IMLebanon

انتكاسة السلسلة لم تُوقف “تشريع الضرورة” سيناريو التمديد على مسلك المخارج الدستورية

لم تكن الانتكاسة المفاجئة التي أعادت تعليق ملف سلسلة الرتب والرواتب في مستهل الجلسة التشريعية لمجلس النواب العائد امس للمرة الاولى من غياب نحو ستة اشهر للجلسات التشريعية، سوى انعكاس لواقع العجز عن طي أي أزمة سياسية او اقتصادية او اجتماعية، الامر الذي برز بوضوح في عدم تمكن التسوية النيابية التي تحققت عشية الجلسة من استيلاد الحل النهائي لملف السلسلة. وإذ أعاد رئيس المجلس نبيه بري الملف الى كنف اللجان النيابية بما شكل صدمة سلبية للهيئات النقابية والتعليمية بداعي دخول عامل طارئ في اللحظة الاخيرة، تمثل في مطلب وزير الدفاع فصل الاسلاك العسكرية عن الاسلاك الادارية، لم يحجب ذلك ايضا التعقيدات الاخرى المتصلة بتكاليف السلسلة في أوضاع شديدة الصعوبة يجتازها لبنان، علما ان بعض الكتل النيابية يؤكد ان الملف لن يبقى طويلا في اللجان، وان باب ايجاد المخارج المتوازنة لا يزال مفتوحا. لكن العامل الابعد الذي خرجت به الجلسة السريعة تمثل في فتح باب الجلسات التشريعية بما يعتقد انه سيفضي الى اطلاق البحث الجدي في التمديد للمجلس الذي يبدو انه بدأ يشكل محور مشاورات جدية بعيدا من الاضواء.

واسترعت انتباه الاوساط السياسية في هذا السياق الحركة اللافتة التي شهدها منزل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي التقى مساء امس وفدا من “حزب الله” غداة اجتماعه مساء الثلثاء بوفد من كتلة “المستقبل” برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة. واذا كانت مسألة الاخطار الامنية وقضية العسكريين المخطوفين ووسائل التحصين السياسي والامني لمواجهتها غلبت على هذين اللقاءين، فانه يبدو ان الاستحقاقين الرئاسي والنيابي شكلا بدورهما الموضوع المحوري الآخر في الحركة الانفتاحية الواسعة لجنبلاط، الذي سيقوم في وقت قريب بزيارة لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في معراب. ولفت في هذا الاطار قول رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد عقب زيارة وفد الحزب الى كليمنصو مساء امس ان اللقاء تطرق الى موضوع الانتخابات النيابية والاستحقاق الرئاسي “وتفهمنا بعمق وجهة نظر وليد بك ونحن سنلتقي معا في أي استحقاق”. كما وصف أجواء اللقاء بأنها كانت “ايجابية وجدية جدا وكلنا نتطلع الى فتح نوافذ لإخراج لبنان في أسرع وقت وبأقل كلفة من هذا القطوع الذي يمر به”. وأكد “ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت”.

صدمة السلسلة

أما في الملابسات التي واكبت الاخفاق النيابي في إقرار مشروع سلسلة الرتب والرواتب امس، فقالت مصادر سياسية مطلعة لـ”النهار” إن الرئيس بري والرئيس السنيورة والنائب جورج عدوان الذين وضعوا ثقلهم مدى شهر ونصف شهر للتوصل إلى صيغة للسلسلة تتيح إقرارها في مجلس النواب وتتحملها الخزينة في آن واحد، كانوا يتوقعون أن تقابل بترحيب واسع، لأن المشروع يقدم زيادات على نفقات الخزينة تكاد تلامس الخط الأحمر، وأيضاً لأن إقرارها كان سيأتي في ظروف صعبة على البلاد يعيشها الجميع، لكنهم فوجئوا كما فوجئ الأطراف الآخرون الذين سعوا إلى إقرارها بموجة مطلبية واعتراضات على قاعدة “خذ وطالب”، فضلاً عن مزايدات في بعض المواضيع، الأمر الذي دفع “محرّكي السلسلة” إذا جاز التعبير، خلال مشاورات عاجلة في ما بينهم إلى تفضيل تجميدها على تحميل الخزينة والاقتصاد ما لا طاقة لهما على حمله.

وأكدت المصادر أن صيغة السلسلة ستبقى هي إياها، ولن يتغير فيها شيء سواء طرحت بعد شهر أو بعد شهور، خصوصاً إذا بقيت الأحوال العامة في البلاد على ما هي. وأوضحت أن جلسة ما بعد عيد الأضحى ستكون مخصصة لإدخال التعديلات على قانون الانتخابات لا غير. ونفت بشدة أن تكون ثمة نية لدى أي طرف للتشريع يقع خارج إطار الضرورة.

ويشار في هذا السياق الى ان مجلس المطارنة الموارنة اتخذ موقفا حادا من انعقاد الجلسة التشريعية لمجلس النواب، إذ رأى ان “الضرورة الشرعية والوحيدة والملحة في هذه المرحلة التي يوجبها الدستور هي انتخاب رئيس للجمهورية وما عدا ذلك مخالفة صريحة للدستور”.

سيناريو التمديد؟

الى ذلك، كشفت مصادر نيابية لـ”النهار” ان ثمة صيغتين يجري تداولهما بين عدد من القوى والكتل للتمديد المحتمل وربما المرجح لمجلس النواب. الاولى تلحظ التفاهم على عقد جلسة نيابية لإقرار التمديد قبل جلسة 21 تشرين الاول الجاري المخصصة لإعادة انتخاب رؤساء اللجان واعضائها وهيئة مكتب المجلس (في أول ثلثاء يلي 15 تشرين الاول). وقالت إن هذه الصيغة تقتضي توافقا سياسيا بين الكتل الكبرى على خيار التمديد والآلية تكون بعقد جلسة قبل مهلة الشهر من انتهاء الولاية الممددة للمجلس لاقتراح قانون التمديد، باعتبار ان وزراء “تكتل التغيير والاصلاح” قد يمتنعون عن توقيع مرسوم التمديد في مجلس الوزراء الذي يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، وبما ان قرارات الحكومة تتخذ بالاجماع، فان المرسوم يصير نافذا مع انقضاء مهلة الشهر.

وأضافت المصادر أن الظروف لا تتوافر للصيغة الاولى ولذا يجري تداول صيغة اخرى تلحظ اللجوء الى المادة 62 من الدستور التي تنص على اناطة صلاحيات رئاسة الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء في حال الشغور الرئاسي ومنها الى المادتين 56 و57 من الدستور بحيث يقر المجلس التمديد بقانون ويتخذ قرارا بوجوب استعجال اصداره فيوجب على مجلس الوزراء اصداره خلال خمسة أيام ويطلب نشره. وفي حال رفض أحد الوزراء أو مجموعة منهم توقيع القانون تطبق المادة 57 التي تنص على انه “في حال انقضاء المهلة من دون اصدار القانون او اعادته يعتبر القانون نافذا حكما ووجب نشره”.

مواد كيميائية!

على الصعيد الامني، وفيما لم يطرأ أي جديد معلن امس في قضية التفاوض لإطلاق العسكريين المخطوفين، سجل تطور امني خطير مساء تمثل في اعلان قيادة الجيش عثور دورية تابعة لمديرية المخابرات على ثلاثة أكياس سوداء مشتبه فيها في محلة عين الشعب في عرسال وتبين بعد كشف الخبير العسكري عليها انها معبأة مواد كيميائية تستعمل للتفجير زنتها نحو 66 كيلوغراما مجهزة بصاعق كهربائي، فعمل على تعطيلها ونقلت الى مكان آمن وبوشر التحقيق في الامر.