مع بداية عطلة عيد الاضحى التي ستغيب خلالها التحركات الرسمية والسياسية حتى الثلثاء المقبل تركزت الانظار على قضية العسكريين المخطوفين لدى التنظيمات الارهابية في ظل تلاشي آمال اهاليهم المستمرين في الاعتصام عند نقطة ضهر البيدر في امكان الافراج عن بعض ابنائهم الرهائن عشية العيد كمبادرة “حسن نية” مع انطلاق المفاوضات التي يجريها الوسيط القطري. كما ان الواقع الامني والميداني في عرسال ومحيطها لم يغب عن واجهة الاهتمام وخصوصا بعدما احبط الجيش امس محاولة تفجيرية كانت تستهدفه بضبطه عبوات ناسفة زرعت على طريق تسلكها دورياته.
ولعل التحرك الاساسي الذي برز في سياق متابعة موضوع العسكريين المخطوفين امس تمثل في زيارة الوزير وائل ابو فاعور مجدداً لاهالي العسكريين في ضهر البيدر حيث اجتمع بعدد منهم في خيمة الاعتصام ناقلا اليهم خلاصة قرار مجلس الوزراء ومناقشاته في جلسته الاخيرة وهو الاجماع على تحرير العسكريين بكل الوسائل المتاحة. واجرى رئيس الوزراء تمام سلام اتصالا هاتفيا بالوزير ابو فاعور اثناء لقائه هؤلاء واعرب لهم بواسطة الوزير عن “حرصه الدائم ومنذ بداية احداث عرسال على التواصل مع كل عائلات العسكريين الابطال في اطار السعي الى اتخاذ الاجراءات والخطوات اللازمة للحفاظ على حياتهم بما فيها التفاوض مع الجهة الخاطفة لتأمين اطلاق سراحهم علما ان الامر ليس بالسهولة والسرعة اللتين نتمناهما لاعتبارات عدة”.
وقال انه “لم يلتزم من البداية وعودا ليس قادراً على ضمانها وانه حرص على اعتماد الشفافية في مواجهة هذا الملف المعقد والشائك والخطير وانه تمنى على الجميع ضبط النفس والاعتناء بالمواقف والتصاريح رأفة بحياة العسكريين، وحرصا على التقدم في المفاوضات التي تتطلب درجة عالية من التكتم والسرية للافساح في المجال للتوصل الى حل”.
كذلك أعرب عن “تفهمه الكامل للمواقف التي يتخذها اهالي العسكريين وأوصاهم منذ البداية بأن يبقوا أصواتهم مرتفعة ويستمروا في المطالبة بالافراج عن ابنائهم متضامنين مع الدولة حكومة وجيشا ومؤسسات امنية في مواجهة اعداء الوطن في جبهة داخلية متراصة موحدة”.
وحيا جهود الوزير ابو فاعور في التواصل مع الاهالي، مشيداً “بحكمته ومتابعته الحثيثة لهذا الملف الدقيق”.
ويشار في هذا السياق الى ان عائلتي العسكريين المخطوفين لدى تنظيم داعش ابرهيم مغيط ومحمد يوسف تلقتا اتصالين منهما امس للمرة الاولى. واوضح والد يوسف ان ابنه طمأنه الى صحته وصحة رفاقه وان داعش يعاملهم معاملة جيدة ودعا الاهالي الى الاستمرار في قطع الطرق لانها الوسيلة الوحيدة لاقناع الحكومة بتفعيل المفاوضات.
عبوة واجراءات
في غضون ذلك، اكتشف الجيش امس اربع عبوات ناسفة معدة للتفجير في محلة راس السرج عند مدخل عرسال على مسافة 500 متر من حاجز تفتيش عسكري، كانت معدة لاستهداف احدى دورياته المؤللة التي تسلك هذه الطريق يوميا. وعلمت “النهار” من مصادر امنية، ان كشف العبوات جاء عقب توافر معلومات لدى القوى العسكرية عن محاولة لاستهداف الجيش خلال فترة العيد مما دفعه الى تكثيف اجراءاته الامنية التي ساعدته على ضبط العبوات.
واوضحت مصادر عسكرية لـ”النهار” ان الجيش احكم سيطرته على حركة الانتقال بين عرسال وجردها وتمكن من فصل البلدة عن المنطقة الجردية ولم يستثن احدا من اجراءاته الا المواطنين الذين لديهم اعمالهم في الجرد سواء في الاراضي الزراعية أم في الكسارات والمقالع التي يعتاشون منها، علما ان حركة التنقل تضبط بسجلات مرور. واذ اشارت الى ان ابناء عرسال عانوا الأمرين جراء وجود المسلحين الذين حرموهم ارزاقهم منذ اكثر من سنتين، أكدت ان الجيش يراعي واقع كون الجرد يشكل مورد رزق للاهالي ويسهل تاليا حركة تنقلهم اليه، اما في ما عدا ذلك فان الحركة ممسوكة لدى الجيش وكذلك الحال بالنسبة الى المعابر الحدودية بحيث لا يسمح الا للجرحى والنازحين بالعبور الى لبنان بموجب قرار الدولة اللبنانية.
وعن الوضع في طرابلس قالت المصادر العسكرية ان المجموعة المتعاطفة مع “داعش” او “جبهة النصرة” أي مجموعة شادي المولوي واسامة منصور فستوقف عاجلا او آجلا بعدما تم تسطير استنابات قضائية في حقهما مع مراعاة وضع باب التبانة حيث يختبئان. واضافت انه ما دام هناك قرار قضائي فسيتم توقيف المطلوبين.
التمديد على النار
على الصعيد السياسي، علمت “النهار” امس ان عملية التمديد الثانية لولاية مجلس النواب وضعت على نار حامية وأن الأكثرية المطلوبة باتت متوافرة له في المجلس الذي يرجح ان يعقد جلسة لهذه الغاية الإثنين 20 تشرين الأول الجاري، أو في اليوم الذي يليه الثلثاء، على أن يحال مشروع قانون التمديد بصيغة المعجل على مجلس الوزراء بصفته وكيلاً عن رئيس الجمهورية – وفقاً للمادة 62 والمواد الأخرى المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية كما بات معلوماً – بما يضمن أن يصير القانون ساري المفعول خلال خمسة أيام بعد التصويت عليه في مجلس الوزراء حيث يُتوقع ألاّ يلقى إجماعاً في ضوء المواقف المبدئية أو المزايدة، علماً أنه لم يعد هناك فريق سياسي مقتنع بإمكان إجراء انتخابات نيابية في ظل الأوضاع الأمنية الحالية، خصوصاً أن هذا الرأي تجمع عليه الأجهزة الأمنية.
وقد أكدت مصادر كتائبية لـ”النهار” إن نواب الحزب سيقاطعون جلسة التمديد التزاماً لرفضهم المشاركة في جلسات اشتراعية في المطلق قبل انتخاب رئيس للجمهورية وفقاً لأحكام الدستور، كما أن وزراء الحزب سيصوّتون في مجلس الوزراء ضد مشروع قانون التمديد. في حين يتجه حزب “القوات اللبنانية” إلى حضور نوابه الجلسة من دون التصويت للتمديد، ويلتزم نواب “التيار الوطني الحر” ووزراؤه موقف المعارض في المجلس والحكومة.
ولا تحتاج جلسة التمديد في المجلس إلى أكثر من 65 نائباً للنصاب وإقراره في هذه الحال إلى أكثر من 33 نائباً.
ولعلّ اللغط الإعلامي والسياسي والشعبي سيتمحور في قابل الأيام على مدة هذا التمديد التي تقرر أن تكون سنتين وسبعة أشهر وفقاً لاقتراح القانون الذي قدمه النائب نقولا فتوش بحيث يكمل المجلس الولاية الثانية. وشرح نائب بارز لـ”النهار” سبب اعتماد هذه المدة قائلاً إن المعنيين بحثوا بدءاً في اقتراح التمديد سبعة أشهر فقط واتفقوا على أنها قصيرة والأرجح أن الظروف المحلية والإقليمية التي تحول دون إجراء الإنتخابات حالياً لن تتغير خلالها، فانتقل البحث إلى اقتراح التمديد سنة وسبعة أشهر واصطدموا بواقع كون الإنتخابات البلدية ستجري في هذا الموعد، وقرّ رأيهم أخيراً على سنتين وسبعة أشهر ولكن على قاعدة العودة إلى التشريع بتقصير ولاية المجلس وإجراء إنتخابات نيابية على أساس قانون جديد لهذه الإنتخابات في حال انتخاب رئيس للجمهورية واستقرار الأوضاع الأمنية وتوافر الظروف المناسبة.