المجلس” استمراره في الإضراب المفتوح واستعداده لمتابعة التفاوض حينما تهدأ النفوس”.

 

 

إلغاء مفاجئ

اما التطور البارز المفاجئ الذي اخترق هذه المناخات فتمثل في استباق وزير الاشغال العامة في حكومة تصريف الاعمال علي حميه امس جلسة لجنة الاشغال العامة والنقل النيابية واعلانه انه “على أثر الجدل القانوني الحاصل حول انشاء مبنى جديد في المطار وبالرغم من أهمية المشروع وبناءً على طلب “#حزب الله” الجهة التي اتشرف بتمثيلها في الحكومة اعلن بكل شجاعة عدم السير بالعقد وكأنه غير موجود”. وإذ اثار الإعلان عن الغاء هذه الصفقة المثيرة للشكوك في قانونية تمريرها كما كان مقررا لها ، التساؤلات حول دوافع الوزير و”حزب الله” من تمريره أولا بطريقة مخالفة للقوانين ومن ثم اضطراره تحت ضغط اعلامي وسياسي كثيف الى سحبه والغائه، عقدت لجنة الاشغال اجتماعها برئاسة النائب سجيع عطية، وحضور الوزير حمية وعدد كبير من النواب، وناقشت اللجنة موضوع تلزيم المبنى الجديد في المطار. واعلن عطية الخروج بتوصيات “والوزير بادر وألغى آلية تنفيذ المشروع انما سيكون خاضعا لاليات معينة ضمن مخطط توجيهي عام. فالمشروع لم يلغ وسيبحث في المجلس النيابي والحكومة الاصيلة في ما بعد رغم النية الحسنة لمعالي الوزير والذي بادر بعدة مرافق عامة، الى تحسين مدخول الدولة انما كشف النقاش عدة نقاط سواء لجهة أنها حكومة تصريف اعمال وليس هناك من عنصر منافسةولا رقابة مسبقة، أو لجهة ان الشفافية غير واضحة”. وأوضح ان “هذه المعطيات جعلتنا نخرج بتوصيات جديدة تؤسس لمرحلة بناء شراكة مع القطاع الخاص ومع الدولة بأسلوب علمي وتوصيف من ديوان المحاسبة، واهم التوصيات التي صدرت عن اللجنة: إلغاء هذا العقد ووقف السير بآلية التلزيم الحالية والعمل تحت سقف رأي هئية الشراء العام وديوان المحاسبة، وضع مخطط توجيهي عام للطيران المدني في لبنان، فك الحصرية للشركات الخاصة في لبنان، تعديل المادة 114من قانون الشراء العام وهي اربع سنوات، تفعيل مجلس الخصخصة وهناك قانون واضح لها، العمل على الرقابة المسبقة قبل اي تلزيم واتباع الشفافية المطلقة والمنافسة وفتح المجال امام عدة شركات بالتبريك وايداعنا عند انتهاء ديوان المحاسبة من دراسة الملف التوصيات اللازمة ليبنى على الشيء مقتضاه”.