لئن فاجأ زعيم “#تيار المردة” #سليمان فرنجية كثيرين بنبرة متشددة تصعيدية ضد خصومه المسيحيين القدامى والمستجدين في ذكرى مجزرة اهدن عشية المحطة المفصلية الانتخابية بعد غد الأربعاء، فان معظم المطلعين والمعنيين بمجريات المواجهة الانتخابية لم يفاجأوا كثيرا بذلك لان الفترة القصيرة المتبقية من الاستنفار السياسي غير المسبوق لا تسمح الا بالوضوح الكامل في المواقف ولا سيما منها للمرشحين الحصريين فرنجية والوزير السابق جهاد ازعور وداعمي كل منهما. ذلك انه فيما عكست مواقف فرنجية الحادة وهجومه الدائري على الجميع، من دون حلفائه طبعا، بلوغ الاحتدام ذروته، قرأت الأوساط المراقبة في النبرة الحادة التي طبعت كلمة فرنجية مساء امس معالم الأثر الكبير الذي طرأ على المواجهة الانتخابية مع تكتل القوى المسيحية الكبيرة الأساسية وراء ترشيح ازعور ومناهضتها القوية لموقف الثنائي الشيعي الامر الذي ينذر بمنازلة صعبة وقاسية في الجلسة الثانية عشرة بعد غد الأربعاء والتي ستكون واقعيا، وعلى الأرجح، معركة الدورة الأولى حصرا بحيث ستعكس النتائج التي سيحققها كل من المرشحين كل التطورات الحاصلة وما ستؤدي اليها لاحقا وسط معالم ترجح معها القوى الداعمة لازعور تقدمه الى ما يقترب من 65 صوتا فيما الفريق الداعم لفرنجية لا يزال يقيم على اقتناع بانه سيحقق له رقما صادما للخصوم.
ووسط هذا المناخ المحتدم علمت “النهار” انه من المرجح ان يصدر اليوم المرشح جهاد ازعور بيانا يتسم بأهمية اذ يتوجه فيه للمرة الأولى رسميا الى الرأي العام اللبناني يشرح فيه معالم ترشحه للانتخابات الرئاسية. كما رجحت مصادر ان يلقي رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل كلمة غدا عشية موعد الجلسة الانتخابية.
موقف فرنجية
وكان فرنجية اعتبر في كلمته ان “الرئيس الرّاحل سليمان فرنجيّة كان مؤمناً بوحدة لبنان وعروبته. في 13 حزيران جاؤوا وكنا نيامًا أما اليوم فنحن واعون وما حدث في 13 حزيران لن يكون في 14 حزيران”. وأشار الى ان “الناس تفرض وجودنا على مساحة لبنان ولا احد يزايد علينا بمسيحيتنا ووطنيتنا. وأتى الوقت لكي نُريح المسيحيين ونقول لهم أنّ الشريك في الوطن لم يأتِ لإلغائنا. المشكلة في أي مسيحي منفتح يأخذ المسيحيين الى لبنان لا الكانتون. المشكلة ليست في حزب الله بل مع أي مسيحي منفتح يمكن أن يأخذ لبنان إلى الاعتدال”. وأضاف: “اسمي كان مطروحاً للرئاسة في 2005 و2018 وكل نائب يمكنه اختيار من يعتبر أنه يحقق نظرته للبنان المستقبلي. اتفاق التيار والقوات كان لتقاسم الحصص على حساب الجمهورية. بعدما تقاطعوا منذ سنوات اليوم يتقاطعون مجدّداً عليّ وعندما يتفقون فانما على السلبيّة والإلغاء و”من جرّب المجرّب كان عقله مخرّب”. وقال: “لا أخجل أنني أنتمي إلى مشروع سياسي ولكن حلفائي وأصدقائي يعرفون أنني سأكون منفتحاً على الجميع في حال كنت رئيساً”، لافتاً الى ان “في الـ2016 كان محور “الممانعة” ضدّي و”حزب الله” دعم الرئيس السابق ميشال عون للرئاسة و “القوات” حينها تحالفت مع مرشح “الحزب” ضدّ سليمان فرنجية”. وتوجه الى “التيار الوطني الحر” قائلاً: “تريدون مرشحا من خارج المنظومة ومرشحكم ابن المنظومة ووزير مالية الابراء المستحيل. “التيار الوطني الحر” طرح إسم زياد بارود وهو شخص “مرتب ونعنوع” ومن ثمّ عاد وطرح إسم جهاد أزعور الذي ينتمي إلى المنظومة التي يقول “التيار” إنه لا يريد رئيساً منها”. وقال متوجها بكلامه لـ”القوات اللبنانية” ورئيسها سمير جعجع: “أنتم ضدّ مرشّح الممانعة و”حقكن” ولكن أريد التذكير أنّه في الـ2016 كانت الممانعة ضدّي وكان “حزب الله” يدعم الرئيس عون وحينها “القوات” تحالفت مع مرشّح “حزب الله” عليّ. فالمشكلة ليست “حزب الله” إنّما المشكلة مع أي رئيس منفتح سيأخذ اللبنانيين نحو لبنان وليس نحو الكانتونات”.
وتوجه الى جزء من التغييريين فقال: “ما تبريركم للشباب كونكم تتقاطعون اليوم مع من عملتم عليهم وعلى فسادهم ثورة. ما تفسيركم أنكم تلاقيتم مع باسيل على إسم المرشّح وبعضكم جاء كردّة فعل وليس كفعل. واتفاق “التيار” و”القوات” كان لتقاسم الحصص على حساب الجمهورية”. ولكن فرنجية وصف علاقته مع البطريرك الراعي بانها ممتازة مشيرا الى ان “فرنسا تعرف لبنان وتُحاول إيجاد حلّ يشبه لبنان والمبادرة الفرنسيّة مبادرة براغماتية”. وخلص الى انه: “من الصعب إنتاج رئيس في هذا الجو وذاهبون نحو خنادق سياسية . انا ماروني ومسيحي وعربي على “راس السطح”. أنا ملتزم بالإصلاحات وبإتفاق الطائف وبمبدأ “اللامركزية الإدارية” وفي قاموسي “لا تعطيل في الحياة السياسية” والرئيس القوي لا يقول “ما خلونا”. وختم: ” ندعو الى حوار شامل او الى أي حوار ثنائي يؤدي الى الحوار الكامل. تريدون حوارا وطنيا مستعدون من دون قيد او شرط لحل المشكلة وعدم اقصاء احد. اذا وصلت سأكون رئيسا لكل لبنان لمن معي ولمن هو ضدي”.
“التيار” : تصويت كامل
اما في التطورات البارزة المتصلة بالمواجهة الانتخابية المفصلية فرأس رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل اجتماعاً للمجلس الوطني في التيار، وانتهى الى “إجماع بتبني القرار المتّخذ على صعيد الهيئة السياسية والمجلس السياسي بالتصويت للوزير السابق جهاد أزعور ل#رئاسة الجمهورية”. وأكد المجتمعون “ضرورة التزام جميع النواب بالتصويت لأزعور، من دون اي خيار آخر او اي عذر”، مسجلين “امتعاضاً من أن يظهر أي نائب خروجاً عن قرار القيادة وإرادة القاعدة التيارية”، مؤكدين “الالتفاف حول رئيس التيار لترسيخ هذا الموقف”.
جعجع والمشاركون بالتعطيل
وبدوره اكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ان “تاريخ 14 حزيران 2023 مفصليٌ ومن سيلجأ فيه الى الاوراق البيضاء او الاسماء التي لا امل لديها او الشعارات سيساهم مع محور الممانعة في التعطيل”. وإذ اعتبر انه “على كل نائب تحمل مسؤولياته”، توّجه الى “جماهير “17 تشرين” ودعاهم الى مطالبة النواب الذين انتخبوهم بضرورة الاسراع في الاختيار بين المرشّحَين وعدم المساهمة مع “الممانعة” في التعطيل الحاصل”. وقال: “من يجب التوقف عند أدائهم هم المستقلون ونواب التغيير المحسوبون على المعارضة، اذ بعد تفاهمنا على ازعور لتسهيل الامور طالَعنا بعضهم بطروحات عجيبة غريبة ومنها رفض الاصطفافات الطائفية والمذهبية، ولكن اي انتخابات مهما كان نوعها ستكون وفق اصطفافات معينة وعلى الشخص ان يختار بين مرشحَين على الأقل، اي ان رفضها يعني عدم انتخاب احد. كما ان كل نائب في البرلمان يمثل طائفة معينة شاء ام ابى وبالتالي هؤلاء النواب يتلطون خلف هذه الذرائع لعدم تحمل مسؤولياتهم”.
البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي يواصل موفدوه لقاءاتهم مع المسؤولين ورؤساء الكتل تطرق امس الى جلسة الأربعاء فقال :”ينظر اللبنانيون المقيمون والمنتشرون، كما سواهم من الدول المحبة للبنان إلى الأربعاء المقبل الرابع عشر من حزيران. وهو يوم يدخل فيه النواب مجلسهم لإنتخاب رئيس للجمهورية بعد فراغ ثمانية أشهر في سدة الرئاسة، فيما أوصال الدولة تتفكك، والشعب يجوع، وقوانا الحية تهاجر، والعالم يستهجن هذه الممارسة الغريبة للسياسة في لبنان النموذج أصلا بدستوره. الشعب ينتظر انتخاب رئيس، فيما الحديث الرسمي بكل أسف يدور حول تعطيل النصاب، الأمر الذي يلغي الحركة الديمقراطية، ويزيد الشرخ في البلاد ويسقط الدولة في أزمات أعمق. إن سعينا في البطريركية لدى كل الأفرقاء يهدف إلى انتزاع روح التحدي والعداوة وأسلوب الفرض على الآخرين. وإننا نحرص على أن يبقى الاستحقاق الرئاسي محطة في مسار العملية الديموقراطية، المطبوعة بروح الوفاق الوطني والاخوة الوطنية، الضامنة لوحدة لبنان بجميع أبنائه، وان اختلفوا في الخيارات الانتخابية، وهذا أمر طبيعي. وما يعزز هذا الحرص هو أن كل الاطراف السياسية، والمرشحين لمنصب رئاسة الجمهورية، يعتمدون لغة التوافق والحوار بعيدا عن كل أشكال التحديات والانقسامات الفئوية أو الطائفية.”
مجلس التعاون
اما في المواقف الخارجية من لبنان فبرز ما ورد في البيان الختامي الذي صدر عن المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي امس اذ عبر عن “مواقف مجلس التعاون الثابتة مع الشعب اللبناني الشقيق ودعمه المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، وللقوات المسلحة اللبنانية التي تحمي حدوده وتقاوم تهديدات المجموعات المتطرفة والإرهابية. مؤكداً أهمية تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الشاملة التي تضمن تغلب لبنان على أزمته السياسية والاقتصادية، وعدم تحوله إلى نقطة انطلاق للإرهاب أو تهريب المخدرات أو الأنشطة الإجرامية الأخرى التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، مشدداً على أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية، بما في ذلك تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة فلا يكون هناك أسلحة إلا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها، ولا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال تستهدف أمن واستقرار المنطقة”.
ودعا المجلس “الأطراف اللبنانية الى احترام المواعيد الدستورية وتطلع إلى انتخاب رئيس للبلاد وفقاً للدستور اللبناني، والعمل على كل ما من شأنه تحقيق تطلعات الشعب اللبناني الشقيق في الاستقرار والتقدم والازدهار، مشيداً بجهود أصدقاء وشركاء لبنان لاستعادة الثقة وتعزيز التعاون بين لبنان ودول مجلس التعاون، ودعمهم لدور الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في حفظ الأمن”.