IMLebanon

وعند عين التينة الخبر اليقين

من حظّ اللبنانيين على تعدّد انتماءاتهم وولاءاتهم، ومن حظ لبنان المحاط بالبراكين والأعاصير، أن المقيم في عين التينة خلال هذه الحروب والمعارك والمجازر هو الرئيس نبيه برّي الذي لم يفقد يوماً الأمل، ولم يستسلم للأزمات والخضَّات والانتكاسات المعقدَّة.

ولم ييأس. فإذا ما أُقْفِل باب الحوار الشامل تُراه قد فتح باباً آخر للحوارات الثنائية. واذا قاطعت هذه الكتلة جلسة مخصَّصة لانتخاب رئيس جديد، يعيِّن حالاً موعداً آخر لجلسة قريبة.

لا يعلن يوماً غداً سيكون موعداً لانتخاب رئيس الجمهورية وانتهاء مرحلة الفراغ والشلل، إنما يعمل ويسعى في سبيل ابقاء الأمل مقيماً في الربوع اللبنانيَّة. فالرئيس بري يعلم أكثر من كثيرين أن “الفراغ اللبناني” له أسبابه وعوامله وروابطه الممتدَّة بجذورها الى الوضع العربي والتطورات الاقليمية…

أقولها هنا، بملء الثقة والموضوعية، أنني ما عدت يوماً من زيارة عين التينة إلا وكان التفاؤل قد شقّ طريقه مرة أخرى الى قناعاتي وأفكاري، مهما كانت مشوَّشة، ومهما كنت متأثراً بمتغيِّرات سلبيَّة دخلت حديثاً على خط الفراغ الرئاسي، أو طرقت باب المظلّة الأمنيَّة بنقرات خفيفة.

أمس كان بالنسبة إلي من جملة هذه الأيام التي تدرج في خانة التفاؤل، والتمسُّك بالايجابيات بالمقارنة مع مستجدات الأحداث في المنطقة. لقد ذكر قبل أسابيع قليلة أن لبنان بات أقرب الى رئيس جديد، نظراً الى متغيِّرات تتهيأ لها هذه الدولة العربيَّة أو تلك، وخصوصاً إذا كان الأمر يتعلّق بجحيم الوضع في سوريا.

أمس بدا في حديثه أكثر ثقة من ذي قبل وحرص على أن يؤكد، بوضوح تام، أن ثمرة رئاسة الجمهورية قد نضجت على الشجرة. ومطلوب منا الآن اتقان التصرّف تجاهها، وبذل كل الجهود الكفيلة بمنعها من السقوط: لقد نضجت حقاً وحان قطافها.

هكذا، بهذه البساطة؟ إلا إذا طرأت أحداث غير متوقّعة، وليس في الامكان تلافيها وتحييد مسارها عن دروب لبنان، وخصوصاً الدرب المؤدِّي الى قصر بعبدا.

يريحك الإصغاء الى هذا المسؤول الكبير، وهو يشرح بتواضع وهدوء مغزى وأهمية بدء الحوار بين المملكة العربية السعودية والحوثيين. وما خلف الأكمة وخلف هذا الحوارث، وأبعاد أخرى قد تبلغ طهران. وأشياء لا يزال من المبكر فتح شبابيكها.

أما بالنسبة الى خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز ورسالة رئيس المجلس التي حملها السفير السعودي في بيروت، فللرئيس بري رأيٌ راسخ. انه متأكِّد من أن المملكة لن تتخلّى عن لبنان. لقد حصلت سابقاً خضّات مختلفة، إلا أن لبنان بقي محاطاً بعناية سعودية.

أما بالنسبة الى الحكومة وفضيحة النفايات، فلا مفرَّ من حلّ هذه المعضلة، و”إلا سأكون أوَّل مَنْ يتصدّى للجميع”.